«الهيف» و«الكيف»... قصة ترحاب برائحة القهوة السعودية

متسابقون في إحدى جولات «درب الفنجال» يعدون القهوة السعودية (تصوير: محمد المانع)
متسابقون في إحدى جولات «درب الفنجال» يعدون القهوة السعودية (تصوير: محمد المانع)
TT

«الهيف» و«الكيف»... قصة ترحاب برائحة القهوة السعودية

متسابقون في إحدى جولات «درب الفنجال» يعدون القهوة السعودية (تصوير: محمد المانع)
متسابقون في إحدى جولات «درب الفنجال» يعدون القهوة السعودية (تصوير: محمد المانع)

برائحة البخور والقهوة السعودية المُعطرة بالهيل، تبدأ مراسم الترحيب والاحتفاء الرسمية وغير الرسمية بالضيف في السعودية، ونظراً لأن للقهوة النصيب الأكبر في القيم الموروثة للمجتمع السعودي، وأنها جزء من ملامح الثقافة السعودية التي لا تتجزأ عن الحاضر، ولا تُمحى من الماضي، بات تقديم فنجال القهوة السعودية من التشريفات والمراسم السعودية.
وبين «الهيف» و«الضيف» و«الكيف» و«السيف»، تتنوع دلالات شرب القهوة السعودية في الفناجيل، ورمزية معانيها، ومعها تنوعت أيضاً أقسام مهرجان القهوة السعودية، الذي أقيم أخيراً بمركز «سوبر دوم» في مدينة جدة؛ حيث اختارت وزارة الثقافة والهيئة السعودية لفنون الطهي، أسماء «الضيف» و«الكيف» و«السيف» و«درب الفنجال»، لتسمية مناطق المهرجان، لتأخذ الزائر في رحلة ثقافية تعكس أهمية القهوة السعودية والدلالات المرتبطة بها.


مشاركة في المسابقة تقدم القهوة للجنة التحكيم (تصوير: محمد المانع)

وفي مضايف السعودية يأتي فنجال «الهيف» متصدراً تراتبية الفناجيل، وهو الفنجال الذي يبدأ المُضيف بشربه ليتأكد من مذاقها، ويُطمئن الضيف أن القهوة غير مسمومة، ثم يقدم فنجال «الضيف»، وهو الفنجال الأول، ويكون الضيف مجبراً على شربه، إلا إذا كان هناك عداوة أو طلب من صاحب المكان، يليه فنجال «الكيف»، وهو الثاني الذي يقدم للضيف، وله حرية اختيار شