الكويت: التغيير اجتاح البرلمان

الشباب فرضوا حضورهم والمعارضة تفتقد الانسجام

المرأة الكويتية أثبتت حضورها
المرأة الكويتية أثبتت حضورها
TT

الكويت: التغيير اجتاح البرلمان

المرأة الكويتية أثبتت حضورها
المرأة الكويتية أثبتت حضورها

لعلها المرة الأولى التي واجه الكويتيون إعلان حل مجلس الأمة بنوبة من الترحيب والفرح. وما حدث منذ أعلن ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الصباح في يونيو (حزيران) الماضي، عن رغبته في حل مجلس الأمة، كان حدثاً فارقاً؛ إذ رحبت غالبية القوى السياسية الممثلة في المجلس أو التي خارجه بحل البرلمان وإعادة الانتخابات، والسبب أن الكويتيين شعروا بأن المجلس السابق مثل عبئاً ثقيلاً على الحياة السياسية في البلاد، بسبب الخلافات المستحكمة مع الحكومة ما أدخل البلاد فعلياً في شلل سياسي وتعطيل التشريعات التي تحتاجها. وحتى الذين قاطعوا العملية السياسية على خلفية «مرسوم الصوت الواحد»، أمثال القطب البرلماني الأبرز في الكويت أحمد السعدون، رحبوا بخطاب ولي العهد، ورأوا فيه بداية حقيقية للإصلاح المنشود. وبالتالي، أعلنوا العودة للقبة البرلمانية، وبذا أعطى الإعلان الانتخابات الأخيرة زخماً هائلاً، تُوج بأوسع تغيير شهدته الانتخابات النيابية في الكويت بلغت نسبته 54 في المائة.

                                                                     داخل مركز اقتراع
حملت الانتخابات الكويتية الأخيرة شعار «تصحيح المسار»، وجاءت على وقع خطاب ولي العهد الكويتي الشيخ مشعل الأحمد الصباح، الذي دعا للتغيير وتعهد بمنع تدخل الحكومة في اختيارات التصويت، أو اختيار رئيس لمجلس الأمة. وكان ولي العهد الكويتي قد ذكر في بيان حل مجلس الأمة السابق أن هذا الحل جاء «تصحيحاً للمشهد السياسي، وما فيه من عدم توافق وصراعات، وممارسة تصرفات تهدد الوحدة الوطنية، (ولذلك) وجب اللجوء إلى الشعب ليقوم بإعادة تصحيح المسار».
وفي يونيو (حزيران) الماضي، قال ولي العهد: «لا تضيعوا فرصة تصحيح المسار حتى لا نعود إلى ما كنا عليه، لأن هذه العودة لن تكون في صالح الوطن والمواطنين، وستكون لنا في حالة عودتها إجراءات أخرى ثقيلة الوقع والحدث». ويومها اعتبرت القيادة السياسة - ممثلة في ولي العهد - أن تغيير السلطة التشريعية سيحتاج حتماً إلى حزمة إصلاحات تمهد الطريق لـ«تصحيح المسار». واتخذت الحكومة مجموعة إجراءات وصفتها القوى السياسية بالإصلاحية والجريئة، لمنع تغول المال السياسي، والحد من نفوذ القوى القبلية المهيمنة، عبر محاربة الانتخابات الفرعية، وكذلك إقرار تسجيل الناخبين بناءً على البطاقة المدنية، وهو ما يمنع من عمليات شراء ونقل الأصوات.
وقبيل الانتخابات الحالية، أظهرت الحكومة حزماً في معالجة بعض ملفات الفساد، وفي مكافحة عمليات نقل الأصوات والتلاعب في سجلات الناخبين، وشراء الأصوات وتنظيم الانتخابات الفرعية. وحقاً، استفادت المرأة وكذلك الشباب من هذه الإجراءات التي تحد من هيمنة القوى النافذة مالياً وقبلياً من السيطرة على المجلس.
لقد راهن كثيرون على أن تسفر هذه الانتخابات عن تحول جوهري في تشكيل السلطة التشريعية وتخفيف الاحتقان السياسي، بالتزامن مع وصول رئيس جديد للحكومة؛ حيث تنتظر البلاد تعاوناً بين السلطتين لإنهاء الملفات العالقة، وخصوصاً بشأن الإصلاحات الاقتصادية ومكافحة الفساد. وأظهرت نتائج الانتخابات اكتساح «التغيير» مقاعد مجلس الأمة المنتخب، بواقع يربو على 54 في المائة من عدد نواب المجلس البالغ عددهم 50 نائباً. كما أظهرت النتائج فوز من يمكن اعتبارهم نواباً معارضين بنحو 60 في المائة، وسقوطاً مدوياً للنواب المحسوبين على الاتجاه الحكومي. فيما حققت المرأة فوزاً لافتاً بوصول سيدتين إلى القبة البرلمانية هما عالية الخالد (الدائرة الثانية) والوزيرة السابقة جنان بوشهري (الدائرة الثالثة).
ويرى مراقبون أن التشدد في منع الفرعيات ومنع نقل الأصوات ودفع الرشاوى أتاح الفرصة للقوى الشبابية والمستقلين للتعبير عن طموحها في الوصول للمجلس بعيداً عن سيطرة التكتلات القبلية والمال السياسي.
ماذا بعد الانتخابات؟
لكن إلى أي حد يمكن اعتبار أن المجلس الجديد صورة مكررة من المجالس السابقة التي تهيمن عليها المعارضة وتعيد إنتاج الأزمة بين السلطتين؟
يقول محللون إن المعارضة التي صبغت البرلمان الجديد - مع أن عددها كبير - تبقى معارضة مشتتة، تفترق في الأولويات وتفرقها التوجهات. بل إن بعض هؤلاء يجدون أنفسهم في صف التوافق مع الحكومة إزاء ملفات محددة خصوصاً تلك التي تتعارض مع هيمنة توجهات التيارات الإسلامية. وبالتالي، يصعب الجزم بأن المجلس يتجه إلى «اختبار قوة» مع الحكومة، لكونه محكوماً بأجواء التوافق التي جاءت بأعضائه إلى المجلس. بل يتوقع مراقبون أن يهيمن التوافق على المجلس الجديد، ويقول الأكاديمي والباحث السياسي الدكتور عايد المناع، لـ«الشرق الأوسط» إنه «من المهم أن تقرأ الحكومة المقبلة نتائج الانتخابات بشكل صحيح، وتقدم برنامجاً تنموياً وإصلاحياً يتضمن تنويع مصادر الدخل وحل المشاكل المستعصية مثل مشكلة السكن والتعليم والصحة وقضية البدون». ويضيف: «الحكومة مدعوة أمام نتيجة الانتخابات أن تأتي بحكومة تستطيع مواكبة المرحلة، مع برنامج عمل يتيح النهوض بمهمة الإصلاح وحمل تطلعات المرحلة القادمة، بعيداً عن أسباب التأزيم».
معضلة دستورية
ولكن الحكومة بدأت عهدها بمعضلة دستورية. فالحكومة التي سماها أحمد النواف وصدر مرسوم بتشكيلها قوبلت بمعارضة برلمانية فور الإعلان عنها، وقبل أن تؤدي القسم. كذلك واجهت الحكومة عاصفة احتجاجات من النواب بشأن إصدارها مرسوماً بتأجيل انعقاد اجتماع مجلس الأمة للدور العادي الأول من الفصل التشريعي السابع عشر إلى صباح يوم 18 من الشهر الجاري. ورأى نواب بينهم رئيس المجلس السابق مرزوق الغانم، أن تأجيل انعقاد الدورة البرلمانية «غير دستوري»، وأن المجلس «يعتبر مدعواً للاجتماع بقوة الدستور صبيحة الأحد 16 من الشهر الجاري وفقاً للمادة 87 من الدستور. ولاحظت كتلة «الخمسة» النيابية أن «مرسوم تأجيل اجتماع مجلس الأمة رُفع من حكومة جديدة لم تؤد اليمين الدستورية لمباشرة أعمالها، علاوة على أنه فور صدور مرسوم تشكيل الحكومة الجديدة تزول صفة حكومة تصريف العاجل، وهو الأمر الذي يَصِم مرسوم التأجيل بعدم المشروعية ليصبح هو والعدم سواء».
الأعضاء الذين اعترضوا على قرار التأجيل رأوا أن تأجيل انعقاد المجلس المنتخب «غير دستوري» ويمثل بداية غير موفقة للحكومة التي أخذت على عاتقها الالتزام بالدستور.
الحكومة من جانبها استندت في قرار التأجيل للمادة 106 من الدستور، التي تمنح الحق للأمير بتأجيل الانعقاد لمدة لا تزيد على شهر ولمرة واحدة في دور الانعقاد الواحد... لكن النواب الذين التقوا رئيس الوزراء أجمعوا على أن التأجيل مخالف للدستور. فبحسب المادة 87 من الدستور الكويتي، «يدعو الأمير مجلس الأمة لأول اجتماع يلي الانتخابات العامة للمجلس في خلال أسبوعين من انتهاء تلك الانتخابات، فإن لم يصدر مرسوم الدعوة خلال تلك المدة اعتبر المجلس مدعواً للاجتماع في صباح اليوم التالي للأسبوعين المذكورين مع مراعاة حكم المادة السابقة»، وتنص المادة 90 بأن «كل اجتماع يعقده المجلس في غير الزمان والمكان المقررين لاجتماعه يكون باطلاً، وتبطل بحكم القانون القرارات التي تصدر فيه».
وهنا اختلف القانونيون في شرعية هذا الإجراء، فقال القانوني الدكتور محمد المقاطع على صفحته في تويتر: «إن عقد الجلسة الافتتاحية لمجلس الأمة بعد أقصى يوم لموعدها الأحد 16 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، ستبطله المحكمة الدستورية وستبطل الجلسات التالية والقرارات المتخذة وفقاً للمادة 90 من الدستور»، وقد رأى الخبير الدستوري الدكتور محمد الفيلي أنه لا أساس فنياً للطعن في مرسوم التأجيل. مضيفاً أن المادة 87 تنص على أن الأمير يدعو خلال أسبوعين، لكنها لا تقول إن المجلس يعقد خلال أسبوعين. وتابع: «يجوز تأجيل دور انعقاد مجلس الأمة حسب المادة 106 ما دام الموعد كان معلوماً وهو نفس الحالة التي نحن بصددها».
الإصلاح الاقتصادي
على رأس أولويات الحكومة العتيدة والمجلس الجديد موضوع الإصلاح الاقتصادي. ومع أن الكويت تشهد حالياً بحبوحة مالية بفضل ارتفاع عائدات النفط، فهي بأمس الحاجة إلى تشريعات تضمن لها تنويع مصادر الدخل والحد من الإنفاق الحكومي، وكذلك معالجة ملفات الفساد المستعصية، وإصدار قوانين أبرزها قانون الدين العام الذي يعتبر أساسياً لتحسين تصنيف الكويت الائتماني الذي تضرر بسبب هذه الخلافات.
والحكومة تريد إقرار الضريبة على المواطنين، وهو ما يعارضه المجلس، كلما طرح للنقاش، وخلافاً لكل دول الخليج التي أقرت فرض ضريبة القيمة المضافة منذ عام 2018 عارض مجلس الأمة فرضها على الكويتيين. وما يعوق فعلياً إقرار تشريعات تفرض ضرائب على المواطنين، الوضع الاقتصادي المريح مع وفرة السيولة التي سببها ارتفاع الإيرادات النفطية نتيجة زيادة الطلب على الطاقة مع تصاعد التوترات الجيوسياسية حول العالم بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا، وتسجيل أسعار النفط أرقاماً قياسية لم تعرفها منذ نحو عقد ونصف.
هذا، وكان تقرير صادر عن البنك الدولي قد ذكر أن الكويت خرجت من الركود الاقتصادي الذي امتد لسنتين بفعل جائحة (كوفيد - 19)، وأنه يسجل «انتعاشة» في 2022. وتوقعت وكالة «فيتش» أن يسجل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للكويت نمواً 8 في المائة خلال العام الحالي، ليكون أسرع معدل نمو منذ عقد تقريباً، وأن يبلغ النمو 4.6 في المائة في 2023، ونوهت إلى أن هذا التحسن مدفوع بارتفاع إنتاج النفط وأسعاره.
وللعلم، سجلت إيرادات الكويت من النفط، خلال السنة المالية 2021/2022 نحو 16.7 مليار دولار. وقال رئيس غرفة تجارة وصناعة الكويت، محمد جاسم الصقر، خلال مؤتمر صحافي على هامش «ملتقى الأعمال المصري الكويتي» الذي عقد في القاهرة يوم 3 أكتوبر الحالي، أن الاقتصاد الكويتي يتوقع أن ينمو العام الحالي 5 في المائة، بدعم صعود أسعار النفط العالمية، واعتماد الاقتصاد على النفط في المقام الأول.

                                                                           داخل قاعة المجلس
خريطة القوى والتكتلات السياسية في مجلس الأمة
> (جماعة الإخوان المسلمين) وذراعها السياسية «الحركة الدستورية الإسلامية – حدس»
حصلت على خمسة مقاعد (ثلاثة ضمن قائمتها، واثنان كمستقلين)، هم: أسامة عيسى الشاهين (الدائرة الأولى)، وحمد محمد المطر (الدائرة الثانية)، وعبد العزيز الصقعبي (الدائرة الثالثة)، كما فاز اثنان من المقربين منها هما فلاح ضاحي الهاجري (الثانية)، وعبد الله فهاد العنزي (الرابعة).
> التيار السلفي
فاز التيار السلفي عبر ثلاث قوائم متفرقة بخمسة مقاعد في المجلس، إذ حصل «التجمع الإسلامي السلفي» على مقعدين كسبهما حمد العبيد (الدائرة الثانية) ومبارك الطشة (الدائرة الرابعة). وحصل «تجمع ثوابت الأمة»، على مقعد واحد بعودة النائب محمد هايف المطيري للمجلس (الدائرة الرابعة) بعد خسارته في الدورة السابقة، كما حصل مرشحون «سلفيون مستقلون» على مقعدين لعادل الدمخي (الدائرة الأولى) وعمار العجمي (الثالثة)، أيضاً بعد خسارتهما في الانتخابات السابقة.
> الشيعة
حصل النواب الشيعة على 9 مقاعد، توزعت على ثلاث مجموعات رئيسية: «التآلف الإسلامي الوطني» بثلاثة مقاعد لأحمد لاري (الدائرة الأولى)، وخليل أبل (الدائرة الثالثة)، وهاني حسين شمس (الدائرة الخامسة)، و«تجمع العدالة والسلام» حاصلاً على مقعدين لصالح عاشور (الدائرة الأولى)، وخليل الصالح (الدائرة الثانية). وبقية النواب الشيعة وعددهم 4 فازوا كـ«مستقلين» وهم حسن جوهر وأسامة الزيد (الدائرة الأولى)، وشعيب علي شعبان (الدائرة الثانية)، والوزيرة السابقة جنان بوشهري (الدائرة الثالثة). وكانت حصة النواب الشيعة في المجلس السابق 6 مقاعد.
> «كتلة الخمسة»
فاز جميع أعضاء الكتلة المكونة من: د. حسن جوهر وعبد الله المضف وبدر الملا ومهلهل المضف ومهند الساير، ونجحوا في تحقيق أرقام متقدمة في دوائرهم والفوز في الانتخابات.
> المرأة
حققت المرأة الكويتية فوزاً؛ عبر عالية الخالد (الدائرة الثانية) والوزيرة السابقة جنان بوشهري (الدائرة الثالثة).
> حركة العمل الشعبي (حشد)
رغم السياق التاريخي والرصيد الشعبي لهذه الحركة، لم تتمكن من الحصول على أكثر من مقعد واحد ربحه الرئيس أحمد السعدون، الذي كان عضواً في الحركة، لكنه آثر ألا يدخل الانتخابات الأخيرة تحت قائمتها. في حين خسر الذين مثلوا التكتل وهم: باسل البحراني (الدائرة الأولى) ومتعب عايد الرثعان (الدائرة الرابعة) ومحمد مساعد الدوسري (الدائرة الخامسة).
> «المنبر الديمقراطي الكويتي»
خسر مرشحه الوحيد في الانتخابات عزام بدر العميم (الدائرة الثالثة)، فلم يحصل على أي مقعد في المجلس.
> التجمعات القبلية
رغم تفكيك هيمنة التكتلات القبلية عبر إلغاء الفرعيات، تمثلت التجمعات القبلية في هذا المجلس بـ22 نائباً، وهو رقم أقل من تمثيلهم في المجلس السابق البالغ 29 نائباً.
> النواب المحسوبون على الحكومة
كانت مفاجأة هذه الانتخابات، خسارة نحو 16 نائباً مؤيداً للحكومة السابقة، ولم يفز ثلاثة مرشحين تقلدوا حقائب وزارية في الحكومة السابقة، هم: وزير الإعلام والثقافة السابق حمد روح الدين الكندري (الدائرة الأولى)، ووزير الشؤون الاجتماعية والتنمية المجتمعية مبارك العرو (الدائرة الثالثة)، ووزير الدولة لشؤون مجلس الأمة السابق محمد عبيد الراجحي (الدائرة الرابعة).

