قال لـ «الشرق الأوسط» : معرضي أشبه بـ«صرخة» في وجه الجشع

الفنان زهير السعيد  في افتتاح معرضه
الفنان زهير السعيد في افتتاح معرضه
TT

قال لـ «الشرق الأوسط» : معرضي أشبه بـ«صرخة» في وجه الجشع

الفنان زهير السعيد  في افتتاح معرضه
الفنان زهير السعيد في افتتاح معرضه

يُخيل لمن يرى لوحات التشكيلي البحريني زهير السعيد، أنه يشاهد مرثية ناقمة على تدهور البحار، وما آلت إليه الحياة البحرية في بلاده من واقع مخيف، وهو ما يرجعه للسلوك البشري النفعي، من الجشع، ومن ثم الاستهلاك والإهمال، مما دعاه للتعبير عن هذا كله في لوحات جمعها معرضه «بين بحرين»، الذي افتتح الأسبوع الحالي، ضمن الموسم الثقافي «قف على ناصية الحلم وقاتل» لمركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة للثقافة والبحوث في المنامة. يتحدث السعيد لـ«الشرق الأوسط» بعد سؤاله، لماذا «بين بحرين»؟ يقول: «الفنان الحقيقي هو ابن بيئته»، مسترجعاً ذكرياته حيث تربى في قرية ساحلية، وكان يرى البحر في صباه بمثابة جنة المأوى، كما يصف، مضيفاً: «كنت أتأمل زُرقة الماء، والحياة تدب حول البحر، والطيور المهاجرة تُحلق فوقه بأنواع نادرة».

وقفة فنية

هذا المشهد الحالم يعتقد السعيد أنه في طريقه للاندثار، معلقاً: «لم يعد البحر في بلادي كما عهدته، وهذا الجمال يكاد أن ينحسر». ومن هنا، يُعد السعيد معرضه بمثابة دق لناقوس الخطر تجاه ما سماه حالة اللامبالاة، سواء من الأفراد أو الجهات الجشعة التي يتصدرها المستثمرون ممن دفنوا البحر للاستفادة من الأراضي، كما يقول.
وتأتي المفارقة اللافتة في إشارة السعيد إلى أن الكثيرين يسافرون للاستمتاع بجمال البحار في جزر ميكونوس أو الكاريبي أو المالديف، رغم أن البحار تحيط بهم من اتجاهات عدة، ويردف: «يتوجب على الفنان أن يكون صادقاً في طرحه»، مبيناً أن مسيرته الفنية تتدرج بين عدة رسائل يحولها إلى مضامين فنية تستوقف من يراها.

ثنائيات وبلاطات

اعتمد السعيد في استخدام أدواته الفنية بشكل رئيسي على الرسم التجريدي والتركيب كتكنيك تعبيري، مستخدماً الرسم للتطرق إلى ثنائيات أساسية كالضوء والظلام، والحياة والموت، والأمل واليأس، حيث يرى فيها الفنان ألواناً تعكس الطبيعة، ويستمد من خلالها ذكرياته البصرية عن البحر في طفولته. كما ارتكزت بعض أعماله على «سلسلة البلاطات» التي تتكون من أعمال فنية مصنوعة من أصباغ الإسمنت والأيبوكسي على البلاط الإسمنتي الصناعي، وهي الطريقة التي تستخدم على نطاق واسع في مشاريع البناء في البحرين، مثل مواقف السيارات الجديدة والمجمعات التجارية.
ويرجح الفنان زهير السعيد في «اعتماده على تركيبات بيئته المباشرة كمصدر للإلهام، التي يستكشف فيها الأشياء التي يعثر عليها بإعادة تشكيلها لتمنحها ملاحظات جمالية وسياسية عميقة حول الجمال والتآكل والصراع بين ما هو طبيعي وصناعي»، لذلك جاء اسم معرض «بين بحرين» من الوطن الأم، كما استلهمه الفنان من أرض الينابيع العذبة، وتأملاته حول علاقته بالبحر، إذ وضع ملاحظاته النقدية عن الوضع البيئي ببصمة أعماله الفنية، كما يراها المتلقي.


عمل فني للعيد يحاكي الجمال المستتر للبحر

سيرة
> ولد زهير السعيد عام 1980، وهو يعيش ويعمل في البحرين. يستخدم في أعماله وسائط متعددة تشمل الرسم والتركيب والتصوير والفيديو، ويتميز بلوحاته التجريدية العميقة والشخصية إلى حد بعيد، وكذلك تركيباته الفنية المصنوعة من أشياء عُثر عليها من محيطه المباشر، التي يعالج من خلالها مختلف القضايا الاجتماعية والبيئية. أقام زهير السعيد عدداً من المعارض الفردية المهمة، بما في ذلك معرضي «B»، و«على الطريق» في صالة «البارح للفنون» في البحرين عامي 2013 و2015 على التوالي، تبع ذلك معرض «على الطريق 2» في مركز الفنون التابع لهيئة البحرين للثقافة والآثار في 2018، أما آخر معارضه فكان في مركز صفية علي كانو البحرين في مايو (أيار) 2022.
كما أن للسعيد مشاركات فنية كثيرة على الصعيد الدولي، منها مهرجان «JAX» للفنون في مؤسسة بينالي الدرعية (يوليو/ تموز 2022، الرياض، السعودية)، والمعرض الجماعي «المصدر» في صالة «مطافئ للفنون» بالدوحة (أكتوبر/ تشرين الأول 2022، قطر). وتوجد أعماله في العديد من أهم مجموعات المقتنيات الفنية الخاصة والعامة على الصعيدين البحريني والدولي، علاوة على أنه حائز على جائزة «مبادرة حلم زين للابتكار» لعام 2008، وجائزة «السعفة الذهبية» في منتدى الفنون البصرية في الدوحة بقطر 2015.


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

السعودية وفرنسا تعززان التعاون الثقافي بـ9 برامج تنفيذية

توقيع 9 برامج تنفيذية في عدة مجالات ثقافية بين السعودية وفرنسا (واس)
توقيع 9 برامج تنفيذية في عدة مجالات ثقافية بين السعودية وفرنسا (واس)
TT

السعودية وفرنسا تعززان التعاون الثقافي بـ9 برامج تنفيذية

توقيع 9 برامج تنفيذية في عدة مجالات ثقافية بين السعودية وفرنسا (واس)
توقيع 9 برامج تنفيذية في عدة مجالات ثقافية بين السعودية وفرنسا (واس)

عززت السعودية وفرنسا التعاون الثقافي، الثلاثاء، بإبرام 9 برامج تنفيذية بين عدد من الهيئات الثقافية في البلدين، وذلك خلال زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى حي الطريف التاريخي في الدرعية.

ووقّع الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، وزير الثقافة السعودية، ونظيرته الفرنسية رشيدة داتي، في حي البجيري بالدرعية، على البرامج التنفيذية المشتركة، بحضور الرئيس ماكرون، على هامش زيارته الرسمية للمملكة.

استقبال الرئيس الفرنسي لحظة وصوله إلى الحي التاريخي (واس)

وكان في استقبال الرئيس الفرنسي لدى وصوله حي الطريف التاريخي، وزير الثقافة السعودي الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، بحضور وزير التجارة الدكتور ماجد بن عبد الله القصبي، ووزيرة الثقافة الفرنسية رشيدة داتي، والسفير فهد الرويلي لدى فرنسا، ونائب وزير الثقافة حامد فايز، ومساعد وزير الثقافة راكان الطوق، والرئيس التنفيذي لهيئة تطوير بوابة الدرعية جيري إنزيريلو.

الرئيس الفرنسي والوفد المرافق خلال تجولهم في الحي التاريخي (واس)

وتجوّل الرئيس ماكرون والوفد المرافق له في الحي التاريخي، مطلعاً على ما يمثله من قيمة تاريخية للسعودية بوصفه نقطة الأساس التي انطلقت منها الدولة السعودية، ولكونه أحد المواقع المسجلة في قائمة اليونيسكو للتراث العالمي، كما تخلل الجولة عرض للخيول وزيارة لمتحف الدرعية.

