بعد أزمتي الأرز والدواجن... هل يغير الدولار مائدة المصريين؟

تحركات برلمانية وحكومية لتوفير الأعلاف

أسعار البيض في مصر شهدت ارتفاعا في الشهور الأخيرة ( صفحة وزارة الزراعة المصرية على فيسبوك)
أسعار البيض في مصر شهدت ارتفاعا في الشهور الأخيرة ( صفحة وزارة الزراعة المصرية على فيسبوك)
TT

بعد أزمتي الأرز والدواجن... هل يغير الدولار مائدة المصريين؟

أسعار البيض في مصر شهدت ارتفاعا في الشهور الأخيرة ( صفحة وزارة الزراعة المصرية على فيسبوك)
أسعار البيض في مصر شهدت ارتفاعا في الشهور الأخيرة ( صفحة وزارة الزراعة المصرية على فيسبوك)

مع ارتفاع أسعار البيض في مصر، لجأ السائق علي عابدين (58 عاما) إلى شراء «كَسر البيض» (المكسور)، في محاولة لتلبية حاجته وأفراد أسرته من البيض، وللهروب من ارتفاع ثمنه.
ويقول عابدين لـ«الشرق الأوسط» إن «سعر الكرتونة تخطى 80 جنيها، لذا كان الحل في البيض الكسر، الذي اشتريته بـ50 جنيها فقط». كما لجأ الرجل الذي يقطن بإحدى قرى محافظة المنوفية، إلى حيلة أخرى بديلة لأعلاف الدواجن، حيث اتجه إلى خلط الخبز «الناشف» بالماء وتقديمه إلى الدواجن، التي تقوم زوجته بتربيتها في منزلهما، «بعد أن ارتفع سعر الأعلاف إلى 4 أضعاف في فترة قصيرة، ولم نعد نشتريها»، وفق قوله.
تعكس كلمات المصري الخمسيني محاولات المصريين للبحث عن البدائل في الغذاء، والتعايش مع أزمة ذات ظل دولي ارتفع بسببها سعر صرف الدولار مقابل الجنيه المحلي.
وتواجه مصر نقصا في «أعلاف الدواجن»، ما أثار «قلقاً» ظهرت ذروته قبل يومين مع انتشار مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، لعمليات إعدام لصغار الدواجن «الكتاكيت» بسبب عدم وجود أعلاف كافية، مما دفع أصحاب المزارع (المربين) إلى التخلص منها.
الواقعة السابقة وصلت إلى البرلمان المصري، حيث دعا رئيس مجلس النواب المصري (الغرفة الأولى من البرلمان) المستشار الدكتور حنفي الجبالي، اليوم (الاثنين)، الحكومة إلى «سرعة اتخاذ اللازم نحو حل مشكلة الإنتاج الداجني، وتكليف وزير الزراعة واستصلاح الأراضي والمسؤولين في الوزارات المعنية والبنك المركزي بسرعة اتخاذ اللازم في هذا الشأن».
وشدد «الجبالي» - خلال جلسة مجلس النواب وعقب البيان الذي ألقاه رئيس لجنة الزراعة والري والأمن الغذائي والثروة الحيوانية النائب هشام الحصري، بهذا الخصوص - على ضرورة حضور اجتماع لجنة الزراعة والري والأمن الغذائي والثروة الحيوانية المقرر انعقاده بعد ظهر غد لمناقشة هذا الموضوع والوقوف على إيجاد حلول سريعة لهذه المشكلة.
ومع أول رد فعل تجاه الأزمة، أكد رئيس الوزراء المصري الدكتور مصطفى مدبولي، أمس، أن هذه الأزمة هي «نتاج التداعيات السلبية للأزمة العالمية، والتي طالت العديد من السلع والمنتجات الأخرى وليس فقط الأعلاف المخصصة لهذه الصناعة، ولا يعلم أحد إلى أي مدى زمني سيطول أمد هذه الحرب الراهنة».
واستدرك: «الجميع يعلم أن الدولة تتحرك لتقليل حدة تلك التداعيات السلبية التي ألقت بظلالها على مختلف مناحي الحياة، ولذا فالدولة تسعى لتوفير العملة الصعبة وفقا لفقه الأولويات، ولا سيما ما يتعلق منها بتوفير الغذاء، والوقود، ومستلزمات الإنتاج، وبالطبع فنحن نضع الأعلاف ضمن مستلزمات الإنتاج، ولذا نبذل جهودا كبيرة من أجل التغلب على هذه المشكلة».
وأوضح رئيس مجلس الوزراء أنه منذ اندلاع هذه المشكلة، تم التواصل مع البنك المركزي ووزير الزراعة واستصلاح الأراضي؛ بهدف إيجاد آلية عاجلة للتحرك السريع لاحتواء هذه المشكلة وفق الإمكانات المتاحة، مؤكدا أن الحكومة تعمل، بتوجيهات رئيس الجمهورية، على دفع جميع الصناعات ومنها صناعة الدواجن، لافتا إلى أنه تم التنسيق مع البنك المركزي على سرعة الإفراج عن أكبر قدر ممكن من الأعلاف؛ من أجل دعم صناعة الدواجن.
وتنتج حلقات الدواجن في مصر يوميا 40 مليون بيضة، ومليوناً ونصف المليون دجاجة يوميا، بحسب الدكتور ثروت الزيني، نائب رئيس اتحاد منتجي الدواجن، في تصريحات تلفزيونية، أمس، متابعاً أن رئيس الوزراء لديه إلمام كامل بنقص الأعلاف، وتم تدبير 44 مليون دولار للإفراج عن أكثر من 65 ألف طن من فول الصويا، وسيتم ضخها لمصانع الأعلاف خلال ساعات، كما أن هناك تواصلاً مع وزارة الزراعة والبنك المركزى عن الكميات المطلوبة من الأعلاف، حيث نحتاج 250 ألف بذرة من فول الصويا.
وقبل أيام شهد البرلمان المصري أيضاً طلب إحاطة موجهاً لرئيس مجلس الوزراء، ووزير التموين والتجارة الداخلية، بشأن وجود أزمة في محصول الأرز بالأسواق، ما أدى إلى ارتفاع سعره بسبب نقص المعروض رغم تحديد سعره من جانب وزارة التموين، وبين الطلب أن السبب يرجع إلى أن بعض مضارب الأرز توقفت عن العمل خوفاً من التعرض لحملات التفتيش من وزارة التموين ومواجهة تهمة «الاحتكار».
تزامن مع ذلك إعلان وزير التموين، انفراج أزمة مضارب الأرز، وأنه سيتم فتح الباب اليوم لكل المضارب الخاصة المعتمدة والمرخصة لتسلم الأرز من المزارعين.
وكانت الحكومة قد لجأت إلى تسعير الأرز «السائب» بـ12 جنيها، والأرز المعبأ بـ15 جنيها بحد أقصى، وبحسب الدرجة.
وقال الدكتور أحمد خورشيد مؤسس معهد بحوث تكنولوجيا الأغذية التابع لمركز البحوث الزراعية في مصر، لـ«الشرق الأوسط»: «مع الأزمات التي نشهدها يجب أن تتغير الثقافة الغذائية لدى المصريين، فيجب أولا أن نحافظ على ما هو موجود لدينا، مع منع الفاقد، ورغم كل هذه الظروف فإننا نجد فاقدا كبيرا تعكسه سلال القمامة، وبالتالي هو مظهر من مظاهر عدم الحفاظ على الغذاء، كما أننا لا ننشر التثقيف الغذائي والصحي».
ويشرح خورشيد أنه «مع ارتفاع أسعار اللحوم والدواجن بشكل كبير، فإن المواطن سيبحث عن أطعمة أخرى لها نفس القيمة، وقد يدفع فيها نصف أو ربع سعر اللحوم والدواجن».
ويتابع: «الأزمات العالمية ستدفع بلا شك في اتجاه تغيير الثقافة الغذائية»، لافتاً إلى أن «المزارع المصري يجب أن يستثمر ما لديه من إمكانيات، عبر العودة إلى التوسع في تربية الدواجن التي تنتج البيض منزلياً مع مراعاة الأساليب العلمية الحديثة».
ويوضح خبير تكنولوجيا الأغذية أنه «بالتوازي مع مطالبة المواطن بتغيير أنماطه الغذائية، يتوجب أيضا على الحكومة أن تنتقي الأصناف الغذائية عالية الإنتاجية ورفع إنتاجية الأرض، والبحث العلمي يجب أن يلعب دورا كبيرا في ذلك، عبر الاتجاه إلى الأساليب الجديدة في الزراعة والتكنولوجيات الحديثة».


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


البرهان: لا تفاوض ولا تسوية مع «قوات الدعم السريع»

قائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان يخاطب مؤتمراً اقتصادياً في بورتسودان (الجيش السوداني)
قائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان يخاطب مؤتمراً اقتصادياً في بورتسودان (الجيش السوداني)
TT

البرهان: لا تفاوض ولا تسوية مع «قوات الدعم السريع»

قائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان يخاطب مؤتمراً اقتصادياً في بورتسودان (الجيش السوداني)
قائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان يخاطب مؤتمراً اقتصادياً في بورتسودان (الجيش السوداني)

أكد رئيس مجلس السيادة، قائد الجيش السوداني، الفريق عبد الفتاح البرهان، الاثنين، رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع «قوات الدعم السريع»، وقال إن «التسوية التي طرحناها أن تضع تلك القوات السلاح، وتتجمع في أماكن معينة»، بعد ذلك ينظر الشعب في شأنها».

ولدى مخاطبته مؤتمر حول قضايا المرأة في شرق السودان، بمدينة بورتسودان العاصمة الإدارية المؤقتة للبلاد، تعهد البرهان بالقضاء على «الميليشيا المتمردة طال الزمن أو قصر». وأضاف أن ما يتردد في وسائل التواصل الاجتماعي عن تسوية مع «قوات الدعم السريع» غير صحيح، مشيراً إلى أنها ارتكبت انتهاكات في حق المواطنين، ولا تزال تحاصر مدينة الفاشر عاصمة شمال ولاية دارفور في غرب البلاد.

وأضاف أن الحديث عن تقدم مجلس السيادة بدعوة للقوى السياسية لعقد مؤتمر للتفاوض بمدينة أركويت في شرق السودان، «ليس صحيحاً»، مضيفاً أن «باب التوبة مفتوح، ونرحب بأي سوداني مخلص، لكن التوبة لها شروط».

وقال إن القوات المسلحة (الجيش) والقوات النظامية الأخرى و«المستنفرين» (المدنيين الذين سلحهم الجيش) يمضون «بكل عزيمة وإصرار نحو القضاء على ميليشيا آل دقلو الإرهابية المجرمة»، في إشارة إلى عائلة قائد «قوات الدعم السريع» الفريق محمد حمدان دقلو، المعروف باسم «حميدتي».

وشدد البرهان على ضرورة الاهتمام بالمرأة لتسهم في بناء السودان، مشيراً إلى أن المرأة في شرق البلاد لم تنل حظها في التعليم، بسبب عادات وتقاليد كانت سائدة في المجتمع.

نازحون سودانيون من ولاية سنار لدى وصولهم إلى مدينة القضارف في يوليو الماضي (أ.ف.ب)

ميدانياً، واصل الجيش تقدمه في ولاية سنار، حيث استعاد عدداً من البلدات بعد سيطرته مؤخراً على مدينة سنجة عاصمة الولاية التي تقع في الجزء الجنوبي الشرقي للبلاد. وأفادت مصادر محلية «الشرق الأوسط» بأن قوات الجيش مسنودة بعدد من كتائب الإسلاميين «المستنفرين» تمكنوا منذ يوم الأحد من استعادة السيطرة الكاملة على بلدات ريفية مجاورة للعاصمة سنجة، وهي «ود النيل» و«أبوحجار» و«دونتاي»، دون خوض معارك مع «قوات الدعم السريع» التي انسحبت، وبدأت في التوغل نحو ولاية النيل الأزرق جنوب شرقي البلاد. ووفق المصادر نفسها، أصبحت كل مدن وبلدات الولاية تحت سيطرة الجيش الذي يحاصر ما تبقى من «قوات الدعم السريع» في بلدتي «الدالي» و«المزمزم».

وكان الجيش قد أعلن، يوم السبت، استعادته رئاسة «الفرقة 17» مشاة في مدينة سنجة. وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي خاض الجيش معارك ضارية ضد «قوات الدعم السريع»، نجح من خلالها في استعادة السيطرة على منطقة «جبل موية» ذات الموقع الاستراتيجي التي تربط ولاية سنار بولايتي الجزيرة والنيل الأبيض.

ولا تزال «قوات الدعم السريع» تسيطر على معظم أنحاء العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة في وسط البلاد ومنطقة غرب دارفور الشاسعة، إضافة إلى جزء كبير من ولايات كردفان إلى الجنوب. ووفقاً لحصر الأمم المتحدة وشركاء العمل الإنساني في السودان، قتل أكثر من 188 ألف شخص، وأصيب أكثر من 33 ألفاً منذ اندلاع الصراع بين الجيش و«قوات الدعم السريع» في أبريل (نيسان) 2023.