المنظمات النقابية الفرنسية تعرض عضلاتها وتتوعد الحكومة بشتاء ساخن

وسط أجواء اجتماعية شديدة الاحتقان

جانب من المظاهرات الشعبية والنقابية
جانب من المظاهرات الشعبية والنقابية
TT

المنظمات النقابية الفرنسية تعرض عضلاتها وتتوعد الحكومة بشتاء ساخن

جانب من المظاهرات الشعبية والنقابية
جانب من المظاهرات الشعبية والنقابية

بعد أقل من ستة أشهر على انتخاب الرئيس إيمانويل ماكرون لولاية ثانية، تبدو طموحات الرئيس الفرنسي في مفترق طرق صعب جداً. وهذا لأن واقع السياسات الحكومية، سواء تلك التي تّم تطبيقها، أو التي يجري التحضير لها، بدأ يلقي بثقله بشدة على الحياة اليومية للفرنسيين؛ فبين ارتفاع أسعار المواد الأساسية، لا سيما الطاقة، والتشديد المرتقب على إعانات البطالة، وإصلاح المعاشات المتوقع في نهاية العام... مروراً بالطوابير التي لا تنتهي أمام محطات الوقود، بدا التذمر الشعبي وكأنه وصل إلى ذروته. أما النتيجة، فموجة عارمة من الإضرابات والمسيرات الاحتجاجية تشهدها فرنسا منذ أكثر من ثلاثة أسابيع، حتى إنه لا يكاد يمر أسبوع من دون أن نسمع عن إضراب عمالي أو مسيرة احتجاجية في شوارع المدن الكبرى.
بعد إضراب عمال قطاع النقل والتربية والتعليم ثم قطاع الصحّة والتوظيف العمومي في فرنسا، ينضم عمال مصافي النفط التابعة لمجموعة «توتال إنيرجي» وعمال المحطات النووية، إضافة لشركات نادراً ما كانت تُضرب عن العمل، كمجموعة صناعة الطيران «داسو»، و«ستيلانتيس» للسيارات، و«صفران» لصناعة المحركات، و«غروباما» للتأمينات، وشركة «أرمور ميكا» للتجهيزات الطبية، وشركة «كارفور»، إلى حشود الغاضبين التي تزداد يوماً عن يوم.
المطالب اجتماعية قبل كل شيء، وعلى رأسها رفع الأجور التي لم تعد تفي بحاجات الفرنسيين، على ضوء الغلاء الفاحش في الأسعار، وذلك بعد ارتفاع معدلات التضخم إلى أرقام قياسية وصلت في فرنسا إلى نسبة 6 في المائة، حسب الأرقام الرسمية لـ«معهد الإحصاء والدراسات الاقتصادية الفرنسي» (لينسي). وهذه نسبة لم تُسجّل في هذا البلد منذ أربعين سنة، وبالأخص، إذا علمنا أن مؤشرات الأجور قد تراجعت بنسبة 2.5 في المائة بين يونيو (حزيران) 2021 ويونيو 2022 بسبب غلاء الأسعار.
> مطالب اجتماعية قبل كل شيء...
المطالب تخص تحديداً الشرائح الاجتماعية البسيطة التي تتقاضى أجوراً ضعيفة، والتي باتت تواجه صعوبة في مواجهة تداعيات التضخم، بسبب انخفاض قدرتها الشرائية.
المواد الغذائية، مثلاً، عرفت زيادة في الأسعار بلغت نسبة 8 في المائة، بينما سجلت أسعار الطاقة من كهرباء وغاز زيادة بنسبة تفوق 20 في المائة. وعلى هذا الأساس تطالب التنظيمات النقابية برفع رواتب العمال، علماً بأن فرنسا تطبق ما يسمى بالحد الأدنى للأجور الذي يحدّده قانون العمل بـ1300 يورو. في حين تطالب المنظمات النقابية برفعه إلى 1600 يورو، بل إن بعض التنظيمات النقابية، كـ«الكونفدرالية العامة للشغل» (سي جي تي) تذهب إلى المطالبة برفع هذا الأجر الأدنى إلى 2000 يورو.
هذا، وكانت قناة «بي أف أم بيزنيس» الاقتصادية قد أفادت في تقرير بأن بعض شركات القطاع الخاص قد منحت موظفيها زيادات في الأجور بلغت نسبة 3 في المائة في 2022، قد تصل إلى 3.3 في المائة خلال 2023. وهذه نسبة متوسطة، علاوة على أنها تُعتبر ضعيفة مقارنة بالتضخم؛ فهي تخّص في غالبيتها الكوادر الذين ينشطون في قطاعات اقتصادية معينة، كالإعلام الآلي والتسويق والتكنولوجيا الرقمية.
