دعوات لاحتجاجات حاشدة في ذكرى انقلاب السودان

وسط انقسام في الشارع ورفض للتسوية السياسية مع العسكريين

مظاهرة مضادة للانقلابيين في الخرطوم (أ.ب)
مظاهرة مضادة للانقلابيين في الخرطوم (أ.ب)
TT

دعوات لاحتجاجات حاشدة في ذكرى انقلاب السودان

مظاهرة مضادة للانقلابيين في الخرطوم (أ.ب)
مظاهرة مضادة للانقلابيين في الخرطوم (أ.ب)

يحشد السودانيون قواهم لإحياء ذكرى الاحتجاجات ضد «إجراءات» قائد الجيش بحلّ حكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، وهي الإجراءات التي وصفها بأنها «تصحيحية»، فيما اعتبرتها المعارضة المدنية والمجتمعان الدولي والإقليمي «انقلاباً عسكرياً» على الحكومة المدنية.
وتنشط الجماعات المدنية المعارضة والأحزاب السياسية و«لجان المقاومة» في تحشيد الجماهير للخروج في مواكب حاشدة للتنديد بالانقلاب، والمطالبة بعودة الحكم المدني، والثأر من قتلة المحتجين السلميين، وذلك يوم غد (الثلاثاء)، بالتزامن مع مرور عام على انقلاب قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان في 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021.
وتنتشر على وسائط التواصل الاجتماعي، وفي المدن المختلفة والأحياء وبين الشباب، دعوات كثيفة موجهة للمواطنين للخروج في مواكب احتجاجية «مليونية»، تستخدم فيها «البوسترات والتغريدات» والمواكب الليلية وقصاصات الورق، وغيرها من أساليب الدعاية السياسية، بما في ذلك النشرات والبيانات الصادرة من هذه الجهات.
وقال أحد أجنحة «تجمع المهنيين السودانيين»، في نشرة صحافية أمس، إن مواكب «مواكب 25 أكتوبر ستكون إعلاناً لنهاية عهد الانقلابات بلا رجعة»، وتعهد بما أطلق عليه «إنهاء التطبيع مع الانقلابات» والتسويات والاتفاقيات والحوارات، وأضاف: «ستكون المواكب وداعاً بلا رجعة لعهود المساومات، تأسيساً لسودان جديد نبنيه سوياً، سودان مستقل سياسياً واقتصادياً، سودان مدني ديمقراطي».
و«تجمع المهنيين السودانيين» هو التحالف النقابي الحزبي الذي قاد الاحتجاجات ضد نظام الرئيس المعزول عمر البشير، حتى إسقاطه في 11 أبريل (نيسان) 2019 بالثورة الشعبية الشهيرة، بيد أنه غداة تكوين الحكومة الانتقالية انقسم إلى شطرين، أحدهما موالٍ للحزب الشيوعي، والثاني لتحالف قوى «إعلان الحرية والتغيير».
ودعت قوى التحالف التي كانت تقود الحكومة الانتقالية المواطنين إلى «الخروج في مواكب هادرة للتنديد بالانقلاب والمطالبة بعودة الحكم المدني، برغم إعلانها عن عملية سياسية مع العسكريين»، فيما دعت التنظيمات الشبابية الشعبية المعروفة بـ«لجان المقاومة» في بيانات متواصلة ومواكب تحضيرية إلى المشاركة الكثيفة في التظاهر غداً.
وصبيحة الإثنين 25 أكتوبر من السنة الماضية فاجأ قائد الجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان القوى المدنية بحملة اعتقالات واسعة لمعظم وزراء الحكومة المدنية، بما فيهم رئيس وزرائها عبد الله حمدوك، وعدد آخر من كبار القادة السياسيين، قبل أن يعلن في بيان حالة الطوارئ، وحل مجلسي السيادة الوزراء وحكومات الأقاليم، وسارع إلى قطع خدمة الاتصالات والإنترنت، وتعليق بعض بنود الوثيقة الدستورية، وتجميد لجنة تفكيك نظام الإسلاميين، مبرراً خطوته بـ«تصحيح مسار الثورة» بمواجهة انقسامات المدنيين والأحزاب السياسية.
وفور تسرب أخبار الانقلاب وقبل إذاعة البيان، خرج عشرات الآلاف من المحتجين الرافضين للانقلاب في مظاهرات رافضة لتلك الإجراءات التي اعتبرتها «انقلاباً على الشرعية الثورية، وخطوة لإعادة أنصار نظام الإسلاميين للحكم مجدداً»، وواجهتها قوات الجيش بعنف مفرط، ما أدى لمقتل أكثر من 10 محتجين في اليوم الأول، وتواصل العنف، ليصل أعداد القتلى إلى 117 قتيلاً معظمهم بالرصاص.
وتعهد البرهان، في البيان الذي أذاعه التلفزيون الرسمي يومها، بتكوين حكومة مما أطلق عليه حكومة «كفاءات وطنية مستقلة»، وإكمال مطلوبات العدالة وتكوين مفوضية الانتخابات ومجلس القضاء العالي والمحكمة الدستورية، ومجلس النيابة العامة قبل شهر، وتكوين برلمان ثوري يشارك فيه الشباب لإدارة الفترة الانتقالية التي تنتهي في يوليو (تموز) 2023 المقبل، لكن الرجل اضطر للتراجع عن كل تلك الوعود، وأعلن «خروج الجيش من السياسة».
وفي 26 أكتوبر من العام الماضي، أعلن «الاتحاد الأفريقي» تعليق عضوية السودان، وطالب بعودة الحكومة المدنية، ورفض الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الاعتراف بالانقلاب. وبمواجهة المقاومة الداخلية العنيفة والضغوط الدولي، اضطر البرهان لإعادة رئيس الوزراء إلى مكتبه في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) 2021، لكن عودة الرجل لم تجد دعماً شعبياً، ما اضطره للاستقالة في 2 يناير (كانون الثاني) 2022. ومنذ ذلك الوقت ظلت البلاد بلا حكومة.
ولم تتوقف المقاومة الداخلية والرفض الدولي لانقلاب البرهان منذ يومه الأول، ودأبت المعارضة والقوى الشعبية والمدنية على تنظيم مواكب سلمية متواصلة، بلغت ذروتها في 19 ديسمبر (كانون الأول) 2021، بوصول مئات الآلاف من المحتجين لساحة القصر الرئاسي وسط الخرطوم، ودخول العشرات منهم لساحاته الداخلية، قبل أن تسترد قوات الأمن زمام المبادرة، وتستخدم الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي والمطاطي لإبعادهم من المكان.
وتواصلت الاحتجاجات تباعاً، ووصل بعضها إلى القصر الرئاسي أكثر من مرة، برغم التعزيزات الأمنية الغزيرة التي دأبت السلطات على فرضها، والعنف المفرط الذي استخدمته بمواجهة المحتجين، ما أدى لمقتل 116 شخصاً، بينهم 19 طفلاً، وجرح أكثر من 1000 آخرين، إصابات بعضهم خطيرة.


مقالات ذات صلة

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم (الخميس)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف في السودان، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضه. وأكد الأمير فيصل بن فرحان، خلال اتصال هاتفي أجراه بغوتيريش، على استمرار السعودية في مساعيها الحميدة بالعمل على إجلاء رعايا الدول التي تقدمت بطلب مساعدة بشأن ذلك. واستعرض الجانبان أوجه التعاون بين السعودية والأمم المتحدة، كما ناقشا آخر المستجدات والتطورات الدولية، والجهود الحثيثة لتعزيز الأمن والسلم الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

جولة جديدة من «الحوار الاستراتيجي» بين مصر والصين لتعميق التعاون

بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)
TT

جولة جديدة من «الحوار الاستراتيجي» بين مصر والصين لتعميق التعاون

بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)

تشهد العاصمة بكين جولة جديدة من «الحوار الاستراتيجي» بين مصر والصين، على مستوى وزيري خارجية البلدين، وذلك لتعميق التعاون، وتبادل الرؤى بشأن المستجدات الإقليمية والدولية.

ووصل وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، إلى بكين، مساء الأربعاء، وأشارت وزارة الخارجية المصرية في إفادة لها، إلى «عقد الجولة الرابعة من آلية الحوار الاستراتيجي بين مصر والصين».

والتقى عبد العاطي، الخميس، رموز الجالية المصرية في الصين، وأبرز اعتزاز بلاده بأبناء الجاليات المصرية في الخارج؛ «نظراً لدورهم المهم في تعزيز روابط الصداقة مع مختلف الدول، بما يسهم في توطيد تلك العلاقات حكومة وشعباً، خصوصاً مع شريك اقتصادي مهم مثل الصين».

وحثّ الوزير عبد العاطي، رموز الجالية المصرية في بكين، للمشاركة في النسخة المقبلة من «مؤتمر المصريين بالخارج» في أغسطس (آب) 2025، والذي من المقرر أن يشارك فيه عدد من الوزراء، بما يجعله بمثابة «منصة للحوار المستمر بين الجاليات المصرية في الخارج والوزارات الخدمية»، وفق «الخارجية المصرية».

وتُقدر عدد الشركات الصينية العاملة في مصر بنحو 2066 شركة في قطاعات متنوعة، ويصل حجم استثماراتها إلى نحو 8 مليارات دولار، وفق تصريح لنائب رئيس الهيئة العامة للاستثمار المصرية، ياسر عباس، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. (الدولار الأميركي يساوي 50.8 جنيه في البنوك المصرية).

الرئيس الصيني خلال استقبال نظيره المصري في بكين مايو الماضي (الرئاسة المصرية)

ووفق نائب وزير الخارجية المصري الأسبق، نائب رئيس «جمعية الصداقة المصرية - الصينية»، السفير على الحفني، فإنه «لدى مصر والصين حرص دائم على تعميق العلاقات، واستمرار التشاور فيما يتعلق بعدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك».

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن الزيارات المتبادلة بين مسؤولي البلدين، تعكس الإرادة المستمرة لتبادل وجهات النظر وتنسيق المواقف بين البلدين».

وأعلن الرئيسان المصري عبد الفتاح السيسي، والصيني شي جينبينغ، في بكين، مايو (أيار) الماضي، عن تدشين عام «الشراكة المصرية - الصينية» بمناسبة مرور 10 سنوات على إطلاق «الشراكة الاستراتيجية الشاملة».

وأكد الحفني أن «(الحوار الاستراتيجي المصري - الصيني) يأتي في ظل مناخ إقليمي ودولي مضطرب»، عادّاً أن «الحوار ضروري بين القاهرة وبكين، من منطلق وضع الصين قوةً دولية، وعضواً دائماً بمجلس الأمن الدولي، وبهدف تنسيق المواقف بشأن التطورات الخاصة بالقضية الفلسطينية، والمستجدات في غزة ولبنان وسوريا والسودان ومنطقة البحر الأحمر».

وتدعم الصين «حل الدولتين» بوصفه مساراً لحل القضية الفلسطينية، ودعت خلال استضافتها الدورة العاشرة للاجتماع الوزاري لـ«منتدى التعاون الصيني - العربي» في مايو الماضي، إلى «عقد مؤتمر للسلام لإنهاء الحرب في غزة».

ويرى خبير الشؤون الآسيوية في المجلس المصري للشؤون الخارجية، ضياء حلمي، أن «الملفات الإقليمية، وتطورات الأوضاع في المنطقة، تتصدر أولويات زيارة وزير الخارجية المصري لبكين»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن اتساع رقعة الصراع بالشرق الأوسط، والتوترات التي تشهدها دول المنطقة، تفرض التنسيق المصري - الصيني في هذه المرحلة، وإطلاع الجانب الصيني على ما تقوم بها مصر على الصعيد السياسي، للتهدئة في المنطقة».

وأشار حلمي إلى أن هناك تقارباً في المواقف المصرية - الصينية تجاه صراعات المنطقة، وضرورة التهدئة، لافتاً إلى أن «الملفات الاقتصادية تحظى باهتمام من جانب الدولة المصرية لزيادة حجم الاستثمارات الصينية، ورفع معدلات التبادل التجاري بين الجانبين».

وبلغ حجم التبادل التجاري بين مصر والصين نحو 13.9 مليار دولار خلال 2023، مقابل 16.6 مليار دولار خلال عام 2022، وفق إفادة جهاز التعبئة والإحصاء المصري، في مايو الماضي.