تصاعدت وتيرة المواجهة في الوضع الإيراني (الجمعة)، على محوري الميدان من جهة، والمواقف السياسية، داخلياً وخارجياً، المتصلة به، من جهة ثانية.
وفيما نقلت وسائل إعلام النظام في طهران، عن المرشد علي خامنئي، قوله، في تصريحات تلفزيونية، رداً على الاحتجاجات المعارضة التي تجتاح البلاد منذ 4 أسابيع، إن الجمهورية الإسلامية «نبتة أصبحت اليوم شجرة ثابتة، ويخطئ من يفكر باقتلاعها»، وإنه «لا أحد يجرؤ على التفكير في أن بإمكانه القضاء عليها»؛ كانت وزارة الخارجية تصوّب على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وتدين ما وصفته بـ«تدخله» في شؤون إيران، بعد دعمه الاحتجاجات التي تلت وفاة الشابة مهسا أميني غداة توقيفها من قبل ما يسمى «شرطة الأخلاق».
واعتبر المتحدث باسم الوزارة، ناصر كنعاني، في بيان، أن تصريحات الرئيس الفرنسي هي «اتهامات سياسية وتدخلية وتشجع على العنف وانتهاك القانون». وكان ماكرون أعلن وقوف بلاده «إلى جانب» المحتجين، مبدياً إعجابه بـ«النساء والشباب» الذين يتظاهرون منذ قرابة شهر، كما شدد على أن فرنسا «تدين القمع» من قبل السلطات الإيرانية.
واستغرب كنعاني أن ماكرون ومسؤولي حكومته «يدينون إجراءات قوى الأمن في التعامل مع أعمال العنف والشغب، ويطالبون الحكومة الإيرانية بتجنب العنف واحترام حقوق مثيري الشغب، ولكن في الوقت نفسه تهدد السلطات الفرنسية (...) عمّال قطاع النفط والغاز والمصافي الفرنسية المضربين عن العمل، باستخدام القوة ضدهم إذا لم ينهوا الاحتجاجات والإضرابات».
وقبل أن يأتي دور الرئيس الفرنسي، كانت الولايات المتحدة و«الأعداء»، في مرمى تصريحات وانتقادات واتهامات المرشد خامنئي، والرئيس إبراهيم رئيسي، بـ«الوقوف وراء أعمال الشغب» المستمرة منذ السادس عشر من شهر سبتمبر (أيلول) الماضي.
على الجانب الآخر، حضّ جوزيب بوريل، مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، إيران على وقف قمع المحتجين، والإفراج عن الذين تم اعتقالهم في الأسابيع الأخيرة. وقال في تغريدة على «تويتر»: «تحدثت مع (وزير الخارجية الإيراني حسين) أمير عبد اللهيان لنقل موقف الاتحاد الأوروبي الواضح والموحد مرة أخرى: للناس في إيران الحق في الاحتجاج السلمي والدفاع عن الحقوق الأساسية». ومضى بالقول: «يجب أن يتوقف القمع العنيف على الفور. يجب إطلاق سراح المتظاهرين. هناك حاجة إلى الوصول إلى خدمات الإنترنت وإعمال مبدأ المساءلة».
وبانتظار العقوبات التي سيقرها الاثنين المقبل، وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، على إيران نتيجة ممارساتها، أعلنت وزارة الخارجية الكندية في بيان فرض عقوبات جديدة على إيران، رداً على انتهاكات الحكومة لحقوق الإنسان وتصرفاتها المزعزعة للاستقرار. وقالت إن قائمة العقوبات تتضمن 3 كيانات و17 شخصية إيرانية.
ونُقل عن وزيرة الخارجية قولها: «تصرفات النظام الإيراني تتحدث عن نفسها. والعالم في مقاعد المشاهدين منذ سنوات، مكتفياً بمتابعة ما تنفذه إيران من أجندة قائمة على العنف والخوف والدعاية».
الميدان
وبعد مرور ما يقرب من 4 أسابيع على اعتقال مهسا أميني ووفاتها، وتكثيف آليات القمع والاستبداد، لم يظهر أي مؤشر على تراجع الاحتجاجات والتحركات المضادة للنظام، مسلطة الضوء على الإحباط المكبوت بشأن الحريات والحقوق، مع انضمام العديد من النساء إليها. وأصبحت الأنباء الواردة عن مقتل العديد من الفتيات المراهقات بمنزلة صرخة للخروج في مزيد من الاحتجاجات.
وكانت قد سُجلت في المناطق الكردية، ليل الخميس، احتجاجات صاخبة، وأفيد بمقتل 7 أشخاص. وأظهرت مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، عناصر من «الباسيج» تضرب المتظاهرين. وقال مصدر في سنندج، عاصمة إقليم كردستان - إيران، إن المئات من شرطة مكافحة الشغب و«الباسيج»، نُقلوا من أقاليم أخرى إلى كردستان لمواجهة المحتجين. وأضاف الشاهد: «قبل أيام قليلة، رفض بعض عناصر (الباسيج) من سنندج وبانه، تنفيذ الأوامر وإطلاق النار على الناس... الوضع في سقز هو الأسوأ. قوات (الباسيج) هذه تطلق النار على الناس والمنازل حتى لو لم يكن هناك متظاهرون».
كما قال الشاهد: «إن من قُتلوا سُحبوا إلى منازلهم لئلا تبقى جثثهم ملقاة في الشوارع».
وقال ماريفان، وهو متظاهر شاب في المنطقة الكردية، إن الناس يشعلون الحرائق في الشوارع كل ليلة لمحاولة إبعاد شرطة مكافحة الشغب عن دخول أحيائهم. وأضاف: «لا رحمة لديهم، يطلقون النار بشكل عشوائي. المتاجر مغلقة. مدينتنا تتحول في الليل إلى ساحة حرب. الناس يرمون الحجارة، وترد قوات الأمن بإطلاق النار عليهم».
وأبلغ مصدر في سنندج «رويترز»، بأن «شرطة مكافحة الشغب تُفتش المنازل وتعتقل عشرات الشباب»، قائلاً: «إن الوضع يسوده التوتر الشديد مع وجود مئات من ضباط الشرطة في شوارع المدينة».
وكانت مصادر عدّة، أكدت مقتل 7 أشخاص ليل الخميس، من بينهم عناصر أمنية نظامية.