آلاف السودانيين يتظاهرون في ذكرى «إطاحة الحكومة المدنية»

مقتل متظاهر... والسلطات تعطل خدمة الإنترنت وتغلق الجسور لحماية القصر الرئاسي

متظاهرون في أحد شوارع الخرطوم لإحياء الذكرى الأولى للإطاحة بالحكومة المدنية (رويترز)
متظاهرون في أحد شوارع الخرطوم لإحياء الذكرى الأولى للإطاحة بالحكومة المدنية (رويترز)
TT

آلاف السودانيين يتظاهرون في ذكرى «إطاحة الحكومة المدنية»

متظاهرون في أحد شوارع الخرطوم لإحياء الذكرى الأولى للإطاحة بالحكومة المدنية (رويترز)
متظاهرون في أحد شوارع الخرطوم لإحياء الذكرى الأولى للإطاحة بالحكومة المدنية (رويترز)

أحيا عشرات الآلاف من السودانيين أمس، الذكرى الأولى لإطاحة حكومة رئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك، وتولي الجيش السلطة، في مواكب هادرة خرجت إلى الشوارع في العاصمة الخرطوم ومدنها الثلاث، إضافة إلى أكثر من مدينة أخرى في مختلف أنحاء البلاد.
ورفع المتظاهرون شعارات تطالب بعودة الحكم المدني، في الوقت الذي قطعت فيه السلطات شبكة الإنترنت، وأغلقت الجسور في وجههم. وأمام القصر الجمهوري أطلقت الشرطة السودانية الغاز المدمع والرصاص المطاطي وقنابل الصوت، لتفريق المتظاهرين، المدفوعين نحوه.
وفي مدينة أم درمان، لقي أحد المحتجين حتفه، بالرصاص، حسب بيان للجنة أطباء السودان المستقلة، لكن الشرطة قالت في بيان، إن جهات لم تحددها، هي وراء إشعال العنف الدموي، وطالبت منظمي المظاهرات بكشف هذه الجهات.
وتظاهر الآلاف في الخرطوم، والخرطوم بحري، وأم درمان، في حين تناقل النشطاء أنباء عن خروج مظاهرات في أكثر من 30 مدينة من مدن البلاد. ولم يكن ممكناً التحقق من أعداد المتظاهرين بسبب قطع خدمة الإنترنت وسوء خدمة الاتصالات الهاتفية، كما لم يتسنّ التأكد من حجم المظاهرات خارج الخرطوم للأسباب نفسها.
ووصف شهود عيان وصحافيون مظاهرات أمس بأنها الأضخم منذ بداية العام 2022، وقدّروا أعداد المشاركين فيها بمئات الآلاف في كل أنحاء البلاد.
وردد المحتجون هتافات مناوئة لسيطرة العسكريين على الحكم في البلاد، ونادوا بتحقيق شعارات الثورة في الحرية والسلام والعدالة.
وكانت السلطات الأمنية قد استبقت الاحتجاجات وأعلنت تعطيل العمل وإغلاق المدارس، وأغلقت الجسور مستخدمة الحاويات المعدنية المملوءة بالرمل، وسدت الطرق الرئيسية المؤدية إلى مركز قيادة الجيش والقصر الرئاسي مستخدمة الحواجز الإسمنتية، ونشرت أعداداً كبيرة من القوات الأمنية، في حين شوهدت سيارات تحمل رجالاً بثياب مدنية يرجح أنهم تابعون لجهاز المخابرات.
ولم تكتف السلطات بإغلاق الجسور والطرق وقطع الإنترنت، بل أغلقت «شارع الجيش»، وهو الشارع الذي شهد الاعتصام الشهير الذي أسقط حكم الإسلاميين بقيادة الرئيس المعزول عمر البشير، ونصبت حواجز إسمنتية ضخمة على مداخله، واستخدمت العربات المدرعة لصد المتظاهرين ومنعهم من الاقتراب من مقر قيادة الجيش.
وتظاهر في الخرطوم وحدها عشرات الآلاف من المحتجين من الذين استجابوا لدعوات لجان المقاومة وتحالفات المعارضة للتظاهر، وحددت القيادات الميدانية «القصر الجمهوري» وسط الخرطوم هدفاً للمواكب، فواجهتهم الأجهزة الأمنية بعبوات الغاز المسيل للدموع، وأصيب جراء ذلك العشرات؛ الأمر الذي حال بينهم وبين الوصول للقصر الرئاسي، فحولوا المناطق المحيطة به إلى ساحة عراك وعمليات «كر وفر» استمرت طويلاً.
وكان مقرراً أن تتجمع المواكب في نقاط عدة، ثم تتوجه جميعاً إلى القصر الرئاسي، وأن يقوم المتظاهرون بمحاصرته، لكن إغلاق الجسور والطرق منع المتظاهرين القادمين من أم درمان والخرطوم بحري إلى الخرطوم.
واحتشد عشرات الآلاف في أم درمان، واتجهوا نحو مقر البرلمان، وهو موقع تظاهرهم المعتاد، وحاولوا عبور جسر النيل الأبيض الذي يربط أم درمان بالخرطوم، فواجهتهم أجهزة الأمن بعنف مفرط لمنعهم من الاقتراب من الجسر المغلق منذ منتصف الليل بالحاويات المعدنية المملوءة بالرمال، وأطلقت عليهم زخات من الغاز المسيل للدموع.
وتجمع محتجو الخرطوم بحري عند «محطة المؤسسة»، ثم اتجهوا جنوباً باتجاه جسر «المك نمر» الرابط بين المدينة والخرطوم عبر النيل الأزرق، فأمطرتهم الشرطة بسحابة من الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية، وخاضوا معها معارك كر وفر قبل أن يتفرقوا بنهاية اليوم.
وعادة ما تغلق السلطات جسر «المك نمر» عند أي حديث عن احتجاجات؛ ما جعله جسراً مغلقاً معظم الأيام، لأنه يمر قرب القصر الرئاسي والوزارات والمؤسسات الحكومية الرئيسية، واستخدمه المتظاهرون القادمون إلى المدينة للوصول إلى القصر الرئاسي في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكثر من مرة.
واحتشد آلاف آخرون في منطقة «شرق النيل» بالقرب من «جسر المنشية»، لعبوره إلى الخرطوم، فوجدوه هو الآخر مغلقاً بالحاويات المعدنية المملوءة رملاً، والمحروسة بأعداد كبيرة من رجال وأجهزة الأمن، التي أطلقت عليهم عبوات الغاز المسيل للدموع، واستمرت المواجهة بين الطرفين ساعات عدة.
وتواصلت الاحتجاجات طوال العام الماضي دون توقف، منذ 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021 تاريخ إطاحة قائد الجيش بالحكومة المدنية التي كان يترأسها عبد الله حمدوك، وإعلان حالة الطوارئ في البلاد، وهو ما اعتبرته المعارضة «انقلاباً عسكرياً» ضد الانتقال المدني.
وأدى العنف الذي استخدمته الأمنية إلى مقتل 118 محتجاً سلمياً، وإصابة المئات بجراح، إضافة إلى اعتقالات واسعة شملت الآلاف، تم إطلاق سراحهم بعد نهاية الاحتجاجات.


