هل يضطلع الجيش الباكستاني بدور ضد «داعش» في أفغانستان؟

قلق من صعود التنظيم الإرهابي كقوة مسلحة في إقليم نورستان

أحد أفراد الشرطة الكوماندوز الباكستانية في حراسة لضمان الأمن خارج الاستاد الوطني حيث شارك لاعبو فريق الكريكيت الإنجليزي في جلسة تدريبية في كراتشي سبتمبر (أ.ب)
أحد أفراد الشرطة الكوماندوز الباكستانية في حراسة لضمان الأمن خارج الاستاد الوطني حيث شارك لاعبو فريق الكريكيت الإنجليزي في جلسة تدريبية في كراتشي سبتمبر (أ.ب)
TT

هل يضطلع الجيش الباكستاني بدور ضد «داعش» في أفغانستان؟

أحد أفراد الشرطة الكوماندوز الباكستانية في حراسة لضمان الأمن خارج الاستاد الوطني حيث شارك لاعبو فريق الكريكيت الإنجليزي في جلسة تدريبية في كراتشي سبتمبر (أ.ب)
أحد أفراد الشرطة الكوماندوز الباكستانية في حراسة لضمان الأمن خارج الاستاد الوطني حيث شارك لاعبو فريق الكريكيت الإنجليزي في جلسة تدريبية في كراتشي سبتمبر (أ.ب)

على مدى العامين الماضيين، أجرى قادة الجيش الباكستاني مفاوضات مكثفة مع شركاء إقليميين حول إمكانية الاضطلاع بدور مركزي في منع صعود تنظيم «داعش» في أفغانستان، في تطور يشكّل تهديداً خطيراً لأمن باكستان أيضاً.
وقد تفاعل الروس والإيرانيون بانتظام مع القادة العسكريين الباكستانيين خلال العامين الماضيين، وتبادلوا خلال هذه العملية المعلومات حول صعود تنظيم «داعش» في الأجزاء الشرقية والشمالية من أفغانستان.
وترفض النخبة السياسية والعسكرية الباكستانية بشدة أي تدخل عسكري مباشر في الشؤون الداخلية لأفغانستان، نظراً للدروس التي تعلمتها من انخراطها في أفغانستان لمدة 30 عاماً. ومع ذلك، فمع مرور كل يوم يزداد احتمال التفاعل الباكستاني سياسياً واستخباراتياً في الشؤون الداخلية الأفغانية، وهو تفاعل يمكن أن يجعلها تضطلع بدور في المساعدة الأمنية لـ«طالبان» عبر التعامل مع تهديدات تنظيم «داعش».
وخلال هذه الفترة، عقد رؤساء الاستخبارات في 6 دول إقليمية، من بينها روسيا وإيران والصين، و3 دول في وسط آسيا، اجتماعات في إسلام أباد.
وتقرر في هذه الاجتماعات أن تقدم هذه الدول الإقليمية المعلومات الاستخباراتية في الوقت المناسب إلى حركة «طالبان» الأفغانية، حتى تتمكن من التعامل مباشرة مع تهديدات «داعش».
وتتابع أجهزة الأمن الباكستانية عن كثب صعود تنظيم «داعش» في المنطقة الشرقية من أفغانستان، وتتعرض باكستان في معرض هذه العملية لهجمات طائفية في المدن والبلدات والمناطق الحدودية. ويقول الخبراء، إن الهجمات الطائفية يمكن أن تزعزع استقرار باكستان أيضاً، فيما نفى المسؤولون الباكستانيون إمكانية الوجود المنظم لتهديدات «داعش» في بلدانهم، وأشاروا في تأكيداتهم العلنية إلى تصاعد موجة العنف الذي يقوده تنظيم «داعش» في أفغانستان.
وأعرب الاتحاد الروسي وإيران عن مخاوفهما في اجتماعاتهما مع مسؤولين باكستانيين، حول تصاعد أعمال العنف التي يقودها تنظيم «داعش» في محافظة أفغانستان الشمالية، وفي غرب أفغانستان على التوالي.
ويشعر الاتحاد الروسي بالقلق إزاء ظهور تنظيم «داعش» في المقاطعات الشمالية من أفغانستان، التي تقع على الحدود مع دول آسيا الوسطى، بما فيها طاجيكستان وأوزبكستان وتركمنستان، حيث تعتبر المؤسسة الأمنية الروسية آسيا الوسطى ضمن المنطقة الأمنية التي تقع ضمن نطاق نفوذها. وعلى نحو مماثل، قاد تنظيم «داعش» أعمال عنف في غرب أفغانستان، مما أثار قلق إيران، غير أن مسؤولين باكستانيين قالوا إن إيران قلقة من صعود تنظيم «داعش» بشكل عام في الدولة المجاورة.
كما يشعر الباكستانيون بالقلق إزاء صعود تنظيم «داعش» كقوة مسلحة في إقليم نورستان شرق أفغانستان، المتاخم للأراضي الباكستانية. وأعرب مسؤولون عسكريون باكستانيون علناً عن قلقهم إزاء صعود تنظيم «داعش» في نورستان، الذي يقولون إنه مصدر للعنف الطائفي على الأراضي الباكستانية.
وعلى الرغم من أن الحكومة الباكستانية تنفي بشدة وجود تنظيم «داعش» المنظم على أراضيها، فقد استعرضت القيادة المدنية والعسكرية الباكستانية - في أحد اجتماعاتها الأخيرة - الأوضاع الأمنية الإقليمية الجديدة الناشئة عن أعمال العنف التي يقودها تنظيم «داعش» في أفغانستان ومدينة كويتا الباكستانية.
وأثار الإيرانيون والروس مسألة صعود تنظيم «داعش» في أفغانستان، خلال العامين الماضيين، عندما زارت القيادة المدنية والعسكرية الباكستانية طهران وموسكو لإجراء محادثات ثنائية على المستوى السياسي والعسكري مع نظرائهما. ولم تدخل باكستان حتى الآن في أي ترتيبات رسمية مع هذه الدول الإقليمية لتشكيل آلية للنظر في الآثار الأمنية لصعود تنظيم «داعش» في أفغانستان. ويقول كورام إقبال، الأستاذ المشارك في جامعة الدفاع الوطني الباكستانية، وخبير مكافحة الإرهاب، لـ«الشرق الأوسط»: «عثر مقاتلو (داعش) في شرق أفغانستان على جهة مضيفة راغبة في التعاون، وهناك مجموعة من عناصر (طالبان) المتشددة المتمركزة في نورستان، والتي كانت متحالفة رسمياً مع حركة (طالبان) الأفغانية، ثم انضمت الآن إلى (داعش)».


مقالات ذات صلة

إسلام آباد: «طالبان باكستان» قد تستهدف عمران خان

العالم إسلام آباد: «طالبان باكستان» قد تستهدف عمران خان

إسلام آباد: «طالبان باكستان» قد تستهدف عمران خان

ذكرت وسائل إعلام باكستانية أمس (الاثنين)، نقلاً عن تقرير سري لوزارة الدفاع، أن رئيس الوزراء السابق عمران خان وزعماء سياسيين آخرين، قد يجري استهدافهم من قبل تنظيمات إرهابية محظورة خلال الحملة الانتخابية. وذكر التقرير على وجه التحديد عمران خان، ووزير الدفاع خواجة آصف، ووزير الداخلية رنا سناء الله، أهدافاً محتملة لهجوم إرهابي خلال الحملة الانتخابية. وقدمت وزارة الدفاع تقريرها إلى المحكمة العليا في وقت سابق من الأسبوع الحالي.

عمر فاروق (إسلام آباد)
العالم 3 قتلى بقنبلة استهدفت مركزاً للشرطة في باكستان

3 قتلى بقنبلة استهدفت مركزاً للشرطة في باكستان

أسفر اعتداء بقنبلة استهدف اليوم (الاثنين) مركزا لشرطة مكافحة الإرهاب الباكستانية عن ثلاثة قتلى وتسبب بانهيار المبنى، وفق ما أفادت الشرطة. وقال المسؤول في الشرطة المحلية عطاء الله خان لوكالة الصحافة الفرنسية إن «قنبلتين انفجرتا» في مركز الشرطة «وأسفرتا عن مقتل ثلاثة أشخاص على الأقل» في مدينة كابال الواقعة في وادي سوات بشمال غربي باكستان.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
العالم باكستان: 358 قتيلاً بثلاثة شهور بسبب الإرهاب

باكستان: 358 قتيلاً بثلاثة شهور بسبب الإرهاب

تمكّن الجيش الباكستاني من القضاء على ثمانية مسلحين من العناصر الإرهابية خلال عملية نفذها في مقاطعة وزيرستان شمال غربي باكستان. وأوضح بيان صادر عن الإدارة الإعلامية للجيش اليوم، أن العملية التي جرى تنفيذها بناءً على معلومات استخباراتية، أسفرت أيضًا عن مقتل جنديين اثنين خلال تبادل إطلاق النار مع الإرهابيين، مضيفًا أنّ قوات الجيش صادرت من حوزة الإرهابيين كمية من الأسلحة والمتفجرات تشمل قذائف». ونفذت جماعة «طالبان» الباكستانية، وهي عبارة عن تحالف لشبكات مسلحة تشكل عام 2007 لمحاربة الجيش الباكستاني، ما يقرب من 22 هجوماً.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
الاقتصاد باكستان تقترب من اتفاق مع صندوق النقد بعد تعهد الإمارات بمليار دولار

باكستان تقترب من اتفاق مع صندوق النقد بعد تعهد الإمارات بمليار دولار

قال وزير المالية الباكستاني، إسحق دار، اليوم (الجمعة)، إن الإمارات أكدت تقديم دعم بقيمة مليار دولار لإسلام أباد، ما يزيل عقبة أساسية أمام تأمين شريحة إنقاذ طال انتظارها من صندوق النقد الدولي. وكتب دار على «تويتر»: «مصرف دولة باكستان يعمل الآن على الوثائق اللازمة لتلقي الوديعة المذكورة من السلطات الإماراتية». ويمثل هذا الالتزام أحد آخر متطلبات الصندوق قبل أن يوافق على اتفاقية على مستوى الخبراء للإفراج عن شريحة بقيمة 1.1 مليار دولار تأخرت لأشهر عدة، وتعد ضرورية لباكستان لعلاج أزمة حادة في ميزان المدفوعات. ويجعل هذا التعهد الإمارات ثالث دولة بعد السعودية والصين تقدم مساعدات لباكستان التي تحتاج إل

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
العالم باكستان: مقتل أربعة رجال شرطة في معركة بالأسلحة النارية مع الإرهابيين

باكستان: مقتل أربعة رجال شرطة في معركة بالأسلحة النارية مع الإرهابيين

أعلنت الشرطة الباكستانية مقتل 4 رجال شرطة باكستانيين على الأقل في معركة بالأسلحة النارية مع الإرهابيين في مدينة كويتا في الساعات الأولى من الثلاثاء. وقال قائد شرطة العمليات في كويتا، كابتن زهيب موشين، لموقع صحيفة «دون» الباكستانية، إنه جرى شن العملية لتحييد الإرهابيين الذين شاركوا في الهجمات السابقة على قوات الأمن في كوتشلاك. وأضاف زهيب أن العملية أجريت بالاشتراك مع أفراد شرطة الحدود، حسب موقع صحيفة «دون» الباكستانية. وقال زهيب إن عناصر إنفاذ القانون طوقوا، خلال العملية، منزلاً في كوتشلاك، أطلق منه الإرهابيون النار على رجال الشرطة ما أدى إلى مقتل أربعة منهم.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
TT

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)

نجح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في خلق بيئة مواتية لانتشار أسلحة نووية جديدة في أوروبا وحول العالم، عبر جعل التهديد النووي أمراً عادياً، وإعلانه اعتزام تحويل القنبلة النووية إلى سلاح قابل للاستخدام، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

في عام 2009، حصل الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على «جائزة نوبل للسلام»، ويرجع ذلك جزئياً إلى دعوته إلى ظهور «عالم خالٍ من الأسلحة النووية». وفي ذلك الوقت، بدت آمال الرئيس الأميركي الأسبق وهمية، في حين كانت قوى أخرى تستثمر في السباق نحو الذرة.

وهذا من دون شك أحد أخطر آثار الحرب في أوكرانيا على النظام الاستراتيجي الدولي. فعبر التهديد والتلويح المنتظم بالسلاح الذري، ساهم فلاديمير بوتين، إلى حد كبير، في اختفاء المحرمات النووية. وعبر استغلال الخوف من التصعيد النووي، تمكن الكرملين من الحد من الدعم العسكري الذي تقدمه الدول الغربية لأوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، ومن مَنْع مشاركة الدول الغربية بشكل مباشر في الصراع، وتخويف جزء من سكان هذه الدول، الذين تغلّب عليهم «الإرهاق والإغراءات بالتخلي (عن أوكرانيا) باسم الأمن الزائف».

بدأ استخفاف الكرملين بالأسلحة النووية في عام 2014، عندما استخدم التهديد بالنيران الذرية للدفاع عن ضم شبه جزيرة القرم من طرف واحد إلى روسيا. ومنذ ذلك الحين، لُوّح باستخدام السلاح النووي في كل مرة شعرت فيها روسيا بصعوبة في الميدان، أو أرادت دفع الغرب إلى التراجع؛ ففي 27 فبراير 2022 على سبيل المثال، وُضع الجهاز النووي الروسي في حالة تأهب. وفي أبريل (نيسان) من العام نفسه، استخدمت روسيا التهديد النووي لمحاولة منع السويد وفنلندا من الانضمام إلى «حلف شمال الأطلسي (ناتو)». في مارس (آذار) 2023، نشرت روسيا صواريخ نووية تكتيكية في بيلاروسيا. في فبراير 2024، لجأت روسيا إلى التهديد النووي لجعل النشر المحتمل لقوات الـ«ناتو» في أوكرانيا مستحيلاً. وفي الآونة الأخيرة، وفي سياق المفاوضات المحتملة مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، جلبت روسيا مرة أخرى الخطاب النووي إلى الحرب، من خلال إطلاق صاروخ باليستي متوسط ​​المدى على أوكرانيا. كما أنها وسعت البنود التي يمكن أن تبرر استخدام الأسلحة الذرية، عبر مراجعة روسيا عقيدتها النووية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع مع قيادة وزارة الدفاع وممثلي صناعة الدفاع في موسكو يوم 22 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

التصعيد اللفظي

تأتي التهديدات النووية التي أطلقتها السلطات الروسية في الأساس ضمن الابتزاز السياسي، وفق «لوفيغارو». ولن تكون لدى فلاديمير بوتين مصلحة في اتخاذ إجراء عبر تنفيذ هجوم نووي تكتيكي، وهو ما يعني نهاية نظامه. فالتصعيد اللفظي من جانب القادة الروس ورجال الدعاية لم تصاحبه قط تحركات مشبوهة للأسلحة النووية على الأرض. ولم يتغير الوضع النووي الروسي، الذي تراقبه الأجهزة الغربية من كثب. وتستمر الصين أيضاً في لعب دور معتدل، حيث تحذّر موسكو بانتظام من أن الطاقة النووية تشكل خطاً أحمر مطلقاً بالنسبة إليها.

إن التهوين من الخطاب الروسي غير المقيد بشكل متنامٍ بشأن استخدام الأسلحة النووية ومن التهديد المتكرر، قد أدى إلى انعكاسات دولية كبيرة؛ فقد غير هذا الخطاب بالفعل البيئة الاستراتيجية الدولية. ومن الممكن أن تحاول قوى أخرى غير روسيا تقليد تصرفات روسيا في أوكرانيا، من أجل تغيير وضع سياسي أو إقليمي راهن محمي نووياً، أو إنهاء صراع في ظل ظروف مواتية لدولة تمتلك السلاح النووي وتهدد باستخدامه، أو إذا أرادت دولة نووية فرض معادلات جديدة.

يقول ضابط فرنسي: «لولا الأسلحة النووية، لكان (حلف شمال الأطلسي) قد طرد روسيا بالفعل من أوكرانيا. لقد فهم الجميع ذلك في جميع أنحاء العالم».

من الجانب الروسي، يعتبر الكرملين أن الحرب في أوكرانيا جاء نتيجة عدم الاكتراث لمخاوف الأمن القومي الروسي إذ لم يتم إعطاء روسيا ضمانات بحياد أوكرانيا ولم يتعهّد الغرب بعدم ضم كييف إلى حلف الناتو.

وترى روسيا كذلك أن حلف الناتو يتعمّد استفزاز روسيا في محيطها المباشر، أكان في أوكرانيا أو في بولندا مثلا حيث افتتحت الولايات المتحدة مؤخرا قاعدة عسكرية جديدة لها هناك. وقد اعتبرت موسكو أن افتتاح القاعدة الأميركية في شمال بولندا سيزيد المستوى العام للخطر النووي.