إجراءات أمنية مشددة في طهران تحسباً لتوسع الاحتجاجات

250 قتيلاً واعتقال 13 ألفاً وسط تجدد صدامات الجامعات... ورئيسي تحدث عن رسائل تحذيرية لواشنطن

طلاب يرددون شعارات في جامعة بهشتي الثلاثاء (تويتر)
طلاب يرددون شعارات في جامعة بهشتي الثلاثاء (تويتر)
TT

إجراءات أمنية مشددة في طهران تحسباً لتوسع الاحتجاجات

طلاب يرددون شعارات في جامعة بهشتي الثلاثاء (تويتر)
طلاب يرددون شعارات في جامعة بهشتي الثلاثاء (تويتر)

شددت السلطات الإيرانية إجراءاتها الأمنية، وسط دعوات للتجمهر بمناسبة مضي 40 يوماً على اندلاع الاحتجاجات. وفيما شهدت بعض مناطق طهران احتجاجات، الثلاثاء، تجاهل طلاب الجامعات ولليوم الثاني على التوالي، دعوات التهدئة الحكومية، ونظموا تجمعات جديدة، الثلاثاء، في منتصف الأسبوع السادس على اندلاع أحدث موجة احتجاجات عامة. وقال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إن طهران وجهت تحذيرات إلى واشنطن.
وتجددت دعوات التجمهر بمناسبة مرور 40 يوماً على وفاة الشابة الكردية مهسا أميني أثناء احتجازها لدى شرطة الأخلاق. وحض ناشطون عبر شبكات التواصل الاجتماعي على الإضراب عن العمل والمشاركة في احتجاجات الشوارع. وقالوا في مناشدتهم لعموم الإيرانيين: «هذا ليس وقت الحداد، ولكن وقت الغضب».
https://twitter.com/aawsat_News/status/1585316576768643072
وتفقد قائد القوات الخاصة في الشرطة الإيرانية العميد حسين كرمي قواته المتمركزة في شوارع وميادين طهران، حسب مقطع فيديو نشرته وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري».
وذكرت الوكالة أن كرمي «اطلع على آخر الأوضاع الميدانية»، وأضاف: «هؤلاء الضباط الذين يقفون في الشوارع والممرات والساحات هذه الأيام لمنع مثيري الشغب القلائل من القيام بمخططات وعمليات تركيبية بهدف زعزعة النظام والأمن في البلاد».
ورغم حملة قمع تشنها القوات الأمنية، نزلت شابات وشبان مجدداً في مسيرات مناهضة للنظام في وسط العاصمة طهران، كما ظهر في تسجيلات فيديو نشرت على الإنترنت الثلاثاء. وتظهر شابات وهن يصعدن سلالم كهربائية في محطات مترو في طهران ويهتفن «الموت للديكتاتور»، و«الموت للحرس الثوري»، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية. ويسمع من التسجيلات هتاف «الموت لخامنئي».
- توتر في الجامعات
ووقعت صدامات في جامعة «تربيت مدرس» بين الطلاب وأمن الجامعة، على وقع شعارات حادة مناهضة للنظام. وردد طلاب جامعة بهشتي في شمال طهران شعارات ضد قوانين الفصل بين الجنسين. رددت طالبات جامعة الزهراء في طهران شعار «خافوا... خافوا... كلنا مع بعض»، وشعار «نحن لا نريد متفرجين التحقوا بنا».

طلاب في جامعة بابُل بمحافظة مازنداران الثلاثاء (تويتر)

وجلس بعض أساتذة جامعة شريف وسط الطلاب لتناول وجبة الغداء في باحة الجامعة، في ثاني أيام إغلاق قاعات الطعام أمام الطلاب بسبب رفضهم قوانين فصل الجنسين في الصالات العامة. وخطف معلق مباريات كرة القدم البارز عادل فردوسي بور، والممنوع من دخول التلفزيون الرسمي منذ أكثر من عامين، الأضواء عندما جلس بين طلابه في جامعة شريف لتناول الغداء.
وتوجه المتحدث باسم الحكومة علي بهادري جهرمي إلى قم، غداة منعه من إنهاء كلمته في جامعة خواجه نصير في طهران. وردد طلبة جامعة قم شعار «لا نريد ضيفاً قاتلاً... لا نريد نظاماً فاسداً»، بحسب فيديو نشره حساب «1500 تصوير» على «تويتر». وفي جامعة آزاد (الحرة) فرع جنوب طهران، ردد الطلاب شعار «لا نريد... لا نريد الجمهورية الإسلامية». أما في جامعة أصفهان فقال طلاب في شعاراتهم الغاضبة: «أربعون مهسا أميني... انحنى ظهر النظام». وأظهرت تسجيلات فيديو نشرتها اللجنة التنسيقية للنقابات الطلابية، تجمعات في جامعة «علم وصنعت» وعلامة وخوارزمي وجامعة آزاد فرع شمال طهران وفي جامعة شيراز في كلية الطب بجامعة مشهد، وجارتها سبزوار. بالإضافة إلى جامعات بابُل ويزد وكرمان وسنندج، وجامعة «جندي سابور» في الأحواز. وأسقط طلاب جامعة كرمان لافتة تحمل صورة المرشد الإيراني علي خامئني.
وبحسب قائمة شعارات نشرتها اللجنة التنسيقية للنقابات الطلابية، ردد الطلاب أكثر من 20 شعاراً في تجمعات الثلاثاء، وكان لافتاً إصرار الطلاب على شعارات تطالب بإطلاق سراح زملائهم المعتقلين.
في غضون ذلك، نشرت نقابة الطلبة في جامعة طهران بياناً تدين فيه إجراءات رجال أمن الجامعة، معتبرين خضوع الطلاب لتفتيش جسدي وفحص أجهزة الجوال، في تباين مع «مبدأ عدم التجسس وانتهاكاً للخصوصية».
جاءت احتجاجات الثلاثاء غداة اتهامات لقوات الأمن بضرب تلميذات وسط حملة أمنية على الاحتجاجات التي أشعلتها وفاة الشابة مهسا أميني.

عادل فردوسي مع طلابه في جامعة شريف الثلاثاء (تويتر)

ويظهر عناصر من قوات الأمن وهم يطلقون الغاز المسيل للدموع بعد تجمعهم أمام مدرسة «صدر» المهنية للبنات في طهران الاثنين، بحسب التسجيلات التي تشاركها نشطاء على منصات التواصل الاجتماعي.
وتبرز الشابات والتلميذات في واجهة الاحتجاجات. وقالت قناة «1500 تصوير» إن «طالبات من ثانوية الصدر في طهران هوجمن وجردن من ملابسهن لتفتيشهن وضربن».
ونقلت تلميذة واحدة على الأقل، هي سنا سليماني البالغة 16 عاماً إلى المستشفى بحسب «1500 تصوير» التي ترصد انتهاكات قوات الأمن الإيرانية. وأضافت: «احتج الأهالي فيما بعد أمام المدرسة. هاجمت القوات الأمنية الحي وأطلقت الأعيرة على منازل أشخاص»، طبقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
- 250 قتيلاً
ذكرت «وكالة ناشطي حقوق الإنسان» في إيران أن عدد قتلى الاحتجاجات التي اندلعت بعد وفاة مهسا أميني ارتفع إلى 252 محتجاً. وسقط من قوات الأمن 28 شخصاً. وأشارت الوكالة إلى سقوط 35 طفلاً خلال حملة القمع التي أطلقتها السلطات في مسعى للحد من الحراك الاحتجاجي. وقالت إنها تأكدت من هوية 1002 معتقل، لكنها لفتت إلى تقديرات عن 13309 معتقلين في المسيرات المناهضة للنظام.
وذكرت «هرانا» أن 214 طالباً بين المعتقلين، مشيرة إلى رصد 552 تجمعاً في 115 مدينة و98 مدينة في أنحاء البلاد حتى ثالث أيام الأسبوع السادس من الاحتجاجات.
بدورها، ذكرت منظمة حقوق الإنسان في إيران، ومقرها النرويج، أن عدد القتلى وصل إلى 234 شخصاً، ومن بينهم 29 طفلاً. وجاء في بيان المنظمة أن السلطات ترفض تسليم جثث الموتى حتى تحصل على تعهد من أهالي القتلى بالتزام الصمت أو تأكيد شهادات الوفاة المزورة المنسوبة إلى الطب الشرعي. وقالت أيضاً: «في بعض الحالات يجري دفن الجثة دون علم الأهالي وفي مكان بعيد عن محل إقامتهم».
وبحسب المنظمة، فإن محافظة بلوشستان سجلت أكبر عدد من الضحايا بواقع 93 قتيلاً وتليها محافظة مازنداران الشمالية بـ28 قتيلاً، وطهران بـ23.
وفي محافظة بلوشستان، أعلن «الحرس الثوري» الإيراني أمس، مقتل اثنين من قواته بنيران مسلحين مجهولين في زاهدان أحدهما برتبة عقيد.
ونقلت وكالة «أرنا» الرسمية عن قائد حرس الحدود الإيراني في محافظة كردستان غرب البلاد، أن أحد المجندين توفي بعد إصابته بجروح بالغة خلال مواجهات مع مسلحين.
قال المتحدث باسم القضاء الإيراني مسعود ستايشي، خلال مؤتمر صحافي، إن السلطات بدأت محاكمة الموقوفين خلال الاحتجاجات الأخيرة في أربع محافظات هي: طهران وألبرز وأصفهان وكردستان.
ونقلت وكالات رسمية عن ستايشي قوله إن «من ارتكبوا جرائم قتل وانتهاك حقوق الناس يجب أن يعلموا أن مواجهة القضاء ستكون عبرة ورادعة لهم»، مشدداً على أنهم «سينالون عقاباً شديداً».
ورداً على أسئلة تتعلق بتوقيف أجانب في الاحتجاجات، قال ستايشي إن المواطنين الفرنسيين «يواجهون تهمة التجمهر والتآمر ضد الأمن الإيراني والتجسس». وقال: «سلسلة المعلومات والتحقيقات على وشك الانتهاء».
بدوره، قال رئيس القضاء في محافظة كردستان، حسين حسيني لوكالة «تسنيم» إن التحقيقات بشأن 110 من الموقوفين في الاحتجاجات «انتهت»، لافتاً إلى توجيه لائحة اتهامات ضدهم ونقل ملفاتهم إلى المحكمة.
وأوضح المسؤول القضائي أن الموقوفين يواجهون تهم «الإخلال بالنظام العام» و«التجمهر والتآمر ضد أمن البلاد»، و«النشاط الدعائي ضد النظام» و«تحريب وحرق الأموال العامة» و«مهاجمة قوات الأمن»، وأشار إلى إمكانية طرح اتهامات مثل «المحاربة» و«العمل ضد الأمن عبر الانتماء لجماعات معادية»، وهي اتهامات تصل عقوبتها للإعدام.
- الموساد وشبكات التواصل
سياسياً، قال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، إنه وجّه عدة رسائل عبر رؤساء بعض الدول إلى المسؤولين الأميركيين فيما يتعلق بالاحتجاجات. وأوضح رئيسي في كلمة ألقاها أمام «الجمعية العامة لوكالات أنباء آسيا والمحيط الهادي»، أنه قال في الرسائل إن «المسؤولين الأميركيين ارتكبوا خطأ في الحسابات».
وقال رئيسي: «ارتكب الأميركيون عدة مرات خطأ في اتخاذ القرارات وأخطاؤهم تسببت في خسارات كثيرة»، وأضاف: «انطباعاتهم خاطئة والبعض يظلهم ويعلنون عن مواقف مكلفة».
وقال الرئيس السابق لجهاز استخبارات «الحرس الثوري» حسين طائب، إن «أحدث مثل وفاة مهسا أميني مخطط لها»، وادعى أن «التخطيط كان على عاتق جهاز الموساد». وأضاف: «حاول الأميركيون إثارة الاضطرابات في انتخابات الرئاسة 2013، عبر اغتيال أحد الأشخاص الذين يحملون جنسية مزدوجة ويلقون بالمسؤولية على عاتق الحكومة»، وأضاف: «أحبطنا تلك العملية واعتقلنا المتورطين»، حسبما نقلت وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري».
من جهتها، نقلت صحيفة «إيران» الحكومية عن طائب قوله: «كانت خطة الإسرائيليين لإثارة الاضطرابات في إيران البدء بقضيتي الحجاب والقضايا المعيشية منذ أكتوبر (تشرين الأول)». وأضاف: «حددوا وحدات من اليساريين في الجامعات لمتابعة قضايا الحجاب وتيارات الفتنة لمتابعة القضايا المعيشية، على أن يبدأوا من الجامعات وتنتقل إلى المعلمين، ومن ثم إلى الفئات الأخرى»، كما اتهم إسرائيل بالتخطيط لتحويل الاحتجاجات من قضية «فئات» إلى قضايا «عرقية» و«طائفية».
ومن جانبه، ألقى رئيس منظمة «الدفاع السلبي» الإيراني، غلام رضا جلالي باللوم على شبكات التواصل الاجتماعي. واعتبرها مسؤولة عن اندلاع الاحتجاجات والإضرابات التي شهدتها إيران.
وقال جلالي: «من فرشوا السجادة الحمراء أمام واتساب وتليغرام وإنستغرام مسؤولون عن تهديد الأمن الاقتصادي والقضايا الاجتماعية». وبدورها، طالبت صحيفة «جوان» الناطقة باسم «الحرس الثوري» بـ«إرسال فاتورة الخسائر الأخيرة إلى إنستغرام وتويتر»، وقالت إنها «تشجع على إثارة الشغب من صناعة المولوتوف إلى التحريض على أعمال إرهابية»، علماً بأن السلطات الإيرانية تحجب «تويتر» منذ احتجاجات الخضراء في 2009.


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية إيران تحتجز ناقلة نفط ثانية

إيران تحتجز ناقلة نفط ثانية

احتجز «الحرس الثوري» الإيراني، أمس، ناقلة نقط في مضيق هرمز في ثاني حادث من نوعه في غضون أسبوع، في أحدث فصول التصعيد من عمليات الاحتجاز أو الهجمات على سفن تجارية في مياه الخليج، منذ عام 2019. وقال الأسطول الخامس الأميركي إنَّ زوارق تابعة لـ«الحرس الثوري» اقتادت ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما إلى ميناء بندر عباس بعد احتجازها، في مضيق هرمز فجر أمس، حين كانت متَّجهة من دبي إلى ميناء الفجيرة الإماراتي قبالة خليج عُمان. وفي أول رد فعل إيراني، قالت وكالة «ميزان» للأنباء التابعة للسلطة القضائية إنَّ المدعي العام في طهران أعلن أنَّ «احتجاز ناقلة النفط كان بأمر قضائي عقب شكوى من مدعٍ». وجاءت الو

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

نددت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس التابع للبحرية الأميركية وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم الخارجية الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

قالت منظمات غير حكومية إن فرنسا احتجزت العديد من الإيرانيين في مراكز اعتقال في الأسابيع الأخيرة، معتبرة ذلك إشارة إلى أنّ الحكومة «تصر على رغبتها في ترحيلهم إلى إيران» رغم نفي وزير الداخلية جيرالد دارمانان. وكتبت منظمات العفو الدولية، و«لا سيماد»، و«إيرانيان جاستس كوليكتيف» في بيان الأربعاء: «تواصل الحكومة إبلاغ قرارات الترحيل إلى إيران مهددة حياة هؤلاء الأشخاص وكذلك حياة عائلاتهم». واعتبرت المنظمات أن «فرنسا تصرّ على رغبتها في الترحيل إلى إيران»، حيث تشن السلطات قمعاً دامياً يستهدف حركة الاحتجاج التي اندلعت إثر وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني في سبتمبر (أيلول)، أثناء احتجازها لدى شرط

«الشرق الأوسط» (باريس)

عشرات القتلى في تصعيد إسرائيلي شمال غزة

TT

عشرات القتلى في تصعيد إسرائيلي شمال غزة

فلسطينية تنتحب أمام جثث ضحايا غارة إسرائيلية يوم الأحد في دير البلح وسط غزة (أ.ف.ب)
فلسطينية تنتحب أمام جثث ضحايا غارة إسرائيلية يوم الأحد في دير البلح وسط غزة (أ.ف.ب)

كثفت إسرائيل عملياتها العسكرية في شمال قطاع غزة في مسعى لإفراغه من سكانه، ورفعت من وتيرة القصف، الأحد؛ ما أسفر عن سقوط عشرات القتلى أغلبهم في الشمال.

وأعلن تلفزيون فلسطين، في الساعات الأولى من صباح اليوم (الاثنين)، مقتل 3 أشخاص في قصف إسرائيلي على خيام نازحين في مواصي خان يونس بجنوب قطاع غزة، وذلك بعد أن أعلن ارتفاع عدد ضحايا القصف الإسرائيلي على مناطق متفرقة من قطاع غزة إلى 111 قتيلاً منذ فجر الأحد، منهم قرابة 70 قتيلاً في شمال غزة.

واستهدف القصف إسرائيلي مباني في بيت لاهيا، والنصيرات، والبريج. وقال المكتب الإعلامي لوزارة الصحة في غزة، إن الجيش الإسرائيلي «كان يعلم أن هذه المنازل والعمارات السكنية بها العشرات من المدنيين النازحين، وأن غالبيتهم من الأطفال والنساء الذين شردهم من أحيائهم المدنية السكنية، ولاحقتهم الطائرات بأطنان من الصواريخ».

واتهم الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، إسرائيل بارتكاب «مجازر إبادة جماعية في غزة، مترجمة بذلك الدعم الأميركي العسكري والمالي والسياسي المتواصل لها».

فلسطينية تصرخ حزناً على ضحايا الغارات الإسرائيلية في دير البلح وسط غزة (أ.ف.ب)

وقال أبو ردينة: «إسرائيل ترتكب مجازر إبادة جماعية يذهب ضحيتها العشرات من الأطفال والنساء، كما حدث في بيت لاهيا، وغيرها من مدن قطاع غزة، إضافة إلى مواصلة الاعتداءات على مدن وقرى ومخيمات الضفة الغربية، وإرهاب المستعمرين».

وأضاف: «نُحمّل الإدارة الأميركية المسؤولية الكاملة عن استمرار هذا العدوان الدموي، جراء إعطائها سلطات الاحتلال الإسرائيلي الغطاء السياسي للإفلات من العقاب، وتحدي قرارات الشرعية الدولية، وآخرها قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الخاص بتطبيق فتوى محكمة لاهاي، بوقف العدوان وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي».

وطالب أبو ردينة الإدارة الأميركية بـ«إجبار سلطات الاحتلال على وقف عدوانها، وجرائم الإبادة الجماعية التي تنفذها ضد الشعب الفلسطيني، والخضوع لقرارات الشرعية الدولية، وأبرزها القرار (2735) الداعي لوقف إطلاق النار بشكل فوري، وإدخال المساعدات لقطاع غزة بشكل كامل، وإلا فإن دوامة العنف وعدم الاستقرار ستزداد، ما يهدد بحرق المنطقة بأكملها، ولن ينعم أحد بالأمن والاستقرار».

وفي السياق، أعربت وزارة الخارجية السعودية عن إدانة واستنكار السعودية بأشد العبارات مواصلة قوات الاحتلال الإسرائيلية استهدافها الممنهج لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، ومنشآتها، والعاملين فيها، وآخرها قصف مدرسة «أبو عاصي» في قطاع غزة.

وكان 10 فلسطينيين قد قتلوا وأصيب ما لا يقل عن 20 آخرين في غارة إسرائيلية استهدفت مدرسة «أبو عاصي» التي تؤوي عائلات نازحة في مخيم الشاطئ للاجئين، غرب مدينة غزة، السبت الماضي.

فلسطينية تودع قتلى غارة إسرائيلية في مستشفى شهداء الأقصى وسط غزة (أ.ف.ب)

وجددت السعودية «الرفض القاطع لمواصلة الاحتلال الإسرائيلي استهداف المدنيين والوكالات الإغاثية والإنسانية وسط صمت المجتمع الدولي»، مطالبةً المجتمع الدولي بالاضطلاع بمسؤولياته تجاه الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة التي تزيد حجم المعاناة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، وتقوض فرص تحقيق السلام في المنطقة.

وبحسب المكتب الإعلامي في غزة فقد ارتكب الجيش الإسرائيلي «4 مجازر وحشية في بيت لاهيا استشهد على أثرها أكثر 72 شهيداً، ومجزرتين في مخيمي النصيرات والبريج بقصف منازل مدنية استشهد على أثرهما 24 شهيداً».

ومع قتل إسرائيل المزيد من الفلسطينيين في القطاع، الأحد، ارتفعت حصيلة العدوان في يومه الـ408، بحسب وزارة الصحة إلى «43846 شهيداً، و103740 مصاباً منذ بداية العدوان في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

وتنفذ إسرائيل عملية في شمال قطاع غزة منذ الخامس من الشهر الماضي، تستهدف إخلاء مناطق واسعة تحت النار الكثيفة، ما أثار المخاوف في العالم حول تنفيذ إسرائيل «خطة الجنرالات» هناك.

وتنص «خطة الجنرالات» التي أعدت من قِبَل جنرالات سابقين في الجيش الإسرائيلي، قادهم رئيس مجلس الأمن القومي سابقاً في إسرائيل، غيورا آيلاند، على ضرورة القضاء بشكل كامل على أي وجود لحركة «حماس» في شمال القطاع، من خلال إفراغ سكانه تماماً، وتحويل المنطقة إلى منطقة عسكرية مغلقة، ومنع دخول المساعدات الإنسانية إليها، واعتبار كل من يتبقى بداخلها «إرهابياً»، والعمل على تصفيته.

وتستخدم إسرائيل في شمال القطاع سلاحي «القتل والجوع»، وفق ما حذرت مؤسسات دولية؛ ما حول الحياة هناك إلى جحيم.

فلسطينيون ينزحون من شمال غزة يوم 12 نوفمبر وسط تصاعد الهجمات الإسرائيلية (د.ب.أ)

وقال مدير الصحة في قطاع غزة، منير البرش، إن جيش الاحتلال يتعمد قصف المدنيين في أوقات متأخرة من الليل بحيث لا يستطيع أحد إنقاذهم، ويمنع دخول المساعدات، كما منع، السبت، دخول قافلة إنسانية للأمم المتحدة كانت تحمل أدوية لمستشفى كمال عدوان.

في غضون ذلك، نفذت «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» هجمات جديدة ضد الجيش الإسرائيلي، وأعلنت استهدافها دبابات وجرافات شرقي مخيم البريج وسط قطاع غزة، و«قنص» جندي إسرائيلي وإصابته إصابة مباشرة في منطقة الخزندار شمال غربي مدينة غزة.

وأكد الجيش الإسرائيلي، الأحد، سقوط مساعد احتياط من لواء كفير في معركة بشمال قطاع غزة، ليرتفع بذلك عدد القتلى المعلن من الجيش الإسرائيلي منذ بدء الحرب إلى 796 قتيلاً.