وشهدت الزيارة عرضاً لأوجه التعاون الثقافي المتنامي بين الرياض وباريس في مختلف المجالات الثقافية، واستعراضاً لآفاق هذا التعاون والفرص المستقبلية الكبيرة، إلى جانب توقيع عدة برامج تنفيذية بين كيانات ثقافية سعودية وفرنسية.

الرئيس الفرنسي والوفد المرافق خلال تجولهم في الحي التاريخي (واس)

وشملت البرامج التي تم التوقيع عليها بين السعودية وفرنسا، 3 برامج تنفيذية بين هيئة التراث وعدة مؤسسات فرنسية؛ أولها مع المركز الوطني للآثار الفرنسي (CMN) متضمناً تبادل الخبرات في تطوير المواقع التراثية لتعزيز تجربة الزوار في مناطق التراث الثقافي، وفي تقييم المواقع الأثرية والتراثية، وتبادل الخبرات في فاعلية عمليات المراقبة، والبرنامج الثاني مع مركز تشغيل المشاريع والأصول الثقافية والتراثية الفرنسي (OPPIC) مشتملاً على بناء برنامج شامل لبناء القدرات، وتقديم خدمات دعم مختصة، وتوفير المهندسين المعماريين الأكثر كفاءة للمشاريع الثقافية، وتدريب الحرفيين والمختصين في مجال الترميم الحرفي والفني، وفحص ومراجعة القصور الملكية.

في حين جاء البرنامج التنفيذي الثالث مع المعهد الوطني للبحوث الأثرية الوقائية الفرنسي (INRAP) بشأن إجراء التقييم للمواقع الأثرية، ونشر الأبحاث العلمية الخاصة بالحفريات. وستدعم هذه البرامج التنفيذية الجهود التي تقوم بها هيئة التراث في توثيق وحماية وتشغيل مواقع التراث الثقافي في السعودية.

وفي مجال المتاحف، فقد وقّعت هيئة المتاحف أربعة برامج تنفيذية؛ أولها مع المدرسة الوطنية العليا للتصميم الصناعي في فرنسا (ENSCI)، واشتمل على تقديم الدعم التعليمي.

والبرنامج الثاني مع القصر الكبير - تعاون المتاحف الوطنية (RMN - Grand Palais)، وتضمن تبادل المعارض المؤقتة، وتقديم الاستشارات بشأن تشغيل المتاجر الثقافية، فيما جاء البرنامج الثالث مع المعهد الوطني للتراث الفرنسي (INP) لتقديم دورات تدريبية قصيرة وبرامج مخصصة للمحترفين في القطاع المتحفي، في حين جاء البرنامج التنفيذي الرابع مع المدرسة الوطنية العليا للتصوير الفوتوغرافي (ENSP) في مجال الاستشارات التقنية وتبادل الخبرات، وتنفيذ برامج تدريبية في التصوير الفوتوغرافي للمحترفين والطلاب.

الاتفاقية تعزز الشراكة الثقافية بين السعودية وفرنسا (واس)

وفي قطاع المكتبات، وقّعت هيئة المكتبات برنامجاً تنفيذياً مع مكتبة فرنسا الوطنية (BnF) للتعاون في مجال المخطوطات الإسلامية والعربية، وتبادل الخبرات في مجال حفظ وإدارة المخطوطات. وفي قطاع الأفلام، وقّعت هيئة الأفلام برنامجاً تنفيذياً مع المركز الوطني للسينما والصور المتحركة الفرنسي (CNC)، وتضمنت بنود البرنامج التنفيذي التعاون في تطوير المواهب السينمائية السعودية، والأرشفة وحفظ التراث السينمائي، وتحفيز العمل على الإنتاج المشترك، وتبادل الخبرات في تطوير الأنظمة والسياسات المتعلقة بالقطاع السينمائي.

ويأتي توقيع هذه البرامج التنفيذية في إطار تعزيز الشراكة الثقافية بين السعودية وفرنسا، وضمن جهود وزارة الثقافة والهيئات الثقافية في تمكين القطاعات الثقافية، وتعزيز التبادل الثقافي الدولي بوصفه أحد أهداف الاستراتيجية الوطنية للثقافة، تحت مظلة رؤية المملكة 2030.