الكويت: التغيير اجتاح البرلمان

الشباب فرضوا حضورهم والمعارضة تفتقد الانسجام

المرأة الكويتية أثبتت حضورها
المرأة الكويتية أثبتت حضورها
TT

الكويت: التغيير اجتاح البرلمان

المرأة الكويتية أثبتت حضورها
المرأة الكويتية أثبتت حضورها

لعلها المرة الأولى التي واجه الكويتيون إعلان حل مجلس الأمة بنوبة من الترحيب والفرح. وما حدث منذ أعلن ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الصباح في يونيو (حزيران) الماضي، عن رغبته في حل مجلس الأمة، كان حدثاً فارقاً؛ إذ رحبت غالبية القوى السياسية الممثلة في المجلس أو التي خارجه بحل البرلمان وإعادة الانتخابات، والسبب أن الكويتيين شعروا بأن المجلس السابق مثل عبئاً ثقيلاً على الحياة السياسية في البلاد، بسبب الخلافات المستحكمة مع الحكومة ما أدخل البلاد فعلياً في شلل سياسي وتعطيل التشريعات التي تحتاجها. وحتى الذين قاطعوا العملية السياسية على خلفية «مرسوم الصوت الواحد»، أمثال القطب البرلماني الأبرز في الكويت أحمد السعدون، رحبوا بخطاب ولي العهد، ورأوا فيه بداية حقيقية للإصلاح المنشود. وبالتالي، أعلنوا العودة للقبة البرلمانية، وبذا أعطى الإعلان الانتخابات الأخيرة زخماً هائلاً، تُوج بأوسع تغيير شهدته الانتخابات النيابية في الكويت بلغت نسبته 54 في المائة.

                                                                     داخل مركز اقتراع
حملت الانتخابات الكويتية الأخيرة شعار «تصحيح المسار»، وجاءت على وقع خطاب ولي العهد الكويتي الشيخ مشعل الأحمد الصباح، الذي دعا للتغيير وتعهد بمنع تدخل الحكومة في اختيارات التصويت، أو اختيار رئيس لمجلس الأمة. وكان ولي العهد الكويتي قد ذكر في بيان حل مجلس الأمة السابق أن هذا الحل جاء «تصحيحاً للمشهد السياسي، وما فيه من عدم توافق وصراعات، وممارسة تصرفات تهدد الوحدة الوطنية، (ولذلك) وجب اللجوء إلى الشعب ليقوم بإعادة تصحيح المسار».
وفي يونيو (حزيران) الماضي، قال ولي العهد: «لا تضيعوا فرصة تصحيح المسار حتى لا نعود إلى ما كنا عليه، لأن هذه العودة لن تكون في صالح الوطن والمواطنين، وستكون لنا في حالة عودتها إجراءات أخرى ثقيلة الوقع والحدث». ويومها اعتبرت القيادة السياسة - ممثلة في ولي العهد - أن تغيير السلطة التشريعية سيحتاج حتماً إلى حزمة إصلاحات تمهد الطريق لـ«تصحيح المسار». واتخذت الحكومة مجموعة إجراءات وصفتها القوى السياسية بالإصلاحية والجريئة، لمنع تغول المال السياسي، والحد من نفوذ القوى القبلية المهيمنة، عبر محاربة الانتخابات الفرعية، وكذلك إقرار تسجيل الناخبين بناءً على البطاقة المدنية، وهو ما يمنع من عمليات شراء ونقل الأصوات.
وقبيل الانتخابات الحالية، أظهرت الحكومة حزماً في معالجة بعض ملفات الفساد، وفي مكافحة عمليات نقل الأصوات والتلاعب في سجلات الناخبين، وشراء الأصوات وتنظيم الانتخابات الفرعية. وحقاً، استفادت المرأة وكذلك الشباب من هذه الإجراءات التي تحد من هيمنة القوى النافذة مالياً وقبلياً من السيطرة على المجلس.
لقد راهن كثيرون على أن تسفر هذه الانتخابات عن تحول جوهري في تشكيل السلطة التشريعية وتخفيف الاحتقان السياسي، بالتزامن مع وصول رئيس جديد للحكومة؛ حيث تنتظر البلاد تعاوناً بين السلطتين لإنهاء الملفات العالقة، وخصوصاً بشأن الإصلاحات الاقتصادية ومكافحة الفساد. وأظهرت نتائج الانتخابات اكتساح «التغيير» مقاعد مجلس الأمة المنتخب، بواقع يربو على 54 في المائة من عدد نواب المجلس البالغ عددهم 50 نائباً. كما أظهرت النتائج فوز من يمكن اعتبارهم نواباً معارضين بنحو 60 في المائة، وسقوطاً مدوياً للنواب المحسوبين على الاتجاه الحكومي. فيما حققت المرأة فوزاً لافتاً بوصول سيدتين إلى القبة البرلمانية هما عالية الخالد (الدائرة الثانية) والوزيرة السابقة جنان بوشهري (الدائرة الثالثة).
ويرى مراقبون أن التشدد في منع الفرعيات ومنع نقل الأصوات ودفع الرشاوى أتاح الفرصة للقوى الشبابية والمستقلين للتعبير عن طموحها في الوصول للمجلس بعيداً عن سيطرة التكتلات القبلية والمال السياسي.
ماذا بعد الانتخابات؟
لكن إلى أي حد يمكن اعتبار أن المجلس الجديد صورة مكررة من المجالس السابقة التي تهيمن عليها المعارضة وتعيد إنتاج الأزمة بين السلطتين؟
يقول محللون إن المعارضة التي صبغت البرلمان الجديد - مع أن عددها كبير - تبقى معارضة مشتتة، تفترق في الأولويات وتفرقها التوجهات. بل إن بعض هؤلاء يجدون أنفسهم في صف التوافق مع الحكومة إزاء ملفات محددة خصوصاً تلك التي تتعارض مع هيمنة توجهات التيارات الإسلامية. وبالتالي، يصعب الجزم بأن المجلس يتجه إلى «اختبار قوة» مع الحكومة، لكونه محكوماً بأجواء التوافق التي جاءت بأعضائه إلى المجلس. بل يتوقع مراقبون أن يهيمن التوافق على المجلس الجديد، ويقول الأكاديمي والباحث السياسي الدكتور عايد المناع، لـ«الشرق الأوسط» إنه «من المهم أن تقرأ الحكومة المقبلة نتائج الانتخابات بشكل صحيح، وتقدم برنامجاً تنموياً وإصلاحياً يتضمن تنويع مصادر الدخل وحل المشاكل المستعصية مثل مشكلة السكن والتعليم والصحة وقضية البدون». ويضيف: «الحكومة مدعوة أمام نتيجة الانتخابات أن تأتي بحكومة تستطيع مواكبة المرحلة، مع برنامج عمل يتيح النهوض بمهمة الإصلاح وحمل تطلعات المرحلة القادمة، بعيداً عن أسباب التأزيم».
معضلة دستورية
ولكن الحكومة بدأت عهدها بمعضلة دستورية. فالحكومة التي سماها أحمد النواف وصدر مرسوم بتشكيلها قوبلت بمعارضة برلمانية فور الإعلان عنها، وقبل أن تؤدي القسم. كذلك واجهت الحكومة عاصفة احتجاجات من النواب بشأن إصدارها مرسوماً بتأجيل انعقاد اجتماع مجلس الأمة للدور العادي الأول من الفصل التشريعي السابع عشر إلى صباح يوم 18 من الشهر الجاري. ورأى نواب بينهم رئيس المجلس السابق مرزوق الغانم، أن تأجيل انعقاد الدورة البرلمانية «غير دستوري»، وأن المجلس «يعتبر مدعواً للاجتماع بقوة الدستور صبيحة الأحد 16 من الشهر الجاري وفقاً للمادة 87 من الدستور. ولاحظت كتلة «الخمسة» النيابية أن «مرسوم تأجيل اجتماع مجلس الأمة رُفع من حكومة جديدة لم تؤد اليمين الدستورية لمباشرة أعمالها، علاوة على أنه فور صدور مرسوم تشكيل الحكومة الجديدة تزول صفة حكومة تصريف العاجل، وهو الأمر الذي يَصِم مرسوم التأجيل بعدم المشروعية ليصبح هو والعدم سواء».
الأعضاء الذين اعترضوا على قرار التأجيل رأوا أن تأجيل انعقاد المجلس المنتخب «غير دستوري» ويمثل بداية غير موفقة للحكومة التي أخذت على عاتقها الالتزام بالدستور.
الحكومة من جانبها استندت في قرار التأجيل للمادة 106 من الدستور، التي تمنح الحق للأمير بتأجيل الانعقاد لمدة لا تزيد على شهر ولمرة واحدة في دور الانعقاد الواحد... لكن النواب الذين التقوا رئيس الوزراء أجمعوا على أن التأجيل مخالف للدستور. فبحسب المادة 87 من الدستور الكويتي، «يدعو الأمير مجلس الأمة لأول اجتماع يلي الانتخابات العامة للمجلس في خلال أسبوعين من انتهاء تلك الانتخابات، فإن لم يصدر مرسوم الدعوة خلال تلك المدة اعتبر المجلس مدعواً للاجتماع في صباح اليوم التالي للأسبوعين المذكورين مع مراعاة حكم المادة السابقة»، وتنص المادة 90 بأن «كل اجتماع يعقده المجلس في غير الزمان والمكان المقررين لاجتماعه يكون باطلاً، وتبطل بحكم القانون القرارات التي تصدر فيه».
وهنا اختلف القانونيون في شرعية هذا الإجراء، فقال القانوني الدكتور محمد المقاطع على صفحته في تويتر: «إن عقد الجلسة الافتتاحية لمجلس الأمة بعد أقصى يوم لموعدها الأحد 16 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، ستبطله المحكمة الدستورية وستبطل الجلسات التالية والقرارات المتخذة وفقاً للمادة 90 من الدستور»، وقد رأى الخبير الدستوري الدكتور محمد الفيلي أنه لا أساس فنياً للطعن في مرسوم التأجيل. مضيفاً أن المادة 87 تنص على أن الأمير يدعو خلال أسبوعين، لكنها لا تقول إن المجلس يعقد خلال أسبوعين. وتابع: «يجوز تأجيل دور انعقاد مجلس الأمة حسب المادة 106 ما دام الموعد كان معلوماً وهو نفس الحالة التي نحن بصددها».
الإصلاح الاقتصادي
على رأس أولويات الحكومة العتيدة والمجلس الجديد موضوع الإصلاح الاقتصادي. ومع أن الكويت تشهد حالياً بحبوحة مالية بفضل ارتفاع عائدات النفط، فهي بأمس الحاجة إلى تشريعات تضمن لها تنويع مصادر الدخل والحد من الإنفاق الحكومي، وكذلك معالجة ملفات الفساد المستعصية، وإصدار قوانين أبرزها قانون الدين العام الذي يعتبر أساسياً لتحسين تصنيف الكويت الائتماني الذي تضرر بسبب هذه الخلافات.
والحكومة تريد إقرار الضريبة على المواطنين، وهو ما يعارضه المجلس، كلما طرح للنقاش، وخلافاً لكل دول الخليج التي أقرت فرض ضريبة القيمة المضافة منذ عام 2018 عارض مجلس الأمة فرضها على الكويتيين. وما يعوق فعلياً إقرار تشريعات تفرض ضرائب على المواطنين، الوضع الاقتصادي المريح مع وفرة السيولة التي سببها ارتفاع الإيرادات النفطية نتيجة زيادة الطلب على الطاقة مع تصاعد التوترات الجيوسياسية حول العالم بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا، وتسجيل أسعار النفط أرقاماً قياسية لم تعرفها منذ نحو عقد ونصف.
هذا، وكان تقرير صادر عن البنك الدولي قد ذكر أن الكويت خرجت من الركود الاقتصادي الذي امتد لسنتين بفعل جائحة (كوفيد - 19)، وأنه يسجل «انتعاشة» في 2022. وتوقعت وكالة «فيتش» أن يسجل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للكويت نمواً 8 في المائة خلال العام الحالي، ليكون أسرع معدل نمو منذ عقد تقريباً، وأن يبلغ النمو 4.6 في المائة في 2023، ونوهت إلى أن هذا التحسن مدفوع بارتفاع إنتاج النفط وأسعاره.
وللعلم، سجلت إيرادات الكويت من النفط، خلال السنة المالية 2021/2022 نحو 16.7 مليار دولار. وقال رئيس غرفة تجارة وصناعة الكويت، محمد جاسم الصقر، خلال مؤتمر صحافي على هامش «ملتقى الأعمال المصري الكويتي» الذي عقد في القاهرة يوم 3 أكتوبر الحالي، أن الاقتصاد الكويتي يتوقع أن ينمو العام الحالي 5 في المائة، بدعم صعود أسعار النفط العالمية، واعتماد الاقتصاد على النفط في المقام الأول.

                                                                           داخل قاعة المجلس
خريطة القوى والتكتلات السياسية في مجلس الأمة
> (جماعة الإخوان المسلمين) وذراعها السياسية «الحركة الدستورية الإسلامية – حدس»
حصلت على خمسة مقاعد (ثلاثة ضمن قائمتها، واثنان كمستقلين)، هم: أسامة عيسى الشاهين (الدائرة الأولى)، وحمد محمد المطر (الدائرة الثانية)، وعبد العزيز الصقعبي (الدائرة الثالثة)، كما فاز اثنان من المقربين منها هما فلاح ضاحي الهاجري (الثانية)، وعبد الله فهاد العنزي (الرابعة).
> التيار السلفي
فاز التيار السلفي عبر ثلاث قوائم متفرقة بخمسة مقاعد في المجلس، إذ حصل «التجمع الإسلامي السلفي» على مقعدين كسبهما حمد العبيد (الدائرة الثانية) ومبارك الطشة (الدائرة الرابعة). وحصل «تجمع ثوابت الأمة»، على مقعد واحد بعودة النائب محمد هايف المطيري للمجلس (الدائرة الرابعة) بعد خسارته في الدورة السابقة، كما حصل مرشحون «سلفيون مستقلون» على مقعدين لعادل الدمخي (الدائرة الأولى) وعمار العجمي (الثالثة)، أيضاً بعد خسارتهما في الانتخابات السابقة.
> الشيعة
حصل النواب الشيعة على 9 مقاعد، توزعت على ثلاث مجموعات رئيسية: «التآلف الإسلامي الوطني» بثلاثة مقاعد لأحمد لاري (الدائرة الأولى)، وخليل أبل (الدائرة الثالثة)، وهاني حسين شمس (الدائرة الخامسة)، و«تجمع العدالة والسلام» حاصلاً على مقعدين لصالح عاشور (الدائرة الأولى)، وخليل الصالح (الدائرة الثانية). وبقية النواب الشيعة وعددهم 4 فازوا كـ«مستقلين» وهم حسن جوهر وأسامة الزيد (الدائرة الأولى)، وشعيب علي شعبان (الدائرة الثانية)، والوزيرة السابقة جنان بوشهري (الدائرة الثالثة). وكانت حصة النواب الشيعة في المجلس السابق 6 مقاعد.
> «كتلة الخمسة»
فاز جميع أعضاء الكتلة المكونة من: د. حسن جوهر وعبد الله المضف وبدر الملا ومهلهل المضف ومهند الساير، ونجحوا في تحقيق أرقام متقدمة في دوائرهم والفوز في الانتخابات.
> المرأة
حققت المرأة الكويتية فوزاً؛ عبر عالية الخالد (الدائرة الثانية) والوزيرة السابقة جنان بوشهري (الدائرة الثالثة).
> حركة العمل الشعبي (حشد)
رغم السياق التاريخي والرصيد الشعبي لهذه الحركة، لم تتمكن من الحصول على أكثر من مقعد واحد ربحه الرئيس أحمد السعدون، الذي كان عضواً في الحركة، لكنه آثر ألا يدخل الانتخابات الأخيرة تحت قائمتها. في حين خسر الذين مثلوا التكتل وهم: باسل البحراني (الدائرة الأولى) ومتعب عايد الرثعان (الدائرة الرابعة) ومحمد مساعد الدوسري (الدائرة الخامسة).
> «المنبر الديمقراطي الكويتي»
خسر مرشحه الوحيد في الانتخابات عزام بدر العميم (الدائرة الثالثة)، فلم يحصل على أي مقعد في المجلس.
> التجمعات القبلية
رغم تفكيك هيمنة التكتلات القبلية عبر إلغاء الفرعيات، تمثلت التجمعات القبلية في هذا المجلس بـ22 نائباً، وهو رقم أقل من تمثيلهم في المجلس السابق البالغ 29 نائباً.
> النواب المحسوبون على الحكومة
كانت مفاجأة هذه الانتخابات، خسارة نحو 16 نائباً مؤيداً للحكومة السابقة، ولم يفز ثلاثة مرشحين تقلدوا حقائب وزارية في الحكومة السابقة، هم: وزير الإعلام والثقافة السابق حمد روح الدين الكندري (الدائرة الأولى)، ووزير الشؤون الاجتماعية والتنمية المجتمعية مبارك العرو (الدائرة الثالثة)، ووزير الدولة لشؤون مجلس الأمة السابق محمد عبيد الراجحي (الدائرة الرابعة).

المرأة في العمل السياسي الكويتي
> نجحت المرأة الكويتية في انتخابات «أمة 2022» في الفوز بمقعدين داخل مجلس الأمة، ربحتهما عالية الخالد (الدائرة الثانية) والوزيرة السابقة جنان بوشهري (الدائرة الثالثة)، وكان يمكن للمرشحة موضي المطيري - وهي سيدة (قبلية) خاضت الانتخابات لأول مرة في الدائرة الرابعة - أن تحجز مقعداً ثالثاً، حين حصلت على أكثر من 3 آلاف صوت في دائرة تهيمن عليها الاتجاهات القبلية حيث نافست 40 مرشحاً ومرشحة هناك.
المرأة الكويتية شاركت لأول مرة في انتخابات مجلس الأمة التي أجريت في 30 يونيو 2006، وعام 2009، أسفرت الانتخابات عن فوز 4 مرشحات في انتخابات مجلس الأمة الكويتي، والنساء الأربع اللواتي كن أول من دخلن القبة البرلمانية الكويتية وهن الدكتورة معصومة المبارك ورولا دشتي وأسيل العوضي وسلوى الجسار.
ولكن نصيب المرأة تراجع بعد ذلك، ففي انتخابات عام 2013 لم تُنتخب أي امرأة، واستقالت آخر امرأة منتخبة في شهر مايو (أيار) من عام 2014. وفي مجلس 2016 حصلت امرأة واحدة فقط هي صفاء الهاشم على مقعد في البرلمان. لكن المرأة الكويتية مُنيت بخسارة جديدة في انتخابات مجلس الأمة 2020 التي شهدت إقبالاً كبيراً في المشاركة النسائية من حيث عدد المرشحات والناخبات، وخسرت النائبة صفاء الهاشم مقعدها، الذي حافظت عليه 3 دورات متتالية.

الأرقام تتكلم
> بلغ عدد الناخبين الذين يحق لهم التصويت، في الانتخابات السابقة 795911 ناخباً وناخبة يختارون 50 نائباً من بين 305 مرشحين ومرشحة في عملية اقتراع تجرى وفق نظام الصوت الانتخابي الواحد.
(*تتكون الكويت من خمس دوائر انتخابية، لكل دائرة عشرة نواب، ويفوز المرشحون الذين يحصلون على المراكز العشرة الأولى في كل دائرة بعضوية البرلمان.
*احتلت الدائرة الخامسة المرتبة الأولى في عدد المرشحين بـ82 مرشحاً، كما تحتل المرتبة الأولى في عدد الناخبين، البالغ عددهم أكثر من ربع مليون ناخب (257913 ناخباً وناخبة)، تليها الدائرة الرابعة التي تنافس فيها 80 مرشحاً ومرشحة على 208971 صوتاً انتخابياً، تليهما الدائرة الانتخابية الأولى بعدد 48 مرشحاً ومرشحة، وعدد الناخبين البالغ عددهم نحو 100185 ناخباً وناخبة.
*أعلنت وزارة التربية اختيار 123 مدرسة من قبل وزارة الداخلية لتكون مراكز اقتراع، منها 5 مدارس اختيرت لجاناً رئيسية و118 مدرسة اختيرت لجاناً فرعية، موزعة على جميع الدوائر الانتخابية.
*في سابقة بتاريخ انتخابات الكويت، تمكن مرشحان من الفوز مع أنهما داخل أسوار السجن، هما مرزوق الخليفة (الدائرة الرابعة) وحامد البذالي (الدائرة الثانية).


مقالات ذات صلة

السعدون يخوض السباق لـ«الأمة 2023» ووزير النفط يستقيل تمهيداً لدخوله

الخليج السعدون يخوض السباق لـ«الأمة 2023» ووزير النفط يستقيل تمهيداً لدخوله

السعدون يخوض السباق لـ«الأمة 2023» ووزير النفط يستقيل تمهيداً لدخوله

أعلنت وزارة الداخلية الكويتية، الخميس، فتح باب الترشح لانتخاب أعضاء «مجلس الأمة»، اعتباراً من اليوم الجمعة، وحتى نهاية الدوام الرسمي ليوم الرابع عشر من شهر مايو (أيار) الحالي. وأوضحت الوزارة أنه جرى اعتماد 5 مدارس لتكون لجاناً رئيسية في الدوائر الانتخابية الخمس، لإعلان النتائج النهائية للانتخابات. كان مجلس الوزراء قد قرر، في مستهل اجتماعه الاستثنائي، أول من أمس الأربعاء، الموافقة على مشروع مرسوم بدعوة الناخبين لانتخاب أعضاء «مجلس الأمة»، يوم الثلاثاء، الموافق 6 يونيو (حزيران) 2023 المقبل. ونقلت «وكالة الأنباء الكويتية» عن المدير العام للشؤون القانونية في وزارة الداخلية، العميد صلاح الشطي، قوله

ميرزا الخويلدي (الكويت)
الخليج الكويت: انتخابات «أمة 2023» في 6 يونيو

الكويت: انتخابات «أمة 2023» في 6 يونيو

حددت الحكومة الكويتية يوم 6 يونيو (حزيران) المقبل موعداً لإجراء الانتخابات البرلمانية، بعد حلّ مجلس الأمة حلاً دستورياً.

ميرزا الخويلدي (الكويت)
الخليج الكويت تحدد 6 يونيو موعداً للانتخابات التشريعية

الكويت تحدد 6 يونيو موعداً للانتخابات التشريعية

وافق مجلس الوزراء الكويتي، في اجتماعه الاستثنائي الذي عُقد، اليوم الأربعاء، في قصر بيان، على مشروع مرسوم بدعوة الناخبين لانتخاب أعضاء مجلس الأمة، يوم الثلاثاء 6 يونيو (حزيران) المقبل 2023، ورفعه إلى ولي العهد. وجرى حل مجلس الأمة «البرلمان» المنتخَب في 2020، الذي أعادته المحكمة الدستورية في مارس (آذار)، بمرسوم أميري، يوم الاثنين، والعودة للشعب؛ لاختيار ممثليه من جديد. وقالت «الوكالة الرسمية الكويتية»، اليوم، إن مجلس الوزراء قرَّر تعطيل العمل في جميع الوزارات والجهات الحكومية والمؤسسات العامة، يوم الاقتراع، واعتباره يوم راحة. كان ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد، قد أعلن، في كلمة ألقاها نيابة عن الأم

«الشرق الأوسط» (الكويت)
الخليج حلّ «الأمة» الكويتي بمرسوم... وبدء السباق الانتخابي

حلّ «الأمة» الكويتي بمرسوم... وبدء السباق الانتخابي

صدر في الكويت، أمس (الاثنين)، مرسوم أميري بحل مجلس الأمة، بعد أن وافق مجلس الوزراء على مشروع المرسوم، ورفعه إلى ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الصباح في وقت سابق من يوم أمس. وصدر المرسوم باسم ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الذي يتولى بعض صلاحيات الأمير.

ميرزا الخويلدي (الكويت)
الخليج «الوزراء الكويتي» يرفع مرسوم حل مجلس الأمة إلى ولي العهد

«الوزراء الكويتي» يرفع مرسوم حل مجلس الأمة إلى ولي العهد

رفع مجلس الوزراء الكويتي مشروع مرسوم حل مجلس الأمة إلى ولي العهد، بعد موافقته عليه خلال اجتماعه الأسبوعي، اليوم (الاثنين)، برئاسة الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح، رئيس المجلس، وذلك بناءً على عرض الرئيس، واستناداً إلى نص المادة 107 من الدستور. كان ولي العهد، الشيخ مشعل الأحمد، قد أعلن الشهر الماضي، حل مجلس الأمة 2020 المعاد بحكم المحكمة الدستورية حلاً دستورياً استناداً للمادة 107، والدعوة لانتخابات عامة في الأشهر المقبلة.

«الشرق الأوسط» (الكويت)

ألمانيا تتأهّب لانتخابات تعِد اليمين باستعادة الحكم

صادرات السيارات الألمانية إلى أميركا في قلب التأزم المحتمل مع ترمب (أ ف ب)
صادرات السيارات الألمانية إلى أميركا في قلب التأزم المحتمل مع ترمب (أ ف ب)
TT

ألمانيا تتأهّب لانتخابات تعِد اليمين باستعادة الحكم

صادرات السيارات الألمانية إلى أميركا في قلب التأزم المحتمل مع ترمب (أ ف ب)
صادرات السيارات الألمانية إلى أميركا في قلب التأزم المحتمل مع ترمب (أ ف ب)

عوضاً عن بدء ألمانيا استعداداتها للتعامل مع ولاية جديدة للرئيس الأميركي «العائد» دونالد ترمب والتحديات التي ستفرضها عليها إدارته الثانية، فإنها دخلت أخيراً في أزمة سياسية بعد الانهيار المفاجئ للحكومة الائتلافية التي يرأسها المستشار أولاف شولتس. وبهذا التطوّر بات شولتس أحد أقصر المستشارين حكماً في ألمانيا؛ إذ إنه قبل إكماله 3 سنوات على رأس الحكومة الائتلافية التي تمثل 3 أحزاب (اشتراكي وليبرالي وبيئي «أخضر») صار المستشار رئيساً لحكومة أقلية مؤلفة من حزبين بانتظار الانتخابات المبكرة التي حُدّد موعدها يوم 23 فبراير (شباط) المقبل.

الحكومة الألمانية ترنّحت إثر انسحاب «ضلعها» الليبرالي، الحزب الديمقراطي الحر، منها. ورغم انسحاب الحزب، أراد رئيسها المستشار أولاف شولتس الاستمرار على رأس «حكومة أقلية» حتى نهاية مارس (آذار)، وهو التاريخ الذي حدّده في البداية لإجراء الانتخابات المبكرة عوضاً عن نهاية سبتمبر (أيلول).

لكن أمام ضغوط المعارضة وافق المستشار وزعيم الحزب الديمقراطي الاجتماعي (الاشتراكي) على تقريب الموعد شهراً آخر. وحتى بعد إجراء الانتخابات، فإن فترة الشكوك قد تستمر لأسابيع أو أشهر إضافية. وللعلم، في ألمانيا، لم يسبق أن فاز أي حزب بغالبية مطلقة تسمح له بتشكيل حكومة منفرداً. وبالنتيجة، حكمت ألمانيا (الغربية أساساً) منذ نهاية الحرب العالمية الثانية حكومات ائتلافية قادها إما محافظو حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي (يمين الوسط) أو اشتراكيو الحزب الديمقراطي الاجتماعي (يسار الوسط).

فريدريش ميرتز (آجنزيا نوفا)

اليمين عائد... لكن!

هذه المرة يبدو أن الديمقراطيين المسيحيين (الحزب الذي قادته لفترة أنجيلا ميركل) يتجهون لاستعادة السلطة. فحزبهم تصدر استطلاعات الرأي بفارق كبير بنسبة تصل إلى 33 في المائة، وهي أعلى من النسبة التي تتمتع بها الأحزاب الثلاثة التي شكَّلت حكومة شولتس مجتمعة، قبل انهيارها. غير أن اختيار الحزب الشريك - أو الأحزاب الشريكة – في ائتلاف الديمقراطيين المرتقب، قد يكون أمراً معقّداً ويستغرق وقتاً طويلاً.

عقبة البيروقراطية

من ناحية ثانية، رغم محاولات الديمقراطيين المسيحيين تقريب موعد الانتخابات أكثر، مستفيدين من تقدم حزبهم في استطلاعات الرأي، ودعوات جمعيات الأعمال لتقليص فترة الشك والغموض في بلد لم يشهد نمواً اقتصادياً منذ 5 سنوات، فإن البيروقراطية الألمانية شكّلت عائقاً أساسياً أمام ذلك.

وحقاً، لا يقع اللوم في تأخير الانتخابات لنهاية فبراير (شباط) فقط على تشبّث شولتس بإطالة عمر حكومته العاجزة عن العمل. ذلك أنه فور انهيار الحكومة، وبدء الكلام عن انتخابات جديدة، دقّت «هيئة الانتخابات» جرس الإنذار محذّرة من أن التسرّع في إجرائها قد يؤدي إلى أخطاء تسببت بإعادتها. ورأت «الهيئة» ضرورة إفساح الوقت الكافي لتحضير اللوائح، وطبع الأوراق، وتحديات العثور على ورق كافٍ ومطابع جاهزة للعمل في خلال مدة زمنية قصيرة.

نقاط خلافية جدّية

ورغم سخافة هذا المشهد، فهو يعكس واقعاً في ألمانيا المقيدة بالبيروقراطية التي تعيق الكثير من تقدّمها، وكان واحداً من أسباب انهيار الحكومة في النهاية. فقد فشلت حكومة شولتس بإدخال أي إصلاحات لتخفيف البيروقراطية رغم التوصيات المتكرّرة من اختصاصيين. ولقد صدرت آخر هذه التوصيات الأسبوع الماضي من «مجلس الخبراء الاقتصادي»، وهو «مجلس حكماء» مدعوم من الحكومة، دعا إلى تقليص البيروقراطية وتسريع «المكننة» كواحدة من الخطوات الرئيسة لتحقيق النمو الاقتصادي.

وللعلم، كانت تلك واحدة من الخلافات الأبرز بين أحزاب الائتلاف الحكومي الثلاثة. فليبراليو الحزب الديمقراطي الحر (وسط) - الذي يعتبر مؤيداً لمجتمع الأعمال والشركات الكبرى - دفعوا منذ تشكيل الحكومة إلى «تقليص البيروقراطية»، خصوصاً على الشركات، إضافة إلى تخفيض الضرائب عنها، لكن أولويات الاشتراكيين وحزب «الخضر» البيئي تمثّلت بزيادة المعونات الاجتماعية والاستدانة لمواجهة التحديات الاقتصادية التي فرضتها تبعات حرب أوكرانيا وجائحة «كوفيد - 19».

قضية الإنفاق العام

شكّل الإنفاق العام نقطة خلافية أخرى مع الليبراليين الذين رفضوا التخلي عن بند كبح الديون الذي يوصي به الدستور الألماني إلا في الحالات القصوى. وجرى التخلي عن هذا البند بعد جائحة «كوفيد - 19» عندما اضطرت الحكومة إلى الاستدانة والإنفاق لمساعدة الاقتصاد على النهوض. وفي المقابل، أراد الاشتراكيون و«الخضر» مواصلة العمل بتعليق بند كبح الديون ضمن خطط إنعاش الاقتصاد وتمويل الحرب الأوكرانية، لكن ليندنر رفض رغم أن «مجلس الخبراء» أوصى ببحث هذا البند وتخفيف التقيد به.

هكذا أدى الخلاف على إجراءات إنعاش الاقتصاد وميزانية عام 2025 إلى انفراط التحالف مع الليبراليين، ودفع بشولتس إلى طرد زعيمهم ووزير المالية كريستيان ليندنر، الذي قدم مقترحاً لتقليص البيروقراطية وخفض الضرائب مقابل خفض الإعانات الاجتماعية لتمويل الحرب في أوكرانيا من دون زيادة الدين العام.

الاشتراكيون بقيادة شولتس وحزب «الخضر» رفضوا مقترح ليندنر من دون القدرة على التوصل إلى «حل وسط»، مع أن المستشار اعتاد المساومة والحلول الوسطى منذ تشكيل حكومته التي غالباً ما شابتها الخلافات الداخلية.

وطبعاً، دفع طرد ليندنر الوزراء الليبراليين للتضامن مع زعيمهم والاستقالة... ما فرط عقد الحكومة. وبعد أيام من الجدل حول موعد الانتخابات المقبلة، اتفقت الأحزاب على طرح الثقة بالحكومة يوم 16 ديسمبر (كانون الأول) - ويتوقع أن تخسرها بعد خسارتها الغالبية البرلمانية - ما سيؤدي إلى انتخابات عامة حدد موعدها في 23 فبراير.

كريستيان ليندنر (رويترز)

الاقتصاد أساس الأزمة

نقطة إنعاش الاقتصاد تظهر الآن نقطةً خلافية أساسية، بينما يراوح الاقتصاد الألماني مكانه عاجزاً عن تحقيق أي نمو يذكر. ثم أن مئات الشركات الصغيرة والوسطى أقفلت خلال العامين الماضيين، وبدأت حتى كبرى شركات السيارات تعاني خسائر دفعت بشركة «فولكسفاغن» العملاقة إلى إقفال 3 من مصانعها العشرة في ألمانيا.

مع هذا، لا يمكن لوم سياسات الحكومة والخلافات الداخلية حول التعامل مع الاقتصاد وحدها، لتبرير تدهور الاقتصاد الألماني خلال السنوات الثلاث الماضية. إذ بدأت حكومة شولتس عملها في خضم جائحة «كوفيد - 19» التي تسببت بأزمات اقتصادية عالمية، وتلت الجائحة الحرب الأوكرانية وتبعاتها المباشرة على ألمانيا، التي كانت تستورد معظم حاجاتها من الغاز من روسيا. وقد تعاملت حكومة شولتس مع انقطاع الغاز الروسي السريع عن ألمانيا بحكمة، ونجحت في تعويضه بسرعة من دون التسبب بأزمة نقص للغاز في البلاد. وأيضاً اتخذت تدابير لحماية المستهلكين من الارتفاع الكبير في الأسعار، مع أنها ما كانت قادرة على تفادي التداعيات بشكل كامل.

من ثم، تحوّلت الحكومة إلى ما يشبه حكومة إدارة الأزمات والسياسات السيئة الموروثة عن الحكومات السابقة. لكن حتى هنا، يمكن تحميل الاشتراكيين بعض مسؤولية السياسات الاقتصادية السيئة، ومنها اعتماد ألمانيا بشكل متزايد طوال حكومات أنجيلا ميركل الأربع على الغاز الروسي، والسبب أن الاشتراكيين شاركوا في ثلاث من هذه الحكومات، وشولتس نفسه كان وزيراً للمالية ثم نائب المستشارة.

علاقة الاشتراكيين بروسيا

من جانب آخر، لم يساعد القرب التاريخي للاشتراكيين من روسيا حكومة شولتس بإبعاد نفسها عن موسكو؛ إذ بقي المستشار متردداً لفترة طويلة في قطع العلاقات مع روسيا ودعم أوكرانيا. ومع أن ألمانيا تحوّلت الآن إلى ثاني أكبر داعم عسكري لكييف بعد واشنطن، فإن تردد شولتس شخصياً في كل قرار يتعلق بتسليح أوكرانيا، غالباً ما وضعه في مواجهة مع حليفيه في الحكومة وكذلك مع المعارضة. وللعلم، يعتمد شولتس سياسة حذرة في دعم أوكرانيا ولا يؤيد ضمها لـ«ناتو» (حلف شمال الأطلسي)؛ تخوفاً من استفزاز روسيا أكثر وخشيته من دفعها لتوسيع الصراع.

في أي حال، كرّر شولتس القول في كل مناسبة بضرورة استمرار دعم أوكرانيا، وكان هذا واحداً من أسباب الخلافات حول الميزانية التي أدت إلى انهيار الحكومة، فوزير المالية أراد اقتطاع مخصّصات اجتماعية لتمويل الحرب في حين شولتس أراد الاستدانة لذلك رافضاً المس بالإعانات.

وحيال أوكرانيا، مع أن مقاربة تمويل الحرب في أوكرانيا تختلف بين الأحزاب الألمانية، لا خلاف على دعم كييف لا خلاف عليه. بل يتشدّد الديمقراطيون المسيحيون المتوقع فوزهم بالانتخابات وقيادتهم الحكومة المقبلة أكثر في دعمهم. ويؤيد زعيم حزبهم، فريدريش ميرتز، الذي قد يصبح المستشار القادم، أوكرانيا ضم أوكرانيا «فوراً» إلى «ناتو» بخلاف شولتس، كما يؤيد إرسال صواريخ «توروس» البعيدة المدى والألمانية الصنع إليها، بينما يعارض شولتس ذلك.

وهنا نشير إلى أن حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي كان طوال السنوات الماضية، منذ تفجّر الحرب الأوكرانية، شديد الانتقاد لتردّد المستشار الاشتراكي في قرارات تسليح كييف وقطع العلاقات الاقتصادية مع روسيا، رغم أنه كان المسؤول عن وصول العلاقات الاقتصادية إلى مرحلة الاعتماد الألماني على الطاقة الروسية... كما كان حاصلاً قبل الحرب.

على الحكومة الجديدة التعامل مع ترمب

في ملف العلاقات الاقتصادية

أولاف شولتس (رويترز)

تبعات عودة ترمب

في اتجاه موازٍ، مقاربة الحرب الأوكرانية ستضع أي حكومة ألمانية جديدة في مواجهة محتملة مع إدارة دونالد ترمب القادمة في واشنطن. إذ ستضيع ألمانيا شهوراً ثمينة في تحديد سياستها مع العد العكسي للانتخابات المبكرة وتفاوض الأحزاب خلالها على تشكيل حكومة ائتلافية.

ولن يكون أمام الحكومة الجديدة فقط تحدي التعامل مع إدارة ترمب في ملف أوكرانيا، بل أيضاً في ملف التجارة والعلاقات الاقتصادية. ذلك أن ترمب في عهده الأول دأب على انتقاد ألمانيا بسبب ضخامة صادراتها إلى الولايات المتحدة، وبخاصة السيارات، التي تفوق بأضعاف الصادرات الأميركية إليها. وبالفعل، هدَّد آنذاك برسوم على السيارات الألمانية في حال لم تزد برلين وارداتها من الولايات المتحدة خاصة الغاز الأميركي الذي كان ترمب يضغط على ميركل لاستيراده عوضاً عن الغاز الروسي. بالتالي، مع عودة ترمب، ستعود المخاوف من حرب اقتصادية مع واشنطن قد تكون إذا وقعت مدمّرة لقطاع السيارات الألمانية. وحقاً، خفّضت كل الشركات الألمانية الكبرى سقف توقّعاتها للأرباح في الأشهر المقبلة، بعد تراجع مبيعاتها في الأسواق الخارجية وتحديداً الصين، بشكل كبير. وقد يشكّل تقلّص سوقها في الولايات المتحدة ضربة جديدة لها يحذّر الخبراء الاقتصاديون من أن تبعاتها ستكون مؤلمة للاقتصاد الألماني.

حسابات الانتخابات المقبلة

عودة إلى حسابات الداخل، لم يطرح الزعيم الديمقراطي المسيحي فريدريش ميرتز، في الواقع، فكرة إعادة وزير المالية المعزول كريستيان ليندنر إلى حكومته المحتملة. لكن سيتوجّب أولاً على حزب ليندنر، أي الحزب الديمقراطي الحر (الليبرالي) أن يكسب أصواتاً كافية لتمثيله في البرلمان. وحتى مع تحقيق هذا قد لا يكون التحالف بين الحزبين كافياً لضمان الغالبية، إلا إذا حصلت مفاجأة وحقق أحد الحزبين نتائج أعلى من المتوقع في الاستطلاعات، كما فعل الاشتراكيون في الانتخابات الماضية عندما نالوا قرابة 26 في المائة متقدمين على الديمقراطيين المسيحيين الذين نالوا 24 في المائة من الأصوات. ويومذاك كانت استطلاعات الرأي التي سبقت الانتخابات تشير إلى شبه تعادل بين الحزبين.

من ثم، في حال بقاء ليبراليي الحزب الديمقراطي الحر خارج الحكومة، قد تعيد ألمانيا إنتاج حكومة يشارك فيها الحزبان الرئيسان المتناقضان في سياساتهما الاجتماعية والاقتصادية، أي الاتحاد الديمقراطي المسيحي اليميني والحزب الديمقراطي الاجتماعي (الاشتراكي). وقد يُجبَر الحزبان على ضم شريك ثالث يرجح أن يكون حزب «الخضر» في حال غياب الليبراليين عن المشهد. وقد تعيد هكذا حكومة ثلاثية فترة الخلافات والاضطراب التي شهدتها ألمانيا في ظل الحكومة الثلاثية الحالية التي رغم انجازاتها، لا يذكر كثيرون إلا الخلافات التي شابتها.وحتى ذلك الحين، فإن التحديات التي ستواجهها أي حكومة ألمانية قادمة، تجعل من فترة انتظار الانتخابات وتشكيل الحكومة، فترة صعبة ستزيد من عمق الأزمة الاقتصادية وتشرذم الموقف الألماني والأوروبي أمام الإدارة الأميركية.