«مجموعة السبع» تحذّر روسيا من استخدام «النووي»

لوّحت بعواقب وخيمة وتعهدت «محاسبة بوتين» والاستمرار في مساعدة أوكرانيا

جانب من  قمة السبع (من موقع المستشار الألماني على تويتر)
جانب من قمة السبع (من موقع المستشار الألماني على تويتر)
TT

«مجموعة السبع» تحذّر روسيا من استخدام «النووي»

جانب من  قمة السبع (من موقع المستشار الألماني على تويتر)
جانب من قمة السبع (من موقع المستشار الألماني على تويتر)

حذرت مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى روسيا من «عواقب وخيمة» في حال استخدمت الأسلحة النووية، واتهمتها بـ«وضع السلام والأمن العالميين في خطر» من خلال «خطواتها التصعيدية وخطابها النووي غير المسؤول». وأدانت الهجمات الروسية على المدنيين، واعتبرتها تشكل «جريمة حرب تستلزم محاسبة الرئيس فلاديميربوتين والمسؤولين الروس»، كما رفضت ضم روسيا لمناطق ودنيتسك ولوهانسك وزابوروجييا وخيرسون، ووصفته بأنه ضم «غير قانوني وزائف».
وعقدت المجموعة اجتماعا على مستوى القادة عبر دائرة الفيديو، دعت اليه ألمانيا بعد اتصال بين المستشار الألماني أولاف شولتز والرئيس الأوكراني فولاديمير زيلينسكي قبل يوم ردا على القصف الروسي الذي تعرضت له كييف.
وشارك زيلينسكي في الاجتماع ووجه كلمة دعا فيها إلى تسريع تزويد بلاده بأنظمة صواريخ دفاعية، بهدف ردع الهجمات الصاروخية الروسية عن المدن الأوكرانية. وحذر دول المجموعة من أن بوتين «ما زال قادرا على التصعيد أكثر» وأنه «يشكل تهديدا لنا جميعنا». وأضاف: «عندما تتلقى أوكرانيا أسلحة أنظمة دفاعية فعالة ومتطورة، فإن العنصر الأساسي في إرهاب روسيا، الضربات الصاروخية، ستتوقف عن العمل». وأبلغ الرئيس الأوكراني زعماء المجموعة، أن روسيا تحاول جر بيلاروسيا إلى الحرب، داعيا إلى نشر مهمة دولية على الحدود الاوكرانية البيلاروسية لردع ذلك.
وبعيد انتهاء اجتماع قمة السبع، نقل موقع «دير شبيغل» أن أوكرانيا تسلمت نظام «إيريس - تي» المضاد للطائرات المتطور والألماني الصنع، بعد يوم على إعلان وزيرة الدفاع الألمانية أن برلين سترسل النظام إلى كييف في «الأيام المقبلة».
وأدانت المجموعة في بيانها ، ضم روسيا لأراض أوكرانية، وقالت إنها لن تعترف أبدا بضم موسكو «غير القانوني» للوهانسك ودونتسك وخيرسون وزاباروجا إضافة إلى القرم. وأكدت أنها ستستمر بتقديم الدعم العسكري والإنساني والسياسي لكييف «مهما تطلب الأمر»، متعهدة في المقابل بإكمال فرض عقوبات إضافية على روسيا. كما حملتها مسؤولية أي حادث قد ينجم عن مفاعل زاباروجا النووي، وقالت إنها تدعم الوكالة الدولية للطاقة الذرية في عملها هناك.
ومن دون الإشارة إلى مسؤولية روسيا، ذكرت دول المجموعة حادث التخريب الذي طال خط أنابيب نورد ستريم 1 و2 أسفل بحر البلطيق، وقالت إنها «تدين بشدة أي محاولة مقصودة لوقف إمدادات الغاز».
وكان ملفتا إشارة بيان المجموعة، إلى عملية السلام رغم أن الرئيس الأوكراني يكرر أن الوقت غير ملائم للدخول في مفاوضات سلام مع روسيا. وقالت المجموعة في البيان إنها ترحب باستعداد الرئيس زيلينسكي لسلام عادل، مشيرة إلى أن هذا يتضمن «احترام وحدة الأراضي الاوكرانية، وحفظ حق أوكرانيا بالدفاع عن نفسها في المستقبل وضمان التعافي وإعادة الإعمار بما في ذلك من تمويل روسي، إضافة إلى مساءلة روسيا على جرائمها في أوكرانيا».
وحذرت المجموعة من أي استخدام روسي للأسلحة الكيماوية والبيولوجية أو النووية. وشددت على «أن أي خطوة روسية في هذا الإطار ستقابل بعواقب وخيمة» واستنكرت «الخطوات التصعيدية الروسية المتعمدة، بما في ذلك التعبئة الجزئية لجنود الاحتياط والخطاب النووي غير المسؤول، الذي يعرض السلم والأمن العالميين للخطر». وأشارت إلى تصرفات روسيا في محطة الطاقة النووية زابوريجيا الأوكرانية والضغط الذي مورس على العاملين في المنشأة.
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن تحدث مع الرئيس الأوكراني زيلينسكي يوم الاثنين وتعهد له بمواصلة تزويد أوكرانيا بالدعم الذي تحتاج إليه للدفاع عن نفسها بما في ذلك أنظمة الدفاع الجوي المتقدمة.


مقالات ذات صلة

تقرير: روسيا ابتكرت مسيرة «غير قابلة للتشويش» تشبه الهاتف اللعبة

أوروبا جندي روسي يطلق طائرة مسيرة صغيرة خلال المعارك في أوكرانيا (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)

تقرير: روسيا ابتكرت مسيرة «غير قابلة للتشويش» تشبه الهاتف اللعبة

قالت صحيفة «تلغراف» البريطانية إن روسيا ابتكرت طائرة من دون طيار «غير قابلة للتشويش» تشبه الهاتف اللعبة تغير مسار الحرب في أوكرانيا.

أوروبا وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن (أ.ب)

أوستن يطالب حلفاء أوكرانيا بـ«ألّا يضعفوا»

طالب وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن الخميس التحالف الدولي الذي يقدّم دعماً عسكرياً لأوكرانيا بـ«ألّا يضعف»، في وقت تخشى فيه كييف من أن تفقد دعم بلاده الأساسي.

أوروبا جندي أوكراني يقود مركبة أرضية مسيرة إلكترونياً خلال معرض للمعدات العسكرية والأسلحة (رويترز)

بريطانيا: تحالف دولي سيرسل 30 ألف مسيّرة لأوكرانيا

أعلنت وزارة الدفاع البريطانية، الخميس، أن تحالفاً دولياً تقوده بريطانيا ولاتفيا لإمداد أوكرانيا بمسيّرات سيرسل 30 ألف مسيّرة جديدة إلى كييف.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا رجال الإطفاء يعملون في موقع مبنى إداري تضرر جراء الغارات الجوية والصاروخية الروسية في زابوريجيا (رويترز) play-circle 00:36

13 قتيلاً بضربة روسية على زابوريجيا الأوكرانية

قُتل 13 شخصاً اليوم (الأربعاء) في ضربة روسية على مدينة زابوريجيا الأوكرانية، وفق ما أعلن حاكم المنطقة، في حصيلة تعد من الأعلى منذ أسابيع لضربة جوية واحدة.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الخليج الأمير محمد بن سلمان والرئيس فولوديمير زيلينسكي (الخارجية السعودية)

محمد بن سلمان وزيلينسكي يبحثان جهود حل الأزمة الأوكرانية - الروسية

بحث ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، جهود حل الأزمة الأوكرانية - الروسية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