لبنان يأمل تحسّن تصنيفه السيادي بعد اتفاق ترسيم الحدود البحرية

وزير المال يدعو إلى إدارة الثروة النفطية «بحكمة وشفافية»

TT

لبنان يأمل تحسّن تصنيفه السيادي بعد اتفاق ترسيم الحدود البحرية

تشير المداولات في الأوساط الاقتصادية والمصرفية إلى ترقب مكتسبات فورية وذات نمط تراكمي في الأشهر المقبلة، يمكن أن يحققها لبنان في إطار الانعكاسات التلقائية واللاحقة لتوقيع اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، ومعززة بالرعاية الأميركية المباشرة لشروع الطرفين في تنفيذ المندرجات الآيلة إلى بدء الضخ من حقل «كاريش»، بموازاة التزام شركة «توتال» الفرنسية ببدء عمليات الاستكشاف في مكمن «صيدا- قانا»، مع توقع بلوغ مرحلة الحفر في موعد أقصاه مطلع الربيع المقبل.
وتوافقت التقديرات الأولية لدى الاقتصاديين والخبراء على رصد بوادر تحولات نوعية، تسمح بإمكان التموضع قريباً على مسارات إيجابية، لا سيما في المجالين النقدي والمالي، تسبق رحلة الوصول إلى مصاف البلدان النفطية التي تمتد لمهل زمنية تراوح بين 3 و5 سنوات بالحدين الأدنى والأقصى، في حال عدم حصول تطورات معاكسة. وهي تخضع حكماً، في الوقت عينه، للمعاينة الميدانية للحقول الموعودة وكمياتها التجارية؛ علماً بأن التقديرات المسبقة للثروة النفطية والغازية الكامنة متباينة، وتراوح ضمن هوامش رقمية واسعة، بين 500 مليار دولار وتريليون دولار.
وبينما عدّ وزير الطاقة وليد فياض أن «الإنجاز التاريخي ليس فقط ترسيم الحدود، إنما الأهمية تكمن في الالتزام بالتنقيب والمباشرة به؛ لأننا بحاجة إلى ذلك، وسنتابع آليات التنفيذ في المرحلة المقبلة بالتعاون مع (توتال) والشركاء الدوليين والمهتمّين بقطاع الغاز»، اعتبر وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال يوسف الخليل، أنه على الرغم من أن الترجمة المادية لخطوة الترسيم قد تحتاج إلى سنوات، فإنها «تشّكل رافعة معنوية للنهوض من حال الانهيار، ولاستعادة الثقة والبدء في عودة الاستثمار إلى لبنان».
وقال وزير المال: «صحيح أن الخطوة وضعت لبنان على خريطة الدول النفطية، وأن نتائجها الاقتصادية محسومة؛ لكن الصحيح أيضاً أن إدارة هذه الثروة بحكمة وشفافية هي صمام أمان النتائج المتوخاة منها. وعليه، فإننا نأمل أن تنسحب وحدة الموقف اللبناني إزاء ملف الترسيم على الخطوات الإصلاحية الأقرب مدى، التي وحدها القادرة في الظرف الراهن على انتشال الاقتصاد اللبناني والواقع المالي من تخبطه في أدق أزماته صعوبة وتعقيداً. وعندها يمكننا القول إننا بدأنا مساراً جاداً يقود إلى تصحيح اختلال مزمن على أسس واقعية وعلمية، تلاقي ثمار الترسيم المرجو الذي يعيد التعافي وتحقيق الازدهار».
وبمعزل عن البعد النفطي البحت وتصوراته المتوسطة والبعيدة المدى، يلفت اقتصاديون ومصرفيون تواصلت معهم «الشرق الأوسط»، إلى أن المظلة الأميركية التي دفعت الترسيم إلى خواتيمه المشهودة، لن تقتصر ظلالها على هذا الملف وحده. لذا فمن المرجح جداً أن تتسع الرعاية الأميركية إلى معاونة لبنان على تفكيك بعض العقد الخدماتية المستعصية، لا سيما في قطاع الكهرباء المترهل الذي بات يستهلك النسبة الأكبر من مداخيل الأسر، ويلقي بأثقال مالية ولوجستية حادة على المؤسسات وقطاعات الأعمال؛ فضلاً عن انعكاساته الكارثية على كامل منظومة الخدمات العامة والخاصة.
