أوروبا ترى «ميناء هامبورغ» فرصة لترسيخ مبدأ المعاملة بالمثل مع الصين

بكين تطالب برلين بالوضوح بشأن خطط الاستحواذ

سفينة حاويات صينية في ميناء هامبورغ الألماني (رويترز)
سفينة حاويات صينية في ميناء هامبورغ الألماني (رويترز)
TT

أوروبا ترى «ميناء هامبورغ» فرصة لترسيخ مبدأ المعاملة بالمثل مع الصين

سفينة حاويات صينية في ميناء هامبورغ الألماني (رويترز)
سفينة حاويات صينية في ميناء هامبورغ الألماني (رويترز)

في الوقت الذي قال فيه رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل، إنه يجب العمل على ترسيخ مبدأ المعاملة بالمثل في العلاقات الاقتصادية بين الصين والاتحاد الأوروبي، طالبت الحكومة الصينية ألمانيا بالوضوح بشأن خطط استحواذ الصين الجزئي على محطة حاويات في ميناء هامبورغ الألماني.
وقالت وزارة الخارجية الصينية في بيان أمس السبت، إنه منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية قبل 50 عاما كان المبدأ المهيمن هو التعاون العملي والمنفعة المتبادلة.
كان ساسة ومسؤولون ألمان أعربوا عن شكوكهم وانتقادهم يوم الجمعة، لتمسك ديوان المستشارية في برلين بخطط استحواذ الصين على حصة من ميناء حاويات في هامبورغ.
وأضاف البيان أن كلا البلدين يشارك بشكل مكثف في تنمية الآخر والاستفادة من ذلك. وأكد البيان أن الصين ترحب بالمشاريع ذات المنفعة المتبادلة وأنه يتعين على كل من الصين وألمانيا الالتزام بالانفتاح والتعاون من أجل تعزيز التنمية الصحية والمستقرة للتعاون الاقتصادي والتجاري.
يأتي الجدل على خلفية اتفاقية أبرمت في عام 2021 بين شركة «إتش إتش إل إيه» للوجستيات الموانئ في هامبورغ وشركة «كوسكو» الصينية للشحن البحري، والتي بموجبها تحصل الأخيرة على حصة 35 في المائة من المحطة التي تديرها الشركة الألمانية في منطقة تولرورت في هامبورغ.
ووفقا لتقارير إعلامية، هناك خلاف بين ديوان المستشارية وعدة وزارات حول الموافقة على دخول الصينيين المتفق عليه بالفعل إلى محطة الحاويات في ميناء هامبورغ، ويمكن للحكومة الألمانية أن ترفض هذه الصفقة.
وحذر وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك من تبعيات جديدة، على خلفية توترات العلاقات مع روسيا وما نتج عنها من أزمة طاقة. وأكد المستشار أولاف شولتس مؤخرا أنه لم يتم حسم المسألة حتى الآن وأنه لا يزال يتعين توضيح العديد من الأسئلة.
وأعلن رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل، يوم الجمعة، أن الاتحاد الأوروبي سوف يتبع مبدئيا استراتيجية ذات شقين في التعامل مع الصين. وقال البلجيكي ميشيل إن قمة رؤساء الدول والحكومات بالاتحاد شهدت نقاشا أظهر وجود رغبة واضحة للغاية في عدم التساهل في التعامل مع الصين، مضيفا أنه في الوقت نفسه ليست هناك رغبة في الدخول في منطق المواجهة المنهجية معها.
وقال ميشيل: «نعتقد أن هناك حاجة إلى أن نكون قادرين على التعامل مع الصين بشأن القضايا العالمية، مثل تغير المناخ».
وبشكل غير مباشر، حذر ميشيل من الانحياز دون تحفظ للولايات المتحدة في تنافسها مع الصين. وقال إنه يتعين على الاتحاد الأوروبي تطوير استراتيجيته الخاصة في التعامل مع الصين.
وبشكل عام ووفقا لتصريحات ميشيل يتفق جميع رؤساء الدول والحكومات على أن الاتحاد الأوروبي يجب أن يصبح أكثر استقلالا من الناحية الاستراتيجية.
ويعد هذا الموضوع وثيق الصلة بالاتحاد الأوروبي، من بين أمور أخرى، بالنظر إلى القمة الآسيوية الأوروبية المقبلة «آسيم» مع الصين والقمة المزمع عقدها في ديسمبر (كانون الأول) مع رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان).
يدور نقاش حول ما إذا كان اجتماع رؤساء الدول والحكومات الأوروبيين فقط مع القيادة الصينية يمكن أن يكون له معنى.
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إن المناقشات في القمة أظهرت أن التوترات تتسارع بشكل واضح.
وأضافت أن رئيس الصين شي جين بينغ يواصل دفع مسار الصين الثابت والمستقل، مبينة أن من الواضح أن الصين تريد تعزيز هيمنتها في شرق آسيا وتأثيرها في جميع أنحاء العالم.
وأشارت فون دير لاين أيضا بشكل نقدي إلى أن روسيا والصين عززتا شراكتهما مباشرة قبل الغزو الروسي لأوكرانيا، وقالت إن «هذه التطورات سيكون لها تأثير على العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والصين».
في الأثناء، أشارت تقديرات معهد كيل الألماني للاقتصاد العالمي «آي إف دبليو» إلى أن عرض شركة كوسكو الصينية للاستحواذ على جزء من محطة حاويات في ميناء هامبورغ يضع أكبر ميناء ألماني في موضع صعب.
وفي تصريحات لإذاعة «إن دي آر»، قال رولف لانجهامر من معهد «آي إف دبليو»: «عندما تقول كوسكو، إنكم ستصبحون ميناء مفضلا في حال قبلتم بالحصة، فيجب بالطبع توجيه السؤال: ماذا لو لم تتم الموافقة على هذه الحصة؟».
وأضاف لانجهامر: «هل عندئذ سيتم سحب الشحنات من هامبورغ صوب موانئ أخرى في بحر الشمال أي روتردام أو زيبروكه أو انتويرب؟»، مشيرا إلى أن هذا هو العامل الحرج في هذا التوقيت «لأن ميناء هامبورغ يمر بموقف صعب».
وأعرب لانجهامر عن اعتقاده أنه من غير الممكن بسهولة حل مشكلة ترسب الطمي ومشكلة العمق في نهر إلبه بالنسبة لميناء يعتمد مستوى المياه به على حركة المد والجذر «وهذا يعني أن هامبورغ كمنافس لميناء روتردام وموانئ أخرى، أصبح ظهره إلى الحائط بعض الشيء»، ورأى أن عرض الصينيين جاء على شكل يقارب التهديد أو الوعيد «وفقا لشعار: إذا لم تفعلوا هذا، فستكون هناك عواقب سلبية».


مقالات ذات صلة

روسيا تنظم «أكبر احتفال» بالذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية

أوروبا روسيا تعتزم تنظيم أكبر احتفال في تاريخها بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية (رويترز)

روسيا تنظم «أكبر احتفال» بالذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية

أعلنت روسيا اليوم (الثلاثاء) أنها تعتزم تنظيم «أكبر احتفال في تاريخها» بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية، في سياق تمجيد القيم الوطنية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية «لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

«لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

مطلع العقد السادس من القرن الماضي شهدت أميركا اللاتينية، بالتزامن مع انتشار حركات التحرر التي توّجها انتصار الثورة الكوبية.

شوقي الريّس (هافانا)
أوروبا رجل يلتقط صورة تذكارية مع ملصق يحمل صورة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يقول: «لماذا نريد مثل هذا العالم إذا لم تكن روسيا موجودة فيه؟» (رويترز)

«فليحفظ الرب القيصر»... مؤيدون يهنئون بوتين بعيد ميلاده الثاني والسبعين

وصف بعض المؤيدين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بـ«القيصر»، في عيد ميلاده الثاني والسبعين، الاثنين، وقالوا إنه أعاد لروسيا وضعها، وسينتصر على الغرب بحرب أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم جندي أوكراني يجلس داخل دبابة ألمانية الصنع من نوع «ليوبارد 2 إيه 5» بالقرب من خط المواجهة (أ.ف.ب)

هل انتهى عصر الدبابات «ملكة المعارك» لصالح الطائرات المسيّرة؟

رغم أن الدبابات ساعدت أوكرانيا في التقدم داخل روسيا، تعيد الجيوش التفكير في كيفية صنع ونشر هذه الآليات القوية بعد أدائها المتواضع خلال الفترة الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا بوتين يتحدث مع طلاب مدرسة في جمهورية توفا الروسية الاثنين (إ.ب.أ) play-circle 00:45

بوتين يتوعد الأوكرانيين في كورسك ويشدد على استمرار الحرب حتى تحقيق أهدافها

شدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أن الهجوم الأوكراني في كورسك لن يوقف تقدم جيشه في منطقة دونباس، متعهداً بمواصلة العمليات الحربية حتى تحقيق أهداف بلاده.

رائد جبر (موسكو)

ارتفاع مؤشر نشاط الأعمال الأميركي لأعلى مستوى خلال 31 شهراً

يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)
يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)
TT

ارتفاع مؤشر نشاط الأعمال الأميركي لأعلى مستوى خلال 31 شهراً

يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)
يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)

ارتفع مؤشر نشاط الأعمال في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوى خلال 31 شهراً في نوفمبر (تشرين الثاني)، مدعوماً بالتوقعات بانخفاض أسعار الفائدة وتطبيق سياسات أكثر ملاءمة للأعمال من إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب في العام المقبل.

وقالت «ستاندرد آند بورز غلوبال»، يوم الجمعة، إن القراءة الأولية لمؤشر مديري المشتريات المركب في الولايات المتحدة، الذي يتتبع قطاعي التصنيع والخدمات، ارتفعت إلى 55.3 هذا الشهر. وكان هذا أعلى مستوى منذ أبريل (نيسان) 2022، مقارنة بـ54.1 نقطة في أكتوبر (تشرين الأول)، وفق «رويترز».

ويشير الرقم الذي يتجاوز 50 إلى التوسع في القطاع الخاص. ويعني هذا الرقم أن النمو الاقتصادي ربما تسارع في الربع الرابع. ومع ذلك، تشير البيانات الاقتصادية «الصعبة» مثل مبيعات التجزئة إلى أن الاقتصاد حافظ على وتيرة نمو قوية هذا الربع، مع استمرار ضعف في قطاع الإسكان وتصنيع ضعيف.

ونما الاقتصاد بمعدل نمو سنوي قدره 2.8 في المائة في الربع من يوليو (تموز) إلى سبتمبر (أيلول). ويقدّر الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا حالياً أن الناتج المحلي الإجمالي للربع الرابع سيرتفع بمعدل 2.6 في المائة.

وقال كبير خبراء الاقتصاد في شركة «ستاندرد آند بورز غلوبال ماركت إنتليجنس»، كريس ويليامسون: «يشير مؤشر مديري المشتريات الأولي إلى تسارع النمو الاقتصادي في الربع الرابع. وقد أدت التوقعات بانخفاض أسعار الفائدة والإدارة الأكثر ملاءمة للأعمال إلى تعزيز التفاؤل، مما ساعد على دفع الإنتاج وتدفقات الطلبات إلى الارتفاع في نوفمبر».

وكان قطاع الخدمات مسؤولاً عن معظم الارتفاع في مؤشر مديري المشتريات، على الرغم من توقف التراجع في قطاع التصنيع.

وارتفع مقياس المسح للطلبات الجديدة التي تلقتها الشركات الخاصة إلى 54.9 نقطة من 52.8 نقطة في أكتوبر. كما تباطأت زيادات الأسعار بشكل أكبر، إذ انخفض مقياس متوسط ​​الأسعار التي تدفعها الشركات مقابل مستلزمات الإنتاج إلى 56.7 من 58.2 في الشهر الماضي.

كما أن الشركات لم تدفع لزيادة الأسعار بشكل كبير في ظل ازدياد مقاومة المستهلكين.

وانخفض مقياس الأسعار التي فرضتها الشركات على سلعها وخدماتها إلى 50.8، وهو أدنى مستوى منذ مايو (أيار) 2020، من 52.1 في أكتوبر.

ويعطي هذا الأمل في أن يستأنف التضخم اتجاهه التنازلي بعد تعثر التقدم في الأشهر الأخيرة، وهو ما قد يسمح لمجلس الاحتياطي الفيدرالي بمواصلة خفض أسعار الفائدة. وبدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي دورة تخفيف السياسة النقدية في سبتمبر (أيلول) بخفض غير عادي بلغ نصف نقطة مئوية في أسعار الفائدة.

وأجرى بنك الاحتياطي الفيدرالي خفضاً آخر بمقدار 25 نقطة أساس هذا الشهر، وخفض سعر الفائدة الرئيسي إلى نطاق يتراوح بين 4.50 و4.75 في المائة.

ومع ذلك، أظهرت الشركات تردداً في زيادة قوى العمل رغم أنها الأكثر تفاؤلاً في سنتين ونصف السنة.

وظل مقياس التوظيف في المسح دون تغيير تقريباً عند 49. وواصل التوظيف في قطاع الخدمات التراجع، لكن قطاع التصنيع تعافى.

وارتفع مؤشر مديري المشتريات التصنيعي السريع إلى 48.8 من 48.5 في الشهر السابق. وجاءت النتائج متوافقة مع توقعات الاقتصاديين. وارتفع مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات إلى 57 نقطة، وهو أعلى مستوى منذ مارس (آذار) 2022، مقارنة بـ55 نقطة في أكتوبر، وهذا يفوق بكثير توقعات الاقتصاديين التي كانت تشير إلى قراءة تبلغ 55.2.