قائد «الحرس الثوري» للمحتجين: اليوم هو آخر أيام الشغب

قوات الأمن الإيرانية استهدفت بالرصاص سكناً للطلاب ومستشفى

طالبة ترفع غطاء الرأس في مدخل جامعة آزاد فرع شمال طهران (تويتر)
طالبة ترفع غطاء الرأس في مدخل جامعة آزاد فرع شمال طهران (تويتر)
TT

قائد «الحرس الثوري» للمحتجين: اليوم هو آخر أيام الشغب

طالبة ترفع غطاء الرأس في مدخل جامعة آزاد فرع شمال طهران (تويتر)
طالبة ترفع غطاء الرأس في مدخل جامعة آزاد فرع شمال طهران (تويتر)

حذر قائد «الحرس الثوري» الإيراني حسين سلامي، المتظاهرين من أن يوم السبت سيكون آخر يوم يخرجون فيه إلى الشوارع، في إشارة إلى احتمال تكثيف قوات الأمن للإجراءات الصارمة في مواجهة الاضطرابات التي تجتاح البلاد. وتعج إيران بالاحتجاجات منذ وفاة الشابة الكردية مهسا أميني (22 عاماً)، إثر احتجازها من قبل «شرطة الأخلاق»، الشهر الماضي، مما أثار واحدة من المصادمات الأكثر دموية ضد القيادة الإيرانية منذ عام 1979.
وقال سلامي، في أحد التعليقات الأشد لهجة من بدء الأزمة: «لا تخرجوا إلى الشوارع... فاليوم هو آخر أيام الشغب». وأضاف: «هذه الخطة الشريرة، هي خطة مدبرة في البيت الأبيض والنظام الصهيوني». وتتهم طهران دولاً مثل إسرائيل والولايات المتحدة بالمسؤولية عن موجة الاحتجاجات في إيران التي تواصلت منذ 16 سبتمبر (أيلول). ولم يتم نشر «الحرس الثوري» منذ بدء الاحتجاجات، وهو قوة مميزة لها باع طويل في قمع المعارضة في البلاد، وتقدم تقاريرها مباشرة للمرشد الإيراني علي خامنئي. وكرر سلامي، في كلمة خلال جنازة لقتلى سقطوا في هجوم وقع الأسبوع الماضي وأعلن تنظيم «داعش» المسؤولية عنه، الرسالة بتوجيهها مباشرة للمحتجين. وقال: «لا تبيعوا شرفكم لأميركا، ولا تصفعوا قوات الأمن التي تدافع عنكم، على وجهها».

- تحدي التحذيرات
لكن الإيرانيين تحدوا مثل هذه التحذيرات منذ بدء الاحتجاجات الشعبية التي لعبت فيها النساء دوراً بارزاً. وورد المزيد من الأنباء عن إراقة دماء مجدداً يوم السبت، إذ قالت منظمة «هه نغاو» المعنية بحقوق الإنسان، إن قوات الأمن أطلقت النار على طالبات مدرسة للفتيات في مدينة سقز. وفي منشور آخر ذكرت المنظمة أن قوات الأمن فتحت النار على طلاب جامعة العلوم الطبية في مدينة سنندج عاصمة إقليم كردستان الإيراني.
وقالت منظمات حقوقية إن ما لا يقل عن 250 محتجاً قتلوا، واعتُقل الآلاف في أنحاء إيران خلال الاحتجاجات التي تحولت إلى ثورة شعبية شارك فيها إيرانيون غاضبون من جميع طبقات المجتمع. وأظهرت لقطات مصورة تم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي، محتجين يهتفون بموت خامنئي وقوات «الباسيج» التي لعبت دوراً كبيراً في قمع المحتجين. كما اتهم كلٌّ من وزارة المخابرات، وذراع المخابرات في «الحرس الثوري»، أجهزة مخابرات أميركية وبريطانية وإسرائيلية بتدبير الاضطرابات لزعزعة استقرار إيران.

