«جبهة التغيير»... محاولة لكبح «صراعات الإخوان» أم لزيادتها؟

خبراء يعتبرونها «محاولة شبابية» للمنافسة على قيادة التنظيم

مجموعة من «شباب الإخوان» منتمية لـ«جبهة التغيير» خلال تجمع لهم (صفحات على «فيسبوك» و«تليغرام»)
مجموعة من «شباب الإخوان» منتمية لـ«جبهة التغيير» خلال تجمع لهم (صفحات على «فيسبوك» و«تليغرام»)
TT

«جبهة التغيير»... محاولة لكبح «صراعات الإخوان» أم لزيادتها؟

مجموعة من «شباب الإخوان» منتمية لـ«جبهة التغيير» خلال تجمع لهم (صفحات على «فيسبوك» و«تليغرام»)
مجموعة من «شباب الإخوان» منتمية لـ«جبهة التغيير» خلال تجمع لهم (صفحات على «فيسبوك» و«تليغرام»)

بعد أشهر من هدوء خلافات قيادات تنظيم «الإخوان» في الخارج بين «جبهة إسطنبول» بقيادة محمود حسين الأمين العام السابق للتنظيم، و«جبهة لندن» بقيادة إبراهيم منير القائم بأعمال مرشد «الإخوان». عادت الخلافات من جديد عبر جبهة ثالثة أطلق عليها «جبهة التغيير»، وهي «محاولة شبابية» لحسم «صراع الإخوان». وسط تساؤلات حول «هل الجبهة الجديدة ستزيد (صراعات إخوان الخارج) أم سوف تقننها؟». خبراء في الشأن الأصولي أشاروا إلى أن «(جبهة التغيير) سوف تُعمق خلافات (إخوان الخارج)، وستدفع جبهتي (إسطنبول) و(لندن) لإجراءات جديدة بشأن مستقبل التنظيم».
وتصنف السلطات المصرية «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»، وصدر بحق قيادات التنظيم والمرشد العام محمد بديع أحكام بـ«الإعدام والسجن المؤبد والمشدد»، في اتهامات بالتورط في «أعمال عنف» اندلعت بعد عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي عن الحكم في 3 يوليو (تموز) عام 2013، عقب احتجاجات شعبية.
و«جبهة التغيير» فيما يبدو أنها بدأت تأخذ «مساحة محدودة» بين شباب التنظيم خلال الساعات الماضية، خاصة مع «اتجاهها لعقد مؤتمر بإحدى الدول، السبت، للإعلان عن أهدافها وخطتها و(إطلاق وثيقة بشأن التنظيم)».
ووفق الخبير المصري المتخصص في الحركات الإسلامية، عمرو عبد المنعم، فإن «(جبهة التغيير) يتولى قياداتها محمد منتصر، المتحدث الأسبق للتنظيم، ورضا فهمي، وعمرو دراج، وجمال عبد الستار، وعمرو حامد، وأحمد مولانا». وأضاف أن «(جبهة التغيير) أسسها في السابق محمد كمال مؤسس الجناح المسلح لـ(الإخوان) ولجانه النوعية، والذي قتل في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2016، ثم من بعده منتصر ومجموعته، وعلى المستوى التنظيمي يقودها (سراً) القيادي الإخواني يحيى السيد إبراهيم موسى (صادر بحقه أحكام قضائية بمصر)».
وبحسب خبراء، فإن «الحركات النوعية التي انطلقت عام 2014 والتي نتج عنها حركات مثل (حسم)، و(لواء الثورة)، و(المقاومة الشعبية)، و(كتائب حلوان)، جميعها محسوبة على الحالة التنظيمية لـ(الإخوان)». وفي يناير (كانون الثاني) 2021 أدرجت واشنطن يحيى السيد إبراهيم موسى على «لائحة الإرهابيين الدوليين» بصفته قيادياً بارزاً في حركة «حسم» بمصر، وهي الحركة التي صنفتها واشنطن على قوائم «المنظمات الإرهابية».
وموسى عمل متحدثاً رسمياً لوزارة الصحة المصرية وقت حكم (الإخوان)، وعقب رحيل التنظيم عن الحكم، واجه اتهامات بـ«تنفيذ عمليات (إرهابية) بمصر، من بينها استهداف النائب العام المصري الأسبق، هشام بركات... وتشير السلطات الأمينة بمصر إلى أن «(حسم) هي أحد إفرازات (الإخوان)».
وصنف عبد المنعم شباب «الإخوان» إلى ثلاث مجموعات: «الأولى صامتة وتتجاهل ما يحدث داخل التنظيم، والثانية (ناقمة) على ما وصل إليه التنظيم بسبب (صراع قيادات الخارج)، والثالثة تأمل في مصالحة مع السلطات المصرية، وهي تراقب الصراع الدائر الآن بين القيادات والشباب». وتابع: «من المجموعة الثانية خرجت (جبهة التغيير) التي تدعو إلى العنف مجدداً وإحياء (العمليات النوعية) التي أطلقها محمد كمال في السابق».
حول ملامح «وثيقة جبهة التغيير»، شرح عبد المنعم أنها «قد تدعو إلى التظاهر في الدول باسم (السلمية)، وإحياء فكر سيد قطب (مُنظر التنظيم)، وتنفيذ أفكار محمود عزت (القائم بأعمال المرشد العام لـ(الإخوان)... (وهو محبوس في مصر) بشأن (العمليات النوعية)، وكذا قد تحث شباب التنظيم على رفض ما تقوم به جبهتا (لندن) و(إسطنبول)، كما ستؤكد أن القيادة في المرحلة المقبلة لا بد أن يتولاها الشباب».
لكن مراقبين يرون أن «الوثيقة قد تتنصل من (العنف المسلح)، كما ستلقي مسؤولية ارتكابه على (اللجان النوعية)».
ومحمود عزت صدر بحقه حكم في مايو (أيار) الماضي، بالسجن المشدد (15 عاماً) في اتهامه بـ«نشر أخبار كاذبة»، وبالسجن المؤبد (25 عاماً) أبريل (نيسان) الماضي في إعادة محاكمته في القضية المعروفة إعلامياً بـ«اقتحام الحدود الشرقية». كما حكم عليه بالسجن المؤبد في ديسمبر (كانون الأول) 2021 لإدانته بـ«ارتكاب جرائم التخابر مع منظمات وجهات أجنبية»، ونال نفس الحكم في أبريل 2021 بعد إدانته بـ«الإرهاب»... وألقت قوات الأمن المصري القبض على عزت في أغسطس (آب) عام 2021، في شقة سكنية بمنطقة التجمع شرق القاهرة.
وبحسب مصادر إخوانية قريبة من «جبهة لندن» تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، فإن «(جبهة التغيير) هي عبارة عن (تيار صغير) سوف يتم احتواؤه، وليس له أي تأثير بين الشباب، والتنظيم لن يسمح بإحياء فكرة (العنف والتكفير) التي ظهرت في ستينات القرن الماضي».
المصادر أوضحت أن «(جبهة لندن) تعمل على إصدار وثيقة جرى الإعداد لها قبل (وثيقة جبهة التغيير) حول دور (الإخوان) في المستقبل». في حين «لم تعلق (جبهة إسطنبول) على تحركات (جبهة التغيير)، وفضلت إطلاق دعاوى واتهامات ضد (جبهة لندن) بأنها وراء (جبهة التغيير)»، وفق المصادر.
وهنا يشير الخبير المصري إلى أن «الصراع بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) سوف يتفاقم الفترة المقبلة، والجبهة الجديدة سوف تُعمق هذا الصراع ولن تهدئه».
الصراع بين «جبهة لندن» و«جبهة إسطنبول» قد زاد ضراوة عقب تشكيل «جبهة لندن» «هيئة عليا» بديلة عن مكتب إرشاد تنظيم «الإخوان»، سبقه تصعيد آخر بتشكيل «جبهة لندن» لـ«مجلس شورى جديد»، وإعفاء أعضاء مجلس «شورى إسطنبول»، وفي مقدمتهم محمود حسين من مناصبهم.
و«شورى لندن» تم تشكيله عقب خلافات مع «جبهة إسطنبول»؛ بسبب قيام «مجلس شورى إسطنبول» بتشكيل «لجنة للقيام بأعمال المرشد» بقيادة مصطفى طُلبة، وعزل منير من منصبه، إلا أن «جبهة لندن» عزلت طُلبة، مؤكدة أن «شرعية التنظيم يمثلها منير».
حول استجابة شباب «الإخوان» لـ«جبهة التغيير». قال عبد المنعم لـ«الشرق الأوسط»، إن «هناك استجابة (محدودة) من شباب (الإخوان)، وظهرت بعض ملامحها على حسابات شخصية بمواقع التواصل الاجتماعي فقط»، لافتاً إلى أنه «على الأرض، لا وجود لهذه الجبهة الجديدة بين عناصر التنظيم، وفكرة (إعادة العنف) عبر (اللجان النوعية) التابعة للتنظيم مستبعدة جداً».


مقالات ذات صلة

ضبط أجهزة كومبيوتر محمولة وأموال خلال مداهمة مقرّ جمعية إسلامية محظورة بألمانيا

أوروبا العلم الألماني في العاصمة برلين (أ.ب)

ضبط أجهزة كومبيوتر محمولة وأموال خلال مداهمة مقرّ جمعية إسلامية محظورة بألمانيا

صادرت الشرطة الألمانية أجهزة كومبيوتر محمولة وأموالاً، خلال عمليات مداهمة استهدفت جمعية إسلامية تم حظرها حديثاً، ويقع مقرّها خارج برلين.

«الشرق الأوسط» (برلين)
شؤون إقليمية إردوغان استقبل السيسي في مطار أنقرة في إسطنبول (من البث المباشر لوصول الرئيس المصري) play-circle 00:39

السيسي وصل إلى أنقرة في أول زيارة لتركيا

وصل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى أنقرة، الأربعاء، في أول زيارة يقوم بها لتركيا منذ توليه الرئاسة في مصر عام 2014

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي قوات من الأمن بميدان التحرير في القاهرة (أ.ف.ب)

مصر: توقيف المتهم بـ«فيديو فيصل» وحملة مضادة تستعرض «جرائم الإخوان»

أعلنت «الداخلية المصرية»، الثلاثاء، القبض على المتهم ببث «فيديو فيصل» الذي شغل الرأي العام، مؤكدة «اعترافه» بارتكاب الواقعة، بـ«تحريض» من عناصر «الإخوان».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أوروبا الإعلامي بقناة «الشرق» الإخوانية عماد البحيري تم توقيفه بسبب التهرب الضريبي (من حسابه على  «فيسبوك»)

تركيا توقف إعلامياً في قناة إخوانية لتهربه من الضرائب

أحالت السلطات التركية، (الخميس)، المذيع بقناة «الشرق» المحسوبة على «الإخوان المسلمين»، عماد البحيري، إلى أحد مراكز التوقيف بدائرة الهجرة في إسطنبول.

سعيد عبد الرازق (أنقرة )
شمال افريقيا الرئيس عبد المجيد تبون (د.ب.أ)

الجزائر: فصيل «الإخوان» يرشح الرئيس تبون لعهدة ثانية

أعلنت حركة البناء الوطني (فصيل الإخوان في الجزائر)، الجمعة، عن ترشيحها الرئيس عبد المجيد تبون للانتخابات الرئاسية التي ستُجرى في 7 سبتمبر المقبل.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».