«الحرس الثوري» يتأهب لعمليات برية في كردستان العراق

وصول طائرات ودبابات وقوات خاصة إلى سنندج... وتواصل الاحتجاجات داخل المدن الإيرانية رغم القمع

طلبة إيرانيون يقفون على شكل كلمة «خون» أي الدم في كلية الفنون بجامعة طهران أمس
طلبة إيرانيون يقفون على شكل كلمة «خون» أي الدم في كلية الفنون بجامعة طهران أمس
TT

«الحرس الثوري» يتأهب لعمليات برية في كردستان العراق

طلبة إيرانيون يقفون على شكل كلمة «خون» أي الدم في كلية الفنون بجامعة طهران أمس
طلبة إيرانيون يقفون على شكل كلمة «خون» أي الدم في كلية الفنون بجامعة طهران أمس

كشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» عن تأهب «الحرس الثوري» الإيراني للقيام بعمليات برية في إقليم كردستان العراق، لاستهداف مواقع الأحزاب الكردية الإيرانية المعارضة، مع احتدام الاحتجاجات التي اندلعت الشهر الماضي على أثر وفاة الشابة مهسا أميني أثناء احتجازها لدى الشرطة.
وعبرت مجموعات حقوقية عن قلقها إزاء حملة أمنية في مدينة سنندج. وأفادت «رويترز» بأن مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي تظهر دبابات تُنقل إلى المناطق الكردية التي كانت مراكز محورية في حملة قمع الاحتجاجات. بدورها؛ نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن منظمة «هه نغاو» الحقوقية أن طائرة حربية إيرانية وصلت ليلاً إلى مطار المدينة، وأن حافلات تقل عناصر من القوات الخاصة كانت في طريقها إلى المدينة آتية من مناطق أخرى.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر مطلعة في طهران أن قوات «الحرس الثوري» أعلنت تأهباً في الوحدات البرية للقيام بعمليات محدودة لاستهداف مواقع حزب «كومولة» و«الحزب الديمقراطي الكردستاني» المعارضَين. وقالت المصادر إن وحدات من قوات «الحرس الثوري» تلقت أوامر بالتوجه إلى المنطقة المتوترة.

                                        رجل أمن إيراني في أحد شوارع مدينة كرج (تويتر)
وفي هذا السياق، ذكرت قنوات تابعة لـ«الحرس الثوري» على شبكة «تلغرام»، أن «القوات المسلحة تتأهب لهجوم بري على مقر الإرهابيين الانفصاليين». ونقلت عن «الحرس الثوري» قوله إن «القوات المسلحة مستعدة لدفع المؤامرة والتقدم إلى بيت العنكبوت».
واجتاحت الاحتجاجات التي تطالب بإسقاط المؤسسة الحاكمة إيران منذ وفاة أميني؛ وهي شابة كردية إيرانية تبلغ من العمر 22 عاماً، في 16 سبتمبر (أيلول) الماضي في أثناء احتجازها لدى «شرطة الأخلاق» بدعوى «سوء الحجاب». وأنحت السلطات الإيرانية باللائمة في أعمال العنف على «أعداء»؛ بمن فيهم معارضون مسلحون من الأكراد الإيرانيين، حيث هاجم «الحرس الثوري» قواعدهم في العراق المجاور مرات عدة خلال الاضطرابات الأخيرة.
وقال «الحرس الثوري» الإيراني في 28 سبتمبر الماضي إنه أطلق 73 صاروخاً باليستياً، وعشرات المسيرات، على أهداف للأحزاب الكردية الإيرانية المعارضة. وقالت السلطات في العراق إن 14 شخصاً قتلوا؛ بينهم رضيع، وأصيب العشرات. وأعلنت القيادة المركزية الأميركية حينها أنها أسقطت مسيرة إيرانية من طراز «مهاجر6»؛ لأنها «شكلت خطراً» على القوات الأميركية في أربيل.
ونشرت قنوات «الحرس الثوري»، أمس، تسجيلات فيديو من الاستعدادات واللحظات الأولى من الهجمات على إقليم كردستان.
والأحد الماضي، أفادت وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري»، نقلاً عن مصدر مطلع، بأن القوات الإيرانية «أوقفت الهجمات لكي تعطي فرصة لمسؤولي الإقليم لمواجهة الأحزاب الانفصالية، لكن وقف إطلاق النار مرهون باتخاذ القرارات المعقولة من مسؤولي الإقليم».
وخلال زيارة إلى سنندج، ادعى وزير الداخلية، أحمد وحيدي، أن الاحتجاجات «دعمتها وخططت لها ونفذتها جماعات إرهابية انفصالية»؛ دون أن يقدم دليلاً على ذلك.

                                 عناصر من قوات الأمن تحمل أسلحة نارية في شوارع سنندج أمس (تويتر)
تصاعدت التوترات بشكل خاص في المناطق الكردية التي تتحدر منها أميني. وقال نشطاء إن إيران كثفت حملتها القمعية على المدن الكردية. وقالت منظمة «هه نغاو» لحقوق الإنسان، الاثنين، إن قوات الأمن استخدمت أسلحة ثقيلة في إطلاق النار على منازل بمدينة سنندج الكردية.
وأظهر مقطع فيديو أضراراً جسمية لحقت بأحد المنازل في سنندج. وقالت المنظمة إن السلطات استخدمت مدفعاً رشاشاً ثقيلاً من عيار 50 ملم ينقل على متن مركبات عسكرية مدرعة عادة. ويظهر مقطع آخر أن قوات الأمن تطلق النار بشكل عشوائي أثناء اعتقال أحد الأشخاص، وفق وكالة «أسوشييتد برس» للأنباء.
من جانبه، نشر «مركز حقوق الإنسان في إيران»، ومقره نيويورك، مقطع فيديو آخر يظهر ما وصفها بأنه «كتيبة» من قوات الأمن على دراجات نارية تتحرك في سنندج. ويشير المركز إلى قيام عناصر الأمن بـ«تحطيم زجاج مئات السيارات».
ويظهر فيديو آخر، نشر على «تويتر» هروب مجموعة من قوات الأمن بعد مطاردتهم من حشد كبير من المتظاهرين. ونبهت «هه نغاو» إلى أن الأهالي يواجهون صعوبة في إرسال أدلة بالفيديو للأحداث، بسبب القيود على الإنترنت، لكنها أكدت مقتل طفل في السابعة من العمر ليل الأحد. وأضافت أن 7 أشخاص على الأقل تأكد مقتلهم على أيدي قوات الأمن في سنندج ومدن أخرى يسكنها الأكراد، منذ السبت.
وكانت المنظمة قد أشارت صباح الاثنين إلى وجود مكثف لقوات أمن مسلحة في مدن سنندج وسقز وديواندره الكردية.
بدورها، عبرت منظمة العفو الدولية عن «القلق إزاء قمع الاحتجاجات في سنندج وسط تقارير عن استخدام قوات الأمن الأسلحة النارية وإطلاق الغاز المسيل للدموع بشكل عشوائي؛ بما في ذلك في منازل سكنية».

وضع مماثل
وتقول منظمة «هه نغاو» إن ما لا يقل عن 32 شخصاً قتلوا في المناطق الكردية، وجرح 1541 شخصاً. وأشارت المنظمة إلى مقتل ما لا يقل عن 7 أشخاص وجرح 430 شخصاً منذ السبت الماضي.
ورجح «مركز حقوق الإنسان في إيران» احتمال وجود وضع مماثل في محافظة بلوشستان (جنوبي شرق)، حيث يقول نشطاء إن أكثر من 90 شخصاً قتلوا منذ 30 سبتمبر (أيلول). ولاقى ما لا يقل عن 185 شخصاً حتفهم في الاحتجاجات؛ بينهم 19 قاصراً، وأُصيب المئات، واعتقلت قوات الأمن الآلاف، وفق ما قالت منظمات حقوقية. وقالت وكالة «إرنا» الرسمية إن 24 من قوات الشرطة وميليشيات الباسيج التابعة لـ«الحرس الثوري» قتلوا.
وقال مدير المركز، هادي غائمي، إن «القتل الوحشي لمدنيين على أيدي قوات الأمن في محافظة كردستان، في أعقاب مجزرة بمحافظة سيستان بلوشستان، قد يكونان مقدمتين لأعمال عنف مقبلة تنفذها الدولة».
ورأى محللون أن هذه الاحتجاجات تمثل تحدياً خاصاً للسلطات في عهد المرشد علي خامنئي (83 عاماً) بسبب مدتها وأوجهها المتعددة التي تتراوح بين مسيرات احتجاجية في الشارع، وتحديات فردية.

إضرابات عمال النفط
نقلت «رويترز» عن حساب «تصوير1500» أن حركات إضراب نُظّمت بمنشآت الطاقة في جنوب غربي إيران لليوم الثاني، الثلاثاء؛ إذ احتج العمال في مصفاة نفط عبادان، وكنكان ومنشأة بوشهر للبتروكيماويات. ودعا آخرون إلى إضرابات الأربعاء أيضاً.
وأظهرت مقاطع فيديو نُشرت على الحساب عشرات العمال وهم يهتفون: «الموت للديكتاتور»، في إشارة إلى المرشد علي خامنئي. وقال مسؤول إقليمي، الثلاثاء، إن العمال في مصنع عسلوية كانوا غاضبين بسبب خلاف يتعلق بالأجور وليس بسبب وفاة أميني.
بدورها؛ ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن وكالة «إرنا» الرسمية نفت المعلومات التي أوردتها «وسائل إعلام معادية للثورة الإسلامية» عن «إضراب» العمال في مجمع البتروكيماويات، مؤكدة أن عمليات الإنتاج «عادية». وأضافت: «عشرات العمال فقط في مصنع للبتروكيماويات» هم الذين كانوا يحتجون على خلفية «عدم دفع رواتبهم»، مشيرة إلى أن «زهاء 40 ألف شخص يعملون في حقل (بارس) الجنوبي».
وقال حاكم المدينة، علي هاشمي، إن «عمالاً في مصنع للبتروكيماويات يقع في عسلوية، نظموا تجمعاً نقابياً» الاثنين، وأضاف: «للأسف؛ اخترق بعض الانتهازيين التجمع»، وقاموا «بإضرام النيران ببعض الأكشاك الموجودة في الموقع إضافة إلى بعض حاويات النفايات». وأشار إلى أنه «مع تدخل قوات الأمن، تم تفريق هؤلاء الأشخاص وتوقيف عدد منهم»، وفق ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري».
بدورها، ذكرت «اللجنة التنسيقية لاحتجاجات العمال» أن السلطات اعتقلت 11 شخصاً من عمال الأجور بشركات النفط بسبب مشاركتهم في احتجاجات الاثنين. وتعد عسلوية الواقعة في محافظة بوشهر والمطلة على الخليج العربي، من المناطق الأساسية للطاقة والبتروكيماويات في إيران، لا سيما حقل «بارس» الجنوبي للنفط والغاز.
وجاءت إضرابات قطاع النفط بعد مناشدات من شخصيات سياسية وأحزاب معارضة وجمعيات طلابية للنقابات العمالية بالانضمام إلى الاحتجاجات. وشهد بازار طهران إضرابا واسعاً السبت الماضي. وأضرب التجار كذلك في المدن الكردية. وفي وقت سابق، أغلق التجار محالهم في أصفهان وشيراز.
وساعد مزيج من الاحتجاجات الجماهيرية وإضراب عمال النفط والتجار في وصول رجال الدين للسلطة خلال الثورة الإيرانية قبل 4 عقود.

الطلبة يواصلون حراكهم
واستمرت التجمعات الاحتجاجية إلى ساعة متأخرة من مساء الاثنين وخلال الليل بعدما امتدت إلى قطاع الطاقة الحيوي في البلاد، وفقاً لما أظهرته مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي. وأظهر مقطع فيديو نشره حساب «1500 صورة»، الذي يحظى بمتابعة على نطاق واسع في «تويتر»، متظاهرين يضرمون النار في مكتب إمام الجمعة وممثل المرشد الإيراني في مدينة فولادشهر بأصفهان وسط البلاد. وقال المهاجمون في مقطع الفيديو: «نحرق مكتب إمام الجمعة بقذائف مولوتوف من أجل فتيات إيران في (اليوم العالمي للفتيات)».
ولعب طلاب الجامعات دوراً محورياً في الاحتجاجات؛ حيث نظموا إضراباً في عشرات الجامعات. ووقف عدد من طلبة كلية الفنون أمام الحديقة الوطنية؛ على شكل كلمة «خون» بالفارسية (الدم)، وردد الطلبة شعار: «المرأة... الحياة... الحرية». وقالت اللجنة التنسيقية لنقابات الطلبة: «ربما لن نردد نشيداً غداً. ربما كلمة (الدم) قد يأخذ مكانها احمرار دمائنا على تراب هذه المدينة وهذا البلد، مثل دماء كل مواطنينا».
وذكرت اللجنة أن طلاب جامعة بهشتي في طهران قاطعوا الدراسة. وأظهر تسجيل فيديو تجمعات في جامعة «تربيت مدرس» في ثالث أسابيع إضرابات الطلاب. وواصل طلبة جامعة رشت مسيراتهم الاحتجاجية. وأشارت أنباء إلى اعتقالات واستدعاءات في جامعة شيراز.
وعلى الرغم من القيود المشددة على الإنترنت، فإن تسجيل فيديو أظهر أن الطلاب رفعوا لافتة كبيرة في طريق سريعة وسط العاصمة طهران، كتب عليها شعار: «المرأة... الحياة... الحرية».


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

نددت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس التابع للبحرية الأميركية وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم الخارجية الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

قالت منظمات غير حكومية إن فرنسا احتجزت العديد من الإيرانيين في مراكز اعتقال في الأسابيع الأخيرة، معتبرة ذلك إشارة إلى أنّ الحكومة «تصر على رغبتها في ترحيلهم إلى إيران» رغم نفي وزير الداخلية جيرالد دارمانان. وكتبت منظمات العفو الدولية، و«لا سيماد»، و«إيرانيان جاستس كوليكتيف» في بيان الأربعاء: «تواصل الحكومة إبلاغ قرارات الترحيل إلى إيران مهددة حياة هؤلاء الأشخاص وكذلك حياة عائلاتهم». واعتبرت المنظمات أن «فرنسا تصرّ على رغبتها في الترحيل إلى إيران»، حيث تشن السلطات قمعاً دامياً يستهدف حركة الاحتجاج التي اندلعت إثر وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني في سبتمبر (أيلول)، أثناء احتجازها لدى شرط

«الشرق الأوسط» (باريس)
شؤون إقليمية قاآني: انتقمنا جزئياً لسليماني بطرد القوات الأميركية من المنطقة

قاآني: انتقمنا جزئياً لسليماني بطرد القوات الأميركية من المنطقة

قال مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، إسماعيل قاآني، إن قواته انتقمت جزئيا من القوات الأميركية بطردها من المنطقة، مضيفا في الوقت نفسه «القدس ليست الهدف النهائي وإنما هدف وسط»، مشددا على ضرورة أن تجد إيران موقعها في انتقال القوة من الغرب إلى الشرق. ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن قاآني قوله خلال اجتماع الجمعية العامة لطلاب الحوزات العلمية في قم إن «أميركا وإسرائيل وحتى الناتو و... تقوم بالتعبئة لتخريب إيران». وقال قاآني «مثلما قال المرشد فإن إيران من المؤكد لن تبقى بعد 25 عاماً، وهم (الإسرائيليون) يستعجلون ذلك».

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

ندّدت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع عَلَم بنما، في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس، التابع لـ«البحرية» الأميركية، وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم «الخارجية» الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجَزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)

مؤتمر لـ«السلام» في تركيا يطالب بالتخلي عن الدولة القومية

جانب من «مؤتمر السلام والمجتمع الديمقراطي» الذي نظمه حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» المؤيد للأكراد في إسطنبول في 6 و7 ديسمبر (حساب الحزب في إكس)
جانب من «مؤتمر السلام والمجتمع الديمقراطي» الذي نظمه حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» المؤيد للأكراد في إسطنبول في 6 و7 ديسمبر (حساب الحزب في إكس)
TT

مؤتمر لـ«السلام» في تركيا يطالب بالتخلي عن الدولة القومية

جانب من «مؤتمر السلام والمجتمع الديمقراطي» الذي نظمه حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» المؤيد للأكراد في إسطنبول في 6 و7 ديسمبر (حساب الحزب في إكس)
جانب من «مؤتمر السلام والمجتمع الديمقراطي» الذي نظمه حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» المؤيد للأكراد في إسطنبول في 6 و7 ديسمبر (حساب الحزب في إكس)

طالب «المؤتمر الدولي للسلام والمجتمع الديمقراطي» الذي عُقد في إطار عملية السلام الجارية في تركيا، بتنفيذ دعوة زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان، للتخلي عن الدولة القومية، وتعزيز الديمقراطية والحكم المحلي، وضمان «المواطنة المتساوية».

وعدّ البيان الختامي للمؤتمر، الذي نظمه حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» المؤيد للأكراد، يومي 6 و7 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، والذي صدر الخميس، أن «تركيا بحاجة إلى عقد اجتماعي ديمقراطي جديد يشمل جميع الشعوب والمعتقدات والهويات على أساس المواطنة المتساوية».

وجاء في البيان: «نشعر بعمق بالألم والخسارة والدمار الناجم عن الصراع المستمر في تركيا منذ أكثر من 40 عاماً، ونؤمن أنه كي لا تتكرر هذه الآلام، يجب إنهاء الصراعات بشكل كامل، وبناء سلام دائم من خلال عقد اجتماعي ديمقراطي قائم على المواطنة المتساوية».

إشادة بدور «أوجلان»

وشارك في المؤتمر، الذي عقد في مدينة إسطنبول، سياسيون وأكاديميون وصحافيون ومدافعون عن حقوق الإنسان وممثلون لبرلمانات 19 دولة من أنحاء العالم، بوصفهم متحدثين أو مراقبين، كما شاركت فيه الرئيسة المشاركة لدائرة الشؤون الخارجية في الإدارة الذاتية الكردية لشمال وشرق سوريا، إلهام أحمد، عبر تقنية «زووم» بعد رفض السلطات التركية السماح لها بالحضور.

امرأة كردية ترفع صورة لأوجلان في أثناء توجيه ندائه لحل حزب «العمال الكردستاني» في 27 فبراير الماضي خلال مظاهرة للمطالبة بإطلاق سراحه (رويترز)

وانتقد البيان سير «عملية السلام والمجتمع الديمقراطي»، التي تطلق عليها الحكومة «عملية تركيا خالية من الإرهاب»، قائلاً: «في هذه الفترة التي يواجه فيها الشعب الكردي في تركيا القمع والإقصاء، نرى في العملية التي بدأت بقيادة السيد أوجلان فرصة مهمة لشعوب تركيا، ومع ذلك، نؤكد أهمية إجرائها بطريقة بناءة أكثر شمولية وفاعلية».

وأضاف أن السيد أوجلان أثبت للمجتمع الدولي، عملياً وفكرياً، قدرته على قيادة الطريق نحو سلام دائم في مواجهة تصاعد العنف في تركيا والشرق الأوسط، وأن «عملية السلام والمجتمع» التي أطلقها في 27 فبراير (شباط) 2025 فرصة تاريخية لوقف الصراع بشكل كامل، كما أن قرار حزب «العمال الكردستاني» بإنهاء الكفاح المسلح وحل نفسه، كان خطوة شجاعة وتاريخية نحو السلام، ويتيح فرصة عظيمة لإنهاء الصراع وعدم الاستقرار المستمرين في المنطقة.

وشدد على أنه يجب إعمال «الحق في الأمل»، ويجب رفع العزلة المفروضة على جزيرة إيمرالي (الجزيرة التي يقع بها سجن أوجلان في جنوب بحر مرمرة غرب تركيا منذ 26 عاماً)، والسماح بلقاء الصحافيين والأكاديميين والسياسيين مع أوجلان كشرط أساسي لـ«سلام مشرف». وأقرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان «الحق في الأمل» عام 2014، وهو مبدأ قانوني يسمح للمحكومين بالسجن المؤبد المشدد بإطلاق سراحهم والاندماج في المجتمع بعد قضاء 25 سنة من مدة العقوبة.

مطالبة بإصلاحات قانونية

وأضاف البيان: «نؤيد ضرورة حل النزاعات بالوسائل السياسية، ونؤمن بأن الحوار والتفاوض هما أنسب السبل لتحقيق سلام دائم، ونؤكد ضرورة اضطلاع المرأة بدور أكثر فاعلية في مفاوضات السلام وعمليات حل النزاعات».

إحدى جلسات مؤتمر السلام والمجتمع الديمقراطي (حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب - إكس)

ولفت إلى تجارب حل النزاعات حول العالم، قائلاً إن هناك حاجة ملحة إلى إصلاح النظام القانوني، ونعتقد أن تركيا بحاجة إلى عقد اجتماعي جديد وديمقراطي يشمل جميع الشعوب والمعتقدات والهويات على أساس «المواطنة المتساوية»، وأن عقداً اجتماعياً لا يستثني أي فئة من فئات المجتمع من شأنه أن يقضي تماماً على أرضية العنف في تركيا.

وأضاف أنه كما في أمثلة، مثل جنوب أفريقيا وآيرلندا وإقليمي الباسك وكتالونيا، نؤكد ضرورة أن تُستبدل بالمناهج الجامدة والمركزية التي تؤدي إلى الصراع، مناهج تُدمج المجتمع وتقضي على العنف، وينبغي مناقشة نماذج الحكم المحلي في تركيا على المستويين السياسي والاجتماعي، وسن قوانين تعزز الحكومات المحلية.

وأشاد البيان بالنهج الإيجابي للبرلمان الأوروبي، قائلاً: «ومع ذلك، نعتقد أن على الاتحاد الأوروبي ككل أن يضطلع بدور أكثر فاعلية وبناءً. ونُذكّر بأنه، عند الضرورة وبموافقة الأطراف، يُمكن للاتحاد الأوروبي أن يُسهم في عملية السلام بوصفه وسيطاً أو ضامناً».

متظاهرون يرفعون صورتي السياسيين الكرديين صلاح الدين دميرطاش وفيجن يوكسكداغ خلال مظاهرة للمطالبة بإطلاق سراحهما (حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب - إكس)

وأكد أن إطلاق سراح السجناء السياسيين ليس خياراً، بل ضرورة، ومن أجل مستقبل السلام والتحول الديمقراطي في تركيا، فإن إطلاق سراح جميع السجناء السياسيين، ولا سيما عبد الله أوجلان والسياسيين المتورطين في «قضية كوباني» (في إشارة إلى الرئيسين المشاركين لحزب «الشعوب الديمقراطية» صلاح الدين دميرطاش وفيجن يوكسكداغ وعدد آخر من نواب الحزب)، في إطار قانون السلام، ليس مسألة محاباة أو اختيار، بل ضرورة تاريخية وقانونية.

ودعا البيان تركيا إلى الالتزام بتعهداتها في مجال حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي.

جانب من أحد اجتماعات لجنة «التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية» بالبرلمان التركي (حساب البرلمان في إكس)

في السياق، قدم حزبا «العدالة والتنمية» و«الحركة القومية»، تقريرهما حول «عملية السلام» إلى مكتب رئيس البرلمان، نعمان كورتولموش، الذي يتولى في الوقت ذاته رئاسة «لجنة التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية»، المعنية بوضع الإطار القانوني لنزع أسلحة حزب «العمال الكردستاني» وعملية السلام.

وعقدت اللجنة، التي شكلها البرلمان في 5 أغسطس (آب)، من 51 عضواً يمثلون 11 حزباً، 19 جلسة استماع، وانتقلت إلى مرحلة إعداد التقرير النهائي حول عملية السلام، تمهيداً لمناقشته بالبرلمان.


طهران تتنفس الصعداء مع هطول أمطار الخريف

إيرانية تحتمي مع حفيدها من المطر في أحدر شوارع طهران الأربعاء (أ. ب)
إيرانية تحتمي مع حفيدها من المطر في أحدر شوارع طهران الأربعاء (أ. ب)
TT

طهران تتنفس الصعداء مع هطول أمطار الخريف

إيرانية تحتمي مع حفيدها من المطر في أحدر شوارع طهران الأربعاء (أ. ب)
إيرانية تحتمي مع حفيدها من المطر في أحدر شوارع طهران الأربعاء (أ. ب)

تنفس الإيرانيون الصعداء خلال الأيام الماضية مع هطول أول أمطار الخريف في العاصمة طهران، بعد أزمة جفاف حادة أنهكت البلاد.

لكنّ مسؤولاً في قطاع المياه قال، الثلاثاء، لوكالة «إيسنا» المحلية إن «الأمطار المتوقعة لا تعوّض حتى الآن نقص المياه في السدود»، مضيفاً أن «خزّاناتها ما زالت عند مستويات دنيا».

وتواجه إيران، ذات المناخ الجاف، هذا العام أسوأ موجة جفاف منذ ستة عقود، فيما كانت كمية الأمطار المتدنية في طهران «غير مسبوقة تقريباً منذ قرن»، بحسب ما أكد مسؤول محلي في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وكانت قد تساقطت أمطار قليلة للمرة الأولى مطلع ديسمبر (كانون الأول)، في حين أنّ أمطار الخريف تُسجَّل عادة في سبتمبر (أيلول).

وأدّت الأمطار الأربعاء إلى ازدحامات مرورية كبيرة في معظم شوارع العاصمة.

وقال أمير أبكاري، وهو سائق حافلة يبلغ 58 عاماً على خط ساحة تجريش شمال طهران: «نحمد الله على أمطار الأيام الماضية. الهواء أصبح أنقى، وحتى لو ازدادت الحركة المرورية يمكننا تحمّلها».

وأوضح أنه خلال هذه الفترة، حاول مع جيرانه في المبنى خفض استهلاكهم للمياه امتثالاً لدعوات السلطات. وكانت الحكومة قد أعلنت أيضاً في نوفمبر (تشرين الثاني) عن قطع دوري للمياه ليلاً بهدف ترشيد الاستهلاك.

وفي أفق العاصمة شمالاً، ظهرت أخيراً طبقة بيضاء خفيفة على الجبال بعد أشهر طويلة من الانتظار.

وقالت أرماغان كاميابي، وهي صانعة مجوهرات في الخامسة والثلاثين: «نحن سعداء بهطول المطر. آمل أن تستمر الأمطار وأن نرى قريباً الثلوج في مدينة طهران».

إيرانيان يسيران تحت المطر في أحد شوارع طهران الأربعاء (أ.ب)

وتقع طهران على السفح الجنوبي لجبال ألبرز، وتشهد صيفاً حاراً وجافاً، وخريفاً قد يكون ممطراً، وشتاء قاسياً في بعض الأحيان مع تساقط الثلوج.

وكان الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان قد حذّر مراراً من احتمال اضطرار المدينة، التي يقطنها أكثر من عشرة ملايين نسمة، إلى الإخلاء إذا لم تهطل الأمطار، من دون أن يوضح كيفية تنفيذ عملية بهذا الحجم.

وأفادت وكالة «مهر» المحلية، اليوم الخميس، بأن أمطاراً غزيرة تسببت في سيول، ولا سيما في محافظتَي زنجان وكردستان بغرب البلاد.

وتتوقع هيئة الأرصاد الجوية هطول أمطار وثلوج في غرب البلاد وشمالها الغربي ابتداء من السبت. كما أعلنت السلطات الأربعاء أنها نفّذت عمليات تلقيح للغيوم في بعض المناطق.


بن غفير يتوعد بهدم قبر الزعيم القومي العربي عزّ الدين القسام

وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير (إ.ب.أ)
وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير (إ.ب.أ)
TT

بن غفير يتوعد بهدم قبر الزعيم القومي العربي عزّ الدين القسام

وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير (إ.ب.أ)
وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير (إ.ب.أ)

توعد وزير الأمن القومي الإسرائيلي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير، الخميس، بهدم قبر الزعيم القومي العربي عز الدين القسام، الذي يقع داخل الدولة العبرية، ويحمل الجناح العسكري لحركة «حماس» اسمه.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، نشر بن غفير المعروف بتصريحاته الاستفزازية مقطع فيديو عبر حسابه على «تلغرام» ظهر فيه إلى جانب قوات أمن ورافعة تقوم بتفكيك خيمة وضعت بهدف الصلاة إلى جانب قبر القسام المولود في سوريا.

وكان القسّام، الذي قُتل في اشتباك عام 1935، قد قاتل ضد البريطانيين والصهيونية في فلسطين خلال الانتداب، قبل قيام دولة إسرائيل عام 1948.

ويقع ضريح القسّام في بلدة تعرف اليوم باسم نيشر قرب مدينة حيفا الساحلية في شمال إسرائيل، وقد سبق أن تعرض على مدار السنوات الماضية للتخريب.

وعبر حسابه على منصة «إكس»، نشر الوزير اليميني المتطرف: «يجب إزالة قبر الإرهابي الكبير عز الدين القسام في نيشر. وقد اتخذنا الخطوة الأولى (في سبيل ذلك) فجر أمس».

وسبق أن دعا بن غفير في أغسطس (آب) الماضي، خلال مناقشة في البرلمان، إلى هدم القبر.

وأفادت صحيفة «يسرائيل هيوم» اليومية اليمينية بأن قوات أمن أزالت كاميرات مراقبة كانت قد نصبت حول القبر، وأبعدت شخصاً كان يحرس المكان.

وفي ردها على استفسارات «وكالة الصحافة الفرنسية»، قالت الشرطة الإسرائيلية إنها لم تشارك في الواقعة، الخميس، وأحالت الاستفسار إلى السلطة المسؤولة عن المقابر.

وفي أول تعليق فلسطيني على الحادثة، أكدت حركة «حماس»، في بيان، أن ما قام به وزير الأمن ما هو إلا «تعد غير مسبوق على الحرمات، وانتهاك المقدسات، واستباحة قبور الأموات».

ورأى القيادي في الحركة محمود مرداوي أن ما حصل «ليس مجرد اعتداء على قبر، بل هو محاولة لطمس ذاكرة أمة وإزالة شاهد من شواهد كفاحنا المستمر».

وأضاف القيادي في «حماس» أن «التطرف أصبح سياسة رسمية معلنة تستوجب موقفاً دولياً بلجم هذا التوحش».