الإيرانيات يطالبن بتغيير شامل بعد سنوات القمع والاستبداد

موت مهسا أميني كسر الجدار الحاجب للضوء والحرية

جانب من حراك الإيرانيات قرب إحدى جامعات طهران (أ.ب)
جانب من حراك الإيرانيات قرب إحدى جامعات طهران (أ.ب)
TT

الإيرانيات يطالبن بتغيير شامل بعد سنوات القمع والاستبداد

جانب من حراك الإيرانيات قرب إحدى جامعات طهران (أ.ب)
جانب من حراك الإيرانيات قرب إحدى جامعات طهران (أ.ب)

كسر الموت المأساوي للشابة مهسا أميني بعد اعتقالها من قبل قوات الأمن النظامية في طهران، جداراً من القمع الاستثنائي كان يحجب نساء إيران عن الضوء والحرية والحياة الطبيعية، في بلد يدفع أهله، منذ أكثر من أربعة عقود، أثماناً باهظة لسياسات النظام وطموحاته غير العقلانية.
وكالة «رويترز» نشرت تقريراً عن آخر مستجدات الغضب النسوي الإيراني، وجاء فيه، أنه «على مدار عقود، رضخت المعلمة الإيرانية المتقاعدة، سُمية، لقمع القوانين الإسلامية المتشددة في بلادها. وقبل أن تفارق مهسا أميني الحياة في حجز لشرطة الأخلاق الشهر الماضي، كان خوف سمية الشديد يمنعها من الوقوف في وجه رجال الدين الحاكمين... لكن النساء تصدرن الاحتجاجات التي اندلعت أثناء تشييع جثمان أميني وانتشرت عبر البلاد، ما شكل أحد أكبر التحديات للجمهورية الإسلامية منذ ثورة 1979».
وبينما يعتقد محللون، أن فرص التغيير السياسي في إيران ضئيلة، فإن وفاة أميني أصبحت محور حشد غير مسبوق للنساء اللواتي يقتحمن مخاطر كبيرة في كفاحهن في سبيل الحرية، مُطالبات بسقوط رجال الدين الحاكمين في مجتمع يهيمن عليه الرجال.
وقالت سمية، متحدثة عن أميني، «كسر موتها ظهر البعير. هذا نتيجة سنوات من قمع الإيرانيات. سئمنا القوانين التمييزية ومن اعتبارنا مواطنين من الدرجة الثانية... الآن، نريد تغييراً سياسياً».
ومضت سمية تقول: «لا أستطيع العيش في خوف من وقوع ابنتي في صدام مع شرطة الأخلاق ومقتلها على أيديهم... أظهر موت مهسا أنه يتعين علينا التصدي لهذه المؤسسة».
وتتصدر قواعد اللباس الإلزامية قائمة طويلة من مظالم الإيرانيات اللائي يشكلن أكثر من نصف السكان، وهن من بين أكثر النساء تعليماً في الشرق الأوسط. فمعدل معرفة القراءة والكتابة بينهن تزيد على 80 في المائة، ويشكلن أكثر من 60 في المائة من طلاب الجامعات الإيرانية. لكن بموجب النسخة الإيرانية من الشريعة التي فرضتها الثورة، فإن تطليق الرجل لزوجته أسهل بكثير من خلع المرأة زوجها. وحضانة الأطفال الذين تزيد أعمارهم على سبع سنوات تذهب تلقائياً إلى الأب. والنساء، حتى المشرِّعات والمسؤولات البارزات، لا بد أن يحصلن على إذن من أزواجهن إذا أردن السفر إلى الخارج. وربما بوسع النساء من الناحية القانونية شغل معظم الوظائف، أو التصويت أو قيادة السيارات، لكن لا يمكنهن الترشح لمنصب الرئيس أو يتولين منصب القاضي.
- ضغط متصاعد
وتصاعد الضغط على النساء منذ فوز الرئيس المتشدد إبراهيم رئيسي، في سباق خضع لسيطرة شديدة العام الماضي، ما أدى إلى ترجيح كفة ميزان القوى في غير صالح التأثير المعتدل للسياسيين الليبراليين.
وفرض تطبيق الرئيس الإيراني «قانون الحجاب والعفة» في يوليو (تموز) مزيداً من القيود، مثل منع النساء من دخول بعض البنوك والمكاتب الحكومية وبعض وسائل النقل العام.
وزاد عدد سيارات «شرطة الأخلاق» في الشوارع، وظهرت مقاطع مصورة على مواقع التواصل الاجتماعي لضباط يضربون النساء ويعاملوهن بطريقة سيئة أثناء احتجازهن.
وأثار هذا غضب إيرانيين كثيرين ممن يؤمنون بحقهم في العيش في بلد حر، وبأن لهم الحقوق ذاتها التي يتمتع بها آخرون في جميع أنحاء العالم.
وقالت نسرين (38 عاماً) من مدينة يزد بوسط البلاد «الأمر لم يعد يتعلق بقواعد اللباس بعد الآن. هذا يتعلق بحقوق الأمة الإيرانية. ويتعلق بأمة واقعة رهينة في أسر رجال الدين منذ عقود». ومضت تقول: «أريد أن أعيش كما أريد. نناضل من أجل إيران أفضل لا يديرها رجال الدين».
- «العيش بحرية»
وقالت جينوس (27 عاماً) وهي مترجمة حرة، «نشأت في إيران وأنا أحلم بالعيش في بلد حر، يمكنني فيه أن أغني بحرية، وأرقص بحرية، وأن يكون لي صديق أمسك بيده في الشارع من دون خوف من شرطة الأخلاق». وأضافت: «لست خائفة على الإطلاق. نذهب إلى الاحتجاجات مع والدتي وأخواتي لنقول (فاض الكيل)».
ويلقي رجال الدين الحكام باللائمة في الاضطرابات على خصوم وأعداء أجانب، ويقولون إن المرأة «تتمتع بحماية أفضل في إيران عن مثيلاتها في الغرب، الذي يستخدم النساء كأدوات للإعلان عن المنتجات، وتلبية الاحتياجات الجنسية غير المنضبطة واللا مشروعة».
وقالت مسيح علي نجاد، الناشطة الحقوقية الإيرانية - الأميركية المقيمة في نيويورك، «الحجاب الإجباري هو أضعف ركائز الجمهورية الإسلامية. لهذا السبب يخاف النظام حقاً من هذه الثورة».
وصعدت موجات الاحتجاجات الرافضة للحجاب ضد المؤسسة الدينية في السنوات الماضية. ففي عام 2014، دشنت مسيح حملة على «فيسبوك» بعنوان: «حريتي المختلسة». ونشرت صوراً لنساء إيرانيات غير محجبات مرسلة إليها. وأعقب ذلك حملة في عام 2017 لنساء كي يرتدين غطاء رأس أبيض أيام الأربعاء، ثم احتجاجات الحجاب في عام 2018. وقالت منظمات حقوقية، إن عشرات النساء في السجون بسبب نشاطهن ضد فرض الحجاب.


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

نددت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس التابع للبحرية الأميركية وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم الخارجية الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

قالت منظمات غير حكومية إن فرنسا احتجزت العديد من الإيرانيين في مراكز اعتقال في الأسابيع الأخيرة، معتبرة ذلك إشارة إلى أنّ الحكومة «تصر على رغبتها في ترحيلهم إلى إيران» رغم نفي وزير الداخلية جيرالد دارمانان. وكتبت منظمات العفو الدولية، و«لا سيماد»، و«إيرانيان جاستس كوليكتيف» في بيان الأربعاء: «تواصل الحكومة إبلاغ قرارات الترحيل إلى إيران مهددة حياة هؤلاء الأشخاص وكذلك حياة عائلاتهم». واعتبرت المنظمات أن «فرنسا تصرّ على رغبتها في الترحيل إلى إيران»، حيث تشن السلطات قمعاً دامياً يستهدف حركة الاحتجاج التي اندلعت إثر وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني في سبتمبر (أيلول)، أثناء احتجازها لدى شرط

«الشرق الأوسط» (باريس)
شؤون إقليمية قاآني: انتقمنا جزئياً لسليماني بطرد القوات الأميركية من المنطقة

قاآني: انتقمنا جزئياً لسليماني بطرد القوات الأميركية من المنطقة

قال مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، إسماعيل قاآني، إن قواته انتقمت جزئيا من القوات الأميركية بطردها من المنطقة، مضيفا في الوقت نفسه «القدس ليست الهدف النهائي وإنما هدف وسط»، مشددا على ضرورة أن تجد إيران موقعها في انتقال القوة من الغرب إلى الشرق. ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن قاآني قوله خلال اجتماع الجمعية العامة لطلاب الحوزات العلمية في قم إن «أميركا وإسرائيل وحتى الناتو و... تقوم بالتعبئة لتخريب إيران». وقال قاآني «مثلما قال المرشد فإن إيران من المؤكد لن تبقى بعد 25 عاماً، وهم (الإسرائيليون) يستعجلون ذلك».

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

ندّدت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع عَلَم بنما، في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس، التابع لـ«البحرية» الأميركية، وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم «الخارجية» الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجَزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)

إسرائيل توافق على خطة لزيادة عدد سكانها في هضبة الجولان المحتلة إلى المثلين

آليات إسرائيلية عند هضبة الجولان قرب بلدة مجدل شمس (أ.ب)
آليات إسرائيلية عند هضبة الجولان قرب بلدة مجدل شمس (أ.ب)
TT

إسرائيل توافق على خطة لزيادة عدد سكانها في هضبة الجولان المحتلة إلى المثلين

آليات إسرائيلية عند هضبة الجولان قرب بلدة مجدل شمس (أ.ب)
آليات إسرائيلية عند هضبة الجولان قرب بلدة مجدل شمس (أ.ب)

وافقت إسرائيل ، اليوم (الأحد)، على زيادة عدد سكانها في هضبة الجولان المحتلة إلى المثلين، قائلة إن التهديدات التي تواجهها من سوريا لا تزال قائمة رغم النبرة المعتدلة لقادة قوات المعارضة الذين أطاحوا بالرئيس بشار الأسد قبل أسبوع، وفق ما نقلت وكالة «رويترز» للأنباء.

وذكر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في البيان، أن «تقوية الجولان هي تقوية لدولة إسرائيل، وهي مهمة على نحو خاص في هذا التوقيت. سنواصل التمسك بها وسنجعلها تزدهر ونستقر فيها».

وانتزعت إسرائيل السيطرة على معظم هضبة الجولان من سوريا خلال حرب عام 1967، قبل أن تضمها إليها عام 1981.

وفي 2019، أعلن الرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترمب دعم الولايات المتحدة للسيادة الإسرائيلية على الجولان، لكن عملية الضم لم تحظَ باعتراف معظم الدول. وتطالب سوريا إسرائيل بالانسحاب منها، لكن الأخيرة ترفض ذلك متعللة مخاوف أمنية. وباءت جهود سلام كثيرة بالفشل.

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، في بيان اليوم (الأحد)، لمسؤولين يدققون في ميزانية إسرائيل الدفاعية: «المخاطر المباشرة التي تواجه البلاد لم تختفِ والتطورات الحديثة في سوريا تزيد من قوة التهديد، على الرغم من الصورة المعتدلة التي يدعيها زعماء المعارضة».

وقال مكتب نتنياهو إن الحكومة وافقت بالإجماع على خطة تزيد قيمتها على 40 مليون شيقل (11 مليون دولار) لتشجيع النمو السكاني في هضبة الجولان.

وأضاف أن نتنياهو قدم الخطة للحكومة «في ضوء الحرب والجبهة الجديدة مع سوريا ورغبة في زيادة عدد سكان الجولان إلى المثلين».

وقال المحلل في مركز الأبحاث الإسرائيلي (ألما) أبراهام ليفين، المتخصص في التحديات الأمنية التي تواجهها إسرائيل على حدودها الشمالية، إن نحو 31 ألفاً من الإسرائيليين استقروا في هضبة الجولان، وإن كثيراً منهم يعملون في قطاعي الزراعة، الذي يشمل مزارع الكروم، والسياحة.

وأضاف أن هضبة الجولان موطن أيضاً لما يصل إلى 24 ألفاً من الدروز السوريين.

بعيداً عن أي مغامرات غير محسوبة

وكان قائد «هيئة تحرير الشام» أحمد الشرع، قال إن إسرائيل تستخدم ذرائع كاذبة لتبرير هجماتها على سوريا، لكنه ليس مهتماً بالانخراط في صراعات جديدة، في الوقت الذي تركز فيه البلاد على إعادة الإعمار.

ويقود الشرع، المعروف باسم «أبو محمد الجولاني»، «هيئة تحرير الشام» التي قادت فصائل مسلحة أطاحت بالأسد من السلطة، يوم الأحد الماضي، منهية حكم العائلة الذي استمر 5 عقود من الزمن.

ومنذ ذلك الحين، توغلت إسرائيل داخل منطقة منزوعة السلاح في سوريا أقيمت بعد حرب عام 1973، بما في ذلك الجانب السوري من جبل الشيخ الاستراتيجي المطل على دمشق، حيث سيطرت قواتها على موقع عسكري سوري مهجور.

كما نفذت إسرائيل مئات الضربات على مخزونات الأسلحة الاستراتيجية في سوريا، غير أنها تقول إنها لا تنوي البقاء هناك، وتصف التوغل في الأراضي السورية بأنه إجراء محدود ومؤقت لضمان أمن الحدود.

وقالت إنها تدمر الأسلحة الاستراتيجية والبنية التحتية العسكرية لمنع استخدامها من قبل جماعات المعارضة المسلحة التي أطاحت بالأسد من السلطة، وبعضها نشأ من رحم جماعات متشددة مرتبطة بتنظيمي «القاعدة» و«داعش».

ونددت دول عربية عدة، بينها السعودية ومصر والإمارات والأردن، بما وصفته باستيلاء إسرائيل على المنطقة العازلة في هضبة الجولان.

وقال الشرع، في مقابلة نشرت على موقع تلفزيون سوريا، وهي قناة مؤيدة للمعارضة، إن الوضع السوري المنهك بعد سنوات من الحرب والصراعات لا يسمح بالدخول في أي صراعات جديدة. وأضاف أن الأولوية في هذه المرحلة هي إعادة البناء والاستقرار، وليس الانجرار إلى صراعات قد تؤدي إلى مزيد من الدمار.

وذكر أن الحلول الدبلوماسية هي السبيل الوحيد لضمان الأمن والاستقرار «بعيداً عن أي مغامرات عسكرية غير محسوبة».