سوناك رئيساً لوزراء بريطانيا: لا بد من قرارات صعبة

ترحيب أوروبي وأميركي ولا تغيير بالنسبة لموسكو... والهنود فرحون بـ«تحول الأقدار»

سوناك رئيساً لوزراء بريطانيا: لا بد من قرارات صعبة
TT

سوناك رئيساً لوزراء بريطانيا: لا بد من قرارات صعبة

سوناك رئيساً لوزراء بريطانيا: لا بد من قرارات صعبة

بعد تعيينه رسمياً رئيساً للحكومة من قبل الملك تشارلز الثالث، أمس الثلاثاء، حذر ريشي سوناك، من «قرارات صعبة» ستُتخذ، لكنه أصر على توجيه رسالة «أمل» للبلاد التي تواجه أزمة اقتصادية واجتماعية خانقة، متعهداً بمحاولة معالجة الفوضى التي تركتها ليز تراس، التي اضطرت للاستقالة بعد عاصفة مالية أثارها برنامجها الاقتصادي.
وبات سوناك، المصرفي ووزير المالية السابق، أول رئيس وزراء بريطاني من أصل هندي ويعتنق الديانة الهندوسية والأول من مستعمرة بريطانية سابقة. وهو أيضاً أصغر رئيس حكومة (42 عاماً) في التاريخ المعاصر للمملكة المتحدة، بعد صعود سريع في السياسة.
سوناك الذي باشر فوراً بتشكيل الحكومة، حيث يتوقع أن يحافظ جيريمي هانت على منصب وزير المالية، قال في أول تصريح له أمام بوابة «10 داونينغ ستريت»، «سوف أوحد بلادنا ليس بالكلام، بل بالأفعال»، واعداً بإصلاح «الأخطاء» التي ارتُكبت في عهد ليز تراس.
وأوضح في خطابه أنه «لا يخشى» من حجم المهمة، مضيفاً: «سنخلق مستقبلاً يستحق التضحيات التي قدمها الكثيرون وسيضج غداً، وكل يوم، بالأمل».
وقال: «سأضع الاستقرار الاقتصادي والثقة الاقتصاديين في قلب برنامج هذه الحكومة. وهذا يعني أن هناك قرارات صعبة يجب أن تُتخذ».
كما قال إنه «يدرك» العمل الذي يتعين القيام به من أجل «إعادة الثقة»، في إشارة إلى الفضائح أثناء عهد بوريس جونسون الذي أعرب له عن «امتنانه». وأرسل له الأخير «تهانيه» في «هذا اليوم التاريخي». وجدد سوناك تأكيد دعم بريطانيا لأوكرانيا في «الحرب الرهيبة» التي تشنها موسكو، والتي يجب أن «تنتهي بفوز» كييف.

الحكومة والتحديات
بدأ سوناك بإعادة تشكيل حكومته بعد استقالة العديد من وزراء ليز تراس أو إقالتهم. وذكرت «بي بي سي» أن جيرمي هانت حافظ على منصب وزير المالية في الحكومة الجديدة. وهو كان تولى هذا المنصب بعد اضطرار تراس إلى إقالة وزير المالية كواسي كوارتنغ على خلفية «الموازنة المصغرة» التي أثارت اعتراضات شديدة وأدت إلى تدهور الأسواق.
ويتوقع أن يطرح هانت الذي قام منذ تعيينه بإلغاء جميع التخفيضات الضريبية التي أعلنتها حكومة ليز تراس، إجراءات جديدة بشأن الموازنة في 31 أكتوبر (تشرين الأول).
وتم تعيين النائب البريطاني دومينيك راب نائباً لرئيس الوزراء ووزيراً للعدل بعدما استقال براندون لويس من منصبه وزيراً للعدل، ما يعني أن راب عاد إلى المنصب الذي شغله خلال ولاية جونسون.
وراب هو مؤيد قوي للخروج من الاتحاد الأوروبي، وكان وزيراً لـ«بريكست» في يوليو (تموز) 2018، واستقال بعد أشهر فقط في معارضة صفقة تيريزا ماي بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وأعيد تعيين سويلا برافرمان وزيرة للداخلية، بعد أقل من أسبوع من استقالتها من المنصب نفسه في حكومة ليز تراس.
وتم تعيين غرانت شابس في منصب وزير الأعمال الجديد، ليحل محل جاكوب ريس موغ الذي استقال من منصبه، والذي هو أحد أكثر مؤيدي بوريس جونسون ولاءً.
وسيقود سوناك بلداً يواجه أزمة اقتصادية واجتماعية خطيرة. فقد تخطى التضخم معدل الـ10 في المائة، وهو الأعلى بين دول مجموعة السبع. ويأتي ذلك فيما لا تزال أسعار الطاقة آخذة في الارتفاع وكذلك أسعار المواد الغذائية، وفي وقت تحوم فيه مخاطر الركود.
كذلك، يصل سوناك إلى السلطة خلال مرحلة غير مسبوقة من عدم الاستقرار. وهو خامس رئيس للحكومة البريطانية منذ عام 2016 عندما اختارت البلاد الخروج من الاتحاد الأوروبي.
وسيترأس سوناك حزب المحافظين الذي يشهد انقسامات عميقة بعد 12 عاماً على وجوده في السلطة.

ردود فعل
وصف الرئيس الأميركي جو بايدن، اختيار سوناك أول رئيس وزراء غير أبيض لبريطانيا، بأنه إنجاز «رائد». وقال خلال احتفال في البيت الأبيض بمناسبة حلول عيد ديوالي الهندي وقبل تعيين الملك تشارلز الثالث سوناك، إن تولي الأخير «أمر مذهل للغاية، وإنجاز رائد، وله أهميته».
وهنأ الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، سوناك، مؤكداً في تغريدة على حسابه على «تويتر»، أنه مستعد لـ«مواصلة تعزيز الشراكة الاستراتيجية الأوكرانية - البريطانية».
في المقابل، أعلنت روسيا أنها لا ترى سبباً لتوقع حدوث تحسن في العلاقات مع بريطانيا في عهد سوناك.
وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحافيين، «في الوقت الحالي لا نرى ما يدعو للأمل في حدوث أي تغييرات إيجابية في المستقبل المنظور».
وكتب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على «تويتر»: «سنواصل معاً العمل لمواجهة تحديات الآنية بما في ذلك الحرب على أوكرانيا وعواقبها العديدة على أوروبا والعالم».
وقالت رئيسة الوزراء الإيطالية الجديدة جورجيا ميلوني، إنها «حريصة على التعاون مع (سوناك) وحكومته بشأن التحديات المشتركة دفاعاً عن قيمنا المشتركة من أجل الحرية والديمقراطية».
وقال المستشار الألماني أولاف شولتس، إنه يتطلع لـ«مواصلة تعاوننا وشراكتنا داخل الناتو ومجموعة السبع كصديقين مقربين».
وكتب الرئيس البولندي أندريه دودا، أن «بولندا والمملكة المتحدة حليفان ثابتان ويقفان معاً ضد الغزو الروسي لأوكرانيا».
ومن إسبانيا، قال رئيس الوزراء بيدرو سانشيز، «سنواصل توطيد علاقاتنا بما يخدم مصلحة مواطنينا. التضامن والوحدة فقط سيسمحان لنا بمواجهة تحديات وعواقب الحرب في أوكرانيا».
وأعلن مسؤول العلاقات مع بريطانيا بعد «بريكست» في الاتحاد الأوروبي، ماروس سيفكوفيتش، أن «العلاقة الإيجابية بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة لها أهمية استراتيجية».
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، «في هذه الأوقات العصيبة لقارتنا، نراهن على علاقة متينة مع المملكة المتحدة للدفاع عن قيمنا المشتركة».

الهنود فخورون
وعبّر الهنود عن فخرهم بتعيين ريشي سوناك. ولم ينتظر رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، تعيين سوناك، وهنأه عبر «تويتر» الاثنين. وكتب: «مع توليك رئاسة الوزراء في المملكة المتحدة أتطلع إلى العمل معاً بشكل وثيق بشأن القضايا العالمية».
وأضاف: «تمنيات خاصة بمناسبة عيد ديوالي للشخص الذي يشكل جسراً للهنود البريطانيين، ونحول روابطنا التاريخية إلى شراكة حديثة».
وقال باسافاراج بوماي، رئيس وزراء ولاية كارناتاكا (جنوب)، إن الهنود المستعمَرين من الإمبراطورية البريطانية لم يكونوا ليتخيلوا مطلقاً «تطوراً أكثر أهمية» من هذا التعيين. وأضاف: «لقد تحولت الأقدار».
وقال كريشنا كومار، وهو موظف هندي في قطاع تكنولوجيا المعلومات لوكالة الصحافة الفرنسية في العاصمة نيودلهي، «أنا سعيد جداً». وأضاف: «بريطانيا حكمت الهند لأكثر من 300 عام، والآن سيحكم المملكة المتحدة شخص من أصل هندي».
وحظي تعيين سوناك بتغطية تلفزيونية واسعة في الهند. وقالت قناة «إن دي تي في» الإخبارية، «ابن الهند يسطع فوق الإمبراطورية... ارتد التاريخ على نفسه».


