احتدم السباق الرئاسي البرازيلي قبل يومين من جولة الإعادة المرتقبة الأحد.
وتوقع استطلاع «كواست» للناخبين المحتملين حصول الرئيس اليساري السابق لويس إناسيو لولا دا سيلفا على 52.1 في المائة من الأصوات الصحيحة التي تستبعد البطاقات الملغاة والفارغة مقارنة بـ52.8 في المائة الأسبوع الماضي، بينما حصل بولسونارو على 47.9 في المائة مقارنة بـ47.2 في المائة. وبالنظر إلى إجمالي الأصوات، ظلت نسبة تأييد بولسونارو عند 42 في المائة، بينما حصل لولا على 48 في المائة مقارنة بـ47 في المائة الأسبوع الماضي.
يشار إلى أن زيادة نسبة العزوف عن المشاركة هي أحد أبرز العوامل التي تضر بلولا دا سيلفا، حيث يزداد احتمال عدم مشاركة الناخبين أصحاب الدخل المنخفض، الذين يشكلون جزءا رئيسيا من قاعدة مؤيدي الرئيس السابق.
في غضون ذلك، كثف نائبان شابان انتخبا أخيرا في البرلمان البرازيلي، نشاط حملتي كل من بولسونارو ولولا دا سيلفا في ولاية ميناس جيرايس جنوب شرقي البلاد، وهي الولاية التي تحدد منذ العام 1989 المرشح الفائز في الانتخابات الرئاسية، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية. ويعظ نيكولاس فيريرا، وهو شاب برازيلي محافظ متشدد، بالسياسة في الكنائس ويتحدث عنها على وسائل التواصل الاجتماعي. أما سيليا شاكريابا، فهي ناشطة من السكان الأصليين مصممة على وضع حالة الطوارئ المناخية في قلب النقاش العام.
وكان نيكولاس فيريرا، وهو محام ومؤثر على مواقع التواصل الاجتماعي يبلغ 26 عاماً ومنتسب إلى الحزب الليبرالي للرئيس اليميني المتطرف، النائب الذي حصل على أكبر عدد من الأصوات (نحو 1.5 مليون) خلال الانتخابات التشريعية التي نظمت بالتوازي مع الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية. ويقول فيريرا إنه يخوض «حربا» ضد «التهديد الصامت للشيوعية» التي ستسود إذا فاز لولا. وتابع خلال تجمع انتخابي لمرشحه «هل سنعكس الوضع أم لا؟ هل سنشرع الإجهاض أم لا؟ هل سنشرع المخدرات أم لا؟».
ويعتبر هذا النائب الشاب بخطاباته التي يلقيها كما لو كان قسا إنجيليا والتي تجذب انتباه الجماهير، أحد الورثة المحتملين لبولسونارو. وقال في أحد الخطابات التي بثت عبر الراديو: «هناك مؤمنون يصوتون للشيطان. هناك مؤمنون يصوتون للولا». وأكد فيريرا المتخرج من الجامعة البابوية الكاثوليكية في ولاية ميناس جيرايس، أن الجامعات البرازيلية تخضع لـ«آيديولوجية ماركسية» تسعى إلى تدمير الأسرة التقليدية.
وينشر في خطاباته وفي المحاضرات وجهات نظره، وعبر مقاطع فيديو يشاهدها الملايين من متابعيه على الشبكات الاجتماعية. لكن السلطات الانتخابية أزالت محتواه الذي يؤكد فيه أن لولا مؤيد للإجهاض أو لتشريع المخدرات. وقال في مقابلة أجريت معه أخيرا «أنا لست مثيرا للجدل. أنا فقط أتكلم عما أؤمن به».
في المقابل، ترى سيليا شاكريابا، البالغة 32 عاماً، بأنها تعيش «لحظة تاريخية». وأصبحت شاكريابا أول نائبة من السكان الأصليين عن ولاية ميناس جيرايس، تحت راية حزب الاشتراكية والحرية. وأكدت لوكالة الصحافة الفرنسية خلال تجمع انتخابي لدعم لولا دا سيلفا في العاصمة الإقليمية بيلو هوريزونتي، أن «أولويتنا القصوى ستكون القضايا البيئية». وتتابع سيليا المتحدرة من إقليم شاكريابا في شمال ميناس جيرايس، دراسات الدكتوراه في الأنثروبولوجيا.
وأوضحت النائبة كيف تعتزم مواجهة قطاع الأعمال التجارية الزراعية البرازيلي النافذ، والذي تلقي باللوم عليه في إزالة الغابات في منطقة الأمازون في ظل حكومة بولسونارو. وتابعت: «نحن الشعوب الأصلية نعرف منذ أكثر من 500 عام ما هي المقاومة. كيف يمكننا قبول رئيس يقول إنه لن يمنح شبرا إضافيا من الأرض للسكان الأصليين؟»، في إشارة إلى تصريح مثير للجدل أدلى به بولسونارو في ديسمبر (كانون الأول) 2018، بعد فترة وجيزة من انتخابه.
وشاركت شاكريابا، التي كانت عضوا في وفد السكان الأصليين الذي قام بجولة في أوروبا عام 2019 للتنديد بـ«الانتهاكات الجسيمة» التي تقوم بها الحكومة، في قمة المناخ «كوب26» التي نظمت في غلاسغو نهاية العام 2021. وقالت إن «أميركا اللاتينية تنتظر نتائج هذه الانتخابات». وأشارت إلى أن أنصارها ليسوا فقط ناخبي لولا، وأنها تجذب المهتمين بالمساواة بين الجنسين والقضايا البيئية.
وتسعى هذه النائبة لإقناع الناخبين بأن الأمر أكثر أهمية من معركة بين شخصيتين شعبويتين أحدثتا حالة من الاستقطاب في البلاد. وصرحت أن كثرا «لا يرون أن هذه اللحظة مسألة حياة أو موت. إذا لم يعد لدى الكوكب المزيد من الموارد لنا، فلن يكون لديه المزيد من الموارد لكم ولأطفالكم وللبشرية جمعاء». وختمت قائلة: «من يزيل الغابات يقتل».