اتفاقات لبنان وإسرائيل: تنظيم العداء

بدءاً من هدنة عام 1949... وصولاً إلى ترسيم الحدود البحرية

TT

اتفاقات لبنان وإسرائيل: تنظيم العداء

لا ينفي توقيع اتفاق ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل اللذين يرتبطان بعداوة تاريخية، «الاعتراف المشروط» من قبل بيروت بإسرائيل، لكنه لا يلغي حال «العداء» بين الطرفين.
والاتفاق، ليس الأول من نوعه بين بيروت وتل أبيب، فقد سبق أن وقع الطرفان في العام 1949 اتفاق الهدنة، كما وقعا معاهدة «17 أيار» في العام 1983 التي ألغيت بعد نحو عام، فيما انخرطا في «تفاهم نيسان» في العام 1996، ويجتمعان في الناقورة ضمن اللجنة الثلاثية (تضم ممثلين عن الجيشين اللبناني والإسرائيلي إلى جانب اليونيفيل) في محادثات غير مباشرة، منذ العام 2006. ويرى حقوقيون وسياسيون وخبراء في القانون الدولي أن هذا الاتفاق هو الأقرب إلى اتفاق «هدنة 1949»، ويوصف بأنه «مهادنة في قضية الحدود البحرية».
ويقول الباحث الدستوري الدكتور أنطوان مسرة، الذي دعا، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، للتمييز بين السجال السياسي والواقع الدبلوماسي والحقوقي. ويشرح مسرة: «السجال حول العداء للصهيونية وحق المقاومة المسلحة بمواجهة الاحتلال، لا علاقة له بالواقع الدبلوماسي والحقوقي»، مشيراً إلى أن «الهدنة لها معنى قانوني، وهو هدنة مع طرف آخر تعترف بوجوده، وهو الكيان الإسرائيلي، لكنه اعتراف مشروط وغير كامل، بالنظر إلى أن لبنان ربط الاعتراف الكامل بحل القضية الفلسطينية، وبمعالجة ملف الحدود بالكامل». وقال مسرة: «يجب أن نعتاد في لبنان بعد إنجازات وإخفاقات الماضي على التعامل مع أي ملف من منطق دبلوماسي وحقوقي، وندرس ماذا يعنيه مصطلح هدنة دبلوماسياً مع تشديدنا على حق المقاومة» الواردة في البيانات الوزارية المتعاقبة.
ووردت التوافقات بين لبنان وإسرائيل بعدة مراحل، واتخذت مسميات مختلفة. ففي العام 1996، وبعد حرب أبريل (نيسان) الدامية، تقدمت الحكومة اللبنانية باقتراح لتشكيل لجنة المراقبة التي اتفق عليها في تفاهم نيسان إلى الولايات المتحدة بواسطة السفير الأميركي في بيروت ريتشارد جونز، وقضت بتشكيل لجنة لمراقبة تطبيق تفاهم وقف إطلاق النار من قبل لبنان، والولايات المتحدة الأميركية، وفرنسا، وسوريا، وإسرائيل.‏ وكانت تجتمع هذه اللجنة في الناقورة كمقر رئيسي تتلقى اللجنة الشكاوى خلال 48 ساعة من حصول أي حادث، وتقوم بإجراء التحقيقات اللازمة، وتصدر تقريرها خلال ثلاثة أيام.
وبعد حرب يوليو (تموز) 2006، تبنى مجلس الأمن الدولي بالإجماع القرار 1701 الذي يدعو إلى وقف كامل للعمليات القتالية في لبنان. وحددت الأمم المتحدة للدولتين أن يكون هناك ضابط من رتبة عميد على اتصال مباشر مع قائد اليونيفيل من الجانبين لتنفيذ القرار 1701، وكان الوفد المفاوض من الجانبين يتألف من عسكريين، كما تلبي قيادتا الجيشين مطالب القائد العام لـ«اليونيفيل» لحضور اجتماعات وبحث القضايا الأمنية والخروقات على ضفتي الحدود. وعرفت تلك الاجتماعات بـ«الاجتماعات الثلاثية في الناقورة»، وهي اجتماعات غير مباشرة.
ويرى مسرة أن جميع الصيغ التي تلت مرحلة الحرب اللبنانية، مثل «تفاهم نيسان» واجتماعات اللجنة الثلاثية «هي اعتراف مشروط، لا يلغي حالة العداوة»، مشيراً إلى أن الجيش اللبناني «لطالما كان موجوداً في جميع تلك الصيغ، ووقع بعضها (مثل اتفاق الهدنة)، لأنه بحسب القانون، هو حامي السيادة الوطنية، لذلك يصبح وجوده وضمانته ضروريتين».
وأثير نقاش داخلي لبناني عن غياب الجيش اللبناني من المقترحات لتشكيل الوفد اللبناني إلى الناقورة، قبل أن تحسم السلطات اللبنانية وجود ضابط في الجيش في الناقورة يوم الخميس، وهو العميد الركن منير شحادة، مفوض الحكومة لدى القوات الدولية، إلى جانب ثلاث شخصيات مدنية. ويشار إلى أن السلطة السياسية كانت طلبت من مصلحة الهيدروغرافيا في الجيش إعداد الخرائط وتحديد النقاط الحدودية البحرية، وإعداد دراسة تقنية في المرحلة الأخيرة من التفاوض قبل أسابيع، بعد أن تولى الجيش في العام 2020 وضع الخرائط لحقوق لبنان البحرية، وترأس ضابط في الجيش الوفد اللبناني إلى المفاوضات غير المباشرة في الناقورة.


مقالات ذات صلة

توتّر على الحدود الإسرائيلية-اللبنانية بعد تظاهرة لأنصار «حزب الله»

المشرق العربي توتّر على الحدود الإسرائيلية-اللبنانية بعد تظاهرة لأنصار «حزب الله»

توتّر على الحدود الإسرائيلية-اللبنانية بعد تظاهرة لأنصار «حزب الله»

دعت قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في لبنان (يونيفيل)، مساء الجمعة، إلى الهدوء بعد توتر بين حرس الحدود الإسرائيليين وأنصار لـ«حزب الله» كانوا يتظاهرون إحياءً لـ«يوم القدس». ونظّم «حزب الله» تظاهرات في أماكن عدّة في لبنان الجمعة بمناسبة «يوم القدس»، وقد اقترب بعض من أنصاره في جنوب لبنان من الحدود مع إسرائيل. وقالت نائبة المتحدّث باسم يونيفيل كانديس أرديل لوكالة الصحافة الفرنسية إنّ عناصر القبعات الزرق «شاهدوا جمعاً من 50 أو 60 شخصاً يرمون الحجارة ويضعون علم حزب الله على السياج الحدودي».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي تباين بين «أمل» و«حزب الله» بشأن صواريخ الجنوب

تباين بين «أمل» و«حزب الله» بشأن صواريخ الجنوب

ذكرت أوساط سياسية لبنانية أنَّ «الصمت الشيعي» حيال إطلاق الصواريخ من جنوب لبنان باتجاه منطقة الجليل في شمال إسرائيل لا يعني أنَّ «حزب الله» على توافق مع حركة «أمل» بهذا الشأن، بمقدار ما ينم عن تباين بينهما، إذ ارتأيا عدم إظهاره للعلن لقطع الطريق على الدخول في سجال يمكن أن ينعكس سلباً على الساحة الجنوبية. وقالت المصادر إنَّ حركة «أمل»، وإن كانت تتناغم بصمتها مع صمت حليفها «حزب الله»، فإنها لا تُبدي ارتياحاً للعب بأمن واستقرار الجنوب، ولا توفّر الغطاء السياسي للتوقيت الخاطئ الذي أملى على الجهة الفلسطينية إطلاق الصواريخ الذي يشكّل خرقاً للقرار 1701. وعلى صعيد الأزمة الرئاسية، ذكرت مصادر فرنسية مط

العالم العربي المطارنة الموارنة يستنكرون تحويل جنوب لبنان إلى «صندوق» في الصراعات الإقليمية

المطارنة الموارنة يستنكرون تحويل جنوب لبنان إلى «صندوق» في الصراعات الإقليمية

استنكر المطارنة الموارنة في لبنان، اليوم (الأربعاء)، بشدة المحاولات الهادفة إلى تحويل جنوب لبنان إلى صندوق لتبادل الرسائل في الصراعات الإقليمية. ووفق وكالة الأنباء الألمانية، طالب المطارنة الموارنة، في بيان أصدروه في ختام اجتماعهم الشهري في الصرح البطريركي في بكركي شمال شرقي لبنان اليوم، الجيش اللبناني وقوات الطوارئ الدولية بالحزم في تطبيق القرار 1701، بما في ذلك تعزيز أجهزة الرصد والتتبُّع والملاحقة. وناشد المطارنة الموارنة، في اجتماعهم برئاسة البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، «القوى الإقليمية والمجتمع الدولي مساعدة لبنان على تحمل أعباء لم تجلب عليه ماضياً سوى الخراب والدمار وتشتيت ا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي ميقاتي: عناصر غير لبنانية وراء إطلاق الصواريخ من الجنوب على إسرائيل