قناص فوق بناية مقابل دوار في غوهرشت كرج (حساب «1500 تصوير» على تويتر)

وستسلط الولايات المتحدة، هذا الأسبوع، الضوء في الأمم المتحدة على الاحتجاجات في إيران، وستبحث عن سبل لدعم تحقيقات مستقلة وذات مصداقية بخصوص انتهاكات حقوق الإنسان في إيران.
وحث ستيفان دوغاريك، المتحدث باسم الأمم المتحدة، السلطات الإيرانية على التعامل مع «الشكاوى المشروعة للسكان، بما في ذلك احترام حقوق المرأة»، وقال إنه يتعين على قوات الأمن تجنب «كافة أشكال الاستخدام غير الضروري وغير المتكافئ للقوة» ضد المحتجين السلميين.
- استهداف مستشفى
في غضون ذلك، استهدفت قوات الأمن الإيرانية مستشفى وسكناً للطلاب، وفق ما أفادت مجموعة حقوقية يوم السبت، تزامناً مع دخول الحركة الاحتجاجية التي أثارتها وفاة مهسا أميني أسبوعها السابع. وحاولت القوى الأمنية جاهدة السيطرة على الاحتجاجات التي قادتها النساء وتحوّلت إلى حملة أوسع لإسقاط النظام. وخلال مراسم أقيمت لمناسبة مرور 40 يوماً، أمس السبت، على مقتل متظاهر في مدينة ديواندره في غرب إيران، هتف المحتجون: «الموت للديكتاتور»، وهو شعار يستهدف المرشد علي خامنئي. وتفيد مجموعات حقوقية بأن شرطة مكافحة الشغب قتلت محسن محمدي (28 عاماً) بإطلاق النار عليه خلال مظاهرات في ديواندره في 19 سبتمبر (أيلول)، وتوفي في اليوم التالي في مستشفى كوثر في مدينة سنندج.
وأفادت منظمة «هه نغاو» بأن قوات الأمن أطلقت النار باتّجاه عشرات الأشخاص الذين تجمّعوا خارج المستشفى نفسه في وقت متأخر من مساء الجمعة؛ من أجل حماية متظاهر آخر أصيب بجروح.
وقالت المنظمة: «أطلقت قوى القمع النار على أشخاص تجمّعوا أمام مستشفى كوثر في سنندج للدفاع عن أشكان مروتي». وأضافت أن «هذه القوات أرادت إلقاء القبض على أشكان مروتي بينما كان مصاباً»، قبل أن تنشر على «تويتر» صورة قالت إنها له وهو على نقالة، وبجانبه أحد المسعفين.
- استئناف مظاهرات الطلاب
واستأنف الطلاب احتجاجاتهم، أمس السبت، في جامعات بالعاصمة طهران وكرمان في جنوب إيران وفي مدينة كرمانشاه وغيرها، بحسب تسجيلات مصوّرة تمت مشاركتها على نطاق واسع.

تجمع احتجاجي في جامعة أمير كبير وسط طهران (تويتر)

