«داعش» يضرب في درعا... والفصائل تعلن حظر التجول

هجوم انتحاري يستهدف قيادياً سابقاً ومدنيين

حي الأربعين في مدينة درعا البلد حيث وقع الهجوم الانتحاري (الشرق الأوسط)
حي الأربعين في مدينة درعا البلد حيث وقع الهجوم الانتحاري (الشرق الأوسط)
TT

«داعش» يضرب في درعا... والفصائل تعلن حظر التجول

حي الأربعين في مدينة درعا البلد حيث وقع الهجوم الانتحاري (الشرق الأوسط)
حي الأربعين في مدينة درعا البلد حيث وقع الهجوم الانتحاري (الشرق الأوسط)

أعلنت مجموعات محلية من فصائل سابقة بالمعارضة في مدينة درعا البلد، ظهر أمس (السبت)، حظراً للتجول بهدف القيام بحملة ضد خلايا «داعش» في المدينة تبدأ بعمليات تفتيش ومداهمة لبعض المواقع. كما شهد بعض أحياء المدينة حركة نزوح للمدنيين خوفاً من عمليات تصعيد عسكرية في المنطقة.
وجاء إعلان حظر التجول بعد قتل 4 أشخاص، بينهم قيادي سابق بالمعارضة، وإصابة 5 آخرين، بعد هجوم نفذه انتحاري على منزل القيادي غسان أبازيد في حي الأربعين بمدينة درعا البلد.
وبحسب مصادر محلية من درعا البلد، أقدم انتحاري من تنظيم داعش على الدخول إلى مضافة غسان أبازيد التي كان يجتمع فيها مع عدد من أبناء الحي، ما أسفر عن وقوع قتلى وجرحى من أبناء درعا البلد.
ووفقاً للمصادر، فإن المستهدف بالعملية هو القيادي غسان أبازيد أحد المشاركين في أعمال اللجنة المركزية للتفاوض في مدينة درعا البلد وطريق السد سابقاً قبل أن تحل اللجنة نفسها قبل أشهر.
وكان أبازيد قبل تطبيق اتفاق التسوية، أحد قادة فصائل المعارضة المعتدلة ضمن تشكيل «لواء توحيد الجنوب».
ومن خلال المتابعة، نشرت حسابات عدة يبدو من الواضح أنها تابعة لـ«داعش» على تطبيق «تلغرام»، عن الحادثة بأنها استهدفت اجتماعاً لعملاء النظام من الثوار سابقاً في درعا، بعد أن باتوا يخططون مع ميليشيات الأمن، لأعمال بعد مدينة جاسم ثم بلدة اليادودة لمحاربة التنظيم.
ولكنّ عدداً من سكان الحي الذي وقع فيه الاستهداف، أكدوا أن القيادي غسان أبازيد اعتزل الأعمال العسكرية منذ تطبيق اتفاق التسوية في مدينة درعا البلد عام 2018، وكان يشارك في أعمال اللجنة المركزية للتفاوض الممثلة لمدينة درعا، ولم يكن الحضور في مضافة غسان أبازيد عبارة عن اجتماع أو تخطيط لأي أعمال عسكرية، إنما كان اجتماعاً دورياً بين أصدقاء، إضافة إلى أن كل المصابين واثنين من ضحايا الحادثة مدنيون لم يسبق لهم الانضمام سابقاً أو حالياً لأي تشكيل عسكري.
واعتبر قيادي محلي في درعا، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن العملية الإرهابية في هذه الفترة التي تشهد فيها محافظة درعا عمليات عسكرية ضد خلايا التنظيم في المنطقة، سواء المصطنعة المرتبطة بالأجهزة الأمنية أو القديمة من بقايا التنظيم سابقاً، هي عملية انتقامية نفذها «داعش» بعد الخسارة التي مُني بها في مدينة جاسم؛ حيث كُشف مخططه وعمالته وانتشاره وفقاً للمعلومات التي وصلت من اعترافات أسرى «داعش» في مدينة جاسم. وأشار القيادي إلى أن «داعش» أعاد تشكيل خلايا في مدينة درعا في منطقة طريق السد بمساعدة من أحد أبرز المطلوبين بالمنطقة، على الرغم من انتشار نقاط وحواجز الأمن والمجموعات الأمنية.
واللافت أن خلايا «داعش» تستهدف المعارضين السابقين ومناطق التسويات فقط، وتخدم بذلك الأجهزة الأمنية التي تتخذ من هذه الأفعال ومن وجود غرباء في المنطقة ذرائع لشن عمليات عسكرية على المنطقة التي يريدها.
ورجح القيادي أن يكون الهدف من هذه العملية إعطاء صبغة للمنطقة باحتوائها على «داعش»، لتكون أمام مرحلة جديدة تبرر العمليات العسكرية في المنطقة، مشيراً إلى أنه سواء كانت خلايا «داعش» صناعة حديثة لتخريب المنطقة واتفاق التسوية، أو أنها عناصر بقايا التنظيم القدامى، فإن وجودها يشكل خطراً كبيراً على المنطقة وجب استئصاله.
وأوضح القيادي أن منفذ الهجوم الإرهابي في مدينة درعا البلد هو من اليافعين، وهي الفئة التي يسهل على تنظيم داعش غسل أفكارها، خاصة في سوريا، وسط انعدام كل مقومات العيش والحياة والانفلات الأمني وانتشار البطالة والمخدرات والفقر، إضافة إلى استمرار الانفلات الأمني وعدم استقرار المنطقة، ما جعلها بيئة خصبة لاستقطاب اليافعين وتجنيدهم بمشروعات تخريبية.
وبالحديث عن «داعش» جنوب سوريا، عثرت الأهالي في مدينة جاسم، فجر أمس (السبت)، على جثة فالح العزيزي أحد قادة «داعش» الذي أسر في مدينة جاسم بريف درعا الشمالي خلال العمليات العسكرية التي نفذتها مجموعات محلية في المنطقة ضد خلايا «داعش» في المدينة مؤخراً. ويتحدر العزيزي من بلدة الشجرة بمنطقة حوض اليرموك، وهو تابع لـ«داعش» منذ تشكيله في منطقة الحوض 2016، واستمر عمله مع التنظيم عقب تطبيق اتفاق التسوية في جنوب سوريا عام 2018.


مقالات ذات صلة

منسق الأمم المتحدة يطلق «استراتيجية التعافي المبكر» في سوريا

المشرق العربي نائب منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية ديفيد كاردين يتفقد مشروع معالجة مياه الصرف الصحي في قرية بحورة بمحافظة إدلب السورية يوم 14 مايو الماضي (أ.ب)

منسق الأمم المتحدة يطلق «استراتيجية التعافي المبكر» في سوريا

قال المنسق الأممي بدمشق إن «خطة التعافي» تغطي كل المحافظات السورية، وتشمل قطاعات الصحة والتعليم ومياه الشرب والصرف الصحي، و«من دون الكهرباء لا يمكن إنجاز شيء».

«الشرق الأوسط» (دمشق )
أفريقيا جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)

تشاد تنفي استهداف مدنيين خلال عملية ضد «بوكو حرام»

نفت الحكومة التشادية «بشدة» استهداف مدنيين خلال عمليتها ضد جماعة «بوكو حرام» في حوض بحيرة تشاد

«الشرق الأوسط» (نجامينا)
أفريقيا وحدة من جيش بوركينا فاسو خلال عملية عسكرية (صحافة محلية)

دول الساحل تكثف عملياتها ضد معاقل الإرهاب

كثفت جيوش دول الساحل الثلاث؛ النيجر وبوركينا فاسو ومالي، خلال اليومين الماضيين من عملياتها العسكرية ضد معاقل الجماعات الإرهابية.

الشيخ محمد (نواكشوط)
تحليل إخباري مقاتلو «داعش» في شمال أفغانستان (وسائل الإعلام الأفغانية)

تحليل إخباري لماذا ينتج تنظيم «داعش - خراسان» محتوى إعلامياً باللغة الطاجيكية؟

لماذا تصدر خلية «داعش» الإعلامية نشرة جديدة باللغة الطاجيكية للمواطنين في طاجيكستان والعرقيات الطاجيكية في أفغانستان؟ هل لها تأثير ناجح على الرأي العام؟

عمر فاروق (إسلام آباد)
المشرق العربي عناصر من الجيش الأميركي بريف الرميلان بمحافظة الحسكة شرق سوريا (أ.ف.ب)

الجيش الأميركي يعلن مقتل 35 إرهابياً بضربات في سوريا

قال الجيش الأميركي، اليوم (الأربعاء)، إنه نفذ ضربات أدت إلى مقتل ما يصل إلى 35 عضواً بتنظيم «داعش» في سوريا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)

ازدادت مساحة التدخلات الحوثية في صياغة المناهج الدراسية وحشوها بالمضامين الطائفية التي تُمجِّد قادة الجماعة وزعيمها عبد الملك الحوثي، مع حذف مقررات ودروس وإضافة نصوص وتعاليم خاصة بالجماعة. في حين كشف تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن عن مشاركة عناصر من «حزب الله» في مراجعة المناهج وإدارة المخيمات الصيفية.

في هذا السياق، كشف ناشطون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي عن أعمال تحريف جديدة للمناهج، وإدراج المضامين الطائفية الخاصة بالجماعة ومشروعها، واستهداف رموز وطنية وشعبية بالإلغاء والحذف، ووضع عشرات النصوص التي تمتدح قادة الجماعة ومؤسسيها مكان نصوص أدبية وشعرية لعدد من كبار أدباء وشعراء اليمن.

إلى ذلك، ذكرت مصادر تربوية في العاصمة المختطفة صنعاء أن الجماعة الحوثية أقرّت خلال الأسابيع الأخيرة إضافة مادة جديد للطلاب تحت مسمى «الإرشاد التربوي»، وإدراجها ضمن مقررات التربية الإسلامية للمراحل الدراسية من الصف الرابع من التعليم الأساسي حتى الثانوية العامة، مع إرغام الطلاب على حضور حصصها يوم الاثنين من كل أسبوع.

التعديلات والإضافات الحوثية للمناهج الدراسية تعمل على تقديس شخصية مؤسس الجماعة (إكس)

وتتضمن مادة «الإرشاد التربوي» -وفق المصادر- دروساً طائفية مستمدة من مشروع الجماعة الحوثية، وكتابات مؤسسها حسين الحوثي التي تعرف بـ«الملازم»، إلى جانب خطابات زعيمها الحالي عبد الملك الحوثي.

وبيّنت المصادر أن دروس هذه المادة تعمل على تكريس صورة ذهنية خرافية لمؤسس الجماعة حسين الحوثي وزعيمها الحالي شقيقه عبد الملك، والترويج لحكايات تُضفي عليهما هالة من «القداسة»، وجرى اختيار عدد من الناشطين الحوثيين الدينيين لتقديمها للطلاب.

تدخلات «حزب الله»

واتهم تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن، الصادر أخيراً، الجماعة الحوثية باعتماد تدابير لتقويض الحق في التعليم، تضمنت تغيير المناهج الدراسية، وفرض الفصل بين الجنسين، وتجميد رواتب المعلمين، وفرض ضرائب على إدارة التعليم لتمويل الأغراض العسكرية، مثل صناعة وتجهيز الطائرات المسيّرة، إلى جانب تدمير المدارس أو إلحاق الضرر بها أو احتلالها، واحتجاز المعلمين وخبراء التعليم تعسفياً.

تحفيز حوثي للطلاب على دعم المجهود الحربي (إكس)

وما كشفه التقرير أن مستشارين من «حزب الله» ساعدوا الجماعة في مراجعة المناهج الدراسية في المدارس الحكومية، وإدارة المخيمات الصيفية التي استخدمتها للترويج للكراهية والعنف والتمييز، بشكل يُهدد مستقبل المجتمع اليمني، ويُعرض السلام والأمن الدوليين للخطر.

وسبق لمركز بحثي يمني اتهام التغييرات الحوثية للمناهج ونظام التعليم بشكل عام، بالسعي لإعداد جيل جديد يُربَّى للقتال في حرب طائفية على أساس تصور الجماعة للتفوق الديني، وتصنيف مناهضي نفوذها على أنهم معارضون دينيون وليسوا معارضين سياسيين، وإنتاج هوية إقصائية بطبيعتها، ما يُعزز التشرذم الحالي لعقود تالية.

وطبقاً لدراسة أعدها المركز اليمني للسياسات، أجرى الحوثيون تغييرات كبيرة على المناهج الدراسية في مناطق سيطرتهم، شملت إلغاء دروس تحتفي بـ«ثورة 26 سبتمبر (أيلول)»، التي أطاحت بحكم الإمامة وأطلقت الحقبة الجمهورية في اليمن عام 1962، كما فرضت ترديداً لـ«الصرخة الخمينية» خلال التجمعات المدرسية الصباحية، وتغيير أسماء المدارس أو تحويلها إلى سجون ومنشآت لتدريب الأطفال المجندين.

مواجهة حكومية

في مواجهة ما تتعرض له المناهج التعليمية في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية من تحريف، تسعى الحكومة اليمنية إلى تبني سياسات لحماية الأجيال وتحصينهم.

اتهامات للحوثيين بإعداد الأطفال ذهنياً للقتال من خلال تحريف المناهج (أ.ف.ب)

ومنذ أيام، أكد مسؤول تربوي يمني عزم الحكومة على مواجهة ما وصفه بـ«الخرافات السلالية الإمامية العنصرية» التي تزرعها الجماعة الحوثية في المناهج، وتعزيز الهوية الوطنية، وتشذيب وتنقية المقررات الدراسية، وتزويدها بما يخدم الفكر المستنير، ويواكب تطلعات الأجيال المقبلة.

وفي خطابه أمام ملتقى تربوي نظمه مكتب التربية والتعليم في محافظة مأرب (شرق صنعاء) بالتعاون مع منظمة تنموية محلية، قال نائب وزير التربية والتعليم اليمني، علي العباب: «إن ميليشيات الحوثي، تعمل منذ احتلالها مؤسسات الدولة على التدمير الممنهج للقطاع التربوي لتجهيل الأجيال، وسلخهم عن هويتهم الوطنية، واستبدال الهوية الطائفية الفارسية بدلاً منها».

ووفقاً لوكالة «سبأ» الحكومية، حثّ العباب قيادات القطاع التربوي، على «مجابهة الفكر العنصري للمشروع الحوثي بالفكر المستنير، وغرس مبادئ وقيم الجمهورية، وتعزيز الوعي الوطني، وتأكيد أهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر (تشرين الأول) المجيدتين».

قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

ومنذ أيام توفي الخبير التربوي اليمني محمد خماش، أثناء احتجازه في سجن جهاز الأمن والمخابرات التابع للجماعة الحوثية، بعد أكثر من 4 أشهر من اختطافه على خلفية عمله وزملاء آخرين له في برنامج ممول من «يونيسيف» لتحديث المناهج التعليمية.

ولحق خماش بزميليه صبري عبد الله الحكيمي وهشام الحكيمي اللذين توفيا في أوقات سابقة، في حين لا يزال بعض زملائهم محتجزين في سجون الجماعة التي تتهمهم بالتعاون مع الغرب لتدمير التعليم.

وكانت الجماعة الحوثية قد أجبرت قبل أكثر من شهرين عدداً من الموظفين المحليين في المنظمات الأممية والدولية المختطفين في سجونها على تسجيل اعترافات، بالتعاون مع الغرب، لاستهداف التعليم وإفراغه من محتواه.