مقالات ذات صلة

شرطة لندن تقبض على «مسلّح» أمام قصر باكنغهام

العالم شرطة لندن تقبض على «مسلّح» أمام قصر باكنغهام

شرطة لندن تقبض على «مسلّح» أمام قصر باكنغهام

أعلنت شرطة لندن، الثلاثاء، توقيف رجل «يشتبه بأنه مسلّح» اقترب من سياج قصر باكينغهام وألقى أغراضا يعتقد أنها خراطيش سلاح ناري إلى داخل حديقة القصر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق شاشة لتوفير خصوصية خلال اللحظة الأهم في تتويج الملك تشارلز

شاشة لتوفير خصوصية خلال اللحظة الأهم في تتويج الملك تشارلز

قال قصر بكنغهام وصناع شاشة جديدة من المقرر استخدامها خلال مراسم تتويج الملك تشارلز الأسبوع المقبل إن الشاشة ستوفر «خصوصية مطلقة» للجزء الأكثر أهمية من المراسم، مما يضمن أن عيون العالم لن ترى الملك وهو يجري مسحه بزيت. فالشاشة ثلاثية الجوانب ستكون ساترا لتشارلز أثناء عملية المسح بالزيت المجلوب من القدس على يديه وصدره ورأسه قبل وقت قصير من تتويجه في كنيسة وستمنستر بلندن في السادس من مايو (أيار) المقبل. وقال قصر بكنغهام إن هذه اللحظة تاريخيا كان ينظر إليها على أنها «لحظة بين الملك والله» مع وجود حاجز لحماية قدسيته.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم استقالة رئيس هيئة «بي بي سي» على خلفية ترتيب قرض لجونسون

استقالة رئيس هيئة «بي بي سي» على خلفية ترتيب قرض لجونسون

قدّم رئيس هيئة «بي بي سي» ريتشارد شارب، أمس الجمعة، استقالته بعد تحقيق وجد أنه انتهك القواعد لعدم الإفصاح عن دوره في ترتيب قرض لرئيس الوزراء آنذاك بوريس جونسون. وقال شارب، «أشعر أن هذا الأمر قد يصرف التركيز عن العمل الجيد الذي تقدّمه المؤسسة إذا بقيت في المنصب حتى نهاية فترة ولايتي». تأتي استقالة شارب في وقت يتزايد التدقيق السياسي في أوضاع «بي بي سي».

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد كبير الاقتصاديين في «بنك إنجلترا»: على البريطانيين القبول بصعوباتهم المالية

كبير الاقتصاديين في «بنك إنجلترا»: على البريطانيين القبول بصعوباتهم المالية

أكد كبير الاقتصاديين في «بنك إنجلترا»، اليوم (الثلاثاء)، أنه يتعين على البريطانيين القبول بتراجع قدرتهم الشرائية في مواجهة أزمة تكاليف المعيشة التاريخية من أجل عدم تغذية التضخم. وقال هيو بيل، في «بودكاست»، إنه مع أن التضخم نجم عن الصدمات خارج المملكة المتحدة من وباء «كوفيد19» والحرب في أوكرانيا، فإن «ما يعززه أيضاً جهود يبذلها البريطانيون للحفاظ على مستوى معيشتهم، فيما تزيد الشركات أسعارها ويطالب الموظفون بزيادات في الرواتب». ووفق بيل؛ فإنه «بطريقة ما في المملكة المتحدة، يجب أن يقبل الناس بأن وضعهم ساء، والكف عن محاولة الحفاظ على قدرتهم الشرائية الحقيقية».

«الشرق الأوسط» (لندن)
«التنمر» يطيح نائب رئيس الوزراء البريطاني

«التنمر» يطيح نائب رئيس الوزراء البريطاني

قدّم نائب رئيس الوزراء البريطاني، دومينيك راب، استقالته، أمس، بعدما خلص تحقيق مستقلّ إلى أنّه تنمّر على موظفين حكوميين. وفي نكسة جديدة لرئيس الوزراء ريشي سوناك، خلص تحقيق مستقلّ إلى أنّ راب، الذي يشغل منصب وزير العدل أيضاً، تصرّف بطريقة ترقى إلى المضايقة المعنوية خلال تولّيه مناصب وزارية سابقة. ورغم نفيه المستمر لهذه الاتهامات، كتب راب في رسالة الاستقالة الموجّهة إلى سوناك: «لقد طلبتُ هذا التحقيق، وتعهدتُ الاستقالة إذا ثبتت وقائع التنمّر أياً تكن»، مؤكّداً: «أعتقد أنه من المهم احترام كلمتي». وقبِل سوناك هذه الاستقالة، معرباً في رسالة وجهها إلى وزيره السابق عن «حزنه الشديد»، ومشيداً بسنوات خدمة

«الشرق الأوسط» (لندن)

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.