بعد قرابة ثمانية أشهر، باتت الحرب في أوكرانيا على المحك، فبينما تستمر الهجمات المضادة الأوكرانية في إحراز تقدم، لا تزال القوات الروسية تضغط في أماكن أخرى.
لكن على الإنترنت، تمكنت أوكرانيا من الفوز على روسيا بشكل ملحوظ، وفقاً لما ذكرته شبكة «بي بي سي» البريطانية.
وتقول أولينا، رائدة الأعمال في كييف التي تدير فرقاً من متطوعي وسائل التواصل الاجتماعي لإنتاج محتوى موجه من وزارة الدفاع الأوكرانية للجمهور: «مجتمعنا في أوكرانيا شديد التأثر بمواقع التواصل الاجتماعي والصور الساخرة (memes) التي يتم تداولها على هذه المواقع. إذا قمنا بحرب على الإنترنت فسننتصر بكل تأكيد».
وتعمل الفرق التي تديرها أولينا على مدار الساعة، لنشر الأخبار المهمة من جميع أنحاء البلاد على مواقع التواصل، وتنتج مقاطع فيديو قوية، للوصول لجميع فئات الجمهور في الداخل والخارج.
ومثلما يحيك الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الخطب للبرلمانات الأجنبية بشكل مناسب يراعي التاريخ والثقافة والحساسية المحلية، فإن فريق أولينا الدولي المكون من خمسة أفراد يحيك رسائله بصورة معينة للوصول إلى الجمهور المستهدف.
وصمم فريق أولينا مقطع فيديو نشر في يونيو (حزيران)، يشكرون خلاله بريطانيا على مساعدتها العسكرية، حيث وضعوا موسيقى خلفية إنجليزية للملحن غوستاف هولست وفرقة الروك «ذا كلاش»، مع صور للأسلحة البريطانية المضادة للدبابات، وكذلك صور لشكسبير وللموسيقار والمغني الإنجليزي ديفيد بوي، والبريطاني لويس هاميلتون، بطل العالم سبع مرات في سباقات الفورمولا 1.
https://twitter.com/DefenceU/status/1539671779312033793?s=20&t=MgIoK3M7eG3XqtoaoW0_qA
وفي الآونة الأخيرة، تم الترحيب بقرار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بإرسال دفعة إضافية من مدافع «سيزار» ذاتية الحركة إلى أوكرانيا، بشريط فيديو قيل فيه إن «الإيماءات الرومانسية تتخذ أشكالاً عديدة»، مع وضع صور ورود حمراء، وشوكولاته، وصور لباريس، متبوعة بصور لمدافع «سيزار»، مع موسيقى خلفية لأغاني بصوت المغنيين الفرنسيين سيرج غينسبورغ وجين بيركين.
https://twitter.com/DefenceU/status/1580090899228418048?s=20&t=0Q6svlRzq70PQ752tr2-lQ
وتمكنت هذه المقاطع من جذب الجمهور بشكل فعال، حتى أصبح لدى وزارة الدفاع الأوكرانية على «تويتر» 1.5 مليون متابع من حول العالم. وتمت مشاهدة بعض مقاطع الفيديو أكثر من مليون مرة.
فعلى سبيل المثال، حصد أنجح فيديوهات وزارة الدفاع، الذي صدر في أغسطس (آب) بعد عدة هجمات غامضة على أهداف روسية في شبه جزيرة القرم، 2.2 مليون مشاهدة. وقد سخر هذا الفيديو من الروس الذين اعتادوا الذهاب إلى شبه الجزيرة لقضاء عطلتهم، حيث تم تشغيل أغنية صيف قاس لتايلور سويفت كخلفية للفيديو.
https://twitter.com/DefenceU/status/1557621932429819907?s=20&t=uPogy-0cspuf4gWb15y56A
وتقول أولينا: «الفكرة الرئيسية التي أردنا تحقيقها هي التحدث إلى الجمهور الدولي وإظهار أن أوكرانيا قادرة بالفعل على الفوز. لأن لا أحد يريد أن يستثمر في الخسارة. أي أننا لم نكن لنحصل على الدعم المعنوي والعسكري إذا كانت خسارتنا مضمونة».
ويعمل فريق أولينا في الوقت الحالي على استهداف الجمهور الروسي، حيث يقوم المتطوعون الآن بفحص منصات وسائل التواصل الاجتماعي الروسية، ويتطلعون إلى التعرف على نقاط الضعف في أجزاء معينة من البلاد لحشد الشعب الروسي ضد مسؤوليهم.
ويعتبر فريق أولينا هو مجرد جزء صغير من مجتمع واسع وحيوي يجوب مواقع التواصل الاجتماعي الأوكرانية بمنشورات ومقاطع فيديو تدعم كييف وشعبها وتسخر من موسكو وحكومتها.
وتجذب عشرات قنوات تطبيق «تلغرام» أعداداً هائلة من المتابعين. إحداها، تسمى «الهجوم الأوكراني»، ولديها أكثر من 94 ألف متابع، وتوفر تحديثات عسكرية يومية عن الحرب، وتقارير من وسائل إعلام دولية بشأن الغزو والخسائر الروسية.
وبعد الانفجار الأخير الذي وقع على جسر كيرتش في روسيا، الذي يربط روسيا بشبه جزيرة القرم المحتلة، انتشرت موجة عارمة من مقاطع الفيديو والنكات والصور الساخرة من روسيا، فيما بدا أنه احتفال أوكراني واسع على الإنترنت بالواقعة.
لكن هذا الانتصار الأوكراني فيما يخص استخدام مواقع التواصل الاجتماعي لصالحها لم يحدث فجأة.
فقد منحت ثماني سنوات من الحرب في منطقة دونباس الشرقية لمسؤولي إنتاج المحتوى على مواقع التواصل في كييف الكثير من الوقت لصقل مهاراتهم، من مكافحة المعلومات المضللة إلى نشر محتوى فكاهي يهدف إلى رفع الروح المعنوية.
ويقول إيهور سولوفي، رئيس المركز الأوكراني للاتصالات الاستراتيجية وأمن المعلومات، إن بيئة وسائل التواصل الاجتماعي الحالية تعكس تقارباً نادراً للمشاعر الرسمية والشعبية.
وأضاف: «ربما هذه هي المرة الأولى في التاريخ التي يثق فيها المجتمع المدني بالدولة ويساعدها بهذا الشكل».
وتابع: «تقوم القوات المسلحة بعملها الخاص، بينما يقوم مسؤولو إنتاج المحتوى بنشر منشورات وصور ساخرة وأعمال إبداعية أخرى للوصول لجميع فئات الشعب وتوعيتهم بما يحدث في أرض الواقع».
وفي حين تحاول روسيا استخدام الوسائل نفسها على مواقع التواصل للحصول على الدعم لحربها ولقواتها، فإنها لم تتمكن بعد من مجاراة أوكرانيا في هذا الشأن، خاصة بعد قيامها بحجب موقعي «فيسبوك» و«تويتر» عقب الغزو.
كيف انتصرت أوكرانيا على روسيا في «حرب الإنترنت»؟
كيف انتصرت أوكرانيا على روسيا في «حرب الإنترنت»؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة