«كوبي لواك».. أغرب قهوة في العالم وأغلاها

مصدرها حيوان يشكل مصدر رزق إندونيسيا

تتمتع قهوة اللواك بمذاق سلس وخفيف جدا  -  حصة خاصة بتذوق القهوة وأنواع مختلفة من الشاي  -  مرشد مختص يقوم بشرح طريقة تحضير قهوة اللواك
تتمتع قهوة اللواك بمذاق سلس وخفيف جدا - حصة خاصة بتذوق القهوة وأنواع مختلفة من الشاي - مرشد مختص يقوم بشرح طريقة تحضير قهوة اللواك
TT

«كوبي لواك».. أغرب قهوة في العالم وأغلاها

تتمتع قهوة اللواك بمذاق سلس وخفيف جدا  -  حصة خاصة بتذوق القهوة وأنواع مختلفة من الشاي  -  مرشد مختص يقوم بشرح طريقة تحضير قهوة اللواك
تتمتع قهوة اللواك بمذاق سلس وخفيف جدا - حصة خاصة بتذوق القهوة وأنواع مختلفة من الشاي - مرشد مختص يقوم بشرح طريقة تحضير قهوة اللواك

عندما بدأ متجر «هارودس» وبعده متجر «هارفي نيكولز» في لندن ببيع أغلى نوع قهوة في العالم، بسعر 60 جنيهًا إسترلينيًا (نحو 100 دولار) للكوب الواحد، ظن كثيرون بأنها دعاية للمتاجر الراقية لا أكثر ولا أقل، وبما أن الزبائن هم من النخبة فلم يخيبوا آمال تلك المحلات وكانوا أول من احتسى هذه القهوة متحدين قصتها الغريبة ومصدرها الأكثر غرابة.
هذه القهوة التي تعرف باسم Kopi Luwak نسبة للحيوان الليلي «لواك» الذي ينتشر بكثرة في إندونيسيا وهو أشبه بالقط البري، هي مستخرجة من فضلات وبراز الحيوان المذكور، الذي يقوم ببلع حبوب القهوة التي تكون أشبه بحبات التوت الحمراء أو الكرز، وبواسطة إنزيمات فريدة من نوعها ومواد كيميائية تفرزها معدته تتخمر تلك الحبوب وتتفكك بروتيناتها عند مرورها في جهازه الهضمي مما يجعل حبوب القهوة بمعدل كافيين رائع لا يمكن الحصول عليه بالطرق التقليدية.
يشار إلى أن هذا الحيوان يتغذى على الفاكهة المتوفرة في إندونيسيا بالإضافة إلى تناوله الخضراوات والنبات.
قد تكون هذه القهوة جديدة على مسمع كثيرين ولكنها تعتبر قديمة جدا في إندونيسيا وتحديدا في جزيرة بالي التي تنتجها وتصدرها حاليا إلى عدد من الدول في أوروبا والشرق الأوسط، إذ يعود تاريخ هذه القهوة إلى القرن الثامن عشر، عندما كانت الجزيرة تحت الاستعمار الهولندي، وبعد اكتشاف الهولنديين بأن هذا الحيوان يتناول حبوب القهوة بكثرة ولكنه لا يستطيع هضمها وتخرج من جهازه الهضمي من دون أن تمضغ، فحصوها ليعرفوا سرها واكتشفوا بأن لحيوان الـ«لواك» الفضل في تحويل حبوب القهوة إلى حبوب رائعة النكهة بعد تنظيفها وتحميصها وتحويلها إلى قهوة مطحونة.

* مزارع القهوة في بالي
في رحلة أخيرة لي إلى جزيرة بالي، حرصت على زيارة واحدة من أهم مزارع القهوة قريبة من منطقة «أولواتو» التي تشتهر بمعبدها المطل على المحيط، وتعتبر هذه المزرعة من أكبر مصدري هذا النوع من القهوة، عندما تصل إلى مدخلها لن تشتم رائحة القهوة على الإطلاق، إنما سيكون بانتظارك حيوان اللواك شخصيا، والحق يقال بأن شكله لا يجعلك تطمئن إليه، فهو ليس من أجمل الحيوانات التي خلقها الخالق، كما أنه يبدو تعيسا، وهو يجلس حبيسا في قفص من الحديد، والزوار يلتقطون الصور له، وهو يعي بأنه أسير المزرعة لسبب واحد هو استخراج حبوب القهوة من برازه يوميا بعد بلعه حبوبها.
وهنا يجدر بي بأن أشير إلى نقطة مهمة، ألا وهي أن جمعية الرفق بالحيوان قامت وتقوم بكثير من الحملات ضد تصنيع هذه القهوة لأنها تعتبرها نوعا من أنواع القسوة التي يتعرض إليها الحيوان، فبحسب الجمعية هناك بعض المزارع التي لا تراعي معاملة الحيوانات برفق وتقوم بإجبارها على الأكل ونشرت بعض المواقع صورا للحيوان بعد تعرضه للضرب من أجل إجباره على بلع حبوب القهوة.
والحق يقال، لم نشاهد في المزرعة التي زرناها أي شيء يدل على تعذيب أو معاملة الحيوانات بطريقة غير إنسانية.
في المزرعة يمكنك تناول قهوة «لواك» وأنواعا أخرى من القهوة بالإضافة إلى أنواع متعددة من الشاي الذي يزرع في المزرعة أيضا، وفي جلسة جميلة تحت أشجار الشاي والقهوة يشرف أحد المتخصصين في القهوة والشاي على الحصة الخاصة، ويقوم بشرح كامل عن الأنواع المتوفرة للمشروبات، تختار ما تشاء لكي تقوم بتذوقه.
لم يتجرأ جميع الحضور على تذوق قهوة «لواك» التي تباع في المزرعة في بالي بسعر (7 دولارات أميركية) إلا عدد محدود كنت أنا واحدة من بينهم.
المذاق
حبوب القهوة تطحن أمامك، ويتم تقطيرها في ماكينة خاصة أمام الحضور، وبعدها توضع في أكواب صغيرة بحجم الأكواب التي تقدم فيها القهوة التركية، رائحتها جميلة جدا فهي عطرية، أما مذاقها فيتميز بسلاسة غير عادية وخفيفة ولا تسبب الحموضة ولا تحتوي على السكريات، وقد يكون السبب هو معدل الكافيين فيها.
ينصح بتناولها من دون حليب أو إضافة أي منكهات، لتذوق القهوة كما هي.
ولونها ليس داكنًا كثيرا يميل إلى البني الغامق، وبمجرد أن تضع قطرة منها على لسانك تتمكن من التمييز بينها وبين مذاق القهوة العادية.
ويوجد في المزرعة محل يبيع جميع المنتجات التي تصنع فيها، عدد كبير من الأعشاب والشاي، إلى جانب قهوة «لواك» التي يمكن شراؤها في عبوات بأحجام مختلفة.
وهناك حكومات تمنع استقطاب حبوب القهوة عبر مطاراتها، وفي هذه الحالة ينصح بشراء القهوة مطحونة Instant Coffee تماما مثل عبوات «النسكافيه»، لأنها تباع أيضا على شكل حبوب محمصة يتعين عليك طحنها في ماكينة خاصة للقهوة في المنزل. جربنا القهوة الجاهزة المطحونة وكانت النتيجة جيدة، أما بالنسبة للأسعار فهي تبدأ من 27 دولارًا أميركيًا لعبوة بحجم (50 غرام).



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».