ريشي سوناك... كيف ساهمت أميركا في صعود رئيس وزراء بريطانيا؟

رئيس وزراء المملكة المتحدة الجديد ريشي سوناك (رويترز)
رئيس وزراء المملكة المتحدة الجديد ريشي سوناك (رويترز)
TT

ريشي سوناك... كيف ساهمت أميركا في صعود رئيس وزراء بريطانيا؟

رئيس وزراء المملكة المتحدة الجديد ريشي سوناك (رويترز)
رئيس وزراء المملكة المتحدة الجديد ريشي سوناك (رويترز)

يؤكد رئيس وزراء المملكة المتحدة الجديد ريشي سوناك أن الفترة التي أمضاها في الولايات المتحدة للدراسة والعمل، هي جزء أساسي من حياته. فما هي صلات سوناك الأميركية؟
جعل الرجل البالغ من العمر 42 عاماً مرحلة وجوده في كاليفورنيا جزءاً أساسياً من شخصيته العامة. وكثيراً ما يستشهد بوقته هناك في العشرينات وأوائل الثلاثينات من عمره لإبراز قدراته كقائد خبير في مجال الأعمال.
وقال لمراسلة هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، لورا كوينسبرغ، الشهر الماضي، في أثناء ترشحه لزعامة حزب «المحافظين»: «عشت وعملت في كاليفورنيا، وأعتقد في الواقع أن هذا أحد الأسباب التي ستجعلني جيداً في هذا المنصب». وأضاف: «لأن ما سأقدمه إلى هذه الوظيفة هو طريقة تفكير مختلفة. عندما نفكر في النمو وفي اقتصاد حديث، كيف تدفع النمو... أنت تدفعه من خلال الابتكار. وبسبب تجربتي، أعرف كيف أبني هذا النوع من الاقتصاد».
https://twitter.com/RishiSunak/status/1585920263807451136?s=20&t=nx1m8QHFhnoqxA_8EaYiAg
* «ثنائي قوي» في الحرم الجامعي
بدأ سوناك سنواته في أميركا في كلية الدراسات العليا للأعمال في جامعة ستانفورد بصفته باحثاً في برنامج «فولبرايت»، متجهاً إلى وادي السيليكون عام 2004، حيث كانت طفرة الإنترنت جارية.
يتمتع البرنامج، الذي يقبل ما يقرب من 400 طالب سنوياً، بسمعة طيبة باعتباره أكثر درجات الأعمال حصرية في البلاد.
من بين الفصول الدراسية التي انخرط فيها سوناك، كان «الطريق إلى السلطة»، الذي يهدف إلى مساعدة الطلاب على فهم السلطة وسبل استخدامها بفاعلية.
لم يكتسب أي امتيازات أكاديمية معينة، ولم يكن أستاذه في ذلك الفصل قادراً على تذكره، وهذا أمر مفهوم، نظراً إلى أنه كان يلتقي 100 طالب سنوياً، ولكن برز حدث مهم في حياته في تلك السنوات الأميركية المبكرة عندما التقى زوجته أكشاتا مورتي، ابنة مؤسس شركة التكنولوجيا الهندية «إنفوسيس».
وقال زملاء الدراسة في ذلك الوقت إنهما كانا «ثنائياً قوياً» في الحرم الجامعي.

* مرحلة سانتا مونيكا
بعد التخرج، تولى سوناك وظيفة مربحة في صندوق التحوط في لندن «TCI Fund Management».
ركز على الولايات المتحدة، حيث شارك في معركة عام 2008 المريرة مع قادة خط الشحن «CSX» الأميركي. قال المحامي مارك وينغارتن، الذي عمل بشكل وثيق مع سوناك في تلك المرحلة، إنه برز باعتباره «إسفنجة للمعلومات».
عام 2009، عقب الأزمة المالية، غادر كبار القادة «TCI» لإطلاق شركتهم الخاصة «Theleme»، واصطحبوا سوناك معهم فأصبح جزءاً من فريق مقره في سانتا مونيكا، وهي مدينة ساحلية خارج لوس أنجليس مباشرةً، وتشتهر بأنها موطن المشاهير، مثل نجم كرة القدم ديفيد بيكام والممثل كريستيان بايل.
استثمر سوناك في شركات مثل «نيوز كورب»، وبدأ نسج صنع علاقات مع المنطقة، وانضم إلى مجلس إدارة «نادي الأولاد والبنات» المحلي، وهو مؤسسة خيرية تدير برامج ما بعد المدرسة وأنشطة أخرى للأطفال المحتاجين.