وذكرت المنظمة أن قوات الأمن «أطلقت النار على سكن قريب لطلاب جامعة كردستان للعلوم الطبية. وفي تسجيل مصوّر تحققت وكالة الصحافة الفرنسية من صحته، شوهدت قوات الأمن لدى وصولها على متن عشر دراجات نارية قبل إطلاق النار باتّجاه مبنى السكن الطلابي. وفي تسجيل آخر تم التحقق منه أيضاً، يظهر عناصر الأمن وهم يطلقون الغاز المسيل في وقت متأخر من مساء الجمعة، داخل مجمع سكني في حي شيتغار في طهران، حيث نُظّمت مظاهرة حاشدة في الليلة السابقة. وقالت منظمة «هه نغاو» إن طالبات كن يهتفن في أحد شوارع كرمانشاه خلال الصباح، تعرّضن لإطلاق نار من قوات الأمن، ما أدى إلى إصابة عدد منهن بجروح، مشيرة إلى أن اثنتين منهن جروحهما خطيرة.
وأظهرت مقاطع فيديو، نُشرت على الإنترنت، طلاباً يحتجون يوم السبت، وهو بداية أسبوع العمل في إيران، في جامعات بطهران وكرمان في جنوب إيران، ومدينة كرمانشاه في الغرب بشكل خاص. وهتف الطلاب: «بلا حياء، بلا حياء»، أثناء صدامات مع رجال الأمن في إحدى الجامعات في جنوب غربي إيران، كما ظهر في مقطع فيديو نشره موقع «1500 تصوير».
- بنادق آلية
وذكرت «وكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان» (هرانا) التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها، أنه تم إطلاق النار من بنادق آلية على مصلين في زاهدان لدى انتهائهم من أداء صلاة الجمعة، فيما قتل نحو 33 عنصر أمن خلال المظاهرات المرتبطة بوفاة مهسا أميني.
من جهة أخرى، طالبت منظمة حقوق الإنسان في إيران بتكثيف «الضغط الدبلوماسي» على إيران، بينما حذّر مديرها محمود أميري مقدّم من «خطر جدي لعمليات القتل الجماعي للمتظاهرين التي تعد الأمم المتحدة ملزمة بمنعها». وتنظم آخر المظاهرات المرتبطة بوفاة أميني في تحد للتحذيرات الصادرة عن المرشد علي خامنئي والرئيس الإيراني المتشدد إبراهيم رئيسي. وسعى كلاهما لربط المظاهرات بعملية إطلاق نار واسعة يوم الأربعاء وقعت في مرقد ديني في شيراز بجنوب إيران، وأودت بحياة 15 شخصاً وفق الإعلام الرسمي. ولا توجد مؤشرات على تراجع حدة الاحتجاجات التي أشعلتها وفاة مهسا أميني في 16 سبتمبر، وأججها الغضب الشعبي حيال الحملة الأمنية التي أودت بالعديد من الشابات والفتيات الأخريات.


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

نددت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس التابع للبحرية الأميركية وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم الخارجية الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

قالت منظمات غير حكومية إن فرنسا احتجزت العديد من الإيرانيين في مراكز اعتقال في الأسابيع الأخيرة، معتبرة ذلك إشارة إلى أنّ الحكومة «تصر على رغبتها في ترحيلهم إلى إيران» رغم نفي وزير الداخلية جيرالد دارمانان. وكتبت منظمات العفو الدولية، و«لا سيماد»، و«إيرانيان جاستس كوليكتيف» في بيان الأربعاء: «تواصل الحكومة إبلاغ قرارات الترحيل إلى إيران مهددة حياة هؤلاء الأشخاص وكذلك حياة عائلاتهم». واعتبرت المنظمات أن «فرنسا تصرّ على رغبتها في الترحيل إلى إيران»، حيث تشن السلطات قمعاً دامياً يستهدف حركة الاحتجاج التي اندلعت إثر وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني في سبتمبر (أيلول)، أثناء احتجازها لدى شرط

«الشرق الأوسط» (باريس)
شؤون إقليمية قاآني: انتقمنا جزئياً لسليماني بطرد القوات الأميركية من المنطقة

قاآني: انتقمنا جزئياً لسليماني بطرد القوات الأميركية من المنطقة

قال مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، إسماعيل قاآني، إن قواته انتقمت جزئيا من القوات الأميركية بطردها من المنطقة، مضيفا في الوقت نفسه «القدس ليست الهدف النهائي وإنما هدف وسط»، مشددا على ضرورة أن تجد إيران موقعها في انتقال القوة من الغرب إلى الشرق. ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن قاآني قوله خلال اجتماع الجمعية العامة لطلاب الحوزات العلمية في قم إن «أميركا وإسرائيل وحتى الناتو و... تقوم بالتعبئة لتخريب إيران». وقال قاآني «مثلما قال المرشد فإن إيران من المؤكد لن تبقى بعد 25 عاماً، وهم (الإسرائيليون) يستعجلون ذلك».

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

ندّدت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع عَلَم بنما، في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس، التابع لـ«البحرية» الأميركية، وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم «الخارجية» الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجَزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)

إسرائيل تمهد لضربة عسكرية لإيران بعد تدمير قدرات الجيش السوري

نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
TT

إسرائيل تمهد لضربة عسكرية لإيران بعد تدمير قدرات الجيش السوري

نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)

إلى جانب الأهداف المتعددة، بما في ذلك الإقليمية والداخلية، التي حققتها الهجمات الإسرائيلية ضد القدرات العسكرية للجيش السوري، حقق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خطوة كبيرة نحو التحضير لهجوم واسع على إيران. فالحلم الذي راوده منذ 13 عاماً بتوجيه ضربة للمشروع النووي الإيراني أصبح، من وجهة نظره، أمراً واقعاً. ولديه شريك مهم يشجعه على ذلك، وهو الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

كان نتنياهو، ومن خلفه الجيش والمخابرات، مقتنعين بأن توجيه ضربة قاصمة للمشروع النووي الإيراني هو مشروع ضخم يفوق بكثير قدرات إسرائيل.

لذلك، حاول نتنياهو خلال الحرب جرّ أقدام الولايات المتحدة للقيام بالمهمة، لكنه فشل. فالرئيس جو بايدن ظل متمسكاً بموقفه مؤيداً للحوار الدبلوماسي مع طهران. غير أن الهجوم الذي شنته إسرائيل على إيران في 26 أكتوبر (تشرين الأول) غيّر القناعات. فقد كانت نتائج الهجوم قاسية على القدرات الدفاعية الإيرانية، وإيران أول من يعلم بذلك لكنها تفضل الصمت. وإذا أضفنا إلى ذلك أن خطة طهران لتطويق إسرائيل بأذرع عسكرية فتاكة تلقت ضربة قوية، حيث تم تدمير 60 إلى 70 في المائة من قدرات «حماس» العسكرية في غزة والضفة الغربية، وتدمير نصف قوة «حزب الله» على الأقل، فإنها قلّمت أظافر «الحرس الثوري» الإيراني.

طائرة مقاتلة إسرائيلية في مكان غير محدد في صورة نشرها الجيش في 26 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

ومع سقوط نظام بشار الأسد، أتيحت لإسرائيل فرصة مفاجئة ونادرة لضرب الجيش السوري، فاستغلتها دون تردد. وفي غضون أيام قليلة، دمرت سلاح الجو السوري وقواعده، وكذلك سلاح البحرية وموانئه، إلى جانب معظم الدفاعات الجوية وبطاريات الصواريخ. وكل ذلك دون أن تتعرض لإطلاق رصاصة واحدة، ليخرج الجيش الإسرائيلي من الهجوم بلا أي إصابة.

كما هو معروف، نفذ الجيش الإسرائيلي هذه العملية ليؤكد مكانته كأقوى جيش في المنطقة، ولإظهار أنه يرد على المساس به بمقاييس ضخمة غير مسبوقة في الحروب. كما كانت رداً على الانتقادات الداخلية في إسرائيل، خصوصاً بعد نقاط ضعفه التي ظهرت في 7 أكتوبر 2023 وخلال الحرب.

بالنسبة لنتنياهو، كانت العملية وسيلة لإثبات قوته السياسية لخصومه الذين يرونه «قائداً فاسداً ومحتالاً»، ولإظهار أنه يدير حرباً تحقق مكاسب هائلة. ومع سهولة انهيار نظام الأسد وتحطيم الجيش السوري، أصبحت هذه العملية تحقق مكسباً استراتيجياً لم تتوقعه أي مخابرات في العالم، ولم تتخيله أعتى الساحرات، حيث مهدت الطريق أمام نتنياهو للضربة التالية: إيران.

القبة الحديدية في إسرائيل تعترض الصواريخ الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

اليوم، تناقلت جميع وسائل الإعلام العبرية تصريحات صريحة لمسؤولين كبار في الحكومة والجيش الإسرائيليَّيْن، يؤكدون فيها أن «الهدف المقبل للجيش الإسرائيلي هو توجيه ضربة لإيران». وذكر هؤلاء المسؤولون أن العمليات العسكرية الجارية في سوريا تهدف إلى «تنظيف الطريق، جواً وبراً»؛ لتمهيد الطريق لضربة مباشرة ضد إيران. كما أشار البعض إلى أن سلاح الجو الإسرائيلي يدرس توجيه ضربة قاصمة للحوثيين في اليمن كجزء من هذه الاستعدادات.

بالطبع، يعتقد الخبراء أن ضرب إيران «ليس بالمهمة السهلة. فهي لا تزال دولة قوية، تخصص موارد هائلة لتعزيز قدراتها العسكرية، وتتبع عقيدة لا تعترف بالهزيمة أو الخسارة».

بالنسبة لإيران، حسابات الربح والخسارة ليست محورية؛ إذ تحتفل بالنصر دون هوادة مهما كان الثمن الذي تدفعه باهظاً، خصوصاً عندما يكون الآخرون هم من يتحملون التكلفة.

وفي إسرائيل، كما في دوائر سياسية عديدة في الولايات المتحدة والغرب، يزداد الاقتناع بأن القيادة الإيرانية تدرك التحديات والأخطار المتراكمة ضدها. ويُعتقد على نطاق واسع أنها قد ترى الحل الوحيد أمامها يكمن في تسريع تطوير قدراتها النووية العسكرية، وصولاً إلى إنتاج قنبلتها الذرية الأولى.

صورة جوية تظهر سفناً للبحرية السورية استهدفتها غارة إسرائيلية في ميناء اللاذقية الثلاثاء (أ.ف.ب)

هذا الواقع يشجع إسرائيل على المضي قدماً في تدمير المنشآت النووية الإيرانية، ليس فقط دفاعاً عن نفسها، بل أيضاً نيابة عن دول الغرب وحماية لمصالحها المشتركة. تدعم دول الغرب هذا التوجه. وقد بدأت إسرائيل بطرح هذا الملف منذ عدة أشهر أمام حلفائها، لكنها تطرحه الآن بقوة أكبر بعد انهيار نظام الأسد وتدمير قدرات الجيش السوري.

رغم إعجاب الغرب بالقدرات الإسرائيلية وإشادته بجيشها، الذي استطاع قلب الموازين وتحقيق مكاسب عسكرية بعد إخفاقه المهين أمام هجوم «حماس» في 7 أكتوبر، حيث يُتوقع أن تصبح هذه المكاسب مادة دراسية في الكليات الحربية، فإن هناك تساؤلات ملؤها الشكوك: هل هذه الحسابات الإسرائيلية واقعية ودقيقة؟ أم أنها تعتمد بشكل كبير على الغرور والغطرسة أكثر من التحليل المهني والتخطيط الاستراتيجي؟

إعلان مناهض لإسرائيل في طهران يظهر صواريخ إيرانية أبريل الماضي (إ.ب.أ)

وماذا سيكون موقف إسرائيل إذا تبين أن القيادة الإيرانية بدأت بالفعل الاستعداد للتحول إلى دولة نووية منذ التهديدات الأولى لها، وقد تُفاجئ العالم اليوم بإعلان تجربة نووية ناجحة، على غرار ما فعلته كوريا الشمالية عام 2007؟

وفي الداخل الإسرائيلي، تُطرح تساؤلات صعبة؛ أبرزها: «هل نخوض مغامرة كهذه، نخدم فيها الغرب وكل خصوم إيران في المنطقة، بينما ندفع نحن الثمن كاملاً؟».