ليس مهماً من هو اللاعب الذي سينال «الكرة الذهبية» في الأسبوع المقبل. ذلك أمر يترقبه عشاق كرة القدم وجماهيرها العريضة. ما يعنينا هو الكرة نفسها، تلك التي تُسمى بالفرنسية «لو بالون دور». ما وزنها ومن يصنعها؟ وهل هي من معدن الذهب فعلاً؟
ولدت هذه الكرة في باريس عام 1956 بمبادرة من مجلة «فرانس فوتبول». وكان الهدف منها في البداية مكافأة أفضل لاعب يلعب في المنافسات الأوروبية ويحمل جنسية بلد أوروبي. ثم تغير الهدف بين عامي 1995 و2006 وصارت تمنح لأفضل لاعب في المنافسات الأوروبية حتى لو لم يكن أوروبياً. واعتباراً من 2007 صارت تكافئ أفضل لاعب كرة قدم في العالم، دون تمييز بين المنافسات والجنسيات. وبعد أن كانت في فترة من الفترات تمنح بالشراكة بين فرنسا والاتحاد الدولي لكرة القدم، تم فض الشراكة عام 2016 وصارت تمنح وفق لجنة تحكيم عالمية مؤلفة من صحافيين رياضيين. ومنذ الموسم الحالي صار الإعلان عنها يجري في آخر الموسم الرياضي وليس في آخر السنة.
إلى جانب تمثال «الأوسكار» وسعفة مهرجان كان السينمائي وكأس «المونديال»، تعتبر هذه التحفة من أجمل الجوائز في العالم. وهي تصنع، أو بالأحرى تصاغ، لدى الصائغ الفرنسي ميليريو الذي يتخذ من الرقم 9 في جادة السلام مقراً له. وطبعاً فإن صناعتها تحاط بالسرية الكاملة، بحيث لا يتسرب اسم الفائز بها قبل حفل التوزيع. ولعل لور إيزابيل ميليريو، مديرة الدار، هي من القلائل الذين يعرفون السر قبل إعلانه لأنها مكلفة بنقش اسم الفائز على قاعدة الكرة ذات اللون البراق والتي تزن 15 كيلوغراماً. إن لور إيزابيل هي سليلة 15 جيلاً من الصاغة الذين تعاقبوا على العمل في الدار العريقة منذ تأسيسها في القرن السادس عشر. وهي دار تستحوذ على صناعة الجوائز الرياضية في مسابقات عدة، مثل صحن «رولان غاروس» لكرة المضرب وكؤوس مسابقات الخيل في باريس وهونغ كونغ ولوس أنجليس.
يجري التحضير لصناعة الكرة قبل ستة أشهر من منحها. وتمر العملية بسبع مراحل، من التشكيل حتى اللحام والتجميع والصنفرة والنقش والتذهيب والتثبيت على القاعدة المصنوعة من حجر البيريت النادر المستورد من الولايات المتحدة. وهو حجر لامع يوصف بأنه يقي من الشرور. إن شكل الكرة لا يتغير، لكن القاعدة تتغير حسب تقطيع أحجارها. لهذا فإن كل جائزة تختلف عن الأخرى في تفاصيل صغيرة. ثم توضع في مقدمة القاعدة رقعة باسم الفائز وسنة الفوز وشعار «فرانس فوتبول». إنها تحتاج مهارة كبيرة، لا سيما في تركيب 32 مخمساً في هيكلها، وهي عملية تستغرق 100 ساعة من الشغل اليدوي والآلي. وخلال كل تلك المراحل ينكب الصناع المهرة على عملهم بشغف يشبه كبار الطهاة الذين يطبخون طبقاً عالي المذاق. ولعل أجمل المراحل هي النهائية التي تتمثل في غطس الكرة في حوض من الذهب. وبهذا فإنها مطلية بالمعدن الثمين وليست منه بالكامل. لذلك فإن ثمنها الحقيقي لا يتجاوز 13 ألف يورو، مبلغ تافه بالقياس لما يكسبه نجوم الكرة الذين يحلمون بامتلاكها. وجرت العادة أن تحفظ الكرة في خزانة مصفحة بعد الانتهاء من صناعتها وتغلف بغطاء، بحيث لا يلمسها أحد قبل الفائز بها. إن تصميمها لم يتغير سوى مرة واحدة منذ أن منحها للمرة الأولى عام 1956 لستانلي ماثيو، اللاعب الإنجليزي اللامع. ففي البداية تم نقش الكأس بخطين صغيرين على كل رقعة سداسية من الكرة. لكن شركة «أديداس» سعت في عام 2003 لمقاضاة مجلة «فرانس فوتبول» بتهمة التقليد والانتحال. واضطرت المجلة إلى إعادة تصميم الكأس من دون تلك الخطوط الصغيرة.
منذ أربع سنوات صارت هناك كرة ذهبية إضافية للنساء من لاعبات كرة القدم. أما بين الرجال فإن الأرجنتيني ليونيل ميسي هو ملك الكرة الذهبية بعد أن جمع منها سبعاً منذ تأسيسها. وفي 1995 منحت إلى مواطنه دييغو مارادونا وبعده في 2014 إلى البرازيلي بيليه على سبيل التكريم الذي فاتهما خلال مسيرتيهما الرياضية.
من يصنع «الكرة الذهبية» في باريس؟
من يصنع «الكرة الذهبية» في باريس؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة