موسكو تنبه الغرب من «تصعيد منفلت» للتوتر

خسرت معركة دبلوماسية في الأمم المتحدة

عمال إطفاء يحاولون إخماد حريق اندلع نتيجة للقصف الروسي في متجر بمنطقة زابوريجيا (رويترز)
عمال إطفاء يحاولون إخماد حريق اندلع نتيجة للقصف الروسي في متجر بمنطقة زابوريجيا (رويترز)
TT

موسكو تنبه الغرب من «تصعيد منفلت» للتوتر

عمال إطفاء يحاولون إخماد حريق اندلع نتيجة للقصف الروسي في متجر بمنطقة زابوريجيا (رويترز)
عمال إطفاء يحاولون إخماد حريق اندلع نتيجة للقصف الروسي في متجر بمنطقة زابوريجيا (رويترز)

مع تواصل التداعيات الداخلية والدولية للغارات الروسية المكثفة على مناطق أوكرانية، رداً على تفجير جسر القرم قبل يومين، جددت القوات الروسية، الثلاثاء، شن هجمات جوية على مواقع في عدد من المدن الأوكرانية، ووجهت تحذيراً جديداً إلى الغرب من مخاطر «تصعيد منفلت» للتوتر، على خلفية تحركات لتوسيع عمليات إمدادات أوكرانيا بتقنيات عسكرية، بينها أنظمة دفاع جوي.
وهدد نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، من أن روسيا سوف «تضطر لاتخاذ تدابير مضادة بسبب المشاركة المتزايدة للولايات المتحدة وأوروبا في النزاع الأوكراني».
ونقلت وكالة أنباء «نوفوستي» الحكومية عن الدبلوماسي المسؤول عن ملف الأمن الاستراتيجي في الخارجية، أن موسكو «تلاحظ بأسف أن المساعدات الواسعة والمستمرة لأوكرانيا، وتدريب أفراد الوحدات العسكرية الأوكرانية على أراضي بلدان الحلف الأطلسي، وتقديم المعلومات الاستخباراتية وصور الأقمار الصناعية لدرجة تحديد الأهداف للمدفعية والتخطيط لعمليات القوات المسلحة الأوكرانية، تجر بشكل أكبر الدول الغربية للانخراط في الصراع إلى جانب نظام كييف». واعتبر أن هذه التطورات تتزامن مع دعوات متجددة لمسؤولين على مختلف المستويات في الولايات المتحدة وأوروبا إلى «هزيمة بلادنا في ساحة المعركة». وتابع: «من الواضح أن المواجهة المباشرة مع الولايات المتحدة وحلف الناتو لا تخدم روسيا. نأمل أن تفهم واشنطن والعواصم الغربية الأخرى خطورة التصعيد المنفلت».
في الوقت ذاته، أكد نائب الوزير أن موسكو «لا تهدد باستخدام الأسلحة النووية». واتهم الولايات المتحدة والدول الغربية بـ«تأجيج الخطاب النووي على خلفية الأحداث الجارية في أوكرانيا»، ورأى «أن الغرب يحاول جعل الأمر يبدو كما لو أن روسيا تستعد لشن ضربات باستخدام أسلحة الدمار الشامل». وأشار إلى أن العقيدة النووية الروسية «تحدد بوضوح» مجالات استخدام هذا السلاح.
ووفقاً لذلك، تحتفظ روسيا بالحق في استخدام الأسلحة النووية في حالة «تلقي معلومات موثوقة حول إطلاق صواريخ باليستية لمهاجمة أراضي روسيا أو حلفائها، واستخدام الأسلحة النووية أو أنواع أخرى من أسلحة الدمار الشامل على أراضي روسيا وحلفائها».
وأضاف أن الأمر يشمل أيضاً «تهديد العدو للمنشآت المهمة في الدولة أو المنشآت العسكرية المهمة، التي سيؤدي فشلها إلى تعطيل رد القوات النووية. كذلك العدوان على روسيا باستخدام الأسلحة التقليدية، الذي يجعل وجود الدولة في حد ذاته مهدداً».
جاءت تحذيرات ريابكوف على خلفية تسارع تحركات بلدان غربية لمواجهة ما وصف بأنه تصعيد روسي قوي من خلال الهجمات الصاروخية على مدن أوكرانية الاثنين.
ومع الإعلان عن اجتماع منتظر لمجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى، جاءت دعوة بريطانيا لعقد اجتماع طارئ لحلف الأطلسي لتدخل في الإطار نفسه. فضلاً عن الإعلانات المتكررة من جانب الإدارة الأميركية عن طلب أوكرانيا تزويدها بشكل عاجل بأنظمة دفاع جوي متطورة.
وحمل تحذير السفير الروسي في واشنطن أناتولي أنتونوف، إشارة جديدة من جانب موسكو في هذا السياق، مع تأكيده الثلاثاء أن «الولايات المتحدة وحلفاءها يقتربون بسرعة من تجاوز الخط الأحمر عبر مواصلة توريد الأسلحة إلى أوكرانيا». وقال: «نحث الولايات المتحدة وحلفاءها على عدم تجاوز الخطوط الحمراء التي اقتربت منها، والتوقف عن تزويد نظام كييف بالسلاح الفتاك. لن يؤدي ذلك إلا إلى المزيد من الضحايا والدمار وإطالة أمد النزاع».
وأشار إلى أن تصريحات البيت الأبيض حول نية مواصلة دعم كييف بتزويدها بالأسلحة تعد «تأكيداً آخر على أن واشنطن قد تحافظ على صفتها شريكاً في الصراع». وتزامنت التطورات مع تلقي موسكو هزيمة دبلوماسية ليلة الثلاثاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي رفضت إجراء اقتراع سري، طالبت به موسكو، للدول الأعضاء في إطار مناقشة مشروع قرار غربي يدين الاعتراف باستفتاءات انضمام مناطق انفصالية في أوكرانيا إلى روسيا.
وقد تقدمت ألبانيا في وقت سابق، بمقترح لإجراء تصويت مفتوح على القرار أيدته 107 دول، وعارضته 13، وامتنعت عن التصويت 39 دولة.
من جهته، أوضح رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة تشابا كوروشي، أن قراراً بهذا الشأن سيتم اتخاذه في ختام نتائج التصويت التي سيتم الإعلان عنها في تقرير الاجتماع.
في المقابل، وصف مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا، عملية التصويت، بـ«التدليس والاحتيال». وقال إن موسكو لم تمنح فرصة لتوضيح وجهة نظرها. وانتقد الموقف المنحاز والسلبي المتعمد الذي اتخذه رئيس الجمعية العامة في «تشويه الحقائق، وحرمان روسيا من حقها في التعبير عن رأيها، وتوضيح وجهة نظرها، ومنح هذا الحق لخصومها». وطالب بتطبيق المادة 87 من قواعد الجمعية العامة للتصويت السري بشكل عاجل، لكن رئيس الجمعية العامة رفض هذا الإجراء.
وكانت موسكو سعت إلى جعل التصويت على القرار سرياً، في إطار مواجهتها ما وصفته بأنه «ضغوط كبيرة مارستها واشنطن على مواقف العديد من الدول في الاقتراع المفتوح».
ميدانياً، أفادت وسائل إعلام أوكرانية، صباح الثلاثاء، بوقوع عدة انفجارات في مدن أوكرانية. وأشارت تقارير إخبارية إلى وقوع انفجارات في منطقة أوديسا (جنوب غرب) وفي فينيتسا (وسط). وتحدثت أخرى عن انفجارات في كريفوي روغ (وسط) وروفنو (غرب)، فيما تم تفعيل الدفاعات الجوية في خميلنيتسكي (غرب).
يأتي ذلك بعد إعلان حالة التأهب الجوي وانطلاق صفارات الإنذار في العديد من مقاطعات أوكرانيا.
ولم تصدر روسيا تأكيداً خلال ساعات صباح الثلاثاء، حول قيام قواتها الجوية بتوجيه ضربات جديدة في العمق الأوكراني، علماً بأن وزارة الدفاع الروسية كانت أكدت الاثنين أن «كل الغارات التي تم شنها أصابت أهدافها بدقة، وأنجزت المهام المطلوبة منها».


مقالات ذات صلة

أميركا وأوكرانيا تستعدان من جديد لتوقيع صفقة المعادن

العالم صورة ملتقطة في 28 فبراير 2025 في العاصمة الأميركية واشنطن تظهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب يرحب بنظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قبل اجتماعهما في البيت الأبيض (د.ب.أ)

أميركا وأوكرانيا تستعدان من جديد لتوقيع صفقة المعادن

قال 4 أشخاص مطلعين، الثلاثاء، إن إدارة الرئيس الأميركي ترمب وأوكرانيا تخططان لتوقيع صفقة المعادن التي نوقشت كثيراً بعد اجتماع كارثي في البيت الأبيض.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (يسار) ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر (وسط) والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يحضرون اجتماعاً في لندن (إ.ب.أ)

ماكرون يرحب بنية زيلينسكي «استئناف الحوار» مع ترمب

رحب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الثلاثاء، بنية نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي «استئناف الحوار مع الولايات المتحدة الأميركية»، وفق ما أفاد الإليزيه.

«الشرق الأوسط» (باريس)
العالم سيكون لتجميد المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا لفترة طويلة تأثير كبير في المجالات التي يصعب على الأوروبيين تعويضها (أ.ب)

معدات عسكرية أميركية يصعب على الأوروبيين تعويضها لأوكرانيا

لا شك في أن تجميد المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا، لفترة طويلة، سيكون له تأثير كبير في المجالات التي يصعب على الأوروبيين تعويضها.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (يسار) يتحدث مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب (وسط) ونائب الرئيس الأميركي جي دي فانس (يمين) بالمكتب البيضاوي بالبيت الأبيض (إ.ب.أ) play-circle

رغم تجميد المساعدات... أوكرانيا «مصممة» على التعاون مع أميركا

أعلنت أوكرانيا الثلاثاء أنها «مصممة» على مواصلة التعاون مع الولايات المتحدة ولا تزال تريد ضمانات أمنية ذات «أهمية وجودية» بالنسبة إليها

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا صورة ملتقطة في 1 مارس 2025 في العاصمة البريطانية لندن تظهر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال لقائه رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر (د.ب.أ)

زيلينسكي: أوكرانيا مستعدة للعمل في ظل «قيادة ترمب القوية» لتحقيق السلام

قال الرئيس الأوكراني زيلينسكي، الثلاثاء، إنه يريد «تصحيح الأمور» مع الرئيس الأميركي ترمب، ويريد العمل تحت «القيادة القوية» لترمب لضمان سلام دائم في أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)

أميركا وأوكرانيا تستعدان من جديد لتوقيع صفقة المعادن

صورة ملتقطة في 28 فبراير 2025 في العاصمة الأميركية واشنطن تظهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب يرحب بنظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قبل اجتماعهما في البيت الأبيض (د.ب.أ)
صورة ملتقطة في 28 فبراير 2025 في العاصمة الأميركية واشنطن تظهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب يرحب بنظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قبل اجتماعهما في البيت الأبيض (د.ب.أ)
TT

أميركا وأوكرانيا تستعدان من جديد لتوقيع صفقة المعادن

صورة ملتقطة في 28 فبراير 2025 في العاصمة الأميركية واشنطن تظهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب يرحب بنظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قبل اجتماعهما في البيت الأبيض (د.ب.أ)
صورة ملتقطة في 28 فبراير 2025 في العاصمة الأميركية واشنطن تظهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب يرحب بنظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قبل اجتماعهما في البيت الأبيض (د.ب.أ)

قال 4 أشخاص مطلعين، الثلاثاء، إن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب وأوكرانيا تخططان لتوقيع صفقة المعادن التي نوقشت كثيراً بعد اجتماع كارثي في ​​المكتب البيضاوي، يوم الجمعة، الذي تم فيه طرد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من المبنى.

وقال 3 من المصادر إن ترمب أبلغ مستشاريه بأنه يريد الإعلان عن الاتفاق في خطابه أمام الكونغرس، مساء الثلاثاء، محذرين من أن الصفقة لم يتم توقيعها بعد، وأن الوضع قد يتغير.

تم تعليق الصفقة يوم الجمعة، بعد اجتماع مثير للجدل في المكتب البيضاوي بين ترمب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أسفر عن رحيل الزعيم الأوكراني السريع من البيت الأبيض. وكان زيلينسكي قد سافر إلى واشنطن لتوقيع الصفقة.

في ذلك الاجتماع، وبّخ ترمب ونائب الرئيس جي دي فانس زيلينسكي، وقالا له إن عليه أن يشكر الولايات المتحدة على دعمها بدلاً من طلب مساعدات إضافية أمام وسائل الإعلام الأميركية.

وقال ترمب: «أنت تغامر بنشوب حرب عالمية ثالثة».

وتحدث مسؤولون أميركيون في الأيام الأخيرة إلى مسؤولين في كييف بشأن توقيع صفقة المعادن على الرغم من الخلاف الذي حدث يوم الجمعة، وحثوا مستشاري زيلينسكي على إقناع الرئيس الأوكراني بالاعتذار علناً لترمب، وفقاً لأحد الأشخاص المطلعين على الأمر.

يوم الثلاثاء، نشر زيلينسكي، على موقع «إكس»، أن أوكرانيا مستعدة لتوقيع الصفقة، ووصف اجتماع المكتب البيضاوي بأنه «مؤسف».

وقال زيلينسكي، في منشوره: «اجتماعنا في واشنطن، في البيت الأبيض، يوم الجمعة، لم يسر بالطريقة التي كان من المفترض أن يكون عليها. أوكرانيا مستعدة للجلوس إلى طاولة المفاوضات في أقرب وقت ممكن لإحلال السلام الدائم».

ولم يتضح ما إذا كانت الصفقة قد تغيرت. ولم يتضمن الاتفاق، الذي كان من المقرر توقيعه الأسبوع الماضي، أي ضمانات أمنية صريحة لأوكرانيا، لكنه أعطى الولايات المتحدة حقّ الوصول إلى عائدات الموارد الطبيعية في أوكرانيا. كما نصّ الاتفاق على مساهمة الحكومة الأوكرانية بنسبة 50 في المائة من تحويل أي موارد طبيعية مملوكة للدولة إلى صندوق استثماري لإعادة الإعمار تديره الولايات المتحدة وأوكرانيا.

يوم الاثنين، أشار ترمب إلى أن إدارته لا تزال منفتحة على توقيع الاتفاق، وقال للصحافيين إن أوكرانيا «يجب أن تكون أكثر امتناناً».

وأضاف: «وقف هذا البلد (الولايات المتحدة) إلى جانبهم في السراء والضراء... قدمنا لهم أكثر بكثير مما قدمته أوروبا لهم، وكان يجب على أوروبا أن تقدم لهم أكثر مما قدمنا».