وفي التوقعات الخاصة بهذا القطاع، يجري تداول معلومات عن ترقب دفع أميركي يستهدف إعادة تحريك تمويل البنك الدولي، وحلحلة المعوقات المتصلة باتفاقيتي استجرار الكهرباء من الأردن، واستيراد الغاز المصري عبر الأراضي الأردنية والسورية، إلى معامل توليد الطاقة في دير عمار (شمال لبنان)؛ علماً بأن المؤسسة الدولية عمدت إلى «التريث الطويل» في إقرار القرض الموعود البالغ نحو 350 مليون دولار، بذريعة عدم توفر «الجدوى السياسية» المرتكزة خصوصاً إلى مماطلة الجانب اللبناني في إطلاق الهيئة الناظمة للقطاع؛ إضافة إلى التعقيدات المتعلقة بالعقوبات الأميركية على سوريا التي تسببت في طلب مصر الحصول على إعفاء رسمي يصدر عن وزارة الخزانة الأميركية ومسبق، لاستثناء توريد الغاز من تبعات قانون «قيصر».
ووفقاً لتحليل مصرفي كبير في اتصال مع «الشرق الأوسط»، فإن الوقائع المستجدة والدعم الأميركي الصريح سيحفزان مؤسسات التصنيف الدولية -لا سيما «ستاندرد أند بورز» و«موديز»- إلى التنويه في تقاريرها الدورية القادمة بالمردود المتوقع لاتفاقية الترسيم، والخطوات التنفيذية اللاحقة على التقييم الائتماني المتردي القابع عند مستوى «التخلّف عن الدفع» للديون السيادية المصدرة من قبل الحكومة اللبنانية، والتحسن المفترض لملاءة الدولة المالية، على الرغم مما تعانيه من شح حاد في السيولة بالعملات الأجنبية.
وبالفعل، رصد متعاملون ووكلاء لمحافظ استثمارية بشائر طلب جزئي على سندات الدين الدولية (يوروبوندز) في الأسواق الخارجية، مع تسجيل ارتفاع طفيف في الأسعار التي كانت انحدرت إلى أدنى مستوياتها، لتصل إلى ما بين 5.5 و6.13 سنت للدولار؛ مراكمة بذلك خسائر تراوح بين 4 و4.63 دولار من بداية هذا العام فقط؛ علماً بأن القيمة الاسمية للسند الواحد تبلغ 100 دولار. ويصل الإجمالي الاسمي للمحفظة من دون الفوائد المعلقة إلى نحو 31 مليار دولار، محمولة بغالبيتها من شركات وصناديق استثمارية دولية، فضلاً عن البنك المركزي والجهاز المصرفي المحلي.
وبينما غاب ظاهرياً تأثير الحدث «النفطي» عن المبادلات النقدية في الأسواق الموازية، بحيث استمرت عمليات البيع والشراء عند الحدود القياسية الأعلى للدولار، قريباً من عتبة 40 ألف ليرة، أكد ناشطون في أسواق القطع غير النظامية حصول تراجعات وازنة في حجم عمليات العرض والطلب، مما عكس تردد التجار والمستوردين في طلب العملة الصعبة ترقباً لتفاعلات إيجابية تنتج عن الإقرار الرسمي لاتفاقية الترسيم ولواحقها، وتفضي إلى كبح المضاربات وانتعاش سعر صرف الليرة.
ويأمل مصرفيون وناشطون أن يشهد الميدان النقدي فترة هدوء مترافقة مع تحسن مطرد في تمركز الجزء الأكبر من المبادلات عبر منصة «صيرفة» التي يديرها البنك المركزي، والتي تنفذ حالياً عمليات العرض والطلب اليومية بمستوى 29.8 ألف ليرة لكل دولار، أي ما يقل بنحو 10 آلاف ليرة عن السعر الرائج في الأسواق غير النظامية؛ علماً بأن وزارة المال ستبدأ مطلع الشهر المقبل احتساب الرسوم الجمركية على المستوردات بسعر 15 ألف ليرة للدولار.
ومن شأن استعادة الدور المحوري للبنك المركزي في سوق القطع، التقدم سريعاً إلى استهداف إعادة هيكلة وتوحيد أسعار الصرف.
وتحت ظلال مناخات إيجابية ومرشحة للتعزيز من خلال توفر التوافق الداخلي لإنجاز الاستحقاقات الدستورية الداهمة، وفي طليعتها انتخاب رئيس جديد للجمهورية. وبالتوازي، فإن كل تحسن مفترض في سعر صرف الليرة سيؤدي تلقائياً إلى كبح جماح التضخم المفرط الذي راكم ارتفاعات صاروخية تعدّت نسبتها المجمعة حدود 1300 في المائة على مدى 3 سنوات متتالية من الانهيارات النقدية والمالية.


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

«وحدة الساحات»: شبه إجماع لبناني على رفضها وانتقاد دور إيران

صورة لأمين عام «حزب الله» السابق حسن نصر الله قرب موقع الاستهداف في الشياح (أ.ف.ب)
صورة لأمين عام «حزب الله» السابق حسن نصر الله قرب موقع الاستهداف في الشياح (أ.ف.ب)
TT

«وحدة الساحات»: شبه إجماع لبناني على رفضها وانتقاد دور إيران

صورة لأمين عام «حزب الله» السابق حسن نصر الله قرب موقع الاستهداف في الشياح (أ.ف.ب)
صورة لأمين عام «حزب الله» السابق حسن نصر الله قرب موقع الاستهداف في الشياح (أ.ف.ب)

حين قرر «حزب الله»، ومن خلفه إيران، في الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تحويل جبهة جنوب لبنان إلى جبهة دعم وإسناد لغزة، التزاماً باستراتيجية «وحدة الساحات» التي تقول إن كل القوى المحسوبة على طهران تتحرك تلقائياً لتدعم أي هجوم على أي منها، لم يستشر أحداً، لا الحلفاء ولا الأخصام، ولم يعد لأي من المؤسسات الدستورية لتغطية قراره هذا، لعلمه بوقتها أن أحداً لن يغطيه.

اليوم وبعد ما يتردد عن قراره فصل مساري غزة ولبنان، بالموافقة على وقف النار، باتت القوى التي تجنبت طوال الفترة الماضية انتقاد هذه السياسة علناً، لا تتردد باعتبار التزام الحزب السابق بهذه الاستراتيجية «خطأ استراتيجياً».

تحسين شروط

ولفت مؤخراً ما قاله الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، الذي كان قد ساند «حماس» و«حزب الله» بعد «طوفان الأقصى»، عن وجوب «فصل المسارات ووقف استخدام الجنوب ساحة صراع لدعم غزة أو الضفة»، منتقداً استخدام إيران للبنان في «ربط المسارات من أجل تحسين شروط المناقشات حول موضوع النووي الإيراني».

أما حركة «أمل»، الحليف الأقرب لـ«حزب الله»، التي انخرطت ولو بشكل رمزي بحرب الإسناد، فتشير المعلومات إلى أنها لم تكن تؤيد استراتيجية «وحدة الساحات» لكنها وبعد بدء المواجهات جنوباً انخرطت بالحرب «دفاعاً عن لبنان».

ويتجنب نواب وقياديو الحركة الحديث بهذا الخصوص، إذ يصر «الثنائي الشيعي» على تظهير موقف واحد مرتبط بالحرب الراهنة.

لا مصلحة لبنانية فيها

وكان رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، حليف «حزب الله» منذ عام 2006، أول من خرج ليصف التزام «حزب الله» باستراتيجية «وحدة الساحات» بـ«الخطأ الاستراتيجي»، معتبراً أنها «تصب لصالح دول أخرى وليس لصالح لبنان».

ويشير عضو تكتل «لبنان القوي» جيمي جبور إلى أنه «تم العمل باستراتيجية وحدة الساحات حصراً عند تضامن (حزب الله) مع غزة، وفتحه لجبهة الإسناد التي رأينا منذ البداية ألا مصلحة لبنانية فيها، وإذ تبين لاحقاً أن موقفنا كان صائباً بتراجع الجميع عن هذا الإسناد عملياً، بما فيهم (حزب الله) الذي دفع وحيداً مع لبنان ثمن وحدة الساحات من غير أن نرى إيران، أم غيرها من الدول والقوى، تنضم تضامناً معه إلى هذه المعركة»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن كل ما حصل بات يُحتم «إعادة النظر الجذرية باستراتيجية السلاح فور انتهاء المعارك»، مضيفاً: «آن الأوان لحوار داخلي يجعل السلاح في خدمة لبنان فقط دون سواه من الدول ضمن استراتيجية دفاعية تكون الدولة ومؤسساتها صاحبة القرار، ويكون الجيش اللبناني العمود الفقري والأساس في الدفاع عن لبنان».

مقاتل من «حزب الله» يطلق صاروخاً موجهاً (أرشيفية)

بالتسوية أو بالقوة

ويُعدُّ حزب «القوات اللبنانية» أبرز المعارضين لـ«وحدة الساحات»، وبالأصل لوجود «حزب الله» حزباً مسلحاً. وترى عضو تكتل «الجمهورية القوية» غادة أيوب أن «إيران اعتمدت استراتيجية (وحدة الساحات)، لأنها أرادت بذلك أن تكون لاعباً قوياً يتدخل في 5 بلدان عربية عبر أذرعه بدءاً من (حزب الله) في لبنان، والحوثيين في اليمن، و(حماس) في غزة، و(الحشد الشعبي) في العراق، والنظام السوري بوجود (فيلق القدس) والحرس الثوري الإيراني»، مشيرة إلى أنه «غداة إعلان (طوفان الأقصى) في 8 أكتوبر (تشرين الأول) لم تتحرك سوى ساحتين لمساندة (حماس) في غزة انطلاقاً من لبنان واليمن، وبذلك تعطلت استراتيجية وحدة الساحات التي ابتدعتها إيران، وسقطت بمجرد أن رفض النظام السوري الدخول في هذه الحرب لاعتبارات تتعلق بالوجود الروسي على أراضيه واعتبارات أخرى، وكذلك العراق، مع العلم أن إيران، وبالرغم من هذه الاستراتيجية، فهي لم تسلم من الضربات المباشرة على أراضيها والتهديدات المباشرة إذا ما أكملت في سياستها».

وتعدُّ غادة أيوب، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذه الاستراتيجية تنتهي إما عن طريق التسوية مع إيران أو بالقوة»، لافتة إلى أن محور الممانعة أصبح «محوراً صوتياً أو سياسياً لا عسكرياً» كممانع للعلاقة مع إسرائيل لحين تبلور صورة الشرق الأوسط.

مدماك حزام النار

أما مدير معهد «الشرق الأوسط للشؤون الاستراتيجية» الدكتور سامي نادر، فيوضح أن «استراتيجية وحدة الساحات التي تم تفعيلها عند بدء الحرب على غزة، وشارك فيها اليمن وطبعاً (حزب الله) الذي أعلن جبهة جنوب لبنان جبهة دعم وإسناد، قررت إيران وقفها، وليس بشكل علني، لأنها واجهت ضربة عسكرية إسرائيلية كبيرة، وأصبح الاستمرار بهذه الاستراتيجية مكلفاً جداً، بخاصة على (حزب الله) الذي هو المدماك، أي الحجر الأساس في ما يُسمى حزام النار الذي أنشأته إيران لتطويق إسرائيل، الذي يُسمى سياسياً بـ(وحدة الساحات)».

ويلفت نادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «بدأ أخيراً تقليم أظافر (حزب الله) وصولاً لشبه إنهائه من خلال اقتلاع قدراته العسكرية، وهذا أمر مستمر»، موضحاً أن «إيران وأذرعها لم يقرروا فقط وقف العمل باستراتيجية وحدة الساحات، إنما باتوا يريدون وقف النار وإنهاء العمليات العسكرية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه».