تفاقم الأزمة السياسية يعرقل ملف «المرتزقة» في ليبيا

جانب من اجتماع سابق للجنة العسكرية الليبية المشتركة «5+5» (صفحة اللواء خالد المحجوب مدير التوجيه المعنوي بـ«الجيش الوطني»)
جانب من اجتماع سابق للجنة العسكرية الليبية المشتركة «5+5» (صفحة اللواء خالد المحجوب مدير التوجيه المعنوي بـ«الجيش الوطني»)
TT
20

تفاقم الأزمة السياسية يعرقل ملف «المرتزقة» في ليبيا

جانب من اجتماع سابق للجنة العسكرية الليبية المشتركة «5+5» (صفحة اللواء خالد المحجوب مدير التوجيه المعنوي بـ«الجيش الوطني»)
جانب من اجتماع سابق للجنة العسكرية الليبية المشتركة «5+5» (صفحة اللواء خالد المحجوب مدير التوجيه المعنوي بـ«الجيش الوطني»)

في ظل تزايد غضب الليبيين من الإبقاء على «المرتزقة» والمقاتلين الأجانب في ليبيا، وتجاهل المطالب بضرورة إخراجهم من البلاد، تحدثت تقارير عن اتساع رقعة الاحتقان بين عناصر هذه المجموعات التابعة لتركيا، بسبب تأخر رواتبهم لسبعة أشهر، وسط «اتهامات لبعض القادة العسكريين التابعين لفصيل سوري بسرقتها».
ولا يزال ملف «المرتزقة» والمقاتلين الأجانب المتواجدين في ليبيا مفتوحاً منذ انتهاء الحرب التي قادها «الجيش الوطني» على العاصمة طرابلس، مطلع يونيو (حزيران) عام 2020. ورغم الوعود والجهود الدولية التي تبذل لإخراج هذه العناصر، سواء التابعة لتركيا، أو «الفاغنر» التابعين لروسيا، فإن الوضع يراوح مكانه باستثناء مجموعات قليلة غادرت البلاد على مراحل.
في هذا السياق، اعتبر المحلل السياسي الليبي إدريس إحميد أن الإبقاء على «المرتزقة في ليبيا يعد معوقاً كبيراً لحل باقي المعضلات التي تعانيها بلادنا... وقد سبق للقوى الكبرى المعنية بالملف الليبي الاتفاق على خروج هذه العناصر، لكن لم يحدث شيء حقيقي على الأرض رغم مطالبة الليبيين بذلك، وكأنها تريد إبقاء الوضع على ما هو عليه».
ورأى إحميد في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن وجود المرتزقة حتى الآن «يمثل أهم عوامل عدم الاستقرار في البلاد، ويؤكد على زيف الوعود الدولية، ويدلل أيضاً على أن الحل في ليبيا لا يزال بعيداً».
ويرى متابعون ليبيون أن الانقسام السياسي الذي يلقي بظلاله على البلاد، في ظل وجود حكومتين تتنازعان السلطة، زاد من تأزم ملف إخراج «المرتزقة» من البلاد، مشيرين إلى أن «تعقيدات الأوضاع السياسية في ليبيا، وتبادل الاتهامات والحسابات الدولية سيُبقي على وجود هذه العناصر في البلاد حتى يتم التوصل إلى حل نهائي». كما نوه هؤلاء المتابعين إلى «تأثر ليبيا بتداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا، لا سيما في ظل التجاذبات بين روسيا وأميركا، ما يدفع إلى استبقاء موسكو على عناصر (الفاغنر)، الذين كانوا يقاتلون في صفوف الجيش الوطني بهدف استخدامهم كورقة ضغط على باقي الأطراف الدولية».
ونقل «المرصد السوري لحقوق الإنسان» عن مصادر «وصول رواتب عناصر (المرتزقة) الذين تجندهم تركيا في سوريا، وتدفع بهم إلى ليبيا، وذلك بعد 7 أشهر من امتناع الجانب التركي عن صرف المستحقات المالية لهم». وقال في بيان إنه «رغم وصول دفعة الرواتب هذه، فإنها لم تُوزع حتى الآن، وسط حالة من الاستياء الشديد بين العناصر، واتهامات لبعض القادة العسكريين بسرقتها».
وذهب المرصد إلى أن الجانب التركي «فصل قيادياً عسكرياً تابعاً لفصيل (فرقة الحمزة)، بعد اتهامه بسرقة رواتب العناصر في ليبيا، كما عزل خمسة قياديين آخرين في سوريا على خلفية اتهامهم بسرقة رواتب عناصر (المرتزقة)».
وسبق للمرصد السوري القول في سبتمبر (أيلول) الماضي إن الحكومة التركية «لا تزال تمتنع عن دفع مستحقات المرتزقة السوريين في ليبيا منذ نحو 6 أشهر، كما تمنعهم من مغادرة الثكنات العسكرية في ليبيا»، لافتاً إلى أنها «تفرض عقوبات صارمة على كل من يحاول الخروج أو الهرب، بـ(الشبح) وأساليب مختلفة من التعذيب الوحشي من قبل القادة العسكريين». موضحاً أن «أصوات المرتزقة بدأت ترتفع من داخل المعسكرات الليبية للمطالبة بالعودة إلى بلدهم، في ظل انخفاض مرتباتهم الشهرية، والمعاملة السيئة لهم من قبل قيادتهم في ليبيا».


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

تراجع ظاهرة «الغياب» في المدارس المصرية بفضل «التقييمات» المتكررة

وزير التربية والتعليم خلال تفقد إحدى المدارس في وقت سابق (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم خلال تفقد إحدى المدارس في وقت سابق (وزارة التربية والتعليم)
TT
20

تراجع ظاهرة «الغياب» في المدارس المصرية بفضل «التقييمات» المتكررة

وزير التربية والتعليم خلال تفقد إحدى المدارس في وقت سابق (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم خلال تفقد إحدى المدارس في وقت سابق (وزارة التربية والتعليم)

شهدت المدارس المصرية تحولاً ملحوظاً في معدلات حضور الطلاب، حيث تراجعت ظاهرة «الغياب» بفضل نظام «التقييمات» المتكررة الذي طبقته وزارة التربية والتعليم، والتي «حدتّ من الظاهرة التي كانت تؤثر سلباً على العملية التعليمية»، بحسب مراقبين.

وأكد وزير التربية والتعليم والتعليم الفني المصري، محمد عبد اللطيف، خلال لقائه مع رئيس الوزراء، مصطفى مدبولي، الثلاثاء، «انتظام العملية التعليمية بشكلٍ ملحوظ»، مشيراً إلى أن «نسب حضور الطلاب في المدارس مرتفعة بشكل عام، حيث تصل إلى نحو 85 في المائة».

وكان الوزير استبق انطلاق العام الدراسي الحالي (2024 - 2025)، في سبتمبر (أيلول) الماضي، بالتشديد على ضوابط الحدّ من «الغياب» بالمدارس، موجّهاً بالمتابعة المستمرة ومتابعة انتظام حضور الطلاب، وتنفيذ ضوابط وآليات لضبط وانتظام العملية التعليمية من خلال تنفيذ «لائحة الانضباط المدرسي» التي أصدرتها الوزارة؛ لضمان انتظام العملية التعليمية.

كما استبقت الوزارة حلول شهر رمضان بنفي «رفع تسجيل غياب الطلاب في المدارس»، حيث نقلت وسائل إعلام مصرية، عن مصدر بوزارة التربية والتعليم الفني نفيه ما أشيع على وسائل التواصل الاجتماعي بأنه سيتم رفع الغياب في المدارس خلال شهر رمضان، الذي يتزامن مع الفصل الدراسي الثاني للعام الدراسي الحالي، مؤكداً أنه «ستتم متابعة تسجيل الغياب والحضور، واستمرار التقييمات الأسبوعية والأداءات الصفية والمنزلية».

تأكيدات وزارية بانتظام العملية التعليمية بشكلٍ ملحوظ في المدارس المصرية (وزارة التربية والتعليم)
تأكيدات وزارية بانتظام العملية التعليمية بشكلٍ ملحوظ في المدارس المصرية (وزارة التربية والتعليم)

بالتزامن؛ أعلنت المديريات والإدارات التعليمية، أن الدراسة في رمضان مستمرة بشكل طبيعي، مؤكدة تسجيل الغياب حسب القرارات الوزارية، مع تقليل ساعات اليوم الدراسي سواء للمدارس التي تعمل بنظام الفترة الواحدة أو الفترتين. وحذرت الطلاب من «مخالفة هذه التعليمات».

وفي تطبيق فعلي على تلك التشديدات والتقييمات، قررت وزارة التربية التعليم المصرية، ممثلة في إدارة الخانكة التعليمية بمحافظة القليوبية (شمال القاهرة)، التحقيق واتخاذ الإجراءات اللازمة بشأن واقعة غياب «الطلاب والمعلمين» في إحدى المدارس الإعدادية المشتركة التابعة لها.

مؤسِّسة «ائتلاف أولياء أمور مصر»، الخبيرة التربوية والاجتماعية، داليا الحزاوي، أشارت إلى أن ظاهرة الغياب في المدارس المصرية شهدت تراجعاً ملحوظاً هذا العام بسبب تشديدات وزارة التربية والتعليم على الطلاب بالحضور في جميع المراحل الدراسية، من خلال تسجيل الغياب الإلكتروني للطلاب، ووجود الأداءات الصفية والمنزلية والتقييمات الأسبوعية والاختبارات الشهرية، كما أن أعمال السنة يوجد بها درجات للحضور في المدرسة.

جانب من اجتماع رئيس الوزراء المصري مع وزير التربية والتعليم (وزارة التربية والتعليم)
جانب من اجتماع رئيس الوزراء المصري مع وزير التربية والتعليم (وزارة التربية والتعليم)

وأضافت الحزاوي لـ«الشرق الأوسط»: «من الأمور التي تجبر الطلاب على الحضور وعدم التغيب، هو أن التقييمات الأسبوعية والاختبارات الشهرية لا تتم إعادتها للطلاب؛ إلا في حالات الغياب بعذر، ويكون ذلك من خلال تقرير طبي بشكل رسمي؛ ما يمنع الطلاب من الغياب حتى لا يؤثر ذلك على درجات أعمال السنة».

وتلفت الخبيرة التربوية والاجتماعية، إلى هناك زيارات ميدانية تجري لمتابعة انتظام الدراسة بالمدارس، وهناك إجراءات صارمة في حالة وجود قصور في سير العملية التعليمية، وتدنٍ في أعداد الطلاب المنتظمين في الحضور؛ ما يجعل المدارس والمديريات التعليمية تشدد على ضرورة الالتزام بالحضور.

وعلى رغم النجاح الذي حققه نظام «التقييمات» المتكررة في عودة الطلاب للمدرسة، والحد من ظاهرة الغياب التي كانت تؤثر سلباً على العملية التعليمي، فإنه برأي الحزاوي «هناك بعض الإجراءات الأخرى المطلوبة لانتظام العملية التعليمية، مثل الحاجة إلى اهتمام الوزارة بتوفير الأنشطة المدرسية، مع اتباع المعلمين أساليب شرح حديثة جاذبة للطلاب، وإعداد المعلمين تربوياً؛ حتى يسهل عليهم التعامل مع الأنماط المختلفة للطلاب، وتوفير بيئة مدرسية نظيفة وآمنة، ومعامل مؤهلة للشرح العملي».