إيران تغرق في مزيد من الأزمات بعد حريق سجن «إيفين»

واشنطن وباريس تحمّلان طهران مسؤولية سلامة مواطنيهما

سجن إيفين في طهران أثناء التهام النيران له مساء السبت (أ.ف.ب)
سجن إيفين في طهران أثناء التهام النيران له مساء السبت (أ.ف.ب)
TT

إيران تغرق في مزيد من الأزمات بعد حريق سجن «إيفين»

سجن إيفين في طهران أثناء التهام النيران له مساء السبت (أ.ف.ب)
سجن إيفين في طهران أثناء التهام النيران له مساء السبت (أ.ف.ب)

أدّى الحريق الذي اندلع بسجن إيفين في طهران، مساء السبت، حتى صباح أمس (الأحد)، إلى مقتل 4 سجناء، وإصابة 61، وفق موقع «ميزان أونلاين» التابع للسلطات القضائية الإيرانية. لكن مصادر أخرى تحدثت عن أرقام أكثر من المعلنة، ما زاد في إشعال الأزمة التي تواجهها إيران منذ أكثر من شهر، حيث اشتعلت احتجاجات شعبية واسعة في عدد من المدن، بسبب وفاة الشابة الإيرانية مهسا أميني على أيدي «شرطة الأخلاق».
وقال موقع «ميزان أونلاين»، التابع للسلطات القضائية، إنّ «4 سجناء لقوا حتفهم بسبب استنشاق الدخان الناجم عن الحريق، وأصيب 61»، مضيفاً أن 4 من المصابين في «حالة خطرة»، فيما أعربت منظمات حقوقية عن مخاوف على حياة السجناء، بعد سماع طلقات نارية وانفجارات أثناء الحريق الذي اندلع داخل المجمع حيث شوهد الدخان والنيران يخرجان منه، حسبما أظهرت مقاطع فيديو نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي.

أميركا وفرنسا
من جانبها، حذّرت الخارجية الأميركية من أن إيران تتحمل مسؤولية سلامة المواطنين الأميركيين المحتجزين في سجن إيفين. وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية، نيد برايس، في تغريدة: «تتحمل إيران المسؤولية الكاملة عن سلامة مواطنينا المحتجزين من دون وجه حق، الذين يجب إطلاق سراحهم فوراً»، مضيفاً أن واشنطن تتابع بشكل عاجل التقارير عن الحادث.
كما أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية أمس أن باريس تتابع «بأكبر قدر من الاهتمام» مصير الفرنسيين «المعتقلين قسراً» في سجن إيفين الذي يضم سجناء سياسيين وأجانب، بينهم الأكاديمية الفرنسية الإيرانية فاريبا عادلخاه. ويأتي الحريق، الذي أُلقي باللوم فيه على «أعمال شغب واشتباكات»، وتمّت السيطرة عليه لاحقاً وفقاً للسلطات، في وقت تشهد إيران احتجاجات واسعة، دخلت أسبوعها الخامس.
وأثارت وفاتها في 16 سبتمبر (أيلول) بعد 3 أيام على توقيفها أكبر موجة مظاهرات في إيران منذ احتجاجات عام 2019 ضد رفع أسعار الوقود. وسجن إيفين الواقع في شمال طهران، والمعروف بإساءة معاملة السجناء السياسيين، يضم سجناء أجانب وآلافاً ممن يواجهون تهماً جنائية. وأفادت تقارير بأنّ مئات ممن اعتُقلوا خلال المظاهرات أودعوا فيه.
وقالت مجموعة «حقوق الإنسان في إيران» التي مقرها في أوسلو: «لا نقبل التفسيرات الرسمية»، مضيفة أنها تلقت تقارير تفيد أن حراساً سعوا إلى «تحريض» السجناء.
وقال هادي قائمي، مدير مركز حقوق الإنسان في إيران، الذي يتخذ من نيويورك مقراً: «السجناء وبينهم السجناء السياسيون لا يملكون وسائل للدفاع عن أنفسهم داخل هذا السجن»، معبراً عن قلقه من تعرضهم للقتل. وقالت مجموعة «حرية التعبير - المادة 19» إنها سمعت بتقارير عن قطع اتصالات الهاتف والإنترنت في السجن، وإنها «قلقة جداً على سلامة سجناء إيفين».

سجينة سابقة
من جهتها، كتبت الناشطة الحقوقية الإيرانية، أتنا دائمي، التي كانت سجينة في إيفين لفترة طويلة، على «تويتر»، أنه في الساعات الأولى من الأحد شوهدت عدة حافلات وسيارات إسعاف تغادر السجن. وأفاد موقع «ميزان أونلاين»، في وقت متأخر من السبت، أنّه تم إخماد الحريق في السجن. ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية عن المدعي العام في طهران أن هذه الاضطرابات «ليست لها علاقة بأعمال الشغب الأخيرة في البلاد». وقال موقع «ميزان» إنّ السجناء الأربعة الذين ماتوا كانوا قد أدينوا بتهمة السرقة.
ويضم سجن إيفين سجناء أجانب، بينهم الأكاديمية الفرنسية الإيرانية فاريبا عادلخاه، والمواطن الأميركي سياماك نمازي، الذي قالت عائلته إنه أعيد إلى إيفين هذا الأسبوع، بعد فترة إفراج موقت، وفق ما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
وقال جاريد جنسير، محامي نمازي في الولايات المتحدة، إنّه تحدّث إلى عائلته، وإنه لم يصب بأذى. وقالت الأكاديمية الأسترالية، كايلي مور غيلبرت، التي احتجزت في إيفين لأكثر من 800 يوم، سجنت فيها في إيران، إن أقارب سجينات سياسيات معتقلات هناك أكدوا لها أن «كل النساء في جناح السجينات السياسيات في إيفين سالمات وبأمان». وأفاد داعمون للسجين الأسترالي مسعود مصاحب أنه يعاني تداعيات تنشقه الدخان والغاز المسيل للدموع. وكتبوا على حسابهم على «تويتر» أنه «بالكاد يستطيع الكلام».
وقال حسين صادقي، والد الناشط الحقوقي أراش صادقي، الذي اعتقل قبل بضعة أيام، إنه لم يتلقَ أي معلومات عن نجله، مضيفاً: «نحن قلقون بشدة على وضعه».
وأفادت تقارير أن المخرج الإيراني المعارض جعفر بناهي صاحب الجوائز السينمائية الدولية والسياسي الإصلاحي مصطفى تاج زاده محتجزان أيضاً في إيفين.
وأُطلق على السجن لقب «جامعة إيفين» بسبب العدد الهائل من المثقّفين المحتجزين فيه.

مظاهرات تضامن مع السجناء
وشددت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية، أنييس كالامار، على أنه «من واجب السلطات الإيرانية القانوني أن تحترم حياة جميع السجناء، وتتولى حمايتها». وأفادت مجموعات حقوقية عن مظاهرات تضامناً مع سجناء إيفين في طهران ليلاً، بعدما نزل متظاهرون غاضبون إلى الشوارع السبت، رغم انقطاع الإنترنت. وتتقدم الشابات الإيرانيات الموجة الحالية من احتجاجات الشوارع، وهي الأضخم من نوعها التي تشهدها البلاد منذ سنوات.
وهتفت نساء غير محجبات «على الملالي الرحيل» في كلية «شريعتي التقنية والمهنية» في طهران، وفق ما أظهر مقطع فيديو، تم تداوله عبر الإنترنت على نطاق واسع. وغرب طهران، ألقى محتجون مقذوفات على قوات الأمن بالقرب من دوار رئيسي في مدينة همدان، وفق صور تحققت منها وكالة الصحافة الفرنسية. وقُتل ما لا يقل عن 108 أشخاص في الاحتجاجات على وفاة أميني، كما قتل ما لا يقل عن 93 آخرين في اشتباكات منفصلة في زاهدان في محافظة سيستان بلوشستان، وفقاً لمنظمة حقوق الإنسان في إيران.
ونقلت وكالة أنباء «إرنا» الرسمية عن قيادي في «الحرس الثوري» قوله إن 3 من أفراد الباسيج (قوات التعبئة في الحرس) قتلوا، وأصيب 850 بجروح في طهران منذ بدء «الفتنة».
وأثارت حملة القمع إدانات دولية وعقوبات على إيران من بريطانيا وكندا والولايات المتحدة. واتفقت دول الاتحاد الأوروبي هذا الأسبوع على فرض عقوبات جديدة، ومن المقرر أن تقرّ هذه الخطوة في اجتماع وزراء خارجية التكتل، الاثنين، في لوكسمبورغ. وأكدت إيران، يوم الأحد، على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية، أنها أقوى من أن تتأثر بتصريحات الرئيس الأميركي جو بايدن الداعمة للاحتجاجات التي أعقبت وفاة الشابة مهسا أميني. وقال ناصر كنعاني، عبر «إنستغرام»، إن «إيران أقوى بكثير من أن تزعزع إرادتها التدخّلات... من سياسي تعب من القيام بأعمال غير مثمرة في السنوات الماضية».


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية إيران تحتجز ناقلة نفط ثانية

إيران تحتجز ناقلة نفط ثانية

احتجز «الحرس الثوري» الإيراني، أمس، ناقلة نقط في مضيق هرمز في ثاني حادث من نوعه في غضون أسبوع، في أحدث فصول التصعيد من عمليات الاحتجاز أو الهجمات على سفن تجارية في مياه الخليج، منذ عام 2019. وقال الأسطول الخامس الأميركي إنَّ زوارق تابعة لـ«الحرس الثوري» اقتادت ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما إلى ميناء بندر عباس بعد احتجازها، في مضيق هرمز فجر أمس، حين كانت متَّجهة من دبي إلى ميناء الفجيرة الإماراتي قبالة خليج عُمان. وفي أول رد فعل إيراني، قالت وكالة «ميزان» للأنباء التابعة للسلطة القضائية إنَّ المدعي العام في طهران أعلن أنَّ «احتجاز ناقلة النفط كان بأمر قضائي عقب شكوى من مدعٍ». وجاءت الو

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

نددت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس التابع للبحرية الأميركية وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم الخارجية الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

قالت منظمات غير حكومية إن فرنسا احتجزت العديد من الإيرانيين في مراكز اعتقال في الأسابيع الأخيرة، معتبرة ذلك إشارة إلى أنّ الحكومة «تصر على رغبتها في ترحيلهم إلى إيران» رغم نفي وزير الداخلية جيرالد دارمانان. وكتبت منظمات العفو الدولية، و«لا سيماد»، و«إيرانيان جاستس كوليكتيف» في بيان الأربعاء: «تواصل الحكومة إبلاغ قرارات الترحيل إلى إيران مهددة حياة هؤلاء الأشخاص وكذلك حياة عائلاتهم». واعتبرت المنظمات أن «فرنسا تصرّ على رغبتها في الترحيل إلى إيران»، حيث تشن السلطات قمعاً دامياً يستهدف حركة الاحتجاج التي اندلعت إثر وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني في سبتمبر (أيلول)، أثناء احتجازها لدى شرط

«الشرق الأوسط» (باريس)

مقتل 6 رهائن في غزة ربما يكون مرتبطاً بضربة إسرائيلية

TT

مقتل 6 رهائن في غزة ربما يكون مرتبطاً بضربة إسرائيلية

الجيش الإسرائيلي يقول إنه استعاد جثث 6 رهائن إسرائيليين من غزة (رويترز)
الجيش الإسرائيلي يقول إنه استعاد جثث 6 رهائن إسرائيليين من غزة (رويترز)

قال الجيش الإسرائيلي، اليوم الأربعاء، إنه استعاد جثث 6 رهائن إسرائيليين من غزة في أغسطس (آب) ربما ارتبط مقتلهم بضربة جوية إسرائيلية بالقرب من موقع احتجازهم.

ووفقاً لـ«رويترز»، قال الجيش في بيان عن التحقيق في مقتل الرهائن: «في وقت الضربة، لم يكن لدى الجيش أي معلومات، ولا حتى شك، بأن الرهائن كانوا في المجمع تحت الأرض أو بالقرب منه».

وأضاف: «لو توافرت مثل هذه المعلومات، لما وقعت الضربة».

وجاء في البيان: «من المرجح بشدة أن وفاتهم ارتبطت بالضربة التي وقعت بالقرب من المكان الذي كانوا محتجزين فيه»، على الرغم من أن الملابسات الدقيقة لم تتضح بعد.

وقال الجيش إن الغارة الجوية وقعت في فبراير (شباط) بينما تم العثور على جثث الرهائن في أواخر أغسطس (آب).

وأضاف التقرير أن الاحتمال الأكثر ترجيحاً هو أن المسلحين أطلقوا النار عليهم في وقت الضربة نفسه. ومن المحتمل أيضاً أن يكونوا قد قتلوا بالفعل في وقت سابق، أو أنهم تعرضوا لإطلاق النار عليهم بعد وفاتهم بالفعل.

وجاء في التقرير: «بسبب مرور وقت طويل، لم يتسن تحديد سبب وفاة الرهائن بوضوح أو التوقيت الدقيق لإطلاق النار».

وقال مسؤول عسكري إسرائيلي في إفادة صحافية إن أحد التغييرات التي طبقها الجيش منذ استعادة جثث الرهائن في أغسطس هو التأكد من عدم وجود رهائن في المنطقة قبل إصدار الأمر بشن غارة ضد المسلحين.

وأضاف المسؤول أن ما خلص إليه الجيش هو أن المسلحين المستهدفين في فبراير (شباط) «قُتلوا نتيجة لتأثيرات ثانوية لضربتنا»، مثل نقص الأكسجين، لكن العديد من تفاصيل الواقعة لم يتم تأكيدها بالكامل.

وقال منتدى عائلات الرهائن والمفقودين الذي يضغط للمطالبة بتحرير أكثر من 100 رهينة من إسرائيل ودول أخرى يعتقد أنهم ما زالوا محتجزين في غزة، إن النتائج «تمثل دليلاً آخر على أن حياة الرهائن تواجه خطراً يومياً مستمراً... الوقت حاسم».

وشنت إسرائيل حملتها العسكرية على غزة بعد أن هاجم مقاتلون بقيادة حركة «حماس» بلدات في جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وهو الهجوم الذي أسفر، وفقاً لإحصاءات إسرائيلية، عن مقتل 1200 شخص واقتياد أكثر من 250 رهينة إلى غزة. وأُطلق سراح أقل من نصف الرهائن خلال هدنة وحيدة في الحرب استمرت أسبوعاً في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وقالت السلطات الصحية في غزة إن الحملة العسكرية الإسرائيلية أسفرت عن مقتل أكثر من 44500 فلسطيني في القطاع الفلسطيني الذي تحول إلى أنقاض.