الرواية اليمنية... سرد متنوع وانتعاش للكتابة النسائية

الناقدة سهير رشاد السمان تكتب عن أجوائها وتقنياتها

الرواية اليمنية... سرد متنوع وانتعاش للكتابة النسائية
TT

الرواية اليمنية... سرد متنوع وانتعاش للكتابة النسائية

الرواية اليمنية... سرد متنوع وانتعاش للكتابة النسائية

تسعى الأديبة والناقدة اليمنية سهير رشاد السمان في كتابها «الرواية اليمنية في الألفية الثالثة... التقنيات السردية ورؤية العالم» الصادر حديثاً عن دار النابغة المصرية إلى دراسة التحولات الفنية للرواية اليمنية الجديدة التي تنتمي إلى الألفية الثالثة وما شهدته من تطور على المستويين الكمّي والنوعي، إضافة إلى تقنياتها السردية وأساليبها التي اتخذت تشكيلات مختلفة في بنائها الفني تكشف عن رؤية كُتّابها، وتشاركها في واقعية قضايا الإرهاب، والغربة، والثورة، والحكم والسياسة، فضلاً عن القضايا الإشكالية التي أنتجت ذلك، بما فيه من مخزون ثقافي واجتماعي وديني سائد.
اعتمدت الناقدة على عدد من الدراسات النقدية العربية والمترجمة، وكان أهمها «خطاب الحكاية» لجيرار جينيت، ما أتاح لها وهي تدرس الإيقاع الزمني في رواية «أغيلاس» للأديب عبد الرحمن منصور، منهجيةً علميةً لتحليل بنيتها الزمنية وما تحفل به من استرجاع وحذف وتواتر ووقفات وصفية.
وفي الفصل الثاني «الراوي وانفصام الذات في «تراي تشيزفرونيا» للكاتب جمال الشعري، تناولت السمان تقنية الراوي التي استخدمها لتحقق مستوى دلالياً عميقاً، يبرز ما تحمله الرواية من قضايا شائكة، تتشكل خلال انفصال الذات لـ3 رؤى سردية، تسهم في إبراز الجانب السيكولوجي لمجتمع يعاني من الانفصام.
وتلقي تفاعلات الأحداث في «تراي تشيزفرونيا» الضوء على أزمة الذات وتشظيها في ظل واقع الحرب، ويتوقف الكاتب على مشاهد حقيقية ومتخيلة لآثارها في اليمن، ورغم أنها مشاهد قليلة فإنها تبدو مختزلة لما يحدث، وينأى المتخيل الروائي عن تسريد وقائعه؛ لأنه أكثر جنوناً وسريالية من المتخيل نفسه؛ حيث تسبق فيها المشاهد الواقعية المعيشة حدود عبقرية التخييل في جذبها إلى داخل المتون الروائية؛ ولأنه لا يمكن أن يقال كل ما يجب قوله عن آثام الحرب وبشاعتها، من هنا لجأ الكاتب إلى اجتزاء تفاصيل صغرى دالة إلى داخل الرواية، استطاع من خلالها تعميق الإحساس بمأساوية الواقع، وتخيل جنونه وآثاره العبثية.

بين الرؤية والتشكيل

في الفصل الثالث «الفضاء في الرواية اليمنية» قامت السمان بدراسة روايتي «نصف إرادة» للكاتب هشام المعلم، و«حصن الزيدي» للكاتب محمد الغربي عمران، واعتمدت في تحليل الفضاء على شعرية المكان وسيميائيته.
كما تحدثت عن الأماكن والفضاءات في الروايتين، ورأت أنها تكاد لا تخرج من حيث الوظيفة والدلالة عن مفردات «الداخل، والخارج»، و«أماكن الإقامة والتنقل»، و«القرية والمدينة»، التي تتفرع منها ثنائيات وتقاطعات فرعية أخرى.
وخصصت الفصل الرابع «الرواية اليمنية بين الرؤية والتشكيل» للحديث عن رؤية فنية تشكلت من خلال البناء السردي للواقع الاجتماعي وخلفياته الثقافية والسياسية، وربطت بين البنية الروائية بشكلها التقني والبيئة الثقافية التي تتصل بالعملية الإبداعية، لتفسر كيف استطاع الشكل الفني البنائي للروايات اليمنية أن ينتج الرؤية الخاصة بالمؤلف تجاه الواقع، التي تكاد تعتمد على ثيمة واحدة هي التعثر التاريخي للبلاد، واصطدام الشخصيات بواقع لا يزال يتخبط بمرجعياته المتعددة، كالعادات والتقاليد والبنية الاجتماعية هناك، الذي يتعرض للخلخلة أثناء تصاعد الأحداث والحوار بين الشخصيات، وقد ظهر هذا واضحاً في رواية «أغيلاس» التي تشتغل على موضوع الإرهاب، وتبرز الخلفيات الثقافية والاجتماعية والسياسية للمجتمع، وتظهر الإنسان اليمني قلقلاً تجاه كل تغيير، يدور في حلقة مغلقة، وفضاء لا مركزية له.

المرأة والمهمشون

ذكرت السمان أن الرواية اليمنية تطرقت لوضع المرأة، والمهمشين، والأقليات، وخاض كثير منها في التابوهات، مثل «علي المقري» وروايته «حرمة»، ووجدي الأهدل في «قوارب جبلية»، ونبيلة الزبير في «زوج حذاء لعائشة». وهذه المؤشرات تندرج ضمن التطور والتحول في الفن الروائي، والوعي بالكتابة القصصية، وتقنياتها الحديثة.
واهتم كتاب الألفية الثالثة، حسب السمان، بجماليات الموضوع وأسلوب الكتابة، والتقنيات الحديثة؛ لإخراج فن روائي جديد، وجاءت الكتابة الروائية في زمن الحرب استجابة مباشرة لرفض دمويتها وآثارها، لتمثل السلاح الإبداعي المقاوم للموت والتغييب والغربة والتشرد، وذلك من خلال التنوع في تشكيلاتها السردية.
وانطلقت في دراستها من السرديات البنيوية، التي تهتم بتحليل تراكيب القصة والعلاقات الداخلية لها وأساليب بنائها، وقامت بدراسة الجانب التقني ومكونات الحكي، من أجل كشف أسرار النظام الداخلي للأعمال السردية، ومكوناتها «الزمن، والراوي، والفضاء الداخلي».
وقسمت السمان السرد الروائي اليمني في الألفية الثالثة إلى فترتين، بدأت الأولى مطلع الألفية الثالثة، وامتدت إلى ما قبل أحداث الربيع العربي في 2011. أما الثانية فتشكلت فيما بعد أحداثه، وتتصدر قائمة روايات مطلع الألفية: «الملكة المغدورة»، و«دملان»، و«عرق الآلهة»، و«طائر الخراب»، لحبيب عبد الرب سرويو و«إنه جسدي» لنبيلة الزبير، و«طعم أسود رائحة سوداء»، و«اليهودي الحالي»، و«حرمة» لعلي المقري، الذي رأته السمان يمثل حالة ثريّة يمكن الارتكاز عليها من خلال سرد التفاصيل المختلفة وغير المرئيّة في المجتمع، بهدف كشف مشكلات الذات المغايرة في الهوية والجندر والطبقية.

الانتماء والهويّة

تظهر فكرة الانتماء والهويّة واضحة في رواية «أنف واحدة لوطنين» لسامي الشاطبي، التي تطرح موضوعاً شائكاً تعاني منه فئة المولدين، وهي الفئة التي تختلط دماؤها بين اليمني والإثيوبي. وهنا تنحو روايات الألفية الثالثة منحًى جديداً في مواضيع سردها، استطاعت خلاله أن تتحرر من قيود التابوهات المفروضة على واقع الكتابة، وكان من ضمن الكتّاب الذين توغلوا في هذه المنطقة وجدي الأهدل في أعماله «قوارب جبلية»، و«بلاد بلا سماء»، و«فيلسوف الكرنيتة»، و«حمار بين الأغاني»، و«الغرب يعمر أنفي».
وهناك أعمال تندرج في سياق تطور الوعي بالكتابة الروائية النسائية في اتصالها بواقع المرأة ومشكلاتها الخاصة، مثل «حب ليس إلا» و«عقيلات» لنادية الكوكباني، و«امرأة ولكن» للمياء الإرياني، و«زوج حذاء لعائشة» لنبيلة الزبير، و«تابوت امرأة» لسيرين حسن، ومن بين أسئلة الرواية الكبرى كانت مآلات ثورة التغيير في اليمن، وتناولتها نادية الكوكباني في «سوق علي محسن»، ورصدت خلال أحداثها يوميات الثورة الشبابية وتفاصيلها من خلال عينيْ طفلين من المهمشين، تتداخل أحلامهما الصغيرة بأحلام الشباب الثائر في ساحة التغيير. وتعتبر الرواية اختزالاً سوسيولوجياً للثورة وتحولاتها بعد انضمام الأحزاب والكيانات السياسية والقبلية والعسكرية الانتهازية.
وفي رواية «ثورة مهيوب» تميل الأديبة لمياء الإرياني إلى تركيز السرد، من خلال شخصية «مهيوب» الذي يعيش فوق رصيف بناية، نائماً داخلَ كيس يرقب من خلال رصيفه التغييرات والتحولات التي تمر بها المدينة وطبقاتها، وحين يقرر اللحاق بالثورة يرى ضابطاً تخصّص في نهب الأراضي والممتلكات يلتحق بالثورة، فيقرر العودة إلى رصيفه، وكيسه الذي يشكل ترميزاً لغطاء من العزلة، التي سيطرت على الواقع عقب فشل الثورة.

سرد برائحة البارود

أنتجت الفترة الثانية من الألفية الثالثة التي حددتها السمان «بما بعد أحداث 2011» ودخول اليمن معترك الحرب أعمالاً ظهر السرد خلالها ممزوجاً بأصوات القذائف وروائح الدم، وساعياً لكشف أوجه المحنة والأسباب التي أدت إليها، وإثارة مجموعة من التساؤلات عن التهاب الواقع ونتاجه السلبي، وقد تناول بعض الكتّاب بجرأة خلفيات هذا الانفجار، على الصعيد السياسي والاجتماعي والثقافي، ولجأ آخرون إلى تناولها بحذر، مستعينين بخطاب استعاري أكثر مرونة في التفسير، مثل رواية «نزهة عائلية» لبسام شمس الدين، التي تناولت فكرة انتهاك الأعراف، وسيطرة العراك القبليّ، كما في رواية الغربي عمران «حصن الزيدي».
وفي رواية «حفيد سندباد» لحبيب سروري، يجد الراوي القادم من فرنسا نفسه أثناء إجازته في عدن الجنوبية في ورطة الحرب المشتعلة بين جيش نظامي تسانده ميليشيات دينية شمالية، وبين شباب مدينة عدن المقاوم الذي لا يمتلك غير البنادق البسيطة. وتصف الرواية صورة الحرب الدموية بأسلوب لا يخْلو من السخرية. أما رواية «أرض المؤامرات السعيدة» لوجدي الأهدل، فتضع سؤالاً كبيراً حول قضية الفساد، وتكشف عن بنْية كامنة في تفاصيل المجتمع الذي تسوده منظومة علاقات اجتماعية وسياسية سلبية.
ويقدم وليد دماج في روايته «أبو صهيب العزي» ظاهرة الإرهاب والتطرف الديني، مستخدماً تقنية التراوح السردي بين الحاضر والماضي، مستعيناً برؤية تحليلية لا تفصل بين ما هو سياسي واجتماعي واقتصادي وثقافي في تنامي الظاهرة الإرهابية، ولا تستبعد دور المجتمع الإقليمي والدولي في تفشيها، ويخضعها للمحاكمة والمساءلة.
ومن بين الأعمال الحديثة التي خاضت في أوجاع الحاضر، تبرز رواية «بلاد القائد» لعلي المقري، و«فاكهة للغربان» لأحمد زين، ففي الأولى باستخدام لغة سردية تعتمد المفارقة والسخرية والتهكم يسعى المقري إلى اكتشاف عالم الديكتاتور الطاغية وجنونه، وتفاصيل محيطه الخاص، وقصة سقوطه التراجيدي، وانفراط عقد نظامه وحاشيته، في حبكة سردية تجعل القارئ يستمتع بلذة الاكتشاف.
وينفتح السرد في رواية «فاكهة للغربان» لأحمد زين على حقبة بالغة الحساسية من تاريخ الجنوب، حين كانت مدينة عدن تستقطب الشيوعيين والحركات اليسارية العربية، في السبعينات ومنتصف الثمانينات، وهي حقبة مفخّخة بالصراعات والمؤامرات والدسائس، انتزعت فيها المدينة من الفضاء الكوزموبوليتاني قبل الاستقلال، إلى مدينة أخرى لم تنجح في العبور إلى اليوتوبيا الاشتراكية.


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

عصام عمر: «السيد رامبو» يراهن على المتعة والمستوى الفني

عصام عمر خلال العرض الخاص للفيلم (حسابه على فيسبوك)
عصام عمر خلال العرض الخاص للفيلم (حسابه على فيسبوك)
TT

عصام عمر: «السيد رامبو» يراهن على المتعة والمستوى الفني

عصام عمر خلال العرض الخاص للفيلم (حسابه على فيسبوك)
عصام عمر خلال العرض الخاص للفيلم (حسابه على فيسبوك)

قال الفنان المصري عصام عمر إن فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» يجمع بين المتعة والفن ويعبر عن الناس، وإن الاستقبال الذي حظي به في المهرجانات السينمائية مهد طريقه إلى الجمهور مع بدء عرضه في دور السينما بمصر والدول العربية.

وأكد الفنان الشاب في حواره مع «الشرق الأوسط» أن علاقته بالكلب «رامبو» مرت بمراحل عدة وأنه ظل يتدرب معه طوال 4 أشهر حتى أصبحا صديقين، مشيداً في الوقت نفسه بالعمل مع المخرج خالد منصور الذي أدار العمل بحرفية، ولفت إلى أنه يحب العمل مع مخرجين في تجاربهم الأولى؛ حيث يكون لديهم الشغف والرغبة في تحقيق الذات.

ويعد فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» أولى بطولات عصام عمر السينمائية، بعدما بدأ مشواره في المسرح ممثلاً ومخرجاً، كما شارك في مسلسلات تلفزيونية عدة، من بينها «في بيتنا روبوت»، و«الآنسة فرح»، و«منورة بأهلها»، غير أن الجمهور تعرف عليه بشكل أكبر من خلال مسلسل «بالطو»، الذي أدى فيه دور طبيب حديث التخرج يواجه ظروفاً صعبة أثناء انتدابه للعمل بإحدى القرى، وهو العمل الذي كشف عن حضوره وموهبته، وفق نقاد.

الفنان عصام عمر خلال مشاركته ضمن فعاليات مهرجان البحر الأحمر (حسابه على فيسبوك)

ويصف الفنان المصري لحظة تلقي سيناريو الفيلم بـ«الفارقة»، وأضاف: «أحببت الفيلم لأنني أميل لهذه الأدوار التي تروي حكايات الناس، وفي السينما عندنا يقومون بتصنيف الأفلام يقولون إن بعضها (أرت هاوس)؛ أي تعني أفلاماً فنية لا تحقق إيرادات، وهناك أفلام تجارية تحقق إيرادات، وكأن الأموال هي معيار كل شيء، لكنني حين قرأت سيناريو الفيلم شعرت بأنه حقق كل شيء على مستوى الكتابة الجيدة ورسم الشخصيات، فهو عمل يمزج بين المتعة وجودة المستوى الفني والقصة الشيقة».

الرحلة التي قطعها الفيلم بين المهرجانات الكبرى كان عصام عمر شاهداً عليها، ومع بداية عرضه الافتتاحي في مهرجان «فينسيا السينمائي» الـ81 أعاد العمل السينما المصرية إلى هذا المهرجان العريق بعد غياب، إضافة إلى أنه حظي باستقبال لافت في العروض الثلاثة له، وفي عرضه العربي الأول بمهرجان البحر الأحمر السينمائي خلال دورته الرابعة حيث حاز الفيلم دعماً من المهرجان، وشارك بمسابقة الأفلام الطويلة، ليتوج بجائزة لجنة التحكيم الخاصة.

الفنان المصري عصام عمر بطل فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» (حسابه على فيسبوك)

وفي مهرجان قرطاج شهدت عروض الفيلم حضوراً مميزاً من الجمهور، حيث يقول عصام: «كنا سعداء بكل ما تحقق للفيلم من نجاح أمام الجمهور العربي والأجنبي الذي أحبه وأشاد به، والآن نتطلع ليحقق نجاحاً مماثلاً أثناء عرضه في دور السينما بمصر والدول العربية، وأنا واثق بأن هذه المهرجانات ستمهد طريقه للجمهور في كل مكان».

ويرى عمر أنه «ليس مطلوباً من الأفلام أن تقدم رسائل طول الوقت، وسواء كان العمل دراما اجتماعية أو كوميدية أو أي نوع آخر، فلا بد أن يشعر المشاهد بشيء، وهذا ما حدث معي وأنا أقرأه، وحتى بعدما شاهدته شعرت بإحساس أتمنى أن يشعر به الجمهور».

وفي مشاهد الفيلم يشعر المشاهد بأن هناك علاقة وطيدة بين عصام و«الكلب رامبو» حتى تصور البعض أنه كلبه الخاص، لكن الحقيقة غير ذلك، إذ مرت علاقتهما بمراحل عدة خلال التصوير، يقول عنها عصام: «لم تكن عندي مشكلة في التعامل مع (رامبو)، لكننا احتجنا في البداية للتدرب على المشاهد التي تجمعنا، وهي كثيرة، وبعد أن اشتغلت معه لأشهر أصبحنا صديقين، ثم جاء المدربون وقالوا (لا بد أن تبتعد عنه قليلاً لأنه بدأ يسمع كلامك أكثر منا)، وبالتالي لن يستطيعوا توجيهه في التصوير، فابتعدت عنه لفترة ثم عدنا مرة أخرى، وأنا لا أنكر أنها كانت تجربة صعبة، لكنني لا أحب الاستسهال، وأُدرك أن كل شيء مميز في الفن والحياة ينطوي على قدر من الصعوبة».

ملصق الفيلم (الشركة المنتجة)

ومثلما هي أول بطولة سينمائية لعصام عمر فإنه أيضاً أول فيلم طويل للمخرج خالد منصور، الذي يقول عنه عصام: «من اللحظة الأولى التي التقيت فيها خالد عرفت أنه مخرج واعٍ يعرف ما يريده، إضافة إلى أنه يعشق عمله ويخلص له، كما أحببت جداً التعاون معه، ورغم أنني لم أكن أول ممثل يرشح لبطولة العمل، لكنني حمدت الله أنه وصل إليّ في النهاية، وقد سعدت بعملي مع فريق الفيلم ومع خالد منصور، الذي أعتبره إنساناً رائعاً قبل أن يكون مخرجاً موهوباً».

وينفي عمر تردده في العمل مع مخرجين جدد، قائلاً: «لم أخض تجارب سينمائية سابقة تجعلني أقول إنني أحب العمل مع مخرج بعينه، كما أنني لست ممثلاً كبيراً حتى يقال إنني أُخاطر بالعمل مع مخرج جديد، والأهم أنني أحب العمل مع مخرجين يقدمون أعمالهم الطويلة للمرة الأولى؛ لأن لديهم شغفاً أكبر ورغبة قوية في تحقيق الذات».

عصام عمر خلال العرض الخاص للفيلم (حسابه على فيسبوك)

بعد «رامبو» أحب عصام عمر السينما وبدأ يركز عليها، وعن ذلك يقول: «أتمنى أن أقدم أفلاماً كثيرة، وأن يكون لي سجل حافل بأعمال جيدة يحبها الناس، ولست مستعجلاً في ذلك، فأنا أحرص على اختيار أعمال تناسبني وتتوافق مع رغبتي في تقديم أدوار فنية تلامس ذائقة الجمهور، وسيعرض لي في عيد الفطر القادم فيلم (سيكو سيكو) من إخراج عمر المهندس مع خالد الصاوي، وطه الدسوقي، وتارا عماد، وديانا هشام، كما أقوم بتصوير فيلم (فرقة الموت) مع أحمد عز ومنة شلبي وآسر ياسين، وإخراج أحمد علاء الديب».

وفي ختام حديثه، كشف عصام أنه يصور حالياً مسلسلاً جديداً ينافس به في موسم رمضان المقبل بعنوان «نص الشعب اسمه محمد» وهو عمل «لايت كوميدي» كتبه محمد رجاء، ومن إخراج عبد العزيز النجار، ويشاركه في البطولة رانيا يوسف، ومايان السيد، ومحمد محمود، ومحمد عبد العظيم.