نجيب محفوظ ورمضان وأنا!

نجيب محفوظ ورمضان وأنا!
TT

نجيب محفوظ ورمضان وأنا!

نجيب محفوظ ورمضان وأنا!

مرات كثيرة زرتُ مصر، لا سيما في فترات ما قبل عام 2000، وكان أبرزها رساخة في الذاكرة تلك التي تمت في أشهر رمضان.
رمضانان، من تلك الرمضانات التي كنت فيها في القاهرة، قضيت شطرا منها عند الكاتب الكبير نجيب محفوظ، أجريت معه عدة حوارات صحافية، وقد صحبني خلالها إلى مقهاه الشهير مقهى (الفيشاوي) كانت أجواء رمضان، أحد أهم المظاهر التي تبقى عالقة في الذهن والوجدان.
أتذكر أن الكاتب، الحاصل على جائزة نوبل، ذكر لي أن روايته «خان الخليلي» كتبها خلال أحد أشهر رمضان، و«خان الخليلي» أحد الأعمال الشهيرة لنجيب محفوظ وتم تجسيدها في السينما في أحد كلاسيكيات السينما المصرية، الرواية تدور في الأربعينات. ودائما ما يستهويني إعادة قراءتها في رمضان، مستذكرا أيام الشهر الفضيل في القاهرة، حيث الكثير من الطقوس التي ظهرت أولاً في مصر، لتنتشر لاحقًا في باقي العالم العربي، مثل الفانوس الذي، يحمله الأطفال في كل مكان بسعادة، ويزيّن الشوارع والمحالّ والبيوت، تعبيرًا عن حب رمضان.
والشوارع يصبح لها طعم خاص، حيث تمتلئ بباعة الحلوى الشرقية مثل الكنافة والقطايف، والمخللات المختلفة الملونة التي لا تكتمل مائدة الإفطار سوى بها، إلى جانب محالّ وأكشاك بيع المشروبات الرمضانية الشهيرة، مثل التمر الهندي، العرقسوس، الشوارع أيضا تزدهر بموائد الإفطار التي يقيمها الكثير من فاعلي الخير أو المؤسسات المختلفة، ويتجمّع عليها الكل سواء من المسلمين أو المسيحيين، لتناول الإفطار معًا.
الرواية تحكي قصة أحمد أفندي عاكف موظف بالدرجة الثامنة في الأربعينات من عمرة أعزب ينتقل من مسكنه القديم بحي السكاكيني إلى منزل جديد في خان الخليلي الذي يعده هو وعائلته أقل رقيا من حيهم القديم، ولكنهم اضطروا إلى ذلك هروبا من الغارة الألمانية التي هزت حي السكاكيني وأثارت الرعب في أغلب السكان الذين بدأوا في المغادرة بحثا عن الأمان.
وتسترسل الرواية في سرد حكاية الساكن الجديد واكتشافه للحي الجديد وتعرفه على أهل الحي ونظراته إلى الفتاة الشابة التي تطل شرفتها على إحدى شرفتي غرفته التي بادلته النظرات هي الأخرى على استحياء، ولكن جسارته لم تسعفه إلى ما هو أكثر من النظرة.. ثم يأتي أخوه الشاب رشدي لتقع من أحبها أحمد أفندي عاكف بعشق رشدي.
وتدور الأحداث ليمرض رشدي ثم يموت، وتسود الكآبة العائلة، فيلحون على أحمد أفندي في البحث عن منزل جديد ينسيهم هذا الحي المشؤوم. ولا يلبث أحمد أفندي أن يجد منزلا جديدا للأسرة في حي الزيتون البعيد.
وقد اصطحبني مرة محفوظ إلى خان الخليلي، وكانت مظاهرة كبرى، حيث تجمع حوله مئات من المعجبين، وهو واحد من أهم الأحياء السياحية في القاهرة، له طابع خاص شديد الاختلاف، وهو النجم الأوحد الذي يحمل التاريخ بين طياته، يحتفظ بالقاهرة في شكلها التاريخي دون أن يتأثر بالعصر الحالي، ولم يتركه أصحابه فريسة للإهمال الذي طمس معالم باقي الأحياء.
ما أحلى رمضان وأيامه التي يحاول الزمن أن يقلل من بريقها بالعنف والقتال!
* صحافي عراقي



الشماغ السعودي في ذروة مواسم بيعه

بائع يستعرض عشرات الأنواع من الشماغ الذي يبلغ أعلى مواسمه البيعية في آخر رمضان (الشرق الأوسط)
بائع يستعرض عشرات الأنواع من الشماغ الذي يبلغ أعلى مواسمه البيعية في آخر رمضان (الشرق الأوسط)
TT

الشماغ السعودي في ذروة مواسم بيعه

بائع يستعرض عشرات الأنواع من الشماغ الذي يبلغ أعلى مواسمه البيعية في آخر رمضان (الشرق الأوسط)
بائع يستعرض عشرات الأنواع من الشماغ الذي يبلغ أعلى مواسمه البيعية في آخر رمضان (الشرق الأوسط)