مقالات ذات صلة

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم (الخميس)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف في السودان، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضه. وأكد الأمير فيصل بن فرحان، خلال اتصال هاتفي أجراه بغوتيريش، على استمرار السعودية في مساعيها الحميدة بالعمل على إجلاء رعايا الدول التي تقدمت بطلب مساعدة بشأن ذلك. واستعرض الجانبان أوجه التعاون بين السعودية والأمم المتحدة، كما ناقشا آخر المستجدات والتطورات الدولية، والجهود الحثيثة لتعزيز الأمن والسلم الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

الجيش السوداني يعلن مقتل قائد لـ«الدعم السريع» في الفاشر

قصف مدفعي يدمر منازل بمخيم زمزم (متداولة)
قصف مدفعي يدمر منازل بمخيم زمزم (متداولة)
TT

الجيش السوداني يعلن مقتل قائد لـ«الدعم السريع» في الفاشر

قصف مدفعي يدمر منازل بمخيم زمزم (متداولة)
قصف مدفعي يدمر منازل بمخيم زمزم (متداولة)

أعلن الجيش السوداني، السبت، مقتل القائد العسكري في «قوات الدعم السريع» العميد جمعة إدريس، خلال قصف بالمدفعية الثقيلة استهدف تحركات قواته في المحور الجنوبي لمدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور (غرب البلاد).

وقالت الفرقة السادسة مشاة، التابعة للجيش السوداني بالفاشر، في بيان على موقع «فيسبوك»، إن سلاح الطيران نفّذ، الجمعة، غارات جوية دمّرت 45 مركبة قتالية بكامل عتادها العسكري وطواقمها.

ووفقاً للبيان، حشدت «ميليشيا الدعم السريع» قوات كبيرة من الولايات ومناطق أخرى للهجوم على الفاشر وتسلُّم الفرقة السادسة.

وذكر أن القوات المسلحة أسقطت 3 مسيّرات كانت تستهدف دفاعات وارتكازات في المدينة.

«قوات الدعم السريع» تقصف مخيم زمزم (متداولة)

بدورها، قالت المنسقية العامة لمعسكرات النازحين واللاجئين (كيان مدني)، في بيان: «إن (قوات الدعم السريع) قصفت بالمدفعية الثقيلة خلال الأيام الماضية مخيمي زمزم وأبوشوك، ما أدى إلى وقوع قتلى وجرحى غالبيتهم من النساء والأطفال والعجزة من الجنسين».

ودعا المتحدث باسم المنسقية، آدم رجال، الأطراف المتحاربة إلى الابتعاد عن استهداف مناطق النازحين، وعدم استخدام المدنيين العزّل «دروعاً بشرية» لتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية.

وطالب رجال «قوات الدعم السريع» بوقف القصف المدفعي العشوائي، والقصف الجوي من قبل الجيش السوداني، وقال: «ينبغي أن يتم وقف الحرب بشكل فوري وعاجل من خلال وقف إطلاق النار وإنهاء العدائيات مباشرة لإنقاذ حياة النازحين من الأطفال والنساء».

ودعا المتحدث باسم النازحين، آدم رجال، المجتمع الدولي إلى ممارسة المزيد من الضغوط على الأطراف المتصارعة للالتزام بالقوانين الدولية، لوضع حد للقصف العشوائي بالمدافع الثقيلة والبراميل المتفجرة في الأماكن المأهولة بالمدنيين. وقال: «لا يوجد ما يبرر هذه الأعمال الإجرامية، لقد حان الوقت لإنقاذ ما تبقى من أرواح بريئة، فالكارثة لم تعد تحتمل المزيد من التأجيل».

بقايا مقذوف مدفعي استهدف معسكر زمزم للنازحين (متداولة)

وخلال الأسبوع الماضي أفادت تقارير حكومية رسمية بمقتل أكثر من 57 مدنياً وإصابة 376 في الهجمات على الفاشر ومعسكر زمزم.

وتُعد الفاشر من أكثر خطوط المواجهة اشتعالاً بين «قوات الدعم السريع» والجيش السوداني وحلفائه الذين يقاتلون للحفاظ على موطئ قدم أخير في منطقة دارفور.

وتسيطر الدعم السريع على 4 من أصل 5 ولايات في إقليم دارفور، هي: جنوب وشرق ووسط وغرب دارفور بعد أن تمكّنت من إبعاد القوات المسلحة السودانية، فيما تقود معارك ضارية للسيطرة على مدينة الفاشر.

وفي الخرطوم بحري تجددت المعارك العنيفة، فجر السبت، بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في عدة محاور بالمدينة.

وقال سكان لـ«الشرق الأوسط» إنهم سمعوا دوي انفجارات قوية هزت أرجاء المدينة.

ووفقاً لمصادر ميدانية، تدور الاشتباكات على بعد كيلومترات من ضاحية العزبة، بعد تقدم الجيش السوداني وسيطرته على أغلب أحياء منطقة السامراب بمدينة بحري.

وأعلنت غرفة طوارئ جنوب الحزام بولاية الخرطوم عن أن 4 أشخاص قتلوا وأصيب أكثر من 30 آخرين، الجمعة، جراء قصف جوي بالطيران التابع للجيش السوداني على منطقة الشاحنات.

وعلى الرغم من تقدم الجيش السوداني عسكرياً خلال الأشهر الماضية في مدينة بحري، لا تزال «قوات الدعم السريع» على معظم أنحاء العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة في وسط البلاد، ومناطق شاسعة في إقليم دارفور، إضافة إلى جزء كبير من كردفان إلى الجنوب.

اندلعت الحرب بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» منذ أكثر من 18 شهراً، وأدت إلى مقتل أكثر من 188 ألف شخص، وفرار أكثر من 10 ملايين شخص من منازلهم.