موسكو وطهران ترفضان التحقق أممياً من استخدام مسيّرات إيرانية في أوكرانيا

روسيا تلوِّح بـ«إعادة تقييم» العلاقة مع غوتيريش... والغرب يحذِّر من عواقب انتهاك القرار 2231

بقايا من طائرة مسيّرة قرب كييف تقول السلطات الأوكرانية إنها إيرانية الصنع (أ.ف.ب)
بقايا من طائرة مسيّرة قرب كييف تقول السلطات الأوكرانية إنها إيرانية الصنع (أ.ف.ب)
TT
20

موسكو وطهران ترفضان التحقق أممياً من استخدام مسيّرات إيرانية في أوكرانيا

بقايا من طائرة مسيّرة قرب كييف تقول السلطات الأوكرانية إنها إيرانية الصنع (أ.ف.ب)
بقايا من طائرة مسيّرة قرب كييف تقول السلطات الأوكرانية إنها إيرانية الصنع (أ.ف.ب)

كررت أوكرانيا اتهاماتها لإيران بانتهاك حظر يفرضه مجلس الأمن بالقرار 2231 على نقل المسيّرات القادرة على الطيران لمسافة تزيد على 300 كيلومتر، داعيةً خبراء الأمم المتحدة إلى فحص مسيّرات إيرانية الصنع تستخدمها القوات الروسية في هجماتها ضد أهداف مدنية، في طلب دعمته الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا.
لكنَّ روسيا نفت هذه الاتهامات، محذرةً في الوقت ذاته من مغبة الاستجابة للطلب الأوكراني.
وجاء ذلك خلال جلسة مغلقة عقدها مجلس الأمن مساء أمس (الأربعاء)، بطلب من بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة حول بيع إيران مئات من الطائرات المسيّرة لروسيا، فيما يعد انتهاكاً للقرار 2231 الذي صادق على الاتفاق النووي، المعروف رسمياً باسم خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015، وكذلك للنظر في طلب قدمه المندوب الأوكراني الدائم لدى الأمم المتحدة سيرغي كيسليتسيا، عبر رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش وأعضاء مجلس الأمن حول هذه المسألة.
وعلمت «الشرق الأوسط» من دبلوماسيين أن مندوبي الدول الغربية أيّدوا بشدة ادّعاء أوكرانيا أن المسيّرات نُقلت إلى روسيا في انتهاك للقرار 2231 الذي أيَّد الاتفاق النووي بين إيران وما كانت تسمى «مجموعة 5+1» للدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن: الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا، بالإضافة إلى ألمانيا، بهدف كبح النشاطات النووية الإيرانية ومنع إيران من تطوير سلاح نووي.
ورفع مجلس الأمن العقوبات الأممية عامذاك عبر آلية «سناب باك» لإعادة فرضها تلقائياً في حال مخالفة إيران لالتزاماتها بموجب الاتفاق النووي.
وبعد اجتماع مجلس الأمن، قال الناطق باسم البعثة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيت إيفانز، في بيان، إن بلاده انضمت إلى المملكة المتحدة وفرنسا في الدعوة إلى إحاطة في شأن «الأدلة الأخيرة على أن روسيا اشترت بشكل غير قانوني طائرات من دون طيار إيرانية الصنع تستخدمها في حربها على أوكرانيا»، مضيفاً أن «التحليل الأوّلي يشير إلى أن هذه المسيّرات نُقلت من إيران إلى روسيا في انتهاكٍ صريح لأحكام قرار مجلس الأمن الرقم 2231».
وتوقع أن يكون الاجتماع «هو الأول من بين الكثير من المحادثات في الأمم المتحدة حول كيفية تحميل إيران وروسيا المسؤولية عن عدم الامتثال للالتزامات التي يفرضها مجلس الأمن». وأكد أن «هناك أدلة كثيرة» على أن روسيا تستخدم المسيّرات الإيرانية الصنع في «هجمات وحشية ومتعمدة ضد شعب أوكرانيا، بما في ذلك ضد المدنيين والبنية التحتية المدنية الحيوية».
وكرر المندوب الفرنسي نيكولا دي ريفيير، أن الطائرات المسيّرة سُلِّمت من إيران إلى روسيا وتُستخدم في أوكرانيا في انتهاك للقرار. وقال إنه خلال المناقشة المغلقة في المجلس نفت روسيا ذلك واستشهد ببيان من المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف، الذي قال (الثلاثاء)، إن «معدات روسية تحمل تسميات روسية مستخدمة في أوكرانيا»، مضيفاً أنه «لا يوجد أحد في العالم يصدق تصريحات السيد بيسكوف» الذي «كان يكذب منذ البداية» عندما قال في 23 فبراير (شباط) الماضي، أي قبل يوم واحد من بدء الغزو الروسي، إن روسيا لن تغزو أوكرانيا أبداً.
وزاد: «الآن سيخبرنا (بيسكوف) بأن روسيا لم تشترِ طائرات إيرانية من دون طيار. لذلك، أعتقد أن مصداقيته صفر»، مضيفاً: «لذلك نحن قلقون للغاية من ذلك».
وكتب نائب المندوبة البريطانية جيمس كاريوكي على «تويتر» بعد الاجتماع أن «إيران عليها التزامات بعدم تصدير هذه الأسلحة. وكعضو في الأمم المتحدة، تتحمل إيران مسؤولية عدم دعم حرب العدوان الروسية».
في المقابل، أفاد نائب المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة ديميتري بوليانسكي، بعد الاجتماع، أن المركبات الجوية من دون طيار أو المسيّرات التي يستخدمها الجيش الروسي في أوكرانيا «مصنوعة في روسيا، لذا فهذه كلها ادعاءات لا أساس لها».
واتهم الدول الغربية بأنها تواصل «ممارساتها المخزية المعتادة» بمحاولة الضغط على إيران من خلال توجيه مثل هذه الاتهامات في شأن انتهاكها للقرار 2231.
وفي تعبير عن خشية موسكو من إرسال لجنة أممية للتحقق من استخدام المسيّرات الإيرانية في الحرب، حذّر بوليانسكي من أن بلاده ستعيد تقييم تعاونها مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، وموظفيه إذا أرسل خبراء إلى أوكرانيا لتفقد الطائرات المسيّرة.
وقال إن على غوتيريش وموظفيه «الامتناع عن المشاركة في أي نشاطات تفتيش غير قانونية». وأضاف: «وإلا سنعيد تقييم تعاوننا معهم، وهو ما لا يخدم مصالح أحد. نحن لا نريد أن نفعل ذلك، لكن لن يكون هناك خيار آخر». ولم يذكر بوليانسكي مزيداً من التفاصيل.
وكان الناطق باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، قد قال قبل الاجتماع إنه «من حيث السياسة، نحن مستعدون دائماً لفحص أي معلومات وتحليل أي معلومات تقدمها لنا الدول الأعضاء». وامتنع دوجاريك عن التعليق على تصريحات بوليانسكي.
وكذلك رفض المندوب الإيراني أمير سعيد إرافاني «بشكل قاطع، الادعاءات التي لا أساس لها عن أن إيران نقلت طائرات من دون طيار لاستخدامها (في) الصراع في أوكرانيا». واتهم دولاً لم يسمها بمحاولة إطلاق حملة تضليل «لإقامة علاقة خاطئة» مع قرار الأمم المتحدة الرقم 2231.
وأضاف أن بلاده «تؤكد بشكل راسخ أن أياً من صادراتها من الأسلحة، بما في ذلك الطائرات من دون طيار، لا تنتهك القرار 2231».
وفي رسالة إلى غوتيريش، قال السفير الإيراني إن دعوة أوكرانيا لخبراء الأمم المتحدة «تفتقر إلى أي أساس قانوني». ودعا غوتيريش إلى «منع أي سوء استخدام» للقرار ولمسؤولي الأمم المتحدة بشأن القضايا المتعلقة بالحرب الأوكرانية.
وقال وزير الدفاع الإستوني هانو بيفكور، خلال زيارة لواشنطن إن روسيا تعتمد على الطائرات المسيّرة بسبب قلة الإمدادات ونجاح أوكرانيا في حماية أجوائها. وأضاف أن الروس «يدركون أنهم في الجو لا يملكون سيطرة حالياً، لأن هناك دفاعاً جوياً من الجانب الأوكراني. فقدوا الكثير من الطائرات».


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

نددت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس التابع للبحرية الأميركية وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم الخارجية الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

قالت منظمات غير حكومية إن فرنسا احتجزت العديد من الإيرانيين في مراكز اعتقال في الأسابيع الأخيرة، معتبرة ذلك إشارة إلى أنّ الحكومة «تصر على رغبتها في ترحيلهم إلى إيران» رغم نفي وزير الداخلية جيرالد دارمانان. وكتبت منظمات العفو الدولية، و«لا سيماد»، و«إيرانيان جاستس كوليكتيف» في بيان الأربعاء: «تواصل الحكومة إبلاغ قرارات الترحيل إلى إيران مهددة حياة هؤلاء الأشخاص وكذلك حياة عائلاتهم». واعتبرت المنظمات أن «فرنسا تصرّ على رغبتها في الترحيل إلى إيران»، حيث تشن السلطات قمعاً دامياً يستهدف حركة الاحتجاج التي اندلعت إثر وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني في سبتمبر (أيلول)، أثناء احتجازها لدى شرط

«الشرق الأوسط» (باريس)
شؤون إقليمية قاآني: انتقمنا جزئياً لسليماني بطرد القوات الأميركية من المنطقة

قاآني: انتقمنا جزئياً لسليماني بطرد القوات الأميركية من المنطقة

قال مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، إسماعيل قاآني، إن قواته انتقمت جزئيا من القوات الأميركية بطردها من المنطقة، مضيفا في الوقت نفسه «القدس ليست الهدف النهائي وإنما هدف وسط»، مشددا على ضرورة أن تجد إيران موقعها في انتقال القوة من الغرب إلى الشرق. ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن قاآني قوله خلال اجتماع الجمعية العامة لطلاب الحوزات العلمية في قم إن «أميركا وإسرائيل وحتى الناتو و... تقوم بالتعبئة لتخريب إيران». وقال قاآني «مثلما قال المرشد فإن إيران من المؤكد لن تبقى بعد 25 عاماً، وهم (الإسرائيليون) يستعجلون ذلك».

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

ندّدت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع عَلَم بنما، في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس، التابع لـ«البحرية» الأميركية، وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم «الخارجية» الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجَزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)

حرب نتنياهو ضد رئيس «الشاباك» تعيد إسرائيل إلى ما قبل «الطوفان» 

0 seconds of 18 secondsVolume 90%
Press shift question mark to access a list of keyboard shortcuts
00:00
00:18
00:18
 
TT
20

حرب نتنياهو ضد رئيس «الشاباك» تعيد إسرائيل إلى ما قبل «الطوفان» 

متظاهرون إسرائيليون يحتجون في أغسطس 2023 ضد تشريعات أعدها نتنياهو تستهدف القضاء (د.ب.أ)
متظاهرون إسرائيليون يحتجون في أغسطس 2023 ضد تشريعات أعدها نتنياهو تستهدف القضاء (د.ب.أ)

أعاد إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، نيته إقالة رئيس جهاز الأمن العام «الشاباك» رونين بار، إسرائيل إلى وضع الانقسام الحاد غير المسبوق الذي عاشته في فترة ما قبل هجوم «حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 والذي عُرف باسم «طوفان الأقصى».

ووضع نتنياهو نفسه و«الشاباك» في موقف مُعقد منذ بدأ خلافه مع بار علانية، قبل أن يتأزم الموقف ويطلب منه الاستقالة، ثم التصعيد بالإعلان عن أنه سيقيله فعلاً، في خطوة أحدثت زلزالاً سياسياً وقانونياً، ووحدت المعارضة ضد نتنياهو وحكومته، ويفترض أن تنطلق، الأربعاء، أكبر تظاهرات ضد نتنياهو منذ السابع من أكتوبر.

متظاهرون في احتجاجات مناهضة لحكومة بنيامين نتنياهو بتل أبيب ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)
متظاهرون في احتجاجات مناهضة لحكومة بنيامين نتنياهو بتل أبيب ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)

وأعلن زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد، الاثنين، أنه تقرر في اجتماع مشترك لرؤساء أحزاب المعارضة تقديم التماس إلى محكمة العدل العليا ضد إقالة بار، وقال لبيد إن «هذه الإقالة، في هذا التوقيت، لها هدف واضح وهو تخريب تحقيق جنائي خطير في جرائم أمن الدولة المرتكبة في مكتب رئيس الوزراء».

وأضاف: «تجري محاولة إقالته لسبب واحد فقط: التحقيق في قضية (قطر جيت). فبمجرد أن بدأ (الشاباك) التحقيق في مكتبه، قرر نتنياهو إقالة رونين بار في إجراء متسرع وغير قانوني، مع وجود تضارب واضح في المصالح».

ويجري «الشاباك» تحقيقات مع عدد من الموظفين في مكتب نتنياهو بسبب علاقات «مزعومة» مع قطر.

وتابع لبيد: «على مدى عام ونصف العام، لم يرَ أي سبب لإقالته، ولكن فقط عندما بدأ التحقيق في تسلل قطر إلى مكتب نتنياهو، والأموال التي تم تحويلها إلى أقرب مساعديه، شعر فجأة بالحاجة الملحة لإقالته على الفور».

حراك مضاد

وكان لبيد قد اجتمع بكل من رئيس «المعسكر الرسمي» بيني غانتس، ورئيس حزب «الديمقراطيين» يائير جولان، وقالوا إنهم على تنسيق مع رئيس حزب «إسرائيل بيتنا» أفيغدور ليبرمان.

ورفض لبيد وغانتس وجولان وليبرمان إقالة بار، وقالوا في تصريحات منفصلة ومتشابهة إن ما يفعله نتنياهو «عار» وإنه يجب أن يستقيل قبل بار.

وانضم إليهم رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت الذي طالب باستقالة نتنياهو نفسه، محملاً إياه المسؤولية عن إخفاقات الأمن القومي.

وجاء إعلان لبيد بعد قليل من إعلان منظمات مختلفة تنظيم احتجاجات تنطلق في مظاهرة حاشدة في القدس اعتباراً من يوم الأربعاء، رداً على قرار نتنياهو إقالة بار.

وقالت قناة «كان» الإسرائيلية إنه للمرة الأولى منذ أحداث 7 أكتوبر، اجتمع نحو 100 من قادة الحراك الاحتجاجي في إسرائيل، وقرروا إطلاق مظاهرة غير مسبوقة في القدس، تعبيراً عن رفضهم لقرار الإقالة.

وستنطلق المسيرة الاحتجاجية من القدس صباح الأربعاء، وصولاً إلى مقر الحكومة، حيث سيبقى المحتجون معتصمين حتى انتهاء الجلسة التي يفترض أنها ستعلن إقالة رئيس «الشاباك»، وبعد ذلك، سيتوجه المتظاهرون في مسيرة حاشدة إلى مقر إقامة نتنياهو، حيث سيقيمون اعتصاماً مفتوحاً.

متظاهرون إسرائيليون يحملون مجسماً لنتنياهو بلباس السجن في فبراير الماضي خلال مظاهرة في القدس (أ.ف.ب)
متظاهرون إسرائيليون يحملون مجسماً لنتنياهو بلباس السجن في فبراير الماضي خلال مظاهرة في القدس (أ.ف.ب)

وقال عيران شفارتس، المدير التنفيذي لمنظمة «حرية في بلادنا»: «لن نسمح للحكومة بتمرير أجندتها التي تهدف إلى تدمير إسرائيل بالكامل. الآلاف سينضمون إلينا للمطالبة بالحفاظ على الديمقراطية».

وأضاف: «إقالة رئيس (الشاباك) في الوقت الذي كان يحقق خلاله في قضايا تحيط برئيس الوزراء ليست فقط غير شرعية، بل غير قانونية».

فحص الأساس القانوني

وكان نتنياهو قد أعلن، الأحد، نيته إقالة رونين بار، وقال في بيان مصور بعد اجتماعه مع بار إنه لا يوجد لديه ثقة به ويريد إقالته.

وأكدت وسائل الإعلام العبرية أن التصويت على إقالة بار سيجري في اجتماع خاص لمجلس الوزراء يوم الأربعاء، لكن المستشارة القضائية للحكومة غالي بهاراف-ميارا أبلغت نتنياهو، في وقت لاحق من إعلانه نيته إقالة بار، أنه لا يمكنه «الشروع في عملية إقالة بار حتى يتم فحص الأساس الوقائعي والقانوني الذي يستند إليه قراركم بشكل كامل، وكذلك سلطتكم لمعالجة المسألة في هذا الوقت».

وأوضحت أن السبب في ذلك هو «الحساسية غير العادية للموضوع، وطبيعته غير المسبوقة، والقلق من أن العملية قد تشوبها عدم قانونية وتضارب مصالح، وباعتبار أن دور رئيس (الشاباك) ليس منصب ثقة شخصي يخدم رئيس الوزراء».

ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي تحذر فيها المستشارة القضائية من ذلك.

وفي بيان مطول صدر عقب إعلان نتنياهو، قال بار إن قرار إقالته لا علاقة له بإخفاقات الجهاز في أعقاب هجوم 7 أكتوبر، وإنما بسبب مشكلة شخصية.

وقال: «إن واجب الولاء الملقى على عاتق (الشاباك) هو أولاً وقبل كل شيء تجاه المواطنين الإسرائيليين، وإن توقع رئيس الوزراء بواجب الولاء الشخصي، الذي يتعارض هدفه مع المصلحة العامة، هو توقع غير شرعي من الأساس».

وقال بار إنه يعتزم الاستمرار في منصبه إلى حين عودة الرهائن، وإلى أن يكمل عدة تحقيقات حساسة - على الأرجح تلك المتعلقة بمكتب رئيس الوزراء - وإلى أن يصبح خليفتاه المحتملان جاهزين.

ورداً على ذلك، شن مسؤول دبلوماسي، وهو عادة ما يكون من داخل مكتب رئيس الوزراء، هجوماً واسعاً على بار، قائلاً: «إن تشبث رئيس (الشاباك) بالمنصب يضر بالجهاز وأمن البلاد»، متهماً بار بتحدي نتنياهو في تصريحه.

حلفاء نتنياهو

ومقابل الهجوم على نتنياهو، انبرى حلفاؤه للدفاع عنه. ورحب وزير المالية بتسلئيل سموتريتش بالخطوة «الضرورية»، ودعا إلى «عدم الاستسلام للتهديدات والعنف».

وقال سموتريتش إن بار «لا يستحق الخدمة في هذا المنصب».

أما رئيس حزب «عوتسما يهوديت» إيتمار بن غفير، الذي اتهمه بار عندما كان وزيراً للأمن القومي بإلحاق «ضرر لا يوصف» بإسرائيل، فقال إنه كان ينبغي اتخاذ هذه الخطوة منذ فترة طويلة، وأضاف النائب القومي المتطرف: «يجب أن يتعلم اليمين من الرئيس ترمب في القضاء على الدولة العميقة».

ولم يسبق في تاريخ إسرائيل أن أقال رئيس وزراء، رئيساً لـ«الشاباك»، وأنهوا جميعاً فترات تعيينهم باستثناء 2 استقالوا قبل المدة.

وحذر كتاب ومحللون في إسرائيل من أن ذلك يفكك الدولة ويحمل نذر «حرب أهلية».

صراع حتى الفوضى

وقال المحلل العسكري في صحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، إن «نتنياهو يتصرف كمن لم يعد هناك شيء يخسره. ويشدد الصراع لدرجة الفوضى، خدمة لمصلحته».

واعتبر هرئيل أن «إقالة بار مقلقة أكثر من إقالة يوآف غالانت (وزير الدفاع) وهيرتسي هليفي (رئيس الأركان)؛ لأن وظائف الشاباك تشمل أيضاً المشاركة في الدفاع عن النظام الديمقراطي في إسرائيل. ولم تكن هناك أوقات أصعب من الحالية على الديمقراطية الإسرائيلية».

نتنياهو وإلى يساره سكرتيره العسكري آفي غيل وإلى يمينه: رئيس «الشاباك» رونين بار ووزير الدفاع المُقال يوآف غالانت ورئيس الأركان المقال أيضاً هيرتسي هليفي قرب جنين (الحكومة الإسرائيلية)
نتنياهو وإلى يساره سكرتيره العسكري آفي غيل وإلى يمينه: رئيس «الشاباك» رونين بار ووزير الدفاع المُقال يوآف غالانت ورئيس الأركان المقال أيضاً هيرتسي هليفي قرب جنين (الحكومة الإسرائيلية)

ورأى المحلل السياسي في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، ناحوم برنياع، أن المواجهة بين نتنياهو وبار خطيرة، وتقرب الإسرائيليين إلى «نوع من الحرب الأهلية، من دون سلاح حالياً».

وحذر عامي أيالون، الرئيس السابق لجهاز الشاباك، من أن إسرائيل على أبواب أشد أزمة دستورية عرفتها، وأعمق شرخ، كما دعا إلى «عصيان مدني».

وتساءل المحامي أبراهام بلوخ في «معاريف» إذا استمر نتنياهو في الترويج لإقالة رئيس «الشاباك»، فهل يخاطر بأن يقرر النائب العام عزله؟ (بسبب تضارب المصالح).

وأضاف: «في أغسطس (آب) 2008، نظرت محكمة العدل العليا في التماس ضد إيهود أولمرت بشأن التحقيقات الجارية ضده. وفي قرارها، صرّح القضاة بأنه إذا اتضح لاحقاً أن سلوك رئيس الوزراء لا يسمح بإجراء التحقيقات الجنائية ضده على النحو السليم، فقد يكون من المناسب أن يُعلن النائب العام عجز رئيس الوزراء المؤقت عن أداء مهامه».

وتابع: «إن نتنياهو معرض للخطر بشكل خاص الآن، ويواجه إمكانية عزله عندما بدأت الحكومة التي يرأسها، بالتوازي مع الإجراءات لإقالة رونين بار من جهاز الأمن العام (الشاباك)، إجراءات لإقالة النائب العام أيضاً».

من هو بار... ومن يخلفه؟

التحق بار بصفوف «الشاباك» كعميل ميداني في عام 1993، بعد أن أنهى خدمته في الجيش الإسرائيلي في وحدة النخبة «سييرت متكال».

تم اختياره لقيادة قسم العمليات في الجهاز في عام 2011، وأصبح رئيساً لقسم تنمية الموارد في الجهاز عام 2016، ومن عام 2018 حتى عام 2021 شغل منصب نائب رئيس الجهاز.

لم يتم اتخاذ أي قرار بشأن بديل بار، على الرغم من أن التقارير تفيد بأنه يتم النظر في تعيين واحد من بين اثنين من كبار ضباط «الشاباك» لخلافته ويتم تعريفهم في الإعلام العبري بحروف رمزية.

رئيس جهاز «الشاباك» رونين بار (حساب جهاز الشاباك على لينكد إن)
رئيس جهاز «الشاباك» رونين بار (حساب جهاز الشاباك على لينكد إن)

الضابط الأول معروف بالحرف الأول من اسمه «ش»، وهو النائب الحالي لرئيس «الشاباك». وهو يشغل منصب النائب منذ شهرين فقط، على الرغم من أنه شغل مناصب رفيعة أخرى في الجهاز، بما في ذلك كبير الموظفين ورئيس قسم الأبحاث.

الضابط الثاني الذي يجري النظر في تعيينه هو «م»، النائب السابق لرئيس الجهاز. وقد عيّنه نتنياهو مؤخراً عضواً في فريق التفاوض الإسرائيلي بشأن الرهائن، بعد أن استبعد بار. كما شغل عدة مناصب رفيعة أخرى في الجهاز. وتعتبر حظوظ «م» أقوى من «ش».

وقد خدم كل من «ش» و«م» في «الشاباك» كمنسقين ميدانيين، وشاركا في تجنيد العملاء والمصادر الأخرى.

ووفقاً لتقارير إعلامية فإن نتنياهو قد لا يختار أياً من الضابطين، بل قد يجلب مسؤولاً دفاعياً من خارج الجهاز لرئاسة «الشاباك»، أو بدلاً من ذلك قد يختار ضابطاً كبيراً سابقاً في الجهاز.

ومن بين كبار المسؤولين السابقين الذين يجري التفكير في اختيارهم لقيادة الشاباك مئير بن شبات، الذي يعتبر مقرباً من نتنياهو. وقد ترأس بن شبات سابقاً المنطقة الجنوبية في «الشاباك»، ولاحقاً مجلس الأمن القومي الإسرائيلي.