قاد الرئيس الصيني، شي جينبينغ، وفداً من أفراد القيادة العليا المعينة حديثاً لزيارة جماعية إلى يانآن، مهد الثورة الشيوعية.
وكان اختيار شي زيارة يانآن، وهو موقع مرتبط بشكل وثيق بمؤسس الصين الشيوعية ماو تسي تونغ، مؤشراً متعمداً ومهماً للمواضيع التي ستهيمن على السنوات الخمس المقبلة التي سيكون خلالها على رأس السلطة، وفق وكالة الصحافة الفرنسية. وكرس شي سلطته داخل الحزب الأسبوع الماضي، بعد فوزه بولاية ثالثة تاريخية في ختام مؤتمر الحزب الشيوعي في دورته العشرين.
وضمت اللجنة الدائمة الجديدة للمكتب السياسي، التي رافقته إلى هذه الوجهة الشيوعية الشهيرة، الخميس، حلفاءه المخلصين فقط. وشملت الرحلة زيارة لمقر إقامة ماو السابق، وقاعة أكد فيها اجتماع محوري للحزب الشيوعي الصيني في عام 1945 تعيين ماو رئيساً له، ما أظهر اهتمام شي العميق بتاريخ الحزب وتأثيره على خطاباته وسياساته. لكن الزيارة عادت أيضاً إلى حقبة اعتمد فيها الحزب الشيوعي الصيني على «الكفاح» الجماعي لكسب حرب أهلية دموية، وهو ما يعتقد المراقبون أنه يتوازى مع نظرة بكين إلى المناخ الجيوسياسي الراهن. وكتب المحلل بيل بيشوب أنه «من بين الإشارات التي يرسلها شي على ما يبدو... الاستعداد لأوقات صعبة مقبلة وللكفاح».
وأخذ شي اللجنة الدائمة التي عينت عام 2012 إلى معرض حول التجديد الوطني في بكين، وتلك التي عُينت عام 2017 إلى موقع أول مؤتمر للحزب الشيوعي الصيني في شنغهاي. وكتب وين - تي سونغ، من الجامعة الوطنية الأسترالية، على «تويتر»: «يبدو أن الرحلات الأولى بعد كل مؤتمر حزبي مفادها (تأكيد) المهمة الأساسية». وحسب وسائل الإعلام الحكومية، تعهد شي، الخميس، بأن «ترث اللجنة الدائمة الجديدة وتواصل التقاليد الثورية الأصيلة التي شكلها الحزب خلال فترة يانآن». يعد الحزب الشيوعي الصيني يانآن مهد حركته. فالمدينة الواقعة في الجبال القاحلة النائية لشمال غربي الصين، كانت المكان الذي اجتمع فيه أعضاء الحزب بعد «المسيرة الطويلة»، وهي رحلة شاقة استمرت عاماً على الأقدام عبر البلاد للهرب من تطويق القوات القومية خلال الحرب الأهلية الصينية. ومات عشرات الآلاف في الطريق، وبحلول الوقت الذي وصل فيه الناجون إلى يانآن، كانوا قد أصبحوا قوة ضعيفة للغاية.
وعاش ماو وحلفاؤه، بمن فيهم والد شي، مع فلاحين محليين في كهوف أثناء تخطيطهم للحملات العسكرية. وأصبح انتصار الحزب الشيوعي الصيني في نهاية المطاف على القوميين خلال فترة يانآن مثالاً ساطعاً على قدرة الحزب على التغلب على الشدائد.
كذلك، ترتبط يانآن بشكل وثيق بماو وبتوحيد سلطته. فقد قُتل أكثر من 10 آلاف شخص، من بينهم مثقفون وفنانون، أثناء «إصلاح يانآن»، وهي حملة شملت «عمليات تطهير» جعلت ماو قائداً بلا منازع. لكن شي قال الخميس إنه «من خلال حركة إصلاح يانآن، توحد الحزب تحت راية ماو تسي تونغ وحقق وحدة غير مسبوقة»، وفقاً لما أوردته محطة «سي سي تي في» الرسمية. وأضاف أن «التوجه السياسي الراسخ والصحيح هو جوهر روح يانآن». يميل شي إلى الاعتقاد أنه «وريث الثورة»، وفقاً للخبير في الشؤون الصينية ألفريد ل. تشان. وفي خطاباته، سعى إلى رسم خط مباشر بين الماضي والحاضر، مستخدماً التاريخ مصدراً للشرعية لكل من الحزب وله. والخميس، على سبيل المثال، أشار إلى صلاته الشخصية بيانآن.
فخلال ذروة «الثورة الثقافية»، أرسل شي الذي كان يبلغ حينها 15 عاماً إلى قرية ليناغجاها، حيث نام أيضاً في كهوف وصدم من قسوة العمل اليدوي.
وغالباً ما يستشهد بهذه الفترة على أنها تجربة حياة تكوينية زودته الشجاعة والتصميم، بالإضافة إلى لمحة عن حياة الطبقة العاملة الصينية العادية. ويقول مراقبون إنها طريقة أخرى يحاول من خلالها شي تشكيل شخصيته العامة وقصة حياته على غرار ماو.
وأوضح ألفريد وو، خبير السياسات الصينية في جامعة سنغافورة الوطنية: «يريد شي العودة إلى عقيدة الشيوعية الصرف التي كانت سائدة في الصين خلال حكم ماو».
شي يزور مهد الثورة الشيوعية ويستذكر ماو
بعد أيام من فوزه بولاية ثالثة تاريخية
شي يزور مهد الثورة الشيوعية ويستذكر ماو
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة