أحمد السعدون... تبريد الصراعات والعبور نحو الإصلاح

أحمد السعدون (كونا)
أحمد السعدون (كونا)
TT

أحمد السعدون... تبريد الصراعات والعبور نحو الإصلاح

أحمد السعدون (كونا)
أحمد السعدون (كونا)

بتزكيته رئيساً لـ«مجلس الأمة»، أمس، يعود القطب البرلماني أحمد عبد العزيز السعدون، ابن الـ87 عاماً، قضى منها نحو نصف قرن في العمل السياسي والنيابي، إلى المجلس التشريعي الذي فارقه مقاطعاً، وعاد إليه محفوفاً بأكبر عدد من الناخبين الذين توّجوه على رأس هرم السلطة التشريعية. فقد زكّى «مجلس الأمة» الكويتي (البرلمان) في جلسته العادية الأولى، أمس (الثلاثاء)، أحمد عبد العزيز السعدون رئيساً لـ«مجلس الأمة» للفصل التشريعي الـ17. السعدون الذي زاوج بين الرياضة والسياسة، توّج انتصاره في الانتخابات التشريعية التي شهدتها الكويت في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، كما يتوّج أبطال الرياضة انتصاراتهم وسط الجماهير، بحصوله على رقم قياسي من الأصوات بلغ أكثر من 12 ألف صوت. السعدون الذي عرف الرياضة وتمرس فيها قبل أن يلج السياسة، بل يمكن القول إنه ولج عالم السياسة من خلال الرياضة، ساهم في عام 1955 في تأسيس نادي «النهضة»، الذي أصبح عام 1964 نادي «كاظمة الرياضي»، كما تسلّم رئاسة الاتحاد الكويتي لكرة القدم، في الفترة من 1968 وحتى 1976، وتولى منصب نائب رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، في الفترة من 1974 وحتى 1982. وتزامناً مع اشتغاله بالرياضة، دخل عالم السياسة في عام 1967، محاولاً الوصول إلى «مجلس الأمة»، لكنه فشل في تحقيق الفوز، وأشار حينها إلى أن سبب فشله عائد إلى محاولات تزوير الانتخابات، لكنّ كثيرين يذكرون دور أحمد السعدون حين تولى منصب نائب رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، وكيف ناضل بقوة ونجح في طرد إسرائيل من الاتحاد، حدث ذلك في 15 سبتمبر 1974، مما أكسبه شعبية هائلة في الكويت التي كانت وقتها تعيش أجواء حرب أكتوبر (تشرين الأول)، وتنظم ساعتها على إيقاع الصراع العربي مع إسرائيل، كما تحتضن آلاف الفلسطينيين وقادة «منظمة التحرير». ولذلك، حقق في العام التالي 1975 فوزاً لنيل عضوية «مجلس الأمة» لأول مرة. ومنذ ذلك العام، فاز السعدون في كل الانتخابات التي نُظّمت في الكويت. وحصل على منصب نائب رئيس المجلس في انتخابات 1981، وانتُخِب رئيساً للمجلس للمرة الأولى في 1985، إلا أن هذا المجلس تم حلّه بعد سنة، حيث أصدر أمير الكويت آنذاك أمراً أميرياً بحله، وتعطيل بعض مواد الدستور، وذلك على وقع أزمة سوق المناخ التي أدت لانهيار سوق الأسهم الكويتية، وموجة الاستجوابات الهائلة التي شرعها النواب في وجه الحكومة. ودخلت البلاد في أزمة سياسية طويلة، نشط خلالها السعدون، كما نشط غيره من قادة العمل الديمقراطي، في المطالبة بعودة الحياة الدستورية في البلاد، وعرفت الكويت خلال تلك الفترة تجمعات «الدواوين»، ونجح السعدون في ضمّ 26 نائباً من أعضاء «مجلس الأمة» المنحل في عام 1989 لعمل تكتل سياسي يدعو لعودة الحياة الديمقراطية، لكنّ الحكومة ردت في عام 1990 بتشكيل «المجلس الوطني» كبديل عن «مجلس الأمة»، ودعت لانتخاب هذا المجلس في موعد حددته في 10 يونيو (حزيران) 1990، مما أدى إلى تصعيد المعارضة والرفض الشعبي لهذا المجلس. وخلال تلك الفترة إلى قبيل مرحلة الغزو (2 أغسطس/ آب 1990)، شهدت البلاد عدداً من الاعتقالات ومنع التجمعات. وبعد التحرير، وعودة «مجلس الأمة»، عاد السعدون عضواً ورئيساً للمجلس في 1992 و1996. وفي 1999، تمكّن رجل الأعمال الراحل جاسم الخرافي من الفوز على السعدون حتى عام 2012، حيث عاد السعدون رئيساً للمجلس. عمل السعدون في عام 1999 على تأسيس تكتل سياسي برلماني عُرف باسم كتلة «العمل الشعبي»، وسياسياً «الحركة الشعبية الدستورية – حشد»، بالتعاون مع النائب السابق مسلم البراك. وفيما بعد، صعدت هذه الكتلة في عام 2001 كأهم حركة برلمانية داخل «مجلس الأمة». العودة بعد المقاطعة قاطع السعدون الانتخابات في عام 2012، معلناً أنه لن يخوض انتخابات الصوت الواحد. وهو ما عُرف بمرسوم الصوت الواحد، وهو تعديل قانوني أصدره أمير الكويت السابق الشيخ صباح الأحمد الصباح، بموجب المادة «71» من الدستور، حيث نصّ التعديل على أن يكون لكل ناخب حق الإدلاء بصوت واحد في دائرته الانتخابية، بدلاً من 4 أصوات كما كانت تنص المادة. وبعد أن طعنت أطراف في المعارضة في هذا المرسوم لدى المحكمة الدستورية الكويتية، حصّنته المحكمة بحكم تاريخي صدر في 16 يونيو 2013، واستمرت المعارضة في رفض هذا التعديل ومقاطعة الانتخابات. عهد جديد لكنّ السعدون رأى في الخطاب الأميري الذي ألقاه ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد في 22 يونيو 2022، والذي أعلن فيه حلّ «مجلس الأمة»، داعياً إلى التغيير، ومتعهداً بمنع تدخل الحكومة في اختيارات التصويت، أو اختيار رئيس لـ«مجلس الأمة» المقبل؛ دليلاً على جدية الاتجاه نحو الإصلاح. وقال بعد تسجيل ترشيحه: «بعد الإجراءات غير المعتادة التي اتخذتها الحكومة لتصحيح المسار، يتضح أن المرحلة القادمة هي مرحلة إصلاح... حيث شهدنا أول خطوة، وهي الحد من التزوير بنقل الأصوات». وأضاف السعدون: «هناك علامة فارقة ورسالة واضحة، تضمنت عدم تدخل الحكومة بالانتخابات»، مشيراً إلى أن الحكومة أدت ما كان عليها، والدور الآن على الناس باختيار الأفضل. ومن ثم، أوقف معارضته للمشاركة في الانتخابات، ودخل السباق نحو القبة البرلمانية، مانحاً العملية الديمقراطية زخماً شعبياً كبيراً. ويعوّل على السعدون الذي يمتلك خبرة طويلة لإدارة دفة العمل البرلماني، بما يساعد في حلّ المعضلات التي تواجهها البلاد، والخروج من الانسداد السياسي، وخصوصاً أن المجلس الجديد يتميز بفسيفساء من التكتلات المختلفة، يغلب عليها المعارضة. ويرى كثيرون أن السياسي المخضرم المعروف بتبريد الأزمات، سيتمكن من قيادة العمل البرلماني لإنجاز التشريعات المطلوبة، وفق أجواء من التهدئة المطلوبة مع الحكومة، من دون إغفال الدور الرقابي، ودفع عجلة الإصلاح.


مقالات ذات صلة

السعدون يخوض السباق لـ«الأمة 2023» ووزير النفط يستقيل تمهيداً لدخوله

الخليج السعدون يخوض السباق لـ«الأمة 2023» ووزير النفط يستقيل تمهيداً لدخوله

السعدون يخوض السباق لـ«الأمة 2023» ووزير النفط يستقيل تمهيداً لدخوله

أعلنت وزارة الداخلية الكويتية، الخميس، فتح باب الترشح لانتخاب أعضاء «مجلس الأمة»، اعتباراً من اليوم الجمعة، وحتى نهاية الدوام الرسمي ليوم الرابع عشر من شهر مايو (أيار) الحالي. وأوضحت الوزارة أنه جرى اعتماد 5 مدارس لتكون لجاناً رئيسية في الدوائر الانتخابية الخمس، لإعلان النتائج النهائية للانتخابات. كان مجلس الوزراء قد قرر، في مستهل اجتماعه الاستثنائي، أول من أمس الأربعاء، الموافقة على مشروع مرسوم بدعوة الناخبين لانتخاب أعضاء «مجلس الأمة»، يوم الثلاثاء، الموافق 6 يونيو (حزيران) 2023 المقبل. ونقلت «وكالة الأنباء الكويتية» عن المدير العام للشؤون القانونية في وزارة الداخلية، العميد صلاح الشطي، قوله

ميرزا الخويلدي (الكويت)
الخليج الكويت: انتخابات «أمة 2023» في 6 يونيو

الكويت: انتخابات «أمة 2023» في 6 يونيو

حددت الحكومة الكويتية يوم 6 يونيو (حزيران) المقبل موعداً لإجراء الانتخابات البرلمانية، بعد حلّ مجلس الأمة حلاً دستورياً.

ميرزا الخويلدي (الكويت)
الخليج الكويت تحدد 6 يونيو موعداً للانتخابات التشريعية

الكويت تحدد 6 يونيو موعداً للانتخابات التشريعية

وافق مجلس الوزراء الكويتي، في اجتماعه الاستثنائي الذي عُقد، اليوم الأربعاء، في قصر بيان، على مشروع مرسوم بدعوة الناخبين لانتخاب أعضاء مجلس الأمة، يوم الثلاثاء 6 يونيو (حزيران) المقبل 2023، ورفعه إلى ولي العهد. وجرى حل مجلس الأمة «البرلمان» المنتخَب في 2020، الذي أعادته المحكمة الدستورية في مارس (آذار)، بمرسوم أميري، يوم الاثنين، والعودة للشعب؛ لاختيار ممثليه من جديد. وقالت «الوكالة الرسمية الكويتية»، اليوم، إن مجلس الوزراء قرَّر تعطيل العمل في جميع الوزارات والجهات الحكومية والمؤسسات العامة، يوم الاقتراع، واعتباره يوم راحة. كان ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد، قد أعلن، في كلمة ألقاها نيابة عن الأم

«الشرق الأوسط» (الكويت)
الخليج حلّ «الأمة» الكويتي بمرسوم... وبدء السباق الانتخابي

حلّ «الأمة» الكويتي بمرسوم... وبدء السباق الانتخابي

صدر في الكويت، أمس (الاثنين)، مرسوم أميري بحل مجلس الأمة، بعد أن وافق مجلس الوزراء على مشروع المرسوم، ورفعه إلى ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الصباح في وقت سابق من يوم أمس. وصدر المرسوم باسم ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الذي يتولى بعض صلاحيات الأمير.

ميرزا الخويلدي (الكويت)
الخليج «الوزراء الكويتي» يرفع مرسوم حل مجلس الأمة إلى ولي العهد

«الوزراء الكويتي» يرفع مرسوم حل مجلس الأمة إلى ولي العهد

رفع مجلس الوزراء الكويتي مشروع مرسوم حل مجلس الأمة إلى ولي العهد، بعد موافقته عليه خلال اجتماعه الأسبوعي، اليوم (الاثنين)، برئاسة الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح، رئيس المجلس، وذلك بناءً على عرض الرئيس، واستناداً إلى نص المادة 107 من الدستور. كان ولي العهد، الشيخ مشعل الأحمد، قد أعلن الشهر الماضي، حل مجلس الأمة 2020 المعاد بحكم المحكمة الدستورية حلاً دستورياً استناداً للمادة 107، والدعوة لانتخابات عامة في الأشهر المقبلة.

«الشرق الأوسط» (الكويت)

فيصل بن فرحان يناقش المستجدات السورية مع بيدرسون

الأمير فيصل بن فرحان في لقاء سابق مع بيدرسون بمقر وفد السعودية الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك (واس)
الأمير فيصل بن فرحان في لقاء سابق مع بيدرسون بمقر وفد السعودية الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك (واس)
TT

فيصل بن فرحان يناقش المستجدات السورية مع بيدرسون

الأمير فيصل بن فرحان في لقاء سابق مع بيدرسون بمقر وفد السعودية الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك (واس)
الأمير فيصل بن فرحان في لقاء سابق مع بيدرسون بمقر وفد السعودية الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك (واس)

ناقش الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، مع غير بيدرسون المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سوريا، مستجدات الأوضاع السورية.

جاء ذلك في اتصال هاتفي تلقاه وزير الخارجية السعودي من المبعوث الأممي إلى سوريا، الأربعاء.

وزير الخارجية السعودي ونظيرته الإسواتينية عقب التوقيع على اتفاقية التعاون في الرياض الأربعاء (واس)

ولاحقاً، وقّع الأمير فيصل بن فرحان وفوليلي شاكانتو وزيرة خارجية إسواتيني على اتفاقية عامة للتعاون بين حكومتي البلدين، عقب مباحثات أجراها الجانبان في العاصمة الرياض، تناولت سبل تنمية التعاون المشترك في مختلف المجالات.

واستقبل الأمير فيصل بن فرحان في وقت لاحق شاكانتو، يرافقها الأمير لينداني ابن ملك إسواتيني عضو البرلمان، في ديوان وزارة الخارجية السعودي، حيث جرى خلال الاستقبال استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين.