تظاهر آلاف السودانيين في عدد من مدن البلاد للمطالبة بعودة الحكم المدني ورفضاً لتسوية محتملة مع العسكريين، وذلك في مواكب احتجاجية دعت لها لجان المقاومة وقوى المعارضة، بالتزامن مع ذكرى أول ثورة شعبية في أفريقيا والعالم العربي، أطاحت بالحاكم العسكري إبراهيم عبود في 21 أكتوبر (تشرين الأول) 1964.
وشهدت مدن الخرطوم وأم درمان وبحري، المكونة للعاصمة السودانية، مظاهرات ومواكب احتجاجية في شارع المطار بالخرطوم، ومبنى البرلمان في أم درمان، وميدان الرابطة شمبات بمدينة الخرطوم بحري.
كما شهدت مدن أخرى مواكب احتجاجية مماثلة، أبرزها مدينة ود مدني في الوسط، ومدينة الأبيض في الغرب الأوسط، ومدينة كسلا في الشرق.
وردّد المحتجّون هتافات مناوئة للتسوية والتفاوض مع العسكريين الحاكمين، واعتبروا دعوات التسوية «بيعاً لدماء الشهداء»، وقال أحد قادة المواكب لـ«الشرق الأوسط» إن «الاحتجاجات والمواكب المناوئة لأية تسوية ستتواصل مع تكثيف النضال الجماهيري السلمي حتى إسقاط الانقلاب ومؤيديه».
ودأب المحتجون على تسيير مواكب منذ قرارات قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان، الذي يشغل منصب رئيس مجلس السيادة، في 25 أكتوبر (تشرين الأول)، وحلّ بموجبها الحكومة المدنية بقيادة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، وقال إنها إجراءات «تصحيحية»، فيما اعتبرتها لجان المقاومة وقوى المعارضة «انقلاباً» عسكرياً، وتعهدت بالعمل على إسقاطه عبر النضال السلمي.
وقال شهود عيان إن الشرطة أطلقت الغاز المسيل للدموع لتفريق محتجّين في مدينة أم درمان، حاولوا عبور «جسر النيل الأبيض» الرابط بالخرطوم، بعد أن وصلوا لمكان التجمع المعلَن، عند مبنى البرلمان القريب.
ولم تتخذ السلطات إجراءات مشددة هذه المرة، واكتفت بإغلاق جسر «المك نمر» الرابط بين الخرطوم والخرطوم بحري، ومنع المارّة والسيارات من عبوره، والذي يمر قرب القصر الرئاسي والوزارات المهمة والمؤسسات الحكومية، وهو الجسر الذي ظلت تغلقه بالحاويات قبيل الإعلان عن أية احتجاجات.
وظلت سلطات ولاية الخرطوم تغلق الجسور الرابطة بين مدنها الثلاث تماماً، باستخدام حاويات نقل الأمتعة المعدنية، عند كل دعوة لاحتجاجات، بيْد أنها تخلّت عن إغلاق الجسور أخيراً، واكتفت بمنع حركة السير عبر «المك نمر».
وعادةً تنتهي المواكب التي تبدأ الواحدة ظهراً عند الخامسة مساء، بيْد أن المحتجين في الخرطوم بحري قرروا البقاء طوال الليل في اعتصام بميدان الرابطة شمبات يستمر لمدة يوم واحد.
وتُصادف احتجاجات اليوم ذكرى الثورة الشعبية السودانية التي أطاحت بالانقلاب العسكري الذي قاده الجنرال إبراهيم عبود في 21 أكتوبر (تشرين الأول) 1964، في وقت يقترب فيه «انقلاب البرهان» من عامه الأول، والذي يصادف الثلاثاء المقبل، وينتظر أن يشهد مواكب احتجاجية تجري الدعوة لها منذ الآن.
ولم تعد الاحتجاجات والمواكب بزخمها القديم، وهو الأمر الذي يرجعه محللون ومراقبون إلى الانقسام العميق بين المعارضين السودانيين، ففيما يسعى تحالف المعارضة الرئيسي «الحرية والتغيير» إلى إنهاء الانقلاب عبر العمل الجماهيري الشعبي، وفي الوقت نفسه عبر عملية سياسية تقودها الأمم المتحدة وتجمُّع دولي، فإن قوى معارضة أخرى، بزعامة الحزب الشيوعي السوداني ولجان مقاومة، ترفض أي تفاوض مع العسكريين، وتؤكد «إسقاط الانقلاب» عبر الاحتجاجات والعصيان والإضرابات، وفقاً لما تسميه «التغيير الجذري»، وتتمسك بشعار «لا تفاوض ولا اعتراف ولا شراكة مع الانقلابيين» الذي ظل يردَّد طوال عام.
آلاف السودانيين يتظاهرون طلباً للحكم المدني
في الذكرى الـ58 للثورة الشعبية التي أسقطت حكم إبراهيم عبود
آلاف السودانيين يتظاهرون طلباً للحكم المدني
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة