مخاوف لبنانية من خضوع «الصندوق السيادي للنفط» للمحاصصة والمحسوبيات

مكوّنات السلطة لا تبدو مستعجلة لإنشائه

آلية لقوات «يونيفيل» في الناقورة على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية يوم 11 أكتوبر الحالي (رويترز)
آلية لقوات «يونيفيل» في الناقورة على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية يوم 11 أكتوبر الحالي (رويترز)
TT

مخاوف لبنانية من خضوع «الصندوق السيادي للنفط» للمحاصصة والمحسوبيات

آلية لقوات «يونيفيل» في الناقورة على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية يوم 11 أكتوبر الحالي (رويترز)
آلية لقوات «يونيفيل» في الناقورة على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية يوم 11 أكتوبر الحالي (رويترز)

في حين بات ملفّ ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل بحكم المنجز، وفي حين تقترب شركة «توتال» الفرنسية من توقيع العقود مع لبنان للبدء بعمليات الحفر والتنقيب عن النفط والغاز في حقل «قانا»، تتجه الأنظار إلى «الصندوق السيادي المستقل» المزمع إنشاؤه، والذي توكل إليه مهمّة إدارة عائدات النفط والغاز وتحديد أولويات صرفها. وتتساوى سلبيات هذا الصندوق وإيجابياته، بسبب الغموض في معايير تشكيله وتعيين أعضائه، وما إذا كانت المعايير نفسها التي تستخدمها أطراف السلطة السياسية القائمة على المحاصصة والمحسوبيات؛ تمهيداً لوضع يدها على أموال الثروة النفطية مستقبلاً.
ولا تبدو مكوّنات السلطة في لبنان مستعجلة في إنشاء هذا الصندوق قريباً، باعتبار أن استخراج النفط والغاز لن يبدأ قبل ثلاث سنوات على أقلّ تقدير، وقبل أن تتشكّل سلطة جديدة بعد انتخاب رئيس للجمهورية. واعترف رئيس لجنة الأشغال والطاقة النيابية النائب سجيع عطيّة، بأن هذا الصندوق «يشكّل تحدياً كبيراً للمجلس النيابي وللسلطة السياسية لجهة تحديد مهمّة الصندوق وطريقة عمله». وأعلن في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه «وجّه دعوة للهيئة الناظمة لقطاع النفط للاجتماع بها في المجلس النيابي يوم الأربعاء (غداً)، للبحث في طبيعة عملها». وقال «سنحاول الاستفادة من دول عربية وأجنبية لديها خبرات طويلة في إدارة ملف النفط، وتتبّع الآلية التي تعتمد في تشكيل هذا الصندوق وكيفية اختيار أعضائه، وسنعمل على نقل التجربة الدولية إلى لبنان».
ويتفق كثيرون على أن ملفّ الترسيم المنتظر توقيعه نهاية الشهر الحالي في مقّر قوات الطوارئ الدولية (اليونيفيل) في الناقورة، سيضع لبنان أمام مرحلة سياسية جديدة تؤسس لحقبة طويلة من الهدوء والاستقرار، غير أن النتائج الاقتصادية غير مضمونة، لعدم وضوح الرؤية في كيفية الاستفادة من الثروة الطبيعية. وشدد النائب سجيع عطيّة على أهمية «إنجاز التشريعات التي تنظّم عمليات التنقيب عن النفط والغاز واستخراجه، والحؤول دون إدخال شركات لبنانية باسم شركات خارجية، وهناك هواجس حقيقية من دخول الصفقات والسمسرات، ولمعرفة لمن سيباع الغاز، وكيفية بناء المعامل التي تسيّل الغاز ومن ثم تصديره». وأضاف «لن نغفل بأي حال مسألة إقرار قوانين الشفافية، وقد نطلب إنشاء وزارة خاصة بالنفط؛ لأن سلوك المسؤولين يفرض علينا ألّا نأمن جانبهم في إدارة هذا الملفّ»، مشيراً إلى «ضرورة تعيين أعضاء الصندوق من أكاديميين وخبراء لبنانيين وأجانب، مشهود لهم بالكفاءة ونظافة الكفّ».
وعلى الرغم من الحديث عن إنشاء الصندوق منذ سنوات، فإن ثمة خشية من غياب الضوابط التي ترعى عمله ودوره، وما إذا كان يعمل تحت سلطة مصرف لبنان أو وزارة المال أو له إدارة مالية خاصّة به، تحدد كيفية اختيار أعضائه واستخدام موارده والضوابط التي يعمل ضمنها، ومدى استقلاليته عن القرار السياسي. ويرى رئيس مؤسسة «جوستيسيا» الحقوقية المحامي الدكتور بول مرقص، أن «صندوق الثروة السيادي هو عبارة عن مجموعة من الأموال المملوكة للدولة التي يتم استثمارها في أصول مالية مختلفة».
ويضيف «عندما يكون لدى دولة ما فائض في الميزانية، فإنها تستخدم صندوق الثروة السيادية كطريقة لتوجيهها إلى الاستثمارات بدلاً من الاحتفاظ بها في المصرف المركزي، وكان أول صندوق ثروة سيادية هو هيئة الاستثمار الكويتية، التي تأسست عام 1953 لاستثمار فائض عائدات النفط». ويؤكد مرقص في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «دوافع إنشاء صندوق الثروة السيادية تختلف من دولة إلى أخرى، فعلى سبيل المثال، تولد الإمارات العربية المتحدة جزءاً كبيراً من عائداتها من تصدير النفط وتحتاج إلى وسيلة لحماية الاحتياطيات الفائضة من المخاطر القائمة على النفط، وبالتالي فإنها تضع جزءاً من هذا المال في صندوق ثروة سيادي... أما بالعودة إلى لبنان، فقد نصّ القانون رقم 132/2010 (قانون الموارد البترولية في المياه البحرية) على إنشاء صندوق سيادي بموجب قانون خاص تودع فيه العائدات المحصلة من قِبل الدولة الناتجة من الأنشطة البترولية أو الحقوق البترولية، وبالتالي فقد كانت هذه المرّة الأولى التي يعتمد فيها مبدأ صندوق الثروة السيادية في لبنان، وذلك في قانون الموارد البترولية الذي أقرّه مجلس النواب عام 2010 وعملت عليه وزارة الطاقة آنذاك، ويومها أبدت (جوستيسيا) ملاحظات عليه لم يؤخذ الكثير منها بالحسبان».
ويحدد قانون الموارد البترولية نظام الصندوق السيادي ونظام إدارته الخاصة، ووجهة استثمار وتوظيف واستعمال العائدات بموجب قانون خاص
. ويشدد الدكتور مرقص على أهمية «اعتماد مبادئ وأسس واضحة وشفّافة للتوظيف والاستعمال، تحتفظ من خلالها الدولة برأس المال وبجزء من عائداته بمثابة صندوق استثماري للأجيال المقبلة، وتصرف الجزء الآخر وفقاً لمعايير تضمن حقوق الدولة من جهة، بما يجنّب الاقتصاد أي انعكاسات سلبية محتملة على المدى القصير والطويل». ويتابع مرقص «ينصّ المبدأ الذي أرساه هذا القانون، على أن الواردات النفطية الواردة في صندوق الثروة السيادية لا يستهلكها جيل واحد من اللبنانيين ويقوم على تحويل الثروة النفطية إلى ثروة مالية متجددة للحفاظ عليها لخدمة جميع الأجيال اللبنانية الحالية والمستقبلية». ويطالب بـ«تحويل العائدات البترولية والموارد الطبيعية إلى أصول مالية، واستثمارها في توليد مصادر طويلة الأمد لمداخيل الحكومة من أجل الأجيال المستقبلية». ويرى، أنه «يمكن لهذه العائدات النفطية أن تغطي النقص في الميزانية الناتج من انخفاض غير متوقع في أسعار النفط أو المعادن العالمية».
وتكمن أهمية هذا الصندوق في الثروة التي يديرها، وضرورة المحافظة عليها لمصلحة البلاد. وفي هذا الإطار، يؤكد رئيس مؤسسة «جوستيسيا»، أن «المسؤولية العليا في هذا الخصوص تبقى في عهدة الدولة؛ لأن إمكانية نجاح هذا الصندوق تكمن في إدارته من قِبل خبراء ومستقلين وفقاً لمعايير واضحة وشفّافة بعيداً عن التدخلات السياسية والمحسوبيات، ويكون مجلس الوزراء المرجعية المباشرة للإشراف على عمله من مختلف جوانبه الاستراتيجية والاستثمارية والرقابية».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

غالبية في إسرائيل تؤيد وقف الحرب في لبنان وغزة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت وقادة عسكريون خلال احتفال في قاعدة عسكرية بصحراء النقب جنوب إسرائيل يوم 31 أكتوبر الماضي (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت وقادة عسكريون خلال احتفال في قاعدة عسكرية بصحراء النقب جنوب إسرائيل يوم 31 أكتوبر الماضي (رويترز)
TT

غالبية في إسرائيل تؤيد وقف الحرب في لبنان وغزة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت وقادة عسكريون خلال احتفال في قاعدة عسكرية بصحراء النقب جنوب إسرائيل يوم 31 أكتوبر الماضي (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت وقادة عسكريون خلال احتفال في قاعدة عسكرية بصحراء النقب جنوب إسرائيل يوم 31 أكتوبر الماضي (رويترز)

على عكس موقف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، المنشغل حالياً بالسعي إلى تأجيل آخر لمحاكمته في قضايا فساد مزعوم، يرى غالبية الإسرائيليين ضرورة الموافقة على الخطط الأميركية بشأن صفقة تبادل أسرى مع حركة «حماس»، وكذلك الخطة التي يتم العمل عليها بشأن إنهاء الحرب على لبنان.

فقد أظهرت نتائج الاستطلاع الأسبوعي الذي تنشره صحيفة «معاريف» في كل يوم جمعة، أن نسبة 55 في المائة من المستطلعة آراؤهم ترى أن على الحكومة الإسرائيلية أن توافق على «خطة مرحلية مقترحة» لتبادل أسرى، فيما يحبذ 30 في المائة أن تواصل إسرائيل «الضغط العسكري على حماس». وحسب الاستطلاع، فإن ثمة فارقاً بارزاً بين موقف ناخبي أحزاب المعارضة الذين تؤيد أغلبية مطلقة بينهم الموافقة على الخطة المرحلية، فيما يؤيد معظم ناخبي أحزاب الائتلاف الحاكم استمرار الحرب على غزة.

وأما بشأن الحرب على لبنان فإن 45 في المائة قالوا إن على إسرائيل أن توافق على الخطة الآخذة بالتبلور بشأنها، فيما عدًّ 33 في المائة أن على الجيش الإسرائيلي البقاء في منطقة حزام أمني في جنوب لبنان. ولم يعبّر 22 في المائة عن موقفهم.

ويوجد اختلاف في الموقف بين ناخبي أحزاب الائتلاف، الذين يؤيدون بغالبيتهم بقاء الجيش الإسرائيلي في حزام أمني، والأغلبية العظمى من ناخبي أحزاب المعارضة الذين يؤيدون موافقة إسرائيل على «الاتفاق المقترح»، رغم أنه لم يتم التوصل إليه بعد.

وقد جاءت هذه النتائج لتؤكد أن موقف نتنياهو الداعي لاستمرار القتال على الجبهتين، بل توسيع الحرب لتشمل إيران، لم يعد مقبولاً. وتزداد القناعة لدى الجمهور بأن حساباته بالأساس سياسية وشخصية. ومع صدور هذه النتائج، ذكرت صحيفة «هآرتس» العبرية، الجمعة، أن نتنياهو عقد سلسلة اجتماعات مع محاميه ومستشاريه لدراسة إمكانية التأثير على هيئة المحكمة، في قضايا الفساد الثلاث التي يحاكم فيها، حتى تقبل تأجيل المحاكمة، بحجة الوضع الأمني. فهو من جهة يطيل الحرب ويرفض التوصل إلى اتفاقات لوقفها، ومن جهة ثانية يرى في الحرب حجة يتذرع بها لتأجيل المحكمة.

وكان نتنياهو قد نجح في تأجيل جلسات المحكمة التي يفترض أن يدلي فيها بشهادته، لعدة شهور. وقرر القضاة أن تستأنف الجلسات في الحادي عشر من شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل. وبحسب البروتوكول، سيرد نتنياهو على أسئلة النيابة ثم على أسئلة محامي الدفاع. وستكون تلك أصعب مرحلة في المحاكمة، إذ إن النيابة تعد له الكثير من الأسئلة الصعبة والمحرجة، التي تتعلق بتلقي الرشى وطلب الهدايا الثمينة له ولزوجته وأولاده، من الأصدقاء. ولذلك، فإنه يستغل، كما يبدو، الاستمرار في الحرب لتأجيل هذه المواجهة. وهو يدعي أنه منشغل في الحرب وليس مستعداً حالياً للإدلاء بشهادته. وقد تدارس مع فريقه كيفية إقناع المحكمة بأن وضعه صعب خصوصاً بعد أن أرسل «حزب الله» مرتين طائرة مسيّرة لاغتياله، وفي إحداها أصيب بيته في قيسارية.

وبحسب مقرب منه فإنه سيطرح على المحكمة تقديرات من المخابرات تشير إلى أن «أعداء إسرائيل في إيران وأذرعها ينوون إطلاق طائرة مسيّرة أخرى تستهدف مبنى المحكمة المركزية في القدس خلال محاكمته». ولمزيد من الإقناع، يحاول نتنياهو، بحسب الصحيفة، تشريع قانون يمنع الإفصاح عن مكان وجوده وتحركاته، لأسباب أمنية. وبهذه الطريقة يصبح وجوده في المحكمة مخالفاً للقانون. وفرض وجوده في مكان محدد بشكل ثابت، أي في المحكمة، يستدعي معاقبة كل من يخالف ذلك جنائياً.

محتجون ضد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وحكومته يفترشون الأرض وخلفهم قوات من الشرطة في القدس يوم 28 أكتوبر الماضي (رويترز)

يذكر أن الاستطلاع نفسه أشار إلى أن شعبية نتنياهو تتحسن بشكل طفيف ولكن على حساب حلفائه في الائتلاف. وما زال منافسوه يتمتعون بأكثرية. وفي حال جرت انتخابات للكنيست (البرلمان) الآن، فإنه سيرتفع تمثيل أحزاب الائتلاف بمقعدين، مقارنة مع نتائج الاستطلاع الذي نشرته «معاريف» الأسبوع الماضي، وسيكون 52 مقعداً، بينما يتراجع تمثيل الأحزاب الصهيونية المعارضة في الائتلاف إلى 58 مقعداً، ويبقى تمثيل الأحزاب العربية عند 10 مقاعد. وفي هذه الحالة، يحصل حزب الليكود على 23 مقعداً (يوجد له اليوم 32 مقعداً)، والمعسكر الرسمي بقيادة بيني غانتس 20 مقعداً (يوجد له اليوم 8 مقاعد لكن الاستطلاعات كانت تمنحه قبل الحرب 40 مقعداً وبدأ يهبط)، و«يسرائيل بيتينو» بقيادة أفيغدور ليبرمان 14 مقعداً (يوجد له اليوم 6 مقاعد)، و«ييش عتيد» بقيادة يائير لبيد 13 مقعداً (يوجد له اليوم 24)، وحزب الديمقراطيين اليساري بقيادة يائير غاولان 11 مقعداً (له اليوم 4 مقاعد)، وحزب المتدينين الشرقيين بقيادة إريه درعي - شاس 10 مقاعد (يحافظ على قوته)، وحزب إيتمار بن غفير «عوتسما يهوديت» 8 مقاعد (له اليوم 6 مقاعد)، وحزب المتدينين الاشكناز «يهدوت هتوراة» 7 مقاعد (يحافظ على قوته)، كما يحافظ التكتلان العربيان على قوتيهما (الجبهة العربية للتغيير 5، القائمة المشتركة 5)، والصهيونية الدينية بقيادة بتسلئيل سموتريتش 4 مقاعد (يوجد له اليوم 8 مقاعد).

وفي حال خوض حزب جديد برئاسة نفتالي بنيت الانتخابات، فسيحصل هذا الحزب على 24 مقعداً، بينما تهبط بقية الأحزاب: الليكود 19، «المعسكر الوطني» 15، «ييش عتيد» 10، شاس 10، حزب الديمقراطيين 10، «يسرائيل بيتينو» 8، «عوتسما يهوديت» 7، «يهدوت هتوراة» 7، الجبهة العربية للتغيير 5، القائمة الموحدة 5. ولن يتجاوز حزب الصهيونية الدينية نسبة الحسم. وفي هذه الحالة، ستكون أحزاب المعارضة الصهيونية مع حزب بنيت ممثلة بـ67 مقعداً من مجموع 120، وأحزاب الائتلاف 43 مقعداً، والأحزاب العربية 10 مقاعد؛ ويستطيع بنيت تشكيل حكومة.

ويقول معارضون لنتنياهو إن هذه النتائج تفسر لماذا يمتنع عن التوجه إلى انتخابات مبكرة، ويصر على الاستمرار في الحرب، مع كل ما تحمله من خسائر في الأرواح، حتى يبقى رئيساً للحكومة ويؤجل محاكمته في قضايا الفساد.

اقرأ أيضاً