المرأة في العمل السياسي الكويتي
> نجحت المرأة الكويتية في انتخابات «أمة 2022» في الفوز بمقعدين داخل مجلس الأمة، ربحتهما عالية الخالد (الدائرة الثانية) والوزيرة السابقة جنان بوشهري (الدائرة الثالثة)، وكان يمكن للمرشحة موضي المطيري - وهي سيدة (قبلية) خاضت الانتخابات لأول مرة في الدائرة الرابعة - أن تحجز مقعداً ثالثاً، حين حصلت على أكثر من 3 آلاف صوت في دائرة تهيمن عليها الاتجاهات القبلية حيث نافست 40 مرشحاً ومرشحة هناك.
المرأة الكويتية شاركت لأول مرة في انتخابات مجلس الأمة التي أجريت في 30 يونيو 2006، وعام 2009، أسفرت الانتخابات عن فوز 4 مرشحات في انتخابات مجلس الأمة الكويتي، والنساء الأربع اللواتي كن أول من دخلن القبة البرلمانية الكويتية وهن الدكتورة معصومة المبارك ورولا دشتي وأسيل العوضي وسلوى الجسار.
ولكن نصيب المرأة تراجع بعد ذلك، ففي انتخابات عام 2013 لم تُنتخب أي امرأة، واستقالت آخر امرأة منتخبة في شهر مايو (أيار) من عام 2014. وفي مجلس 2016 حصلت امرأة واحدة فقط هي صفاء الهاشم على مقعد في البرلمان. لكن المرأة الكويتية مُنيت بخسارة جديدة في انتخابات مجلس الأمة 2020 التي شهدت إقبالاً كبيراً في المشاركة النسائية من حيث عدد المرشحات والناخبات، وخسرت النائبة صفاء الهاشم مقعدها، الذي حافظت عليه 3 دورات متتالية.

الأرقام تتكلم
> بلغ عدد الناخبين الذين يحق لهم التصويت، في الانتخابات السابقة 795911 ناخباً وناخبة يختارون 50 نائباً من بين 305 مرشحين ومرشحة في عملية اقتراع تجرى وفق نظام الصوت الانتخابي الواحد.
(*تتكون الكويت من خمس دوائر انتخابية، لكل دائرة عشرة نواب، ويفوز المرشحون الذين يحصلون على المراكز العشرة الأولى في كل دائرة بعضوية البرلمان.
*احتلت الدائرة الخامسة المرتبة الأولى في عدد المرشحين بـ82 مرشحاً، كما تحتل المرتبة الأولى في عدد الناخبين، البالغ عددهم أكثر من ربع مليون ناخب (257913 ناخباً وناخبة)، تليها الدائرة الرابعة التي تنافس فيها 80 مرشحاً ومرشحة على 208971 صوتاً انتخابياً، تليهما الدائرة الانتخابية الأولى بعدد 48 مرشحاً ومرشحة، وعدد الناخبين البالغ عددهم نحو 100185 ناخباً وناخبة.
*أعلنت وزارة التربية اختيار 123 مدرسة من قبل وزارة الداخلية لتكون مراكز اقتراع، منها 5 مدارس اختيرت لجاناً رئيسية و118 مدرسة اختيرت لجاناً فرعية، موزعة على جميع الدوائر الانتخابية.
*في سابقة بتاريخ انتخابات الكويت، تمكن مرشحان من الفوز مع أنهما داخل أسوار السجن، هما مرزوق الخليفة (الدائرة الرابعة) وحامد البذالي (الدائرة الثانية).


مقالات ذات صلة

السعدون يخوض السباق لـ«الأمة 2023» ووزير النفط يستقيل تمهيداً لدخوله

الخليج السعدون يخوض السباق لـ«الأمة 2023» ووزير النفط يستقيل تمهيداً لدخوله

السعدون يخوض السباق لـ«الأمة 2023» ووزير النفط يستقيل تمهيداً لدخوله

أعلنت وزارة الداخلية الكويتية، الخميس، فتح باب الترشح لانتخاب أعضاء «مجلس الأمة»، اعتباراً من اليوم الجمعة، وحتى نهاية الدوام الرسمي ليوم الرابع عشر من شهر مايو (أيار) الحالي. وأوضحت الوزارة أنه جرى اعتماد 5 مدارس لتكون لجاناً رئيسية في الدوائر الانتخابية الخمس، لإعلان النتائج النهائية للانتخابات. كان مجلس الوزراء قد قرر، في مستهل اجتماعه الاستثنائي، أول من أمس الأربعاء، الموافقة على مشروع مرسوم بدعوة الناخبين لانتخاب أعضاء «مجلس الأمة»، يوم الثلاثاء، الموافق 6 يونيو (حزيران) 2023 المقبل. ونقلت «وكالة الأنباء الكويتية» عن المدير العام للشؤون القانونية في وزارة الداخلية، العميد صلاح الشطي، قوله

ميرزا الخويلدي (الكويت)
الخليج الكويت: انتخابات «أمة 2023» في 6 يونيو

الكويت: انتخابات «أمة 2023» في 6 يونيو

حددت الحكومة الكويتية يوم 6 يونيو (حزيران) المقبل موعداً لإجراء الانتخابات البرلمانية، بعد حلّ مجلس الأمة حلاً دستورياً.

ميرزا الخويلدي (الكويت)
الخليج الكويت تحدد 6 يونيو موعداً للانتخابات التشريعية

الكويت تحدد 6 يونيو موعداً للانتخابات التشريعية

وافق مجلس الوزراء الكويتي، في اجتماعه الاستثنائي الذي عُقد، اليوم الأربعاء، في قصر بيان، على مشروع مرسوم بدعوة الناخبين لانتخاب أعضاء مجلس الأمة، يوم الثلاثاء 6 يونيو (حزيران) المقبل 2023، ورفعه إلى ولي العهد. وجرى حل مجلس الأمة «البرلمان» المنتخَب في 2020، الذي أعادته المحكمة الدستورية في مارس (آذار)، بمرسوم أميري، يوم الاثنين، والعودة للشعب؛ لاختيار ممثليه من جديد. وقالت «الوكالة الرسمية الكويتية»، اليوم، إن مجلس الوزراء قرَّر تعطيل العمل في جميع الوزارات والجهات الحكومية والمؤسسات العامة، يوم الاقتراع، واعتباره يوم راحة. كان ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد، قد أعلن، في كلمة ألقاها نيابة عن الأم

«الشرق الأوسط» (الكويت)
الخليج حلّ «الأمة» الكويتي بمرسوم... وبدء السباق الانتخابي

حلّ «الأمة» الكويتي بمرسوم... وبدء السباق الانتخابي

صدر في الكويت، أمس (الاثنين)، مرسوم أميري بحل مجلس الأمة، بعد أن وافق مجلس الوزراء على مشروع المرسوم، ورفعه إلى ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الصباح في وقت سابق من يوم أمس. وصدر المرسوم باسم ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الذي يتولى بعض صلاحيات الأمير.

ميرزا الخويلدي (الكويت)
الخليج «الوزراء الكويتي» يرفع مرسوم حل مجلس الأمة إلى ولي العهد

«الوزراء الكويتي» يرفع مرسوم حل مجلس الأمة إلى ولي العهد

رفع مجلس الوزراء الكويتي مشروع مرسوم حل مجلس الأمة إلى ولي العهد، بعد موافقته عليه خلال اجتماعه الأسبوعي، اليوم (الاثنين)، برئاسة الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح، رئيس المجلس، وذلك بناءً على عرض الرئيس، واستناداً إلى نص المادة 107 من الدستور. كان ولي العهد، الشيخ مشعل الأحمد، قد أعلن الشهر الماضي، حل مجلس الأمة 2020 المعاد بحكم المحكمة الدستورية حلاً دستورياً استناداً للمادة 107، والدعوة لانتخابات عامة في الأشهر المقبلة.

«الشرق الأوسط» (الكويت)

تونس... على أبواب انتخاباتها الرئاسية الجديدة

الرئيس قيس سعيّد ... يعد العدة لاختبار انتخابي مهم. (رويترز)
الرئيس قيس سعيّد ... يعد العدة لاختبار انتخابي مهم. (رويترز)
TT

تونس... على أبواب انتخاباتها الرئاسية الجديدة

الرئيس قيس سعيّد ... يعد العدة لاختبار انتخابي مهم. (رويترز)
الرئيس قيس سعيّد ... يعد العدة لاختبار انتخابي مهم. (رويترز)

تكشف تصريحات قيادات الاتحاد العام التونسي للشغل وهيئات حقوق الإنسان والمجتمع المدني وبلاغات الأحزاب السياسية، عن تركيز على مطلب «تنقية المناخ السياسي والاجتماعي» في تونس و«تنظيم حوار وطني قبل الانتخابات»، كما ورد على لسان نور الدين الطبوبي، الأمين العام لـ«الاتحاد» وقياديين في «جبهة الخلاص الوطني» المعارضة مثل الزعيم اليساري عز الدين حزقي، والمحامي احمد نجيب الشابي، والحقوقية شيماء عيس والأكاديمي رياض الشعيبي. بل إن قياديين في أحزاب تعد قريبة إلى «السلطة» يطالبون ايضاً بـ»الحوار بين الأطراف الاجتماعية والسياسية» بينهم المرشحان للرئاسة الوزير ناجي جلول، الوزير السابق وأمين عام «حزب الائتلاف الوطني»، وزهير المغزاوي، أمين عام حزب الشعب القومي الناصري.

بل إن المحامي العروبي خالد الكريشي وعدداً من القياديين البارزين في حزب الشعب القومي الناصري، الذي يعتبر «الأقرب سياسياً» إلى قصر قرطاج الرئاسي، أدلوا أخيراً بـ«تصريحات سياسية نارية» انتقدت السلطات السياسية واتهمتها بـ«الفشل في تحقيق الشعارات التي رُفعت يوم حراك 25 يوليو (تموز) 2021» وقرارات حل البرلمان والحكومة السابقين.

نورالدين الطبوبي...ابرز الشخصيات النقابية (آ ف ب)

انتعاش الخطاب الشعبوي

خالد الكريشي قال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إنه ورفاقه الذين كانوا قد دعموا بقوة الرئيس سعيّد سابقاً، أصبحوا يدعمون ترشيح زعيم حزبهم زهير المغزاوي، ويعطون أولوية للإصلاحات السياسية «حرصاً على مصداقية الانتخابات الرئاسية المقبلة». وفي السياق ذاته، أعلن المغزاوي خلال مؤتمر صحافي في أحد فنادق العاصمة تونس أنه قرّر الترشح للرئاسة؛ لأن مشروع برنامجه الانتخابي يتضمّن بالخصوص «إقامة نظام ديمقراطي والتصدّي لسيناريو حكم الفرد». أما ناجي جلول فذهب إلى ما هو أبعد من ذلك؛ إذ تعهد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بـ«توظيف خبراته السياسية وتجاربه السابقة في المعارضة، ثم في الحكومة وفي قصر قرطاج في عهد الرئيس الباجي قائد السبسي لإخراج البلاد من أزماتها في ظرف 6 اشهر فقط».

واعتبر مراقبون أن هذه التصريحات تكشف الآن عن مدى انتشار «الخطاب الشعبوي» في أوساط عدّة داخل تونس بسبب اقتناع «النخب» باستفحال معاناة الطبقات الشعبية من البطالة والفقر وغلاء الأسعار.

إصلاحات سياسية فورية

في سياق متصل، صدرت داخل الجامعات ومقار نقابات الصحافيين والمحامين والقضاة نداءات من كبار خبراء القانون الدستوري والعلوم السياسية تطالب رئاستي الجمهورية والحكومة ووزارة الداخلية ببدء «إصلاحات سياسية جريئة»، بينها تحرير الإعلام والإفراج عن الإعلاميين والموقوفين في قضايا ذات صبغة سياسية.

واعتبر الأكاديمي أمين محفوظ، وهو أستاذ جامعي للعلوم السياسية والقانونية والدستورية، خلال لقاء مع «الشرق الأوسط» أن الانتخابات الرئاسية المقبلة في تونس «مهمة جداً، بل قد تكون الأهم والأخطر منذ 15 سنة». ودعا محفوظ الـ8 ملايين ناخب تونسي إلى تجنب مقاطعة انتخابات 6 (تشرين الأول) المقبل كما قاطعوا الانتخابات النيابية والمحلية خلال العامين الماضي، ومثلما امتنع معظمهم عن المشاركة في الاستفتاء على دستور 2022 احتجاجاً على أوضاعهم المعيشية وعلى «غلطات النخب».

من جهته، أورد عماد الدايمي، الوزير والمستشار السابق في رئاسة الجمهورية، الذي أعلن مبدئياً ترشحه للرئاسة أنه سيعمل على إقناع عموم المواطنين بنجاعة «الرهان مجدداً على أن التغيير يكون عبر صندوق الاقتراع». واعتبر الدايمي أن «الانتخابات الرئاسية المقبلة يمكن أن تخرِج البلاد من أزماتها السياسية والأمنية، ثم الاقتصادية والاجتماعية، وأن تدفع في اتجاه تحقيق المصالحة الوطنية».

غير أن معارضيه اتهموه بدورهم بـ«الشعبوية» وأطلق من وصفوا أنفسهم بـ«أنصار الرئيس سعيّد» حملة ضده، وذكّروه بأنه كان وزيراً مستشاراً ومديراً لمكتب الرئيس الأسبق محمد المنصف المرزوقي ما بين 2011 و2014.

وفي سياق موازٍ، تضمن البرنامج الانتخابي لمنذر الزنايدي، الوزير السابق للتجارة والسياحة والنقل والصحة قبل 2011، تعهداً بالقيام بإصلاحات سياسية فورية، بينها «إعادة تحقيق المصالحة الوطنية بين التونسيين بمختلف انتماءاتهم وبصرف النظر عن خلافات الماضي». ويعتبر الزنايدي عملياً المرشح المبدئي الأقرب لـ«الحزب الدستوري» الذي كان في الحكم إبان عهدي الرئيسين الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي. لكنه ومجموعة أخرى من المرشحين يوجدون خارج البلاد، بينهم الأميرال كمال العكروت، المستشار العسكري للرئيس الأسبق الباجي قائد السبسي.

الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في صدارة الجدل السياسي والانتخابي. (إيبا)

الورقة الاقتصادية الاجتماعية

في المقابل، تكشف تصريحات الأميرال كمال العكروت عن تحاشي التركيز على الملفات السياسية مقابل محاولة مواكبة «المشاغل المعيشية للطبقات الشعبية». وأعلن الأميرال رهاناً متزايداً على «إنقاذ البلاد من أزماتها الاقتصادية والاجتماعية الهيكلية» التي استفحلت منذ جائحة «كوفيد - 19» عامي 2020 - 2021، وكذلك تضرر البلاد من الحرب في أوكرانيا. وللعلم، كانت تونس تستقبل سنوياً قبل اندلاع الحرب الأوكرانية نحو 800 ألف سائح روسي وأوكراني، كما كانت تعتمد في توفير حاجياتها من الحبوب والمحروقات بأسعار تفضيلية على وارداتها من روسيا وأوكرانيا.

من جانبه، تعهد الإعلامي والكاتب العروبي أحمد الصافي سعيد، الذي يتهمه خصومه أيضاً بـ«الشعبوية»، بأن تكون على رأس أولوياته الاقتصادية والاجتماعية «تنويع الشراكات الاقتصادية للبلاد عربياً ودولياً»، واستحداث «مدن ذكية» وأقطاب تكنولوجية في العاصمة وفي الجهات؛ ما يؤدي إلى توفير موارد رزق لمئات آلاف الشباب العاطل عن العمل وبينهم عشرات آلاف من خريجي الجامعات والمهندسين الشبان.

واعتبر الصافي سعيد في لقاء مع «الشرق الأوسط» أن «إصلاح الأوضاع الاقتصادية ممكن... ولجوء مزيد من الشباب إلى الحلول اليائسة، مثل الهجرة غير النظامية، يمكن معالجته عبر تنويع فرص التنمية وخلق الثروة وتحسين شروط التفاوض مع الاتحاد الأوربي وشركاء البلاد الإقليميين والدوليين حول ملفات كثيرة»، منها «تشديد مراقبة تونس لسواحلها وحدودها البرية كي لا تكون معبراً لعشرات آلاف المهاجرين من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء سنوياً».

التغيير آتٍ

في هذه الأثناء، ترفع النخب السياسية والشخصيات التي أعلنت مبدئياً الترشح لانتخابات 6 أكتوبر المقبل شعارات كثيرة ذات صبغة اقتصادية اجتماعية سياسية، منها «الشعبوي» ومنها «التغييري». لكن الخبراء الاقتصاديين المستقلين، مثل رضا الشكندالي، لا يترددون باتهام هؤلاء بـ«الشعبوية» و«اللاواقعية». ويفسّر بعض الخبراء أزمات تونس الحالية بعوامل عدة، من بينها «حصيلة السلطات المتعاقبة منذ اندلاع الأزمة المالية والاقتصادية العالمية في 2008، وتضرر صادرات البلاد ومداخيل سياحتها وفرص الاستثمار والتوظيف» نتيجة «الانكماش الاقتصادي العالمي، وبخاصة داخل البلدان الأوروبية التي تعدّ الشريك الأول لتونس بنسبة تفوق الـ70 في المائة».

وعودة إلى الوزير السابق عماد الدايمي، فإن الملفات الاقتصادية والاجتماعية هيمنت على خطابه، ولقد برّر شعاره «التغيير قادم» بثلاثة أسباب تهم السياسات الاقتصادية للدولة وأولويات القطاع الخاص.

ويشرح الدايمي، فيقول إن السبب الأول هو كون «المنوال التنموي للبلاد وصل إلى نهاية الطريق، وصار عاجزاً تماماً عن تأمين حلول للمشاكل» المتراكمة منذ عقود. والسبب الثاني هو أن «بنية الدولة التونسية ومؤسساتها تقادمت وتهالكت، ولم ترضخ للتجديد، فباتت على درجة كبيرة من البيروقراطية والتكلس وانعدام الفاعليّة». ولأن منظومة المؤسسات والمنشآت العمومية الواسعة أضحت كلها تقريباً مفلسة وحوكمتها مدمّرة، خرّبها الفساد والمحسوبية و«بلطجة النقابات». وأما السبب الثالث والأخير، فهو واقع «البنية الريعية» للاقتصاد التونسي، «الذي تزايد اعتماده على عدد قليل من العائلات ورجال الأعمال الذين يحتكرون الثروة ويهيمنون على كل القطاعات رغم ضغوط المستثمرين الشبان والشركاء الأجانب».

اهتمامات الرئيس سعيّد

ولكن، هذا التركيز على الملفات الاقتصادية والاجتماعية ليس محصوراً بالمرشحين المحسوبين على المعارضة بمختلف ألوانها، بل يهم كذلك الرئيس قيس سعيّد، الذي استأنف زياراته للأسواق الشعبية وللجهات الداخلية المهمشة وللمؤسسات العمومية التي تمر بصعوبات، بما في تلك في قطاعات الصحة والمياه والكهرباء والبنوك.

ولئن برز سعيّد قبل نجاحه في انتخابات 2019 بمداخلاته السياسية والقانونية والدستورية في وسائل الإعلام، فإنه منذ وصوله قصر قرطاج قبل خمس سنوات صار يعطي أولوية مطلقة للمشاغل الاجتماعية والاقتصادية للطبقات الشعبية. ومن ثم، يتهم «عصابات التهريب والاحتكار» بتحمّل مسؤولية ارتفاع الأسعار ونسب البطالة والفقر، وبالتسبب في تعطيل عمل شبكات نقل المياه والكهرباء.

وحقاً، مع اقتراب موعد انطلاق الحملة الانتخابية الرسمية كثّف سعيّد تحركاته في محافظات عدة متفقداً أوضاع الطبقات الشعبية، وكاشفاً للشعب عبر الفريق الإعلامي المرافق له عن ما يراه من «حجم الدمار والتخريب» الذي حمّل مسؤوليته إلى أجيال من السياسيين والإداريين منذ عهدي الرئيسين بورقيبة (1956 - 1987) وبن علي (1987 - 2011) ثم في حكومات ما بعد «انتفاضة يناير 2011» الشبابية والاجتماعية. وعلى الرغم من وجود سعيّد في الحكم منذ سنوات، فإنه لا يزال يتبرأ في الكلمات التي يتوجه بها إلى الشعب من «تقصير أجيال من المسؤولين» ومن «التخريب الذي يقوم به متآمرون على الأمن القومي» إلى حد تعمّد احتكار مواد الاستهلاك والترفيع في الأسعار وتخريب شبكات الماء والكهرباء. سعيّد يحمّل النخب الحاكمة منذ 70 سنة مسؤولية تردي الأوضاع

الاهتمام بالشأن السياسي متراجع تحت الضغوط الاقتصادية والمعيشية

> في ظل التركيز الشديد من قِبل أنصار الرئيس قيس سعيّد ومعارضيه على الصعوبات الاقتصادية والمعيشية وغلاء الأسعار والبطالة، تراجع الاهتمام بـ«الشأن السياسي»، وبالملفات السياسية والدستورية والجيو استراتيجية التي كانت حاضرة بقوة في الانتخابات البرلمانية والرئاسية والبلدية التي نظمت منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2011. بل إن التقارير المفصلة لبعض المنظمات المستقلة، التي تحصل على دعم مالي من عواصم غربية، مثل «منظمة بوصلة»، أصبحت تتحدث بوضوح عن كون التحضيرات للانتخابات المقبلة تجري في «مناخ لا سياسي». رئيس المعهد التونسي للمستشارين الجبائيين الأسعد الذوادي، قال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن تياراً واسعاً من الشارع التونسي دعم الخطوات التي قام بها قيس سعيّد عندما فتح بعض «ملفات الفساد المالي» الكبرى، وأمر بإيقاف مجموعة من رجال الأعمال والمسؤولين السابقين عن البنوك والشركات العمومية ومصادرة أملاك بعضهم. ومن جهة ثانية، دعا عدد من الزعماء السياسيين والخبراء الاقتصاديين والنقابيين المستقلين إلى ضرورة ألا يتسبب تزامن التحقيقات القضائية مع «المتآمرين على أمن الدولة» ومع «الفاسدين مالياً» مع العملية الانتخابية في عملية «تصفية حسابات». ورأى هؤلاء أن «الأسباب العميقة للصعوبات الاجتماعية والاقتصادية التي تمرّ بها تونس أسباب هيكلية»، ولقد تعقّدت بعد سنوات من الجفاف و13 سنة من الاضطراب السياسي والإداري. وهنا يتساءل البعض عما إذا كانت انتخابات 6 أكتوبر ستساهم في تحسين فرص استرجاع ثقة ملايين الناخبين والمواطنين بصناديق الاقتراع، أم ترى سيتجدد سيناريو «امتناع» نحو 88 في المائة عن المشاركة في التصويت كما حدث خلال السنتين الماضيتين، وهذا بينما يضغط ملف الصعوبات الاقتصادية على كل من مرشحي السلطة ومعارضيهم.