السلطات الليبية تشن حرباً ضد «فساد» سفاراتها في الخارج

أمرت بحبس رئيس سابق للبعثة الدبلوماسية في أوغندا... والبحث عن آخرين

النائب العام الصديق الصور في لقاء سابق بأعضاء النيابة الجزئية (المكتب الإعلامي للنائب العام)
النائب العام الصديق الصور في لقاء سابق بأعضاء النيابة الجزئية (المكتب الإعلامي للنائب العام)
TT
20

السلطات الليبية تشن حرباً ضد «فساد» سفاراتها في الخارج

النائب العام الصديق الصور في لقاء سابق بأعضاء النيابة الجزئية (المكتب الإعلامي للنائب العام)
النائب العام الصديق الصور في لقاء سابق بأعضاء النيابة الجزئية (المكتب الإعلامي للنائب العام)

صعد النائب العام الليبي من وتيرة التحقيقات لكشف «المتورطين في قضايا فساد»، التي تضمنها تقرير ديوان المحاسبة الأخير بحق جهات حكومية ودبلوماسية عديدة، وأمر أمس بحبس رئيس بعثة ليبيا لدى جمهورية أوغندا السابق لاتهامه بـ«تبديد المال العام»، كما أمر بالبحث عن مسؤولين آخرين لاتهامهم بالتهمة ذاتها. وفيما تعهدت النيابة العامة بالاستمرار في «مكافحة جرائم الفساد وضبط مرتكبيها»، قال مكتب النائب العام، المستشار الصديق الصور، إن التحقيقات الجارية فيما كشفت عنه تقارير فحص ومراجعة العمل الإداري والمالي المسند إلى رئيس بعثة ليبيا لدى أوغندا، بين عامي 2013 و2017 أظهرت وقوع «مخالفات مالية جسيمة». وأوضح مكتب النائب العام في بيان مساء أول من أمس أنه تبين للنيابة العامة «تعمد المتهم التصرف في 250 ألف دولار بالمخالفة لمقتضيات التشريعات الناظمة لأوجه صرف المال العام»، كما أسندت النيابة إلى المتهم تعمده «إلحاق ضرر بالمال العام؛ والمشاركة في تحقيق منافع مادية غير مشروعة لغيره تمثلت في 760 ألف دولار».
وانتهت النيابة العامة إلى أن المتهم «خالف حدود اختصاصاته بمنعه المراقب المالي من أداء العمل المكلف به؛ وبذلك انتهى المحقق إلى الأمر بحبس احتياطي على ذمة القضية». وجاء قرار النيابة الليبية بحبس رئيس البعثة السابق في أوغندا، عشية إصدار أمر بتوقيف مسؤولين تابعين للبعثة الدبلوماسية للبلاد في قطر احتياطياً على ذمة التحقيق، وذلك لاتهامهما بـ«إساءة وظيفتهما، وتحصيل عشرات الآلاف من النقد الأجنبي لهما ولغيرهما». كما أمرت بحبس ثلاثة رؤساء سابقين للبعثة الدبلوماسية لليبيا في أوكرانيا، تولوا وظيفتهم بين عامي 2012 و2019؛ وذلك في إطار التعاطي مع «وقائع الفساد التي تضمنتها تقارير فحص ومراجعة العمل الإداري والمالي للبعثة». وتعاني ليبيا من تغول الفساد بكل صنوفه منذ سنوات في غالبية القطاعات الحكومية، كما طال وزراء ومسؤولين كباراً في الدول، أُدخل بعضهم السجن بتهمة التربح وتبديد المال العام. وتتنوع أشكال الفساد من التربح من المال العام، والحصول على عمولات، والازدواج الوظيفي، بشكل وصف بأنه «موجات عاتية تستهدف التربح بشكل غير مسبوق».
في السياق ذاته، أمر النائب العام بضبط رئيس بعثة ليبيا في جنوب أفريقيا وسلفه، وحبس المراقب المالي بالبعثة احتياطياً، بتهمة «الفساد المالي، والتآمر للحصول على أموال من النقد الأجنبي بالمخالفة لأوجه صرف مخصصات البعثة». فيما أوضحت النيابة العامة أن التحريات «أكدت تعمدهم الإضرار بالمال العام والمصلحة المعهودة إليهم»، مشيرة إلى أنه «عقب استجواب المراقب المالي وتقييم الأدلة القائمة ضده؛ أصدر النائب العام أمره بحبسه احتياطياً؛ والمضي في طلب استيفاء بقية الإجراءات؛ ووجه الجهات الضبطية بالعمل على ضبط وإحضار بقية المتهمين». وتتعدد في ليبيا أوجه الفساد بسبب ما يراه مختصون «ضعف قبضة الدولة»، وعدم تفعيل المحاسبة. بينما أوضح المصدر القضائي أن التحقيقات «يفترض أن تجرى مع جميع الجهات التي تضمنها تقرير ديوان المحاسبة دون استثناء، حفاظاً على أموال الدولة، ودعماً للشفافية». ومنذ عام 2012 تراجع ترتيب ليبيا إلى الأسوأ، وصولاً إلى تصنيفها من بين الدول العشر الأكثر فساداً وفقاً لـ«مؤشر مدركات الفساد»، الصادر عن منظمة الشفافية الدولية هذا العام، وهو ما دفع نجلاء المنقوش، وزيرة الخارجية والتعاون الدولي في حكومة «الوحدة» المؤقتة، التي يترأسها عبد الحميد الدبيبة، إلى القول خلال فعالية سابقة بأن «الفساد يتفشى في ليبيا بشكل كبير». كما سبق لديوان المحاسبة الكشف عن مخالفات بوزارة الخارجية، التابعة لحكومة «الوحدة» المؤقتة، تتعلق بـ«تقييم مدى كفاءة وفاعلية معايير وآليات اختيار البعثات الدبلوماسية في الخارج»، وأكد حينها توصله إلى نتائج مقلقة، ومنها «مخالفة التشريعات النافذة فيما يتعلق بالتعيين الاستثنائي في السلك الدبلوماسي والقنصلي.


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

تفاعل «سوشيالي» مع عودة حفيد الملك فاروق للإقامة بمصر

محمد علي حفيد الملك فاروق يقرر العودة إلى مصر (أ.ف.ب)
محمد علي حفيد الملك فاروق يقرر العودة إلى مصر (أ.ف.ب)
TT
20

تفاعل «سوشيالي» مع عودة حفيد الملك فاروق للإقامة بمصر

محمد علي حفيد الملك فاروق يقرر العودة إلى مصر (أ.ف.ب)
محمد علي حفيد الملك فاروق يقرر العودة إلى مصر (أ.ف.ب)

حظيت تصريحات الأمير محمد علي، حفيد الملك فاروق عن عودته إلى مصر بعد أن قضى معظم حياته في فرنسا، موطن والدته، بتفاعل «سوشيالي»، وانتشرت الأخبار والتعليقات حول هذا القرار، كما استعادت صفحات عدة زيارات سابقة للأمير إلى أماكن العائلة العلوية.

ويعدّ الأمير محمد علي هو الابن الأكبر لآخر ملوك مصر، أحمد فؤاد الثاني، الذي تولى العرش وهو ابن 7 أشهر، خلفاً لوالده الملك فاروق، في أثناء ثورة 23 يوليو (تموز) 1952، قبل قرار إلغاء الملكية في مصر عام 1953.

وأعرب الأمير محمد علي عن رغبته في العودة إلى مصر والاستقرار فيها بعيداً عن الأضواء، مضيفاً في تصريحات لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أنه يسعى لإحياء سيرة الأسرة الملكية التي ظلت تحكم مصر نحو 150 عاماً.

وأشادت صفحة على «إكس» باسم «كنج فاروق» بزيارات الأمير محمد علي إلى مصر سابقاً هو وزوجته الأميرة نوال ظاهر، التي تنتمي لأسرة محمد ظاهر شاه، آخر ملوك أفغانستان في السبعينات من القرن الماضي.

الأمير محمد علي وأسرته لدى عودته إلى مصر (صفحة كنج فاروق على «إكس»)
الأمير محمد علي وأسرته لدى عودته إلى مصر (صفحة كنج فاروق على «إكس»)

كما نشرت صفحة على «إكس» باسم «منتصر الستينات» صورةً للأمير محمد علي وهو في زيارة لأحد المساجد التاريخية بالقاهرة في وقت سابق.

في حين كتب صاحب حساب باسم «خالد محمود» على «إكس» ملخص المقابلة التي أجراها الأمير مع «وكالة الصحافة الفرنسية»، ونشر صوراً له وللملك فاروق، معلقاً: «عودة حفيد الملك فاروق إلى مصر... مصالحة تاريخية أم حنين إلى الماضي»، مبرزاً بعض الجمل الواردة في حوار الأمير من بينها: «مصر بالنسبة لوالدي وطن مفقود، وبالنسبة لي وطن مستعاد». وكذلك قوله: «أريد ببساطة أن أعمل على الحفاظ على الإرث التاريخي والثقافي والفني للعائلة الملكية المصرية، ونقله إلى الأجيال القادمة».

وحكمت العائلة العلوية مصر منذ تولي محمد علي الحكم عقب الحملة الفرنسية في 1805، وقام ببناء نهضة مصرية في مجالات عدة، وظلت سلالته تحكم مصر تحت ظل السلطان العثماني باتفاق على توريث الحكم لأسرة محمد علي، حتى قيام ثورة 23 يوليو 1952، ورحيل الملك فاروق عن مصر، وتولي ابنه الملك أحمد فؤاد الثاني العرش وهو طفل صغير، حتى تَقرَّر إلغاء الملكية، وتحويل حكم مصر إلى النظام الجمهوري عام 1953.

وأرجع المتخصص في «السوشيال ميديا» والإعلام الرقمي، معتز نادي، سبب الاهتمام بعودة الأمير محمد علي في مواقع التواصل الاجتماعي إلى طبيعة الشخصية المتداول الحديث عنها، فهي قادمة من تاريخ يثير النقاشات حول تلك الحقبة.

الأمير محمد علي وزوجته الأميرة نوال ظاهر في زيارة للقاهرة (فيسبوك)
الأمير محمد علي وزوجته الأميرة نوال ظاهر في زيارة للقاهرة (فيسبوك)

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «كما أن المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي يحاولون رصد كل ما هو جديد من صور أو فيديوهات تنتشر بسرعة البرق، فالحديث هنا عن شخصية لم تشهد مرحلة الطفولة في مصر ثم تعود الآن، فيكون التساؤل حول ما حدث لها، وكيف كانت حياة الأمير مع أسرته في الخارج وصولاً إلى زمننا الحالي وعودته، وبالتالي سيكون الأمير مادةً خصبةً للتداول الإعلامي والطلب على (رادار التريندات) حال ظهوره في لقاءات إعلامية أو عبر حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي».

وبرزت فيديوهات وصور على «السوشيال ميديا» لزيارات سابقة للملك أحمد فؤاد الثاني إلى مصر.

وحظي الملك أحمد فؤاد الثاني في عام 2014 ببطاقة رقم قومي، المهنة فيها «ملك مصر سابقاً»، ويزور مصر هو ونجله الأمير محمد علي في أوقات مختلفة، ويحرصان على زيارة مسجد الرفاعي بالقلعة، الذي توجد فيه مدافن الأسرة العلوية، وكذلك مسجد محمد علي بالقلعة، الذي يتضمَّن ضريح مؤسِّس الأسرة الحاكمة، محمد علي الكبير.

ويرى الأكاديمي المتخصص في التاريخ المصري الحديث، الدكتور أحمد غباشي، أن «عودة الأمير محمد علي ابن الملك أحمد فؤاد الثاني إلى مصر أمر طبيعي، لأنه في النهاية مصري الجنسية، وهذا هو وطنه»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «عودته نوع من الحنين، خصوصاً مع وجود كثير من التراث الخاص بالأسرة العلوية، مثل قصور عابدين والقبة ورأس التين، بالإضافة إلى بعض المساجد مثل مسجد الرفاعي المدفون فيه ملوك وأمراء الأسرة العلوية».

وتابع: «استقبال الشعب المصري أو حتى متابعي (السوشيال ميديا) للخبر يشبه استقبالهم للملك أحمد فؤاد الثاني حين يزور مصر بين وقت وآخر، وهي حفاوة تنم عن أصالة الشعب المصري».