ريشي سوناك ثالث رئيس للحكومة البريطانية في شهرين

وعد بـ«الاستقرار والوحدة» في مواجهة التحديات الاقتصادية العميقة

سوناك يحيّي مؤيدين عند مدخل المقر الرئيسي لحزب المحافظين في وسط لندن، أمس (أ.ف.ب)
سوناك يحيّي مؤيدين عند مدخل المقر الرئيسي لحزب المحافظين في وسط لندن، أمس (أ.ف.ب)
TT

ريشي سوناك ثالث رئيس للحكومة البريطانية في شهرين

سوناك يحيّي مؤيدين عند مدخل المقر الرئيسي لحزب المحافظين في وسط لندن، أمس (أ.ف.ب)
سوناك يحيّي مؤيدين عند مدخل المقر الرئيسي لحزب المحافظين في وسط لندن، أمس (أ.ف.ب)

سيصبح ريشي سوناك رئيس الوزراء البريطاني الجديد بعد فوزه، أمس (الاثنين)، في السباق على زعامة حزب المحافظين، ليتولى بذلك مهمة قيادة دولة منقسمة بشدة خلال تباطؤ اقتصادي من المتوقع أن يؤدي إلى تفاقم فقر الملايين.
وبذلك، سيدخل سوناك، البالغ من العمر 42 عاماً، التاريخ كأول شخص غير أبيض يدير حكومة المملكة المتحدة. هذا الأخير حفيد مهاجرين من أصول هندية، ومصرفي سابق ثري، سلك الطريق المعتاد للنخبة البريطانية. ويأتي فوز النائب الذي أدى اليمين أمام البرلمان على «البهاغافاد غيتا»، وهو أحد النصوص الأساسية للهندوس، في وقت يحيي فيه الهندوس عيد الدويلي.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن المسؤول عن تنظيم الاقتراع غراهام برايدي: «يمكنني أن أؤكد أنّنا تلقّينا ترشيحاً واحداً صالحاً فقط»، مضيفاً: «هكذا انتخب ريشي سوناك زعيماً لحزب المحافظين».
وبما أنّ حزب المحافظين يملك الغالبية في مجلس العموم، يصبح سوناك رئيساً للحكومة، في مواجهة أزمة اجتماعية عميقة وفي ظلّ محاولة توحيد الأغلبية التي يعتبرها البعض غير قابلة للإدارة بعد 12 عاماً على وجودها في السلطة.

الاستقرار والوحدة
وحذّر سوناك، في خطاب هو الأول له بعد فوزه بالسباق، من أن حزب المحافظين يواجه «تهديداً وجودياً» ومستبعداً إجراء انتخابات عامة مبكرة.
وقال سوناك: «لكن ليس هناك شك في أننا نواجه تحدياً اقتصادياً عميقاً. نحن الآن بحاجة إلى الاستقرار والوحدة. وسأجعل من أولويتي القصوى التقريب بين حزبنا وبلدنا. لأن هذه هي الطريقة الوحيدة التي سنتغلب فيها على التحديات التي نواجهها، ونبني مستقبلاً أفضل وأكثر ازدهاراً لأطفالنا وأحفادنا».
وهنأت ليز تراس، سوناك عبر حسابها على «تويتر»، وكتبت له: «لديك دعمي الكامل».
وبعد عطلة نهاية أسبوع، شهدت مداولات مكثفة، أعلن سوناك ترشيحه الأحد قائلاً: «أريد إصلاح اقتصادنا وتوحيد حزبنا وتقديم المساعدة لبلدنا».
ولتمييز نفسه عن بوريس جونسون، وعد بـ«النزاهة والاحتراف والمسؤولية».
وبمجرد تسليم استقالة ليز تراس رسمياً إلى الملك تشارلز الثالث، سيكلّف الملك، ريشي سوناك بتشكيل حكومة جديدة، في إطار جدول زمني يجب توضيحه قريباً.
وستكون هذه المرة الأولى التي يقوم فيها الملك الجديد بتكليف رئيس حكومة، بعدما كان قد اعتلى العرش في 8 سبتمبر (أيلول) بعد وفاة والدته إليزابيث الثانية.
وبذلك، يصبح سوناك خامس رئيس للحكومة منذ إجراء الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في العام 2016، الذي فتح الباب أمام فصل طويل من الاضطرابات الاقتصادية والسياسية غير المسبوقة في المملكة المتحدة.
وكان سوناك خسر السباق إلى داونينغ ستريت هذا الصيف، الذي فازت فيه ليز تراس. إلّا أنّ هذه الأخيرة أعلنت استقالتها بعد 44 يوماً فقط على تسلّمها منصبها رئيسة للحكومة، على إثر تأزّم الوضع في البلاد بسبب خططها الاقتصادية.
رُفض ترشّح الوزيرة المسؤولة عن العلاقات مع البرلمان بيني موردونت، البالغة من العمر 49 عاماً، بعدما فشلت في جمع 100 صوت يسمح لها بخوض هذا السباق. واعترفت موردونت بخسارتها عبر «تويتر»، قبل وقت قليل على الإعلان الرسمي عن الأمر.
وبناء عليه، لم يعد من الواجب استشارة أعضاء حزب المحافظين، البالغ عددهم 170 ألفاً، وهي عملية كانت ستؤخّر ظهور الفائز حتى يوم الجمعة.
وكان بوريس جونسون (58 عاماً) الذي غادر السلطة في مطلع سبتمبر بعد سلسلة فضائح، عاد السبت من عطلة في الكاريبي لتأمين الأصوات المائة اللازمة لدعم ترشحيه، ونال 102. لكنه انسحب من السباق مساء الأحد.
وجونسون الواثق من نفسه على الدوام، قال لسوناك إنه على قناعة بأنه كان ليحصل «على فرصة جيدة للعودة إلى دوانينغ ستريت» لو قرر البقاء في السباق. وقد استقال جونسون في يوليو (تموز) بعد توالي الاستقالات في حكومته، وبينها استقالة سوناك. كما قال إنه «في وضع جيد» لقيادة معسكره خلال الانتخابات التشريعية المقبلة المرتقبة بعد عامين.
ويحظى بوريس جونسون على الدوام بشعبية لدى القاعدة المحافظة، لكنه يثير انقساماً داخل معسكره. وهو لا يزال موضع تحقيق برلماني لمعرفة ما إذا كان كذب على البرلمان بشأن الحفلات غير المشروعة في دوانينغ ستريت خلال فترات الإغلاق لمواجهة وباء «كوفيد 19». وتدعو المعارضة العمالية التي حسّنت مواقعها في استطلاعات الرأي إلى انتخابات مبكرة.

أزمة اقتصادية واجتماعية
ويحظى سوناك، وزير المالية السابق المؤيد للانضباط في الموازنة والعمل الكثيف، بتأييد قسم كبير من حزبه، فيما البلاد تشهد أزمة اقتصادية واجتماعية حادة، تفاقمت بسبب أخطاء ليز تراس التي زعزعت استقرار الأسواق وتسببت في انخفاض قيمة الجنيه الإسترليني.
واستمرّ الوضع في التدهور في الأشهر الأخيرة؛ حيث أصيبت الحكومة بالشلل بسبب الاضطرابات المتتالية التي أزعجت الغالبية، وتفاقمت بسبب أخطاء ليز تراس التي زعزعت استقرار الأسواق وتسببت في سقوط الجنيه. وكان سوناك قد شجب بانتظام خطة ليز تراس الاقتصادية هذا الصيف، كما يظهر كشخصية مطمئنة للأسواق البريطانية.
وكان جونسون أعلن في بيان مساء الأحد أنه حصل على الأصوات المائة اللازمة لدعم ترشيحه في هذه العملية الداخلية في حزب المحافظين، لكنه عدل عن الترشح بسبب الانقسامات في الحزب اليميني.


مقالات ذات صلة

شرطة لندن تقبض على «مسلّح» أمام قصر باكنغهام

العالم شرطة لندن تقبض على «مسلّح» أمام قصر باكنغهام

شرطة لندن تقبض على «مسلّح» أمام قصر باكنغهام

أعلنت شرطة لندن، الثلاثاء، توقيف رجل «يشتبه بأنه مسلّح» اقترب من سياج قصر باكينغهام وألقى أغراضا يعتقد أنها خراطيش سلاح ناري إلى داخل حديقة القصر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق شاشة لتوفير خصوصية خلال اللحظة الأهم في تتويج الملك تشارلز

شاشة لتوفير خصوصية خلال اللحظة الأهم في تتويج الملك تشارلز

قال قصر بكنغهام وصناع شاشة جديدة من المقرر استخدامها خلال مراسم تتويج الملك تشارلز الأسبوع المقبل إن الشاشة ستوفر «خصوصية مطلقة» للجزء الأكثر أهمية من المراسم، مما يضمن أن عيون العالم لن ترى الملك وهو يجري مسحه بزيت. فالشاشة ثلاثية الجوانب ستكون ساترا لتشارلز أثناء عملية المسح بالزيت المجلوب من القدس على يديه وصدره ورأسه قبل وقت قصير من تتويجه في كنيسة وستمنستر بلندن في السادس من مايو (أيار) المقبل. وقال قصر بكنغهام إن هذه اللحظة تاريخيا كان ينظر إليها على أنها «لحظة بين الملك والله» مع وجود حاجز لحماية قدسيته.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم استقالة رئيس هيئة «بي بي سي» على خلفية ترتيب قرض لجونسون

استقالة رئيس هيئة «بي بي سي» على خلفية ترتيب قرض لجونسون

قدّم رئيس هيئة «بي بي سي» ريتشارد شارب، أمس الجمعة، استقالته بعد تحقيق وجد أنه انتهك القواعد لعدم الإفصاح عن دوره في ترتيب قرض لرئيس الوزراء آنذاك بوريس جونسون. وقال شارب، «أشعر أن هذا الأمر قد يصرف التركيز عن العمل الجيد الذي تقدّمه المؤسسة إذا بقيت في المنصب حتى نهاية فترة ولايتي». تأتي استقالة شارب في وقت يتزايد التدقيق السياسي في أوضاع «بي بي سي».

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد كبير الاقتصاديين في «بنك إنجلترا»: على البريطانيين القبول بصعوباتهم المالية

كبير الاقتصاديين في «بنك إنجلترا»: على البريطانيين القبول بصعوباتهم المالية

أكد كبير الاقتصاديين في «بنك إنجلترا»، اليوم (الثلاثاء)، أنه يتعين على البريطانيين القبول بتراجع قدرتهم الشرائية في مواجهة أزمة تكاليف المعيشة التاريخية من أجل عدم تغذية التضخم. وقال هيو بيل، في «بودكاست»، إنه مع أن التضخم نجم عن الصدمات خارج المملكة المتحدة من وباء «كوفيد19» والحرب في أوكرانيا، فإن «ما يعززه أيضاً جهود يبذلها البريطانيون للحفاظ على مستوى معيشتهم، فيما تزيد الشركات أسعارها ويطالب الموظفون بزيادات في الرواتب». ووفق بيل؛ فإنه «بطريقة ما في المملكة المتحدة، يجب أن يقبل الناس بأن وضعهم ساء، والكف عن محاولة الحفاظ على قدرتهم الشرائية الحقيقية».

«الشرق الأوسط» (لندن)
«التنمر» يطيح نائب رئيس الوزراء البريطاني

«التنمر» يطيح نائب رئيس الوزراء البريطاني

قدّم نائب رئيس الوزراء البريطاني، دومينيك راب، استقالته، أمس، بعدما خلص تحقيق مستقلّ إلى أنّه تنمّر على موظفين حكوميين. وفي نكسة جديدة لرئيس الوزراء ريشي سوناك، خلص تحقيق مستقلّ إلى أنّ راب، الذي يشغل منصب وزير العدل أيضاً، تصرّف بطريقة ترقى إلى المضايقة المعنوية خلال تولّيه مناصب وزارية سابقة. ورغم نفيه المستمر لهذه الاتهامات، كتب راب في رسالة الاستقالة الموجّهة إلى سوناك: «لقد طلبتُ هذا التحقيق، وتعهدتُ الاستقالة إذا ثبتت وقائع التنمّر أياً تكن»، مؤكّداً: «أعتقد أنه من المهم احترام كلمتي». وقبِل سوناك هذه الاستقالة، معرباً في رسالة وجهها إلى وزيره السابق عن «حزنه الشديد»، ومشيداً بسنوات خدمة

«الشرق الأوسط» (لندن)

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.