هل تخطط تركيا لتطبيق نموذج التسوية جنوب سوريا بمناطق سيطرتها في الشمال؟

(تقرير إخباري)

دبابة تركية في منطقة عفرين (أ.ف.ب)
دبابة تركية في منطقة عفرين (أ.ف.ب)
TT

هل تخطط تركيا لتطبيق نموذج التسوية جنوب سوريا بمناطق سيطرتها في الشمال؟

دبابة تركية في منطقة عفرين (أ.ف.ب)
دبابة تركية في منطقة عفرين (أ.ف.ب)

بعد العديد من التساؤلات التي فجّرها صمت تركيا إزاء تدخل «هيئة تحرير الشام» في الصراع بين فصائل ما يسمى «الجيش الوطني السوري» الموالي لها وسيطرتها على مدينة عفرين الخاضعة لسيطرة القوات التركية وفصائلها، قبل أن تنسحب منها عسكرياً لاحقاً مع الإبقاء على عناصر أمنية فيها، بدأت تتكشف معلومات عن النهج التركي الجديد للتعامل مع الوضع في مناطق سيطرتها في شمال سوريا.
وترددت في الأيام الأخيرة، معلومات من مقربين من الحكومة التركية، تؤكد حالة عدم الرضا من جانب أنقرة عن سلوك الفصائل الموالية لها، وتوجهها إلى تغيير هيكلية «الجيش الوطني السوري» للقضاء على الصراعات القائمة بين فصائله، وإيجاد قيادة واحدة قوية تسيطر على المناطق التي توجد بها في غرب الفرات وشرقه.
وفي غضون ذلك، تصاعدت التلميحات إلى أن تركيا بدأت تتوجه إلى إقرار وضع في شمال سوريا شبيه بالتسوية في جنوبها، إذ إن هدفها الرئيس الآن، هو تأمين عودة اللاجئين السوريين وتحقيق قفزة في هذا الملف الذي بات ورقة مؤرقة اجتماعياً، فضلاً عن تحوله إلى عنصر ضغط في يد المعارضة التركية على الرئيس رجب طيب إردوغان وحزبه (العدالة والتنمية) قبل نحو 7 أشهر من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي تبدو حاسمة ومفصلية في مسيرة الحزب الذي حكم تركيا منفرداً لعشرين عاماً.
وتحدثت مصادر أمنية تركية عن خطة لدمج فصائل «الجيش الوطني»، التي يصل عددها إلى 41 فصيلاً مسلحاً، تحت قيادة مركزية وجيش واحد، بعد التطورات الأخيرة وتصاعد الاقتتال بين الفصائل، وبعد انسحاب «تحرير الشام»، شبه الكامل، من عفرين شمالي حلب.
وانسحبت «تحرير الشام»، المصنفة كمنظمة إرهابية في تركيا، من عفرين والمناطق الأخرى التي دخلتها، حيث كانت وصلت إلى أبواب أعزاز، ثم انسحبت لاحقاً بضغط من تركيا التي تدخلت لفرض اتفاق بينها وبين «الفيلق الثالث» في «الجيش الوطني».
وأكدت المصادر ومحللون عسكريون واستراتيجيون أتراك أن أنقرة «لا يمكن أن تتخلى بسهولة عن المناطق الخاضعة لسيطرة قواتها والفصائل الموالية لها في شمال سوريا، وأنها قد تستغل التطورات الأخير ذريعةً لإعادة هيكلة (الجيش الوطني السوري) بعد الاقتتال والاشتباكات المتكررة بين فصائله والحوادث الأمنية التي تقع في مناطق سيطرتها».
وبحسب هؤلاء، «تنظر أنقرة إلى الاشتباكات المتكررة بين الفصائل في المناطق الخاضعة لسيطرة قواتها، في عفرين وجرابلس والباب وأعزاز وتل أبيض، والتي أدت إلى وقوع إصابات في صفوف المدنيين، بشكل سلبي. وبذلت الكثير من المحاولات لتوحيد الفصائل تحت قيادة واحدة، لكن بلا جدوى، وأن الخطة الجديدة قد تشمل انسحاب مسلحي الفصائل من المناطق المدنية وتشكيل جيش نظامي تحت قيادة مركزية، وهو ما سيسهل في الوقت ذاته، عمل الإدارات والمجالس المحلية من دون تدخل الفصائل، لا سيما أن أهالي تلك المناطق ضاقوا ذرعاً بالاقتتال والصراعات المستمرة بينها».
وإلى ذلك، كشفت تقارير صحافية عن احتمالات أن تكون تركيا تفكر في تطبيق نموذج التسوية في جنوب سوريا على مناطق الشمال السوري، «لتحقيق الاستقرار وجعلها مهيأة لاستيعاب اللاجئين السوريين، الذين ترغب في إعادتهم».
وتطرقت تلك التقارير إلى ما وصفته بـ«استدعاء المخابرات التركية لقائد اللواء الثامن أحمد العودة، الذي يتبع فرع الأمن العسكري في درعا، والذي استبعد من مرتبات الجيش السوري، وسبق ومارس نشاطه لسنوات تحت راية الفيلق الخامس».
ولفتت تلك التقارير إلى قيام العودة بزيارة مفاجئة إلى تركيا، وأنه موجود في إسطنبول. ونقلت عن مصادر في المعارضة السورية، «أن سبب دعوته ربما يكون للاستماع إلى تقييماته حول التسوية في جنوب سوريا، التي أعادت المنطقة إلى سيطرة الجيش السوري عام 2018، وإن كانت لا تزال، عملياً خارج قبضة قوات أمن النظام التي تضطر، من وقت إلى آخر، إلى التدخل العنيف وخوض اشتباكات لفرض وتثبيت بنود التسوية أو تعديل بعض منها».
وتصاعدت التكهنات حول زيارة العودة لإسطنبول، كونها جاءت بعد فترة قليلة من تغييرات في المناصب بالخارجية التركية شملت المسؤولين عن الملف السوري، وشهدت تعيين أردم أوزان، الضابط المسؤول عن الملف الأمني في الشمال السوري، سفيراً لتركيا في الأردن.


مقالات ذات صلة

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

أطلق الأردن سلسلة اتصالات مع دول عربية غداة استضافته اجتماعاً لبحث مسألة احتمالات عودة سوريا إلى الجامعة العربية، ومشاركتها في القمة المقبلة المقرر عقدها في المملكة العربية السعودية هذا الشهر. وقالت مصادر أردنية لـ«الشرق الأوسط»، إن اجتماع عمّان التشاوري الذي عُقد (الاثنين) بحضور وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن وسوريا، ناقش احتمالات التصويت على قرار عودة سوريا إلى الجامعة العربية ضمن أنظمة الجامعة وآليات اعتماد القرارات فيها. وفي حين أن قرار عودة سوريا إلى الجامعة ليس مقتصراً على الاجتماعات التشاورية التي يعقدها وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن، فإن المصادر لا تستبعد اتفاق

شؤون إقليمية الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

بدأ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أمس (الأربعاء) زيارة لدمشق تدوم يومين واستهلها بجولة محادثات مع نظيره السوري بشار الأسد تناولت تعزيز العلاقات المتينة أصلاً بين البلدين. وفيما تحدث رئيسي عن «انتصارات كبيرة» حققتها سوريا، أشار الأسد إلى أن إيران وقفت إلى جانب الحكومة السورية مثلما وقفت هذه الأخيرة إلى جانب إيران في حرب السنوات الثماني مع إيران في ثمانينات القرن الماضي. ووقع الأسد ورئيسي في نهاية محادثاتهما أمس «مذكرة تفاهم لخطة التعاون الاستراتيجي الشامل الطويل الأمد». وزيارة رئيسي لدمشق هي الأولى التي يقوم بها رئيس إيراني منذ 13 سنة عندما زارها الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
TT

«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)

استهلت الجماعة الحوثية السنة الميلادية الجديدة بإطلاق حملات جباية استهدفت التجار وأصحاب ورؤوس الأموال في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، بغية إجبارهم على دفع الأموال لتمويل احتفالات الجماعة بما تسميه «جمعة رجب».

وتزعم الجماعة الحوثية أن دخول اليمنيين في الإسلام يصادف أول جمعة من شهر رجب الهجري، ويستغلون المناسبة لربطها بضرورة الولاء لزعيمهم عبد الملك الحوثي تحت ادعاء أن نسبه يمتد إلى علي بن أبي طالب الذي أدخل اليمنيين في الإسلام قبل أكثر من 14 قرناً هجرياً. وفق زعمهم.

وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن مشرفين حوثيين برفقة عربات ومسلحين يتبعون عدة مكاتب تنفيذية تابعة للجماعة، نفذوا حملات واسعة ضد متاجر ومؤسسات تجارية في عدة مديريات في المدينة، وأجبروا ملاكها على دفع جبايات، بينما أغلقوا عدداً من المتاجر التي رفض ملاكها التبرع.

وأكدت المصادر أن الانقلابيين شرعوا في توسيع أنشطتهم الاستهدافية في تحصيل الإتاوات أكثر مما كان عليه قبل أشهر ماضية، حيث لم تستثنِ الجماعة حتى صغار التجار والباعة المتجولين والسكان الأشد فقراً.

الانقلابيون سيطروا بالقوة على مبنى الغرفة التجارية في صنعاء (إعلام محلي)

وفي ظل تجاهل الجماعة المستمر لفقر السكان في مناطق سيطرتها، أقرت ما تسمى اللجنة العليا للاحتفالات والمناسبات في اجتماع لها بصنعاء، إطلاق برنامج الفعاليات المصاحب لما يُسمى ذكرى «جمعة رجب»، بالتوازي مع بدء شنّ حملات جباية على التجار والسكان الذين يعانون من ظروف معيشية حرجة.

وهاجم بعض السكان في صنعاء كبار قادة الجماعة لجهة انشغالهم بابتكار مزيد من الفعاليات ذات المنحى الطائفي وتخصيص ميزانية ضخمة لأعمال الدعاية والإعلان، ومكافآت ونفقات لإقامة الندوات وتحركات مشرفيها أثناء حشد الجماهير إليها.

وكانت تقارير محلية اتهمت في وقت سابق قيادات حوثية بارزة في الجماعة يتصدرهم حمود عباد وخالد المداني بجباية مليارات الريالات اليمنية من موارد المؤسسات الحكومية الخاضعة لسلطات الجماعة في صنعاء، لافتة إلى أن معظم المبالغ لم يتم توريدها إلى حسابات بنكية.

تعميم صوري

في حين زعمت وسائل إعلام حوثية أن تعميماً أصدره القيادي في الجماعة حمود عباد المعين أميناً للعاصمة المختطفة، يقضي بمنع إغلاق أي محل أو منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ ما سماها «الإجراءات القانونية»، نفى تجار وأصحاب مؤسسات تجارية بصنعاء توقّف عناصر الجماعة عن مداهمة متاجرهم وإغلاقها بعد رفضهم دفع جبايات.

تجمع للمارة في صنعاء أثناء محاولة اعتقال مالك أحد المطاعم (الشرق الأوسط)

وفي مسعى لتلميع صورتها عقب حملات التعسف كانت الجماعة أصدرت تعميماً يُلزِم قادتها في عموم المديريات والمكاتب التنفيذية في صنعاء بعدم إغلاق أي منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ «الإجراءات اللازمة».

وحض التعميم الانقلابي كل الجهات على «عمل برامج شهرية» لتنفيذ حملات نزول ميداني لاستهداف المتاجر، مرة واحدة كل شهر عوضاً عن تنفيذ حملات نزول يومية أو أسبوعية.

واعترفت الجماعة الحوثية بوجود شكاوى لتجار وملاك منشآت تجارية من قيام مكاتب تنفيذية في صنعاء بتحصيل مبالغ مالية غير قانونية منهم بالقوة، وبإغلاق مصادر عيشهم دون أي مسوغ قانوني.

توسيع الاستهداف

اشتكى تُجار في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من تصاعد كبير في حملات الاستهداف وفرض الإتاوات ضدهم عقب صدور تلك التعليمات التي يصفونها بـ«غير الإلزامية».

ويتهم عدد من التجار القياديَين حمود عباد وخالد المداني، والأخير هو مشرف الجماعة على المدينة، بتكثيف الأنشطة القمعية بحقهم وصغار الباعة وإرغامهم في كل حملة استهداف على دفع جبايات مالية مقابل السماح لهم بمزاولة أنشطتهم التجارية.

الحوثيون يستهدفون المتاجر والشركات لإجبارها على دفع الأموال (إعلام حوثي)

ويتحدث (أحمد.و)، مالك محل تجاري بصنعاء، عن استهداف متجره بسوق شعبي في حي السنينة بمديرية معين بصنعاء من قِبَل حملة حوثية فرضت عليه دفع مبلغ مالي بالقوة بحجة تمويل مناسبة «جمعة رجب».

وذكر أن عناصر الجماعة توعدته بالإغلاق والاعتقال في حال عدم تفاعله مع مطالبها غير القانونية.

وتحدث أحمد لـ«الشرق الأوسط»، عن إغلاق عدد من المتاجر في الحي الذي يعمل فيه من قِبَل مسلحي الجماعة الذين قال إنهم اعتقلوا بعض ملاك المحلات قبل أن يتم الإفراج عنهم بعد أن رضخوا لدفع الجبايات.