ميقاتي: عناصر غير لبنانية وراء إطلاق الصواريخ من الجنوب

أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، اليوم الأحد، أن العدوان الإسرائيلي المستمر على لبنان والانتهاك المتمادي للسيادة اللبنانية أمر مرفوض، مؤكدا أن «عناصر غير لبنانية» وراء إطلاق الصواريخ من الجنوب. وقال ميقاتي إن «الهجوم الإسرائيلي على المصلّين في الأقصى وانتهاك حرمته أمر غير مقبول على الإطلاق، ويشكل تجاوزاً لكل القوانين والأعراف، ويتطلب وقفة عربية ودولية جامعة لوقف هذا العدوان السافر». وعن إطلاق الصواريخ من الجنوب والقصف الإسرائيلي على لبنان، وما يقال عن غياب وعجز الحكومة، قال ميقاتي إن «كل ما يقال في هذا السياق يندرج في إطار الحملات الإعلامية والاستهداف المجاني، إذ منذ اللحظة

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي لبنان لتقديم شكوى إلى مجلس الأمن رفضاً لاعتداءات إسرائيل

لبنان لتقديم شكوى إلى مجلس الأمن رفضاً لاعتداءات إسرائيل

قررت الحكومة اللبنانية تقديم شكوى إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن ضد إسرائيل، على خلفية الغارات التي نفذتها على مناطق لبنانية بعد إطلاق صواريخ من الجنوب اللبناني باتجاه المستوطنات الإسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

«الشرق الأوسط» تنشر النص الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان

دخان يتصاعد من قصف بيروت (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد من قصف بيروت (أ.ف.ب)
TT

«الشرق الأوسط» تنشر النص الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان

دخان يتصاعد من قصف بيروت (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد من قصف بيروت (أ.ف.ب)

حصلت «الشرق الأوسط» على النص الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان الذي سيعرض على مجلس الوزراء الإسرائيلي بكامل هيئته في وقت لاحق من، مساء اليوم (الثلاثاء)، متضمناً 13 بنداً، هي التالية:

1- «حزب الله» وجميع الجماعات المسلحة الأخرى في الأراضي اللبنانية لن تقوم بأي عمل هجومي ضد إسرائيل.

2- إسرائيل، بدورها، لن تنفذ أي عملية عسكرية هجومية ضد أهداف في لبنان، بما في ذلك من البر والجو والبحر.

3- تعترف إسرائيل ولبنان بأهمية قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701.

4- يحتفظ الطرفان بحق الدفاع الذاتي ضمن أطر المواثيق الدولية.

5- القوات الأمنية والعسكرية الرسمية للبنان ستكون الجهة المسلحة الوحيدة المسموح لها بحمل السلاح أو استخدام القوات في جنوب لبنان.

6- كل بيع أو توريد أو إنتاج للأسلحة أو المواد المتعلقة بالأسلحة إلى لبنان سيكون تحت إشراف وسيطرة الحكومة اللبنانية.

7- سيتم تفكيك جميع المنشآت غير القانونية المعنية بإنتاج الأسلحة والمواد المتعلقة بها.

8- سيتم تفكيك جميع البنى التحتية والمواقع العسكرية، وستتم مصادرة أي أسلحة غير قانونية لا تتماشى مع هذه الالتزامات.

9- سيتم تشكيل لجنة مقبولة على إسرائيل ولبنان للإشراف والمساعدة في ضمان تنفيذ هذه الالتزامات.

10- ستقوم إسرائيل ولبنان بالإبلاغ عن أي انتهاك محتمل لهذه الالتزامات إلى اللجنة وقوة «اليونيفيل» (القوة المؤقتة للأمم المتحدة في لبنان).

11- ستنشر لبنان قواتها الأمنية الرسمية وقوات الجيش على طول جميع الحدود، ونقاط العبور، والخط الذي يحدد المنطقة الجنوبية وفقاً لخطة الانتشار.

12- ستقوم إسرائيل بسحب قواتها تدريجياً من الجنوب باتجاه الخط الأزرق خلال فترة تصل إلى 60 يوماً.

13- ستدفع الولايات المتحدة لمفاوضات غير مباشرة بين إسرائيل ولبنان من أجل التوصل إلى اتفاق على ترسيم الحدود البرية.