مقتل «فتاة بورسعيد» يُجدد الجدل بشأن «الإجبار على الارتباط»

كيف يمكن كبح الاعتداء على الفتيات باسم «العاطفة»؟

صورة تجمع الفتيات المصريات الأربع اللواتي قُتلن بدوافع قال المتهمون إنها عاطفية (تويتر)
صورة تجمع الفتيات المصريات الأربع اللواتي قُتلن بدوافع قال المتهمون إنها عاطفية (تويتر)
TT

مقتل «فتاة بورسعيد» يُجدد الجدل بشأن «الإجبار على الارتباط»

صورة تجمع الفتيات المصريات الأربع اللواتي قُتلن بدوافع قال المتهمون إنها عاطفية (تويتر)
صورة تجمع الفتيات المصريات الأربع اللواتي قُتلن بدوافع قال المتهمون إنها عاطفية (تويتر)

جددت واقعة مقتل الفتاة المصرية العشرينية، خلود، الجدل في مصر حول وقائع القتل باسم «العاطفة والإجبار على الارتباط»، ومدى تزايد هذا النوع من الجرائم في الآونة الأخيرة.
وشهدت محافظة بورسعيد (الاثنين)، إقدام شاب على إنهاء حياة خطيبته خلود السيد (20 عاماً)، بخنقها لـ«رفضها استكمال فترة الخطوبة وإنهائها الارتباط به»، وفق ما نقلته مواقع محلية عن شهود عيان.
وربطت أحاديث المصريين خلال الساعات الماضية، سواء في الواقع أو الفضاء الإلكتروني، بين الواقعة الحديثة التي أُطلق عليها إعلامياً «فتاة بورسعيد»، وبين وقائع أخرى مماثلة شهيرة وقعت خلال الشهور الأخيرة، وأبرزها مقتل الطالبة الجامعية نيّرة أشرف، على يد زميلها، ثم مقتل الفتاتين سلمى وأماني، بدوافع الانتقام والعاطفة.
وبسبب التفاعل اللافت والصدمة التي سببتها جريمة القتل الأخيرة، فإن النيابة العامة المصرية، أصدرت بياناً تفصيلياً عن الواقعة، ونشرته عبر منصاتها، وأشارت إلى أنها «أُخطرت بمقتلِ المجنيِّ عليها والعثور على جثمانِها بمسكنِها ببورسعيد، وعلى الفور انتقلت النيابة العامة لمناظرة جثمانِها، فتبينتْ ما به من إصاباتٍ، كما عاينتْ مسرحَ الواقعة، وتحفظت على ما به من آثارٍ وهاتفٍ محمول، وسألتْ أهلَ المجنيّ عليها وجيرتَها، وتوصلتْ إلى أنَّ المتهم خطيبُ المجنيّ عليها، وأنهما يعملان بذات المكان».
وأشارت النيابة العامة، إلى أنها «انتقلت لمحلِّ عملهما (المجنيّ عليها والمتهم بقتلها)، وتبينت انصرافَ المتهم من عمله مبكراً يوم الواقعة، فاطلعت النيابة العامة على ما سجلتْه آلاتُ المراقبة، وتحققت من أوصافِ المتهم حالَ ظهوره بها، وتابعت تحركاته منذُ انصرافه من العمل حتى دخوله من العقار محل الواقعة وخروجه منه فراراً».
وأوضحت النيابة العامة في بيانها، أن محققيها سألوا «سبعةَ عشر شاهداً من أهل المجنيّ عليها وجيرانها وزملائها بالعمل، فتواترت أقوالهم على خطبة المجنيّ عليها للمتهم وزمالتهما بالعمل، وأكَّد زملاؤهما تعديَ المتهم عليها قبل يومٍ من الواقعة، واستقالتها رغبةً في تجنّبه، ثم انصراف المتهم مبكراً يوم مقتلها، كما شهِد أحدُ جيرانها في العقار المواجه لمسكنها برؤية المتهمِ متسللاً من النافذة إلى ذلك المسكن».
وأكدت النيابةُ، أنها «كلفت الشرطةَ بالتحري حول الواقعة، فتوصلت إلى قتْلِ المتهمِ المجنيَّ عليها، فأمرت النيابة العامة بضبطِ المتهم، فأُلقي القبض عليه، وجارٍ استجوابه فيما نُسب إليه، واستكمال التحقيقات».
وقائع قتل فتيات مصريات تحت «ذرائع عاطفية»، استدعت كذلك وقائع مشابهة شهدتها البلاد العربية، ومنها ما شهدته الجزائر، عندما تم حرق المُعلمة ريما عنان (28 عاماً) على يد جارها، الذي أقدم على ذلك لرفضها طلب الزواج منه، فما كان منه إلا أن «صبّ عليها البنزين وأشعل النار بجسدها، لتواجه ريما مصيراً مجهولاً بين الحياة والموت حتى اللحظة».
وفي الأردن أيضاً، قُتلت الطالبة الأردنية إيمان، في حادث إطلاق نار داخل حرم جامعة خاصة.
وبسبب تكرار تلك الحوادث تحت دوافع متشابهة، طرح مختصون تساؤلات بشأن أسبابها، وكذلك كيفية كبح تلك الجرائم.
الدكتورة مايا مرسي، رئيس المجلس القومي للمرأة، في مصر، تحدثت في تدوينة عن واقعة «فتاة بورسعيد»، عبر صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، قائلة إن «مثل هذه الجرائم يمكن أن تنتشر على نطاق أوسع إذا استمر من يدافع عن القاتل في الجرائم المماثلة، وهو ما حدث على مواقع التواصل الاجتماعي، فيشجع آخرين على ارتكاب جرائم مشابهة... حاسبوا من برر القتل بسبب الملابس أو الحب أو أي شيء آخر... حاسبوا من تكسب من ترند بإزهاق الأرواح».
وانتشر في مصر خلال الساعات الماضية أكثر من «هاشتاغ» حول واقعة مقتل خلود، منها: «#خلود_درويش»، و«#فتاة_بورسعيد»، و«#أوقفوا_العنف_ضد_المرأة»، و«#أوقفوا_قتل_النساء»، وعبرها تم كتابة عشرات التعليقات حول وقائع قتل الفتيات العربيات، وتساؤلات حول كيفية إيقافها.
وتساءل حساب يحمل اسم «داليا»: «مين الضحية اللي بعديها؟»، وكتب حساب يحمل اسم «آية عيسى»: «انقذوا بنات مصر من العنف والقتل اليوميين!... ما ينفعش يكون خبر يومي عادي إن بنت اتقتلت»، وأشار حساب يحمل عنوان «الحقيقة»، إلى واقعة الفتاة الجزائرية ريما، واصفاً إياها بــ«الحادثة المأساوية».
كذلك انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تتناول وقائع القتل باسم الحب والعاطفة، منها تعليق الدكتور علي جمعة، مفتي الديار المصرية الأسبق، ورئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب، على هذه النوعية من الجرائم.
ويقول الدكتور السيد عوض عيسى، أستاذ علم الاجتماع الجنائي المتفرغ بكلية الآداب بقنا، لـ«الشرق الأوسط»، إن «انتشار جرائم الانتقام والقتل باسم الحب والعاطفة أصبح حالياً ظاهرة في المجتمعات العربية، حيث بدأت بحالة فردية وتحولت من مشكلة إلى ظاهرة، وذلك بفعل التراخي في التعامل مع هذه الجريمة، بمعنى أن القانون لا يُفعّل ولا يأخذ الجاني عقاباً صارماً، فلو فُعّل القانون بشكل سريع وعادل ما كنا رأينا انتشاراً لهذه الجريمة في مصر وبلدان عربية أخرى»، بحسب تقديره.
ويوضح عيسى، أن من بين الأسباب الأخرى لانتشار هذه الظاهرة، هو «وجود من يبرر للقاتل فعلته ويؤيد سلوكه، وبالتالي فإن المجتمع لم يواجه مثل هذه الحوادث كما يجب، بل يروّج أحياناً لمفهوم أنه يجب على المهزوم أخذ حقه، ولا أحد ينتصر عليه، وبالتالي نرى القاتل يبرر بأن فتاته لا يجوز أن يأخذها أحد غيره، وهو ما يبرر إقدامه على القتل، فهو يدافع عن نفسه، ولكن لو واجه المجتمع هذه الثقافة لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه».
ويتابع: «نحن الآن في البداية فقط، وأتوقع أن تنتشر وتتمدد هذه الظاهرة في بقية الدول العربية، الأمر الذي سيصعب معه معالجتها، لذا لا حل للمواجهة إلا بوجود قانون قوي وحاسم وسريع وغير متباطئ؛ لأن الإجراءات القضائية البطيئة تعطي الفرصة لانتشار الظاهرة».


مقالات ذات صلة

بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

يوميات الشرق بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

تقدمت كريستين باومغارتنر، الزوجة الثانية للممثل الأميركي كيفين كوستنر، بطلب للطلاق، بعد زواجٍ دامَ 18 عاماً وأثمر عن ثلاثة أطفال. وذكرت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية أن الانفصال جاء بسبب «خلافات لا يمكن حلُّها»، حيث تسعى باومغارتنر للحضانة المشتركة على أطفالهما كايدين (15 عاماً)، وهايس (14 عاماً)، وغريس (12 عاماً). وكانت العلاقة بين كوستنر (68 عاماً)، وباومغارتنر (49 عاماً)، قد بدأت عام 2000، وتزوجا عام 2004.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
يوميات الشرق متحف «المركبات» بمصر يحيي ذكرى الملك فؤاد الأول

متحف «المركبات» بمصر يحيي ذكرى الملك فؤاد الأول

افتتح متحف المركبات الملكية بمصر معرضاً أثرياً مؤقتاً، اليوم (الأحد)، بعنوان «صاحب اللقبين فؤاد الأول»، وذلك لإحياء الذكرى 87 لوفاة الملك فؤاد الأول التي توافق 28 أبريل (نيسان). يضم المعرض نحو 30 قطعة أثرية، منها 3 وثائق أرشيفية، ونحو 20 صورة فوتوغرافية للملك، فضلاً عن فيلم وثائقي يتضمن لقطات «مهمة» من حياته. ويشير عنوان المعرض إلى حمل فؤاد الأول للقبين، هما «سلطان» و«ملك»؛ ففي عهده تحولت مصر من سلطنة إلى مملكة. ويقول أمين الكحكي، مدير عام متحف المركبات الملكية، لـ«الشرق الأوسط»، إن المعرض «يسلط الضوء على صفحات مهمة من التاريخ المصري، من خلال تناول مراحل مختلفة من حياة الملك فؤاد».

نادية عبد الحليم (القاهرة)
يوميات الشرق وضع تسلسل كامل لجينوم «اللبلاب» المقاوم لتغير المناخ

وضع تسلسل كامل لجينوم «اللبلاب» المقاوم لتغير المناخ

قام فريق بحثي، بقيادة باحثين من المعهد الدولي لبحوث الثروة الحيوانية بكينيا، بوضع تسلسل كامل لجينوم حبة «فول اللبلاب» أو ما يعرف بـ«الفول المصري» أو «الفول الحيراتي»، المقاوم لتغيرات المناخ، بما يمكن أن يعزز الأمن الغذائي في المناطق المعرضة للجفاف، حسب العدد الأخير من دورية «نيتشر كومينيكيشن». ويمهد تسلسل «حبوب اللبلاب»، الطريق لزراعة المحاصيل على نطاق أوسع، ما «يجلب فوائد غذائية واقتصادية، فضلاً على التنوع الذي تشتد الحاجة إليه في نظام الغذاء العالمي».

حازم بدر (القاهرة)
يوميات الشرق «الوثائقية» المصرية تستعد لإنتاج فيلم عن «كليوباترا»

«الوثائقية» المصرية تستعد لإنتاج فيلم عن «كليوباترا»

في رد فعل على فيلم «الملكة كليوباترا»، الذي أنتجته منصة «نتفليكس» وأثار جدلاً كبيراً في مصر، أعلنت القناة «الوثائقية»، التابعة لـ«الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية بمصر»، اليوم (الأحد)، «بدء التحضير لإنتاج فيلم وثائقي عن كليوباترا السابعة، آخر ملوك الأسرة البطلمية التي حكمت مصر في أعقاب وفاة الإسكندر الأكبر». وأفاد بيان صادر عن القناة بوجود «جلسات عمل منعقدة حالياً مع عدد من المتخصصين في التاريخ والآثار والأنثروبولوجيا، من أجل إخضاع البحوث المتعلقة بموضوع الفيلم وصورته، لأقصى درجات البحث والتدقيق». واعتبر متابعون عبر مواقع التواصل الاجتماعي هذه الخطوة بمثابة «الرد الصحيح على محاولات تزييف التار

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق مؤلفا «تحت الوصاية» لـ«الشرق الأوسط»: الواقع أصعب مما طرحناه في المسلسل

مؤلفا «تحت الوصاية» لـ«الشرق الأوسط»: الواقع أصعب مما طرحناه في المسلسل

أكد خالد وشيرين دياب مؤلفا مسلسل «تحت الوصاية»، أن واقع معاناة الأرامل مع «المجلس الحسبي» في مصر: «أصعب» مما جاء بالمسلسل، وأن بطلة العمل الفنانة منى زكي كانت معهما منذ بداية الفكرة، و«قدمت أداء عبقرياً زاد من تأثير العمل». وأثار المسلسل الذي تعرض لأزمة «قانون الوصاية» في مصر، جدلاً واسعاً وصل إلى ساحة البرلمان، وسط مطالبات بتغيير بعض مواد القانون. وأعلنت شركة «ميديا هب» المنتجة للعمل، عبر حسابها على «إنستغرام»، أن «العمل تخطى 61.6 مليون مشاهدة عبر قناة (DMC) خلال شهر رمضان، كما حاز إشادات عديدة عبر مواقع التواصل الاجتماعي». وكانت شيرين دياب صاحبة الفكرة، وتحمس لها شقيقها الكاتب والمخرج خالد د

انتصار دردير (القاهرة)

نهاية دانيال شبوري «فنان الأطباق المتّسخة»

دانيال شبوري معلّم الـ«إيت آرت» (غيتي)
دانيال شبوري معلّم الـ«إيت آرت» (غيتي)
TT

نهاية دانيال شبوري «فنان الأطباق المتّسخة»

دانيال شبوري معلّم الـ«إيت آرت» (غيتي)
دانيال شبوري معلّم الـ«إيت آرت» (غيتي)

مسَّت النهاية بحياة الفنان التشكيلي السويسري دانيال شبوري، أحد أبرز الأسماء في تيار «الواقعية الجديدة» الفنّي، ومعلّم الـ«إيت آرت» الذي يتمثّل بتعليق مخلّفات وجبة طعام على لوحة، وفق ما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مركز «بومبيدو».

وكتب متحف الفنّ الحديث والمعاصر عبر منصة «إكس»: «ينتابنا حزن عميق لوفاة دانيال شبوري، العضو المؤسِّس للواقعية الجديدة».

وتابع: «نظرته الفريدة للفنّ من خلال لوحاته وتجميعاته غير المتوقَّعة، مكّنته من التقاط اللحظة وما هو عادي ومدهش. سيظلّ إرثه مصدراً للإلهام والتأمُّل الفريد».

واشتُهر الفنان السويسري من أصل روماني، المولود عام 1930 في منطقة على ضفاف نهر الدانوب بغالاتي (شرق رومانيا)، بلوحاته ثلاثية البُعد المرتبطة بفنّ المائدة.

مبدؤها بسيط، ففي نهاية الوجبة، يلصق شبوري كل ما يتبقّى على الطاولة (أدوات المائدة، والأطباق، وبقايا الطعام، والأغلفة...)؛ بهدف تجميدها على اللوحة.

ويُطلق على كل عمل فنّي يضيء على الأطعمة والعادات الغذائية «إيت آرت».

ومع هذا المفهوم، أسَّس الراقص السابق تيار «الواقعية الجديدة» عام 1960 إلى جانب فنانين من أمثال إيف كلاين، وأرمان، وريموند هاينز.

الراقص السابق أسَّس تيار «الواقعية الجديدة» (غيتي)

ووصل به الأمر حدّ تولّيه إدارة مطعم في دوسلدورف الألمانية بين 1968 و1972. وكان بإمكان الزبائن المغادرة مع عملهم الخاص.

وأنشأ شبوري صالة عرض «إيت آرت» التي أُقيمت فيها معارض لعدد من الفنانين، بينهم سيزار وبن وأرمان، مع إبداعات سريعة الزوال وصالحة للأكل، في حين يشارك رسامون مثل بيار سولاج في بعض الولائم.

لكنه سعى إلى التخلّص من تسمية «فنان الأطباق المتّسخة». وفي إحدى مجموعاته، وضع غرضاً فعلياً على قماش، وتساءل عن الحدود بين الواقع والوهم.

عُرضت أعماله في معارض استعادية نُظّمت في متاحف عدّة، بينها مركز «بومبيدو» في باريس خلال التسعينات.

وعام 2021، خصَّص متحف الفن الحديث والمعاصر «ماماك» في نيس معرضاً كبيراً له.