سيارات طائرة.. للسير في الطرقات والإقلاع مثل الهليكوبتر

تجمع بين ميزات السيارات الهجينة والذاتية القيادة

سيارات طائرة.. للسير في الطرقات والإقلاع مثل الهليكوبتر
TT

سيارات طائرة.. للسير في الطرقات والإقلاع مثل الهليكوبتر

سيارات طائرة.. للسير في الطرقات والإقلاع مثل الهليكوبتر

يراود مهندسي شركة «تيرافوغيا» الأميركية حلم السيارات الطائرة ذاتية القيادة. والفكرة تتجاوز كونها مزيجًا غريبًا من تصورات الخيال العلمي، وهي تركز على المسائل العملية المتعلقة بكيفية تحويل السيارات الطائرة إلى عربات في متناول الجماهير. ويعني هذا الاستيعاد الكامل لسائقي المركبات، وتوظيف الذين لديهم القدرة على ممارسة الطيران للحصول على رخص لممارسته.
وتأمل الشركة التي تتخذ من ماساتشوستس مقرًا لها أن تتحرك بالنهاية صوب سيارة تطير بشكل شبه ذاتي تسمى «تي إف - إكس» (TF - X). ويمثل مفهوم هذه السيارة الطائرة فئة من المركبات «الخاضعة للسيطرة الحاسوبية»، المزودة بخاصية الطيران الذاتي، وخاصية الهبوط الذاتي والقدرة على الملاحة الذاتية وسط مخاطر الطيران، حسب ما يقول كارل ديتريتش، الرئيس التنفيذي لـ«تيرافوغيا». وأوضح ديتريتش رؤية شركته خلال حلقات نقاش «إيماجينيشن» بمعرض تريبيكا السينمائي 2015 في أبريل (نيسان) الماضي.

سيارة طائرة

ونقلت مجلة جمعية المهندسين الكهربائيين الأميركيين عن ديتريش: «مع وجود مستوى أعلى من الأتمتة في قمرة القيادة، يكون بمقدورنا أن نجعل من تشغيل طائرة أمرًا أسهل بكثير في واقع الأمر من قيادة سيارة اليوم. لن يكون عليك إلا أن تبلغها إلى أين تمضي». وأضاف أن «هذا النوع من التغييرات الأساسية يمكنه السماح لغير الطيارين بتعلم كيفية تشغيل طائرة على نحو آمن في غضون فترة يمكن أن تقتصر على أسبوع واحد».
ووجود «سيارة طائرة عملية بالنسبة للجماهير» يتطلب أن تكون العربة «قابلة للتشغيل بشكل آمن بواسطة غير الطيارين»، حسب ديتريتش. وهو يتصور مالكي السيارات على أنهم ببساطة يتخذون قرارات رفيعة المستوى بشأن إخبار مركباتهم إلى أين تذهب، ثم يعهدون بثقتهم إلى الكومبيوتر ليطير بهم إلى هناك.
ومع هذا، فمستقبل السيارة الطائرة، بحاجة إلى أكثر من مجرد مركبات ذاتية القيادة إلى حد بعيد؛ إذ إن معظم نماذج السيارات الطائرة التي في طور التطوير حاليًا، مثل «ترانزيشن» Transition التي تعمل عليها شركة «تيرافوغيا»، تشبه طائرة خفيفة يمكنها طي أجنحتها والسير على طرق شأنها شأن السيارات العادية.
ومثل هذه المركبات تلبي حاجات الطيارين الحاصلين على رخص ممارسة الطيران، الذين يريدون الاستمتاع بالطيران بشكل أكثر سهولة، ولكنها لن تساعد المسافرين بشكل يومي، ممن يريدون تجنب الازدحام المروري وهم في طريقهم إلى العمل. وهذا يعود لكون هذه الطائرات لا تزال بحاجة إلى مدرجات ومطارات للتمكن من الإقلاع، وهو ما يعني أنها لا يمكن أن تحل محل وسيلة السفر المعتادة بين المنزل ومكان العمل.
يمكن للبنية التحتية الحالية للمطارات في الولايات المتحدة، أن تخدم فقط ما يصل إلى مائتي ألف طائرة، حسب ما يوضح ديتريتش. وستكون السيارة الطائرة التي تحتاج لمدرجات مطارات مقيدة بشدة بالبنية التحتية في محاولتها لأن تصبح مركبة في متناول الجماهير. غير أنه بدلا من هذا، تريد «تيرافوغيا» أن تجمع سيارة المستقبل الطائرة، «تي إف - إكس» بين مميزات السيارات الهجينة والسيارات ذاتية القيادة، مع حرية السفر الجوي الفردي بطريقة تتجاوز السفر الجماعي على الخطوط الجوية اليوم.

عربة كهربائية

وقد شرح ديتريتش الكيفية التي يمكن أن تعمل بها الطائرة على النحو التالي: إن «تي إف - إكس» هي عربة كهربائية مهجنة. تقوم بركنها في مرآب المنزل، وتشحن بطارياتها كأي مركبة كهربائية هجينة عادية اليوم، وتقودها على الطرق العادية والطرق السريعة كما تقود أي سيارة عادية اليوم، وتقلع وتهبط عموديًا من مهابط طائرات هليكوبتر صغيرة باستخدام دفع كهربائي هادئ ونظيف. ويكون لدينا إقلاع عمودي في مناطق بحيث لا نود إيقاظ الجيران. ويجعل استبدال حاجة السيارة الطائرة إلى مدرج طيران، بمجرد مهبط بحجم ملعب لكرة التنس، يجعل احتمالية الانتقال بسيارة طائرة أكثر واقعية. ويمكن لمالك السيارة الطائرة الذي يسكن في الضواحي ببساطة أن يقود سيارته إلى المهبط المحلي الذي تتشارك فيه الضاحية. وحتى بالنسبة إلى مدينة كثيفة السكان نسبيًا مثل مدينة نيويورك لديها متسع لنحو 400 مهبط، ولن تكون هناك مهابط مشغولة بالمركبات، وذلك لأنه في الظروف المثالية سيتم إيقاف السيارات الطائرة ببساطة في الجراج العادي، والجراجات العمومية، ومناطق الوقوف في الشوارع. ويرجح ديتريتش أنه يمكن للسيارة الطائرة التي تمتع بقدرات «تي إف - إكس» أن تقلص مدة السفر التي تستغرق ساعة، إلى 15 دقيقة. وعلى سبيل المثال، قال الرئيس التنفيذي لـ«تيرافوغيا» إن السيارات الطائرة قد توفر ما يقدر بـ250 مليون دولار سنويًا، فيما يتعلق بقيمة الوقت للمسافرين المتوجهين إلى سان فرانسيسكو.

تحديات فنية وإدارية

ولا بد، قبل أن تصبح هذه النسخة من السيارات الطائرة واقعًا ممكنًا، أن يتم تذليل التحديات الفنية والتنظيمية على حد سواء. فإلى الآن، ليس لدى إدارة الطيران الفيدرالي الأميركية أي شهادة واضحة لهذا النوع من المركبات الطائرة، ولكن «تيرافوغيا» تواصل العمل مع المنظمين الحكوميين لتحديد كيف يمكن لسيارتها الطائرة من نوع «ترانزيشن» الأقرب إلى الظهور، أن يتم الاعتراف بها.
كما أن من شأن المزيد من السيارات الطائرة المستقبلية ذاتية القيادة من نوع «تي إف - إكس» أن تحتاج إلى أن «تخاطب» بعضها بعضا. وهذه الاتصالات ما بين المركبات سوف تسمح لها بالاصطفاف في حالات الإقلاع والهبوط وتجنب اصطدامها في الجو، وهي المهمة الموكلة عادة إلى المراقبين الجويين في المطارات المركزية.
كذلك، فسوف تحتاج أي سيارة ذات علاقة بالطيران على أن تتم صيانتها وفقًا لمعايير سلامة صارمة وأن تكون لها القدرة على التعامل مع السيناريوهات الطارئة، سواء من تلقاء ذاتها، أو بمساعدة الطيار أو المشغل البشري. وقد يكون في واقعة تحطم أحد نماذج السيارات الطائرة من تصميم شركة «إيروموبيل»، مطلع مايو (أيار)، أن يعمل كتذكار على المخاطر الكامنة التي تواجه المركبات الطائرة.
ومع هذا، فإن حلم السيارة الطائرة يصعب التخلص منه، فشركة «تيرافوغيا» لديها بالفعل حزمة طلبات بقيمة 37 مليون دولار، من عملاء يريدون شراء سيارتها الطائرة، «ترانزيشن». وأكثر من نصف هؤلاء العملاء لا يتوفرون على خبرة ممارسة الطيران، وهو ما يوحي بأنه حتى النوع الأكثر محدودية من السيارات، والمتمثل في «ترانزيشن»، يجتذب اهتمامًا قويًا خارج إطار سوق الطيران الخاص. وتهدف «تيرافوغيا» إلى تقديم أول نسخة من «ترانزيشن» في أقل من عامين، ومن ثم سوف تراقب حينئذ، انطلاقة مشروع السيارة الطائرة نحو السماء.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)