> إضرابات وشعور بالظلم
في مجموعة «غروبوما»، مثلاً، التي دخل ثلاثة أرباع عمالها في إضراب منذ ثلاثة أسابيع، لم تسجل الأجور أي زيادة منذ أكثر من عشر سنوات، ما جعل نسبة العمال الذين تركوا وظائفهم في هذه المؤسسة خلال السنوات الخمس الأخيرة يرتفع إلى 20 في المائة. السبب، كما يشرح إيريك شوفي، وهو أحد مسؤولي المنظمة النقابية (سي أف دي تي)، في صحيفة «لوجورنال دو ديمانش» يعود إلى أن «أصحاب الشركات الذين يرفضون إعادة تقييم أجور عمالهم سيفقدونهم، وبالأخص مع تنامي الشعور الظلم... فحين يرى العامل أن مديره قد حصل على زيادة بين 15 و20 في المائة بينما هو لم يطله شيء، فهذا سيدفعه إلى التخلي عن هذه الوظيفة».
الأزمة نفسها يعيشها عمال شركة «وولد لاين» للدفع الإلكتروني الذين يطالبون منذ ثلاث سنوات برفع قيمة أجورهم بـ250 يورو، غير أن الإدارة لم توافق إلا على 40 يورو. إنها «قمة الأنانية»، حسب تصريحات باسكال رينيه ممثل نقابة القوى العمالية (أف أو) في صحيفة «لو جورنال دو ديمانش» الذي يشرح بأن المفاوضات التي بدأت منذ ثلاث سنوات وصلت إلى طريق مسدود، وهذا رغم نسبة الأرباح الكبيرة التي تحققها هذه الشركة، والتي ارتفعت عام 2021 بنسبة 12 في المائة.
الأسباب ذاتها، تقريباً، دفعت عمال شركة صناعة السيارات «ستيلانتيس» العملاقة للمطالبة برفع رواتبهم، لا سيما عندما جرى الإعلان عن راتب المدير العام، كارلوس تافاريس؛ إذ تبين أنه تقاضى أكثر من 19 مليون يورو في سنة 2021، ثم إن المدير العام لمجموعة «توتال إنيرجي»، باتريك بويانيه، أثار هو الآخر جدلاً كبيراً في وسائل الإعلام حين حاول، عبر تغريدة نشرها في «تويتر»، تبرير زيادة أجره. ولقد جاء الهجوم أساساً من اليسار، حيث ردّ عليه النائب فرنسوا روفان ساخراً: «عزيزي باتريك، كلي تعاطف معك... كيف استطعت أن تعيش على راتب أربعة ملايين يورو؟». أما الممثل الكوميدي غييوم موريس، فقد حوّل القضية إلى موقف كوميدي حين أنشأ على وسائل التواصل «صندوق تضامن» للمدير العام لـ«توتال أنيرجي» لمساعدته على الخروج من «الأزمة»، وصل بالكاد إلى 30 يورو. والمعروف أن عملاق النفط والغاز الفرنسي (توتال)، حققت أرباحاً جاوزت الـ16 مليار يورو بفضل ارتفاع الأسعار. وبالتالي، قرر مجلس إدارة الشركة زيادة مخصصات رئيسه بنسبة 52 في المائة لترتفع من أربعة ملايين إلى ستة ملايين يورو، إضافة إلى أن حَمَلة أسهم المجموعة تلقّوا حصصاً من الأرباح مرتفعة جداً، قياساً بالسنوات السابقة.
> غضب الشارع
مثل هذه الحالات أثارت غضب الفرنسيين. أما المسؤول الأول في نظرهم فهو الحكومة التي لم تحرك ساكناً لمساندة الشرائح الشعبية الأكثر هشاشة، ولذا لا لوم على المضربين الذين لا يطالبون إلا بحقوقهم المشروعة. هذا، على الأقل، ما أكدته نتائج دراسة لمعهد «فيفافويس» نشرتها صحيفة «ليبيراسيون»، تبين من خلالها أن 82 في المائة من الفرنسيين يرون أن الحكومة لا تقوم بأي شيء لحمايتهم من التضخم، مقابل 4 في المائة فقط يؤمنون بأن الحكومة تفعل كل ما بوسعها للتخفيف من وطأة الأزمة الاقتصادية التي تضرب البلاد. ثم إن أكثر من 79 في المائة يعتقدون أن هذه الحالة ستؤدي إلى انفجار الأوضاع وظهور المزيد من الحركات الاحتجاجية هذا الشتاء، إذا ما استمرت الحكومة على سياستها الراهنة.