* نهاية حلم كاليفورنيا
غادر سوناك الولايات المتحدة في نهاية المطاف، وفاز بمقعد في البرلمان البريطاني عام 2015، وبدأ صعوده السريع في السياسة البريطانية، لكن السنوات التي أمضاها في كاليفورنيا ظلت معياراً في حياته.
وقد قال إنه حاول إدخال عقلية جديدة في أثناء توليه وزارة المال، ونسب الفضل إلى ستانفورد في دفعه للتخلي عن طرق التفكير «التدريجي».
وصرح لـ«بي بي سي» عام 2019، أن السنوات التي أمضاها في الولايات المتحدة ساهمت أيضاً في قراره دعم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وقال: «إن وتيرة التغيير تتسارع في جميع أنحاء العالم. كانت تلك تجربتي في كاليفورنيا. وجهة نظري العامة الواسعة ارتبطت بوتيرة التغيير... أن تكون مستقلاً، وأن يكون لديك المرونة والرشاقة في الرد، أمران لهما قيمة هائلة لنا».
https://twitter.com/RishiSunak/status/1585253275519004672?s=20&t=nx1m8QHFhnoqxA_8EaYiAg
* علاقة إشكالية
لا يزال سوناك وزوجته يحتفظان بشقة في سانتا مونيكا يزورانها بانتظام، لكن علاقاته مع الولايات المتحدة أثارت غضباً في بعض الأحيان.
هذا العام، اتضح أنه احتفظ ببطاقته الخضراء، مما يمنحه الحق في العيش والعمل في الولايات المتحدة كمقيم دائم. وعُلم أنه أعادها في أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، قبل أول رحلة أميركية له كوزير في الحكومة.
حدث ذلك في الوقت الذي كُشف فيه أن زوجته لم تدفع ضرائب كمقيمة في المملكة المتحدة.
وهذا ما أثار التساؤلات حول التزام سوناك تجاه الدولة، على الرغم من ولادته ونشأته في المملكة المتحدة، كما تقول فيكتوريا هانيمان، أستاذة السياسة البريطانية في جامعة ليدز.


مقالات ذات صلة

إشادة أميركية بالتزام العاهل المغربي «تعزيز السلام»

الولايات المتحدة​ إشادة أميركية بالتزام العاهل المغربي «تعزيز السلام»

إشادة أميركية بالتزام العاهل المغربي «تعزيز السلام»

أشاد وفد من الكونغرس الأميركي، يقوده رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب الأميركي مايك روجرز، مساء أول من أمس في العاصمة المغربية الرباط، بالتزام الملك محمد السادس بتعزيز السلام والازدهار والأمن في المنطقة والعالم. وأعرب روجرز خلال مؤتمر صحافي عقب مباحثات أجراها مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، عن «امتنانه العميق للملك محمد السادس لالتزامه بتوطيد العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة والمغرب، ولدوره في النهوض بالسلام والازدهار والأمن في المنطقة وحول العالم».

«الشرق الأوسط» (الرباط)
الولايات المتحدة​ إدانة 4 أعضاء في مجموعة متطرفة بالتحريض على هجوم الكونغرس الأميركي

إدانة 4 أعضاء في مجموعة متطرفة بالتحريض على هجوم الكونغرس الأميركي

أصدرت محكمة فيدرالية أميركية، الخميس، حكماً يدين 4 أعضاء من جماعة «براود بويز» اليمينية المتطرفة، أبرزهم زعيم التنظيم السابق إنريكي تاريو، بتهمة إثارة الفتنة والتآمر لمنع الرئيس الأميركي جو بايدن من تسلم منصبه بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية الماضية أمام دونالد ترمب. وقالت المحكمة إن الجماعة؛ التي قادت حشداً عنيفاً، هاجمت مبنى «الكابيتول» في 6 يناير (كانون الثاني) 2021، لكنها فشلت في التوصل إلى قرار بشأن تهمة التحريض على الفتنة لأحد المتهمين، ويدعى دومينيك بيزولا، رغم إدانته بجرائم خطيرة أخرى.