أفصح مختصون في نشاط صناعة واستيراد الشماغ السعودي عن بلوغ هذا الزي التقليدي الرسمي أعلى مواسم البيع السنوية، مسجلاً مبيعات تُقدَّر بنحو 900 مليون ريال سنوياً، كاشفين عن توجهات المستهلكين الذين يبرز غالبيتهم من جيل الشباب، وميلهم إلى التصاميم الحديثة والعالمية، التي بدأت في اختراق هذا اللباس التقليدي، عبر دخول عدد من العلامات التجارية العالمية على خط السباق للاستحواذ على النصيب الأكبر من حصة السوق، وكذلك ما تواجهه السوق من تحديات جيوسياسية ومحلية.
ومعلوم أن الشماغ عبارة عن قطعة قماش مربعة ذات لونين (الأحمر والأبيض)، تُطوى عادة على شكل مثلث، وتُلبس عن طريق وضعها على الرأس، وهي لباس تقليدي للرجال في منطقة الخليج العربي وبعض المناطق العربية في العراق والأردن وسوريا واليمن، حيث يُعد جزءاً من ثقافة اللبس الرجالي، ويلازم ملابسه؛ سواء في العمل أو المناسبات الاجتماعية وغيرها، ويضفي عليه أناقة ويجعله مميزاً عن غيره.
وقال لـ«الشرق الأوسط»، الرئيس التنفيذي لـ«شركة الامتياز المحدودة»، فهد بن عبد العزيز العجلان، إن حجم سوق الأشمغة والغتر بجميع أنواعها، يتراوح ما بين 700 و900 مليون ريال سنوياً، كما تتراوح كمية المبيعات ما بين 9 و11 مليون شماغ وغترة، مضيفاً أن نسبة المبيعات في المواسم والأعياد، خصوصاً موسم عيد الفطر، تمثل ما يقارب 50 في المائة من حجم المبيعات السنوية، وتكون خلالها النسبة العظمى من المبيعات لأصناف الأشمغة المتوسطة والرخيصة.
وأشار العجلان إلى أن الطلب على الملابس الجاهزة بصفة عامة، ومن ضمنها الأشمغة والغتر، قد تأثر بالتطورات العالمية خلال السنوات الماضية، ابتداءً من جائحة «كورونا»، ومروراً بالتوترات العالمية في أوروبا وغيرها، وانتهاء بالتضخم العالمي وزيادة أسعار الفائدة، إلا أنه في منطقة الخليج العربي والمملكة العربية السعودية، فإن العام الحالي (2023) سيكون عام الخروج من عنق الزجاجة، وسيشهد نمواً جيداً مقارنة بالأعوام السابقة لا يقل عن 20 في المائة.
وحول توجهات السوق والمستهلكين، بيَّن العجلان أن غالبية المستهلكين للشماغ والغترة هم من جيل الشباب المولود بين عامي 1997 و2012، ويميلون إلى اختيار التصاميم والموديلات القريبة من أشكال التصاميم العالمية، كما أن لديهم معرفة قوية بأسماء المصممين العالميين والماركات العالمية، لافتاً إلى أن دخول الماركات العالمية، مثل «بييركاردان» و«إس تي ديبون» و«شروني 1881» وغيرها إلى سوق الأشمغة والغتر، ساهم بشكل فعال وواضح في رفع الجودة وضبط المواصفات.
وأضاف العجلان أن سوق الملابس كغيرها من الأسواق الاستهلاكية تواجه نوعين من المشكلات؛ تتمثل في مشكلات جيوسياسية ناتجة عن جائحة «كورونا» والحرب الروسية الأوكرانية، ما تسبب في تأخر شحن البضائع وارتفاع تكاليف الشحن وارتفاع الأسعار بسبب التضخم وارتفاع أسعار الفائدة، بينما تتمثل المشكلات المحلية في انتشار التقليد للعلامات العالمية والإعلانات المضللة أحياناً عبر وسائل الاتصال الاجتماعي.
من جهته، أوضح ناصر الحميد (مدير محل بيع أشمغة في الرياض) أن الطلب يتزايد على الأشمغة في العشر الأخيرة من شهر رمضان من كل عام، ويبدأ الطلب في الارتفاع منذ بداية الشهر، ويبلغ ذروته في آخر ليلتين قبل عيد الفطر، مضيفاً أن الشركات تطرح التصاميم الجديدة في شهر شعبان، وتبدأ في توزيعها على منافذ البيع والمتاجر خلال تلك الفترة.
وأشار الحميد إلى أن سوق الأشمغة شهدت، في السنوات العشر الأخيرة، تنوعاً في التصاميم والموديلات والماركات المعروضة في السوق، وتنافساً كبيراً بين الشركات المنتجة في الجودة والسعر، وفي الحملات التسويقية، وفي إطلاق تصاميم وتطريزات جديدة، من أجل كسب اهتمام المستهلكين وذائقتهم، والاستحواذ على النصيب الأكبر من مبيعات السوق، واستغلال الإقبال الكبير على سوق الأشمغة في فترة العيد. وبين الحميد أن أكثر من نصف مبيعات المتجر من الأشمغة تكون خلال هذه الفترة، مضيفاً أن أسعارها تتراوح ما بين 50 و300 ريال، وتختلف بحسب جودة المنتج، والشركة المصنعة، وتاريخ الموديل، لافتاً إلى أن الشماغ عنصر رئيسي في الأزياء الرجالية الخليجية، ويتراوح متوسط استهلاك الفرد ما بين 3 و5 أشمغة في العام.