> الحكومة تدافع عن نفسها
رئيسة الوزراء إليزابيث بورن، طبعاً، دافعت عن موقف الحكومة ضد الانتقادات التي استهدفتها بخصوص قصورها في أداء مهمتها؛ إذ صرّحت إثر لقاء صحافي على القناة الخاصة «تي أف 1» بأنها «تستمع لكل مطالب الفرنسيين بخصوص القدرة الشرائية». وأردفت: «الواقع في هذا البلد أن الحكومة تحمي القدرة الشرائية أكثر من أي جهة أخرى؛ فقد رفعنا الأجور كما حددنا سقف لأسعار الطاقة، ومنحنا تخفيض 30 سنتيم على سعر الوقود إلى غاية نهاية السنة».
أما جيرار دارمانان، وزير الداخلية، فقد اعترف في مظاهرة سياسية بأن هناك مشكلة «أجور» في فرنسا، وتحديداً ما يخّص الفروق المتباينة بين ما يتقاضاه كبار أرباب العمل من أجور ومِنَح وما يحصل عليه العمال البسطاء، إلا أنه ذكر في الوقت نفسه أن «المسؤولية لا تقع على عاتق الحكومة فقط؛ فهي رفعت أجور موظفي القطاع العام في حدود المستطاع... والكرة الآن في معسكر نقابة أرباب العمل. وعليهم فتح باب المفاوضات مع عمال القطاع الخاص والنقابات».
هذا ما أكده أيضاً وزير الاقتصاد برونو لومير، الذي دعا كل الشركات التي تستطيع إلى رفع رواتب عمالها. وهذا أضعف الإيمان بالنسبة للحكومة، التي لا تملك إلا أن تدعو الشركات للتفاوض بشأن رفع الأجور مع موظفيها، وهو ما تشرحه كارولين لوش روكيا من «مكتب غرانت تورونتون للقانون الاجتماعي»؛ إذ تقول: «للحكومة الحق في دعوة الشركات والعمال إلى التفاوض، لكن لا يوجد أي قانون يُجبر هذه الشركات على رفع الرواتب، فهي وحدها بالتشاور مع عمالها تستطيع حلّ هذه المعضّلة».
وفي السياق ذاته، انتقد وزير الحكومة غابريال أتال استمرار الإضراب، وقال: «حق الإضراب موجود بالتأكيد، لكن في لحظة ما يجب أن تبقى البلاد قادرة على العمل». وتابع: «المؤكَّد هو أن هناك عدداً قليلاً من النقابيين الذين يعطون أحياناً انطباعاً بأنهم يجلسون على مصالح الملايين من الفرنسيين»، مستطرداً أنه «من غير المقبول أن يستمر التعطيل، بينما وُقّعت اتفاقات لتحسين الأجور في الشركات».
> أزمة ثلاثية الأبعاد
المشكلة عند بعض المتابعين تكمن في غياب عنصر «الحزم والشدة» عند الرئيس ماكرون، الذي يبدو وكأنه فقد السيطرة على الأوضاع، مع تراكم الأزمات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية خلال ستة أشهر فقط من توليه رئاسة البلاد لولاية ثانية؛ ففي غضون أسابيع، أخذت الأجواء الاجتماعية تتدهور بسبب إضراب عمال مصافي النفط ومستودعاته؛ إذ أوقفت ست مصافٍ من أصل سبع (هي الموزع الأساسي لهذه المادة في فرنسا) نشاطها كلياً، وكانت النتيجة طوابير طويلة أمام محطات الوقود التي أغلقت أبوابها الواحدة تلو الأخرى.
وحتى، وإن لم تكن تسوية هذه المعضلة من صلاحيات الحكومة، كما حاول الرئيس ماكرون التأكيد عليه مراراً، فإن نقص الوقود في أكثر من ثلث المحطات الفرنسية، والمشكلات التي واجهت المستهلكين للتزود بالوقود، ومشاهد الفوضى التي عمّت في محيط هذه المحطات... كلها كانت قد أثرت سلباً على الرأي العام. وما فاقم الوضع تجاهل الحكومة لهذه المطالب في البداية، ثم المماطلة في مواجهة الأوضاع الصعبة فيما بعد.
الحكومة (كما كان متوقعاً) دافعت عن موقفها بحجة أنها فضلت الحكمة على التهور؛ إذ أعلن مسؤول حكومي لصحيفة «ليبيراسيون» أنه «لا يمكننا اتهام الحكومة بالتقصير؛ فلو كانت قرّرت اللّجوء إلى مصادرة مصافي النفط من العمال المُضربين في الساعات الأولى لبدايات الأزمة، كما طلبه البعض، لكان القرار قد أُلغي بحكم قضائي. إلا أننا أقحمنا أنفسنا في أزمة سياسية كبيرة... وتابع: «اليوم، بعدما استنفدت المنظمات النقابية وسائل الطعن القانونية، وبعد اتفاق الطرفين على رفع الأجور بنسبة 7 في المائة، فإن ماتينيون (الحكومة الفرنسية) تراهن على عودة المياه إلى مجاريها في القريب العاجل».
من ناحية ثانية، كتب الصحافي جيروم بيغلي، في عمود الرأي بصحيفة «ليبراسيون» معلقاً: «كل شيء في زيادة في هذا البلد ما عدا سطوة الرئيس. أسعار الوقود، الطاقة، المواد الغذائية، تذاكر الطائرة... كل شيء ما عدا كلمة الإليزيه التي تتجه عكس التيار وإلى الأسفل». وأضاف: «الرئيس لا يترأس فقط المجالس الأوروبية، ولا يتحاور فقط مع بوتين وبايدن وشولتز. هو قبل أي شيء مُطالَب بالاستماع إلى هواجس وانشغالات الأشخاص الذين منحوه أصواتهم». ثم تابع انتقاده: «بعد ستة أشهر من توليه الرئاسة لم يجرِ تصويت على أي قانون مهم... ومقابل رفض الامتثال يكتفي بكلمات منمقة: المالية، ضرائب التركات، البطالة، التحول البيئي... هناك طابور من ورش العمل تنتظر البنّاء الذي يبدو عاجزاً عن تعبئة عماله. سيارة فرنسا ينقصها الوقود، وسائقها مُتردد في الاتجاه الواجب سلكه».
كل هذه الأجواء خلقت نوعاً من الفوضى وصعوبة في الوصول إلى اتفاق بين مختلف الأطياف السياسية. ولقد برز ذلك جلياً في المناقشات البرلمانية الأخيرة حول قانون المالية لعام 2023، إلى حد أن رئيسة الحكومة، إليزابيث بورن، وجدت نفسها مضطرة للجوء إلى إحدى المواد القانونية (49 - 3) لطرح التصويت على الموازنة، وذلك هرباً من انتقادات المعارضة والمناقشات التي لا تنتهي، وطلبات التعديلات الكثيرة الآتية من المعارضة، لا سيما من اليسار.
الباحث والمؤرخ ميشال وينوك، في كتابه «إدارة فرنسا» (دار نشر «كالمون ليفي»)، يشير إلى هذه السمة الفرنسية، واصفاً إياها بـ«التشنجات» السياسية التي تصيب البلد كل 12 أو 15 سنة. ورغم هدوء الأوضاع نوعاً ما منذ إقرار «الجمهورية الخامسة»، فإن المؤرخ لا يرى أن فرنسا وصلت إلى التحلي بثقافة «التسوية» أو «التوافق» التي تميز معظم الديمقراطيات الغربية. وهنا لا يستثني سوى مرحلتي حكم الجنرال تشارل ديغول وفرنسوا ميتران، اللذين نجحا إلى حد كبير في لمّ شمل الأطراف المتنازعة، وتقديم حلول اتفقت عليها جميع الأطراف.
> نقابات العمل الفرنسية من أبرز المستفيدين... رغم خلافاتها
> تعتبر المعارضة اليسارية الفرنسية، أو تحالف الأحزاب اليسارية «الاتحاد الشعبي البيئي والاجتماعي الجديد»، المستفيد الكبير من هذه الأزمات التي تضعف كاهل الحكومة وتقوّي موقف المعارضة، وعلى رأسها حزب «فرنسا المتمردة»، التي يتقدم زعيمها جان لوك ميلونشون كل المواكب الاحتجاجية.

رئيسة الوزراء الفرنسية (إ.ب.أ)

بيد أن مثل هذه الأجواء المتسمة بالاحتقان تعتبر أيضاً فرصة المنظمات النقابية لعرض عضلاتها، وهي بالفعل تلعب دوراً كبيراً في تعبئة الحشود، وتقف وراء تنظيم المسيرات والإضرابات. والمعروف عن فرنسا ليس فقط تقليدها النقابي الموروث عن الثورة وأحداث مايو (أيار) 1968، ولكن أيضاً ثقل هذه المركزيات في المعادلات السياسية. وهذه، وإن فقدت من نفوذها الذي كان واسعاً خلال عقدي السبعينات والثمانينات، فإنها في العديد من الأزمات التي واجهت فيها الحكومة نجحت في ليّ ذراعها وإرغامها على التراجع. وهذا حدث عام 1995، حين تراجعت حكومة آلان جوبيه - آنذاك - عن «الإصلاحات» المزعوم تنفيذها بعد الضغوط التي مارستها هذه النقابات.

الرئيس الفرنسي (أ.ف.ب)

في فرنسا راهناً خمس منظمات نقابية كبيرة، إلا أن اثنتين منها فقط ما زالتا تحظيان بنفوذ قوي في أوساط العمال. المنظمتان هما:
1 - «الكونفدرالية الديمقراطية للشغل» و (سي أف دي تي)، وهي أول منظمة نقابية في فرنسا من حيث عدد المنخرطين، حيث تضم أكثر من 600 ألف عضو، ولديها مداخيل مادية مهمة تفوق 500 ألف يورو سنوياً. هذه المنظمة حاضرة بقوة بين أوساط موظفي القطاع الخاص، ومعروفة بمواقفها المعتدلة (أحياناً تتهم بمواقفها المُتساهلة وقربها من الحكومة)، كما أنها تميل إلى اليمين المعتدل.
2 - «الكونفدرالية العامة للشغل» (سي جي تي)، التي تضم، حسب آخر التقارير، 470 ألف عضو، وهي مَن كان وراء الدعوة لتنظيم الإضرابات. هذه المنظمة قريبة من الحزب الشيوعي الفرنسي، وحاضرة بقوة في القطاع العام، ولا سيما التربية والتعليم والصحة والنقل. مواقفها في الغالب متشّددة، وكانت الوحيدة التي رفضت القبول بعرض إدارة مجموعة «توتال إنيرجي» بزيادة أجور العمال بنسبة 7 في المائة، وأصّرت على زيادة بنسبة 10 في المائة. ولقد وصف زعيمها، فيليب مارتينيز، عرض العملاق النفطي الفرنسي بـ«المهزلة»، ودعا إلى التوقف عن إجبار العاملين المضربين في المصافي ومستودعات الوقود عن العمل.
العلاقة بين المنظمتين النقابيتين كثيراً ما وُصِفت بـ«المتوترة»، بل وصلت مرات عديدة إلى العنف وتبادل التهم. منها أحداث التكسير التي تعرض لها مقر «الكونفدرالية الديمقراطية للشغل» بفعل أعضاء من «سي جي تي»، بعد دعوة زعيم «سي أف دي تي»، لوران بيرجيه، أتباعه إلى التصويت لصالح الرئيس إيمانويل ماكرون في الانتخابات الرئاسية. كذلك اتهمت قيادة «سي جي تي» منافستها بخيانة العمال ومبادئ العمل النقابي حين قبلت توقيع اتفاق مع الحكومة لإنهاء الإضراب، الذي نظم ضد تعديل قانون الشغل، الذي استفاد منه أرباب العمل بامتيازات جديدة.


مقالات ذات صلة

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

شؤون إقليمية فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

ندّدت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع عَلَم بنما، في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس، التابع لـ«البحرية» الأميركية، وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم «الخارجية» الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجَزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
العالم باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

قالت وزارة الخارجية الفرنسية إنها تأمل في أن يُحدَّد موعد جديد لزيارة وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني بعدما ألغيت بسبب تصريحات لوزير الداخلية الفرنسي حول سياسية الهجرة الإيطالية اعتُبرت «غير مقبولة». وكان من المقرر أن يعقد تاياني اجتماعا مع وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا مساء اليوم الخميس. وكان وزير الداخلية الفرنسي جيرار دارمانان قد اعتبر أن رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني «عاجزة عن حل مشاكل الهجرة» في بلادها. وكتب تاياني على «تويتر»: «لن أذهب إلى باريس للمشاركة في الاجتماع الذي كان مقررا مع الوزيرة كولونا»، مشيرا إلى أن «إهانات وزير الداخلية جيرالد دارمانان بحق الحكومة وإي

«الشرق الأوسط» (باريس)
طرد الطيور في مطار «أورلي الفرنسي»  بالألعاب النارية

طرد الطيور في مطار «أورلي الفرنسي» بالألعاب النارية

يستخدم فريق أساليب جديدة بينها الألعاب النارية ومجموعة أصوات لطرد الطيور من مطار أورلي الفرنسي لمنعها من التسبب بمشاكل وأعطال في الطائرات، حسب وكالة الصحافة الفرنسية. وتطلق كولين بليسي وهي تضع خوذة مانعة للضجيج ونظارات واقية وتحمل مسدساً، النار في الهواء، فيصدر صوت صفير ثم فرقعة، مما يؤدي إلى فرار الطيور الجارحة بعيداً عن المدرج. وتوضح "إنها ألعاب نارية. لم تُصنّع بهدف قتل الطيور بل لإحداث ضجيج" وإخافتها. وتعمل بليسي كطاردة للطيور، وهي مهنة غير معروفة كثيراً لكنّها ضرورية في المطارات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم فرنسا: المجلس الدستوري يصدر عصراً قراره بشأن قبول إجراء استفتاء على قانون العمل الجديد

فرنسا: المجلس الدستوري يصدر عصراً قراره بشأن قبول إجراء استفتاء على قانون العمل الجديد

تتجه الأنظار اليوم إلى فرنسا لمعرفة مصير طلب الموافقة على «الاستفتاء بمبادرة مشتركة» الذي تقدمت به مجموعة من نواب اليسار والخضر إلى المجلس الدستوري الذي سيصدر فتواه عصر اليوم. وثمة مخاوف من أن رفضه سيفضي إلى تجمعات ومظاهرات كما حصل لدى رفض طلب مماثل أواسط الشهر الماضي. وتداعت النقابات للتجمع أمام مقر المجلس الواقع وسط العاصمة وقريباً من مبنى الأوبرا نحو الخامسة بعد الظهر «مسلحين» بقرع الطناجر لإسماع رفضهم السير بقانون تعديل نظام التقاعد الجديد. ويتيح تعديل دستوري أُقرّ في العام 2008، في عهد الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي، طلب إجراء استفتاء صادر عن خمسة أعضاء مجلس النواب والشيوخ.

ميشال أبونجم (باريس)
«يوم العمال» يعيد الزخم لاحتجاجات فرنسا

«يوم العمال» يعيد الزخم لاحتجاجات فرنسا

عناصر أمن أمام محطة للدراجات في باريس اشتعلت فيها النيران خلال تجدد المظاهرات أمس. وأعادت مناسبة «يوم العمال» الزخم للاحتجاجات الرافضة إصلاح نظام التقاعد الذي أقرّه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)


لقاءات بوتين وترمب... كثير من الوعود وقليل من التقارب

صورة مركبة لبوتين وترمب (أ.ف.ب)
صورة مركبة لبوتين وترمب (أ.ف.ب)
TT

لقاءات بوتين وترمب... كثير من الوعود وقليل من التقارب

صورة مركبة لبوتين وترمب (أ.ف.ب)
صورة مركبة لبوتين وترمب (أ.ف.ب)

> فور إعلان الرئيس الأميركي العائد دونالد ترمب استعداده لعقد لقاء سريع مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين فور توليه السلطة، برزت ردود فعل سريعة تذكر بلقاءات سابقة جمعت الرئيسين.

وللعلم، خلال الولاية السابقة لترمب، التقى بوتين وترمب أربع مرات بصيغ مختلفة: على هامش قمتي «مجموعة العشرين» و«منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ» في عام 2017. ويوم 16 يونيو (حزيران) 2018 في هلسنكي عاصمة فنلندا، وبعد سنة، يوم 29 يونيو 2019. في قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان.

مع ذلك، بعد كل اللقاءات السابقة، ورغم إظهار الاستعداد للحوار، فإن الأزمة في العلاقات بين موسكو وواشنطن تفاقمت. وصعّد المعارضون السياسيون لترمب في الولايات المتحدة هجماتهم عليه، واتهموه بـ«التواطؤ مع موسكو». وهو ما دفعه إلى فرض رُزَم واسعة من العقوبات على روسيا، ليكون الرئيس الأميركي الأكثر صرامة في التعامل مع «الكرملين»، برغم تصريحاته المتكرّرة حول رغبته في الحفاظ على علاقات جيدة مع بوتين.

وفي هذه المرة أيضا، ومع أن ترمب استبق التطورات بتعديل خطابه السابق المُفرط في التفاؤل حول قدرته على وضع حد للصراع حول أوكرانيا في 24 ساعة، ليغدو الوعد «التوصل إلى تسوية في غضون 6 أشهر»، لكن المؤشرات على الأرض - وفقاً للقناعة الروسية - لا تدفع إلى توقع اختراقات كبرى في أي لقاء مقبل. وفي أحسن الأحوال يتوقع «الكرملين» كسراً جزئياً للجليد، وإعادة فتح بعض قنوات الاتصال التي سبق تجميدها سابقاً. وربما، وفقاً لتوقعات أخرى، إعادة تشغيل الحوار حول ملفات التسلح.

باختصار، ترى أوساط روسية أن ترمب سيحاول تقديم الانفتاح على حوار مع روسيا بكونه إطاراً للإيحاء الداخلي بتهدئة التوتر على هذه الجبهة والتفرّغ للأولويات الأبرز التي تضعها إدارته في خططها خلال المرحلة المقبلة.