إيلي يوسف (واشنطن)
الولايات المتحدة​ إدانة 4 أعضاء بجماعة «براود بويز» في قضية اقتحام الكونغرس الأميركي

إدانة 4 أعضاء بجماعة «براود بويز» في قضية اقتحام الكونغرس الأميركي

أدانت محكمة أميركية، الخميس، 4 أعضاء في جماعة «براود بويز» اليمينية المتطرفة، بالتآمر لإثارة الفتنة؛ للدور الذي اضطلعوا به، خلال اقتحام مناصرين للرئيس السابق دونالد ترمب، مقر الكونغرس، في السادس من يناير (كانون الثاني) 2021. وفي محاكمة أُجريت في العاصمة واشنطن، أُدين إنريكي تاريو، الذي سبق أن تولَّى رئاسة مجلس إدارة المنظمة، ومعه 3 أعضاء، وفق ما أوردته وسائل إعلام أميركية. وكانت قد وُجّهت اتهامات لتاريو و4 من كبار معاونيه؛ وهم: جوزف بيغز، وإيثان نورديان، وزاكاري ريل، ودومينيك بيتسولا، بمحاولة وقف عملية المصادقة في الكونغرس على فوز الديمقراطي جو بايدن على خصمه الجمهوري دونالد ترمب، وفقاً لما نق

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ترمب ينتقد قرار بايدن عدم حضور مراسم تتويج الملك تشارلز

ترمب ينتقد قرار بايدن عدم حضور مراسم تتويج الملك تشارلز

وجّه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، الأربعاء، انتقادات لقرار الرئيس جو بايدن، عدم حضور مراسم تتويج الملك تشارلز الثالث، وذلك خلال جولة يجريها الملياردير الجمهوري في اسكتلندا وإيرلندا. ويسعى ترمب للفوز بولاية رئاسية ثانية في الانتخابات التي ستجرى العام المقبل، ووصف قرار بايدن عدم حضور مراسم تتويج ملك بريطانيا بأنه «ينم عن عدم احترام». وسيكون الرئيس الأميركي ممثلاً بزوجته السيدة الأولى جيل بايدن، وقد أشار مسؤولون بريطانيون وأميركيون إلى أن عدم حضور سيّد البيت الأبيض التتويج يتماشى مع التقليد المتّبع بما أن أي رئيس أميركي لم يحضر أي مراسم تتويج ملكية في بريطانيا. وتعود آخر مراسم تتويج في بري

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ لا تقل خطورة عن الإدمان... الوحدة أشد قتلاً من التدخين والسمنة

لا تقل خطورة عن الإدمان... الوحدة أشد قتلاً من التدخين والسمنة

هناك شعور مرتبط بزيادة مخاطر الإصابة بالنوبات القلبية والاكتئاب والسكري والوفاة المبكرة والجريمة أيضاً في الولايات المتحدة، وهو الشعور بالوحدة أو العزلة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

متخصص بالتضليل الإعلامي: اليسار الأميركي يغرق في نظريات المؤامرة بعد فوز ترمب

الرئيس المنتخب دونالد ترمب وكامالا هاريس مرشحة الحزب الديمقراطي في الانتخابات الأميركية (أ.ف.ب)
الرئيس المنتخب دونالد ترمب وكامالا هاريس مرشحة الحزب الديمقراطي في الانتخابات الأميركية (أ.ف.ب)
TT

متخصص بالتضليل الإعلامي: اليسار الأميركي يغرق في نظريات المؤامرة بعد فوز ترمب

الرئيس المنتخب دونالد ترمب وكامالا هاريس مرشحة الحزب الديمقراطي في الانتخابات الأميركية (أ.ف.ب)
الرئيس المنتخب دونالد ترمب وكامالا هاريس مرشحة الحزب الديمقراطي في الانتخابات الأميركية (أ.ف.ب)

بعد فوز دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية، تراجعت مزاعم اليمين الأميركي بشأن عمليات تزوير على شبكات التواصل الاجتماعي، في حين باشر اليسار تشارك نظريات مؤامرة تشكّك في مصداقية الاقتراع.

وعلى شبكتي «إكس» («تويتر» سابقاً)، و«ثريدز» التابعة لمجموعة «ميتا»، انتشرت منشورات لا أساس لها من الصحة حول عمليات تزوير في ولايات رئيسية ومزاعم تتهم دونالد ترمب بـ«الغش» في مواجهة كامالا هاريس.

ومنذ الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني)، يروّج بعض المستخدمين من اليسار لنظرية زائفة، مفادها بأن إيلون ماسك -وهو أثرى أثرياء العالم وصاحب «إكس» واليد اليمنى لترمب- استخدم نظامه لتوفير الإنترنت بالأقمار الاصطناعية «ستارلينك» لتزوير الانتخابات والتلاعب بعملية عد الأصوات.

ولا تزال هذه المنشورات، رغم صعوبة تقييم نطاقها، أقل انتشاراً من تلك التي روّج لها مستخدمون محافظون في أعقاب خسارة الملياردير الجمهوري الاستحقاق الانتخابي في 2020، وفقاً لما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وصرّح مدير شركة «سيابرا» المتخصصة في مكافحة التضليل الإعلامي، دان براهمي: «ما نلاحظه اليوم هو ازدياد في مزاعم التزوير الانتخابي من جانب اليسار، لا سيما في الأيام التي تلت الاستحقاق مباشرة، وهي ادعاءات تزيد من انتشارها شبكة من البوتات»، وهي حسابات روبوتية تشغّلها برامج معلوماتية.

ولفت النظر إلى أن ذلك «خير دليل على أن تقنيات التضليل الإعلامي والتلاعب ليست حكراً على عقيدة سياسية واحدة، فهي تُستخدم على نطاق واسع للتأثير في الرأي العام».

«كاميلا» لا «كامالا»

وخلافاً لما كان عليه الحال مع دونالد ترمب في 2020، لم يشكّك الحزب الديمقراطي في نتائج الانتخابات؛ إذ أقرت كامالا هاريس بخسارتها، وتعهّد الرئيس جو بايدن ببذل كل ما في وسعه، كي يكون انتقال السلطة «سلمياً ومنظّماً».

غير أن الساعات التي تلت إعلان النتائج شهدت انتشار وسم «كامالا لا ترضخي» (Do Not Concede Kamala) أكثر من 30 ألف مرة على «إكس»، مرفقاً بكلمات مثل: «احتيال»، و«سرقة»، و«تزوير»، وفق ما أفاد موقع «نيوزغارد».

وهي، حسب «سيابرا»، «حملة تضليل إعلامي منسقة» على «إكس» تروّج لفرضيات خاطئة انتشرت بداية على حسابات زائفة قبل أن تشاركها أخرى مؤثرة.

وقد حرّف بعض المستخدمين عن قصد اسم المرشحة الديمقراطية، كاتباً «كاميلا» بدلاً من «كامالا»، للتهرّب من الرقابة التلقائية على المنصات وتأييد هذه النظريات.

ولفتت «سيابرا» النظر إلى أن هذه الحيلة «تخفّض من احتمال إزالة المحتويات تلقائياً».

وأقر دان براهمي بأن «انتقال مزاعم التزوير الانتخابي في الفترة الأخيرة (من اليمين إلى اليسار) ينم عن هشاشة كبيرة» لدى طرفي الطيف السياسي.

وكشف عن أن «الروايات قد تبدأ بقناعات هامشية؛ لكنها قد تطغى على الخطابات السياسية، بغض النظر عن التوجه السياسي، إذا ما اجتمعت الظروف المواتية لذلك».

«الاستبداد والتعصّب»

في عام 2020، اعتنق ناشطون يمينيون نظرية التزوير الانتخابي التي لم تثبت يوماً إثر هزيمة دونالد ترمب. ودفعت تلك الفرضيات أنصار الرئيس الجمهوري إلى اقتحام مبنى «الكابيتول» بعنف في 6 يناير (كانون الثاني) 2021.

وهي بقيت قيد التداول لغاية الاستحقاق الانتخابي في 5 نوفمبر (تشرين الثاني)، قبل أن يتقلّص انتشارها في ظل تأكيد فوز دونالد ترمب.

وصرّحت المستشارة لدى منظمة «فري برس» غير الحكومية، نورا بينافيديز، أن «نتائج الانتخابات هدّأت من روع اليمينيين المتنكرين للحقيقة، لكن ذلك لا يعني أن التضليل الإعلامي لم يعد يشكّل مشكلة أو أنه اختفى فجأة بأعجوبة».

وأشارت إلى أن «حرب المعلومات تزداد ضراوة، وعندما نترك لها الوقت كي تتجذّر، تشكّل عنصراً أساسياً للدفع قدماً بالاستبداد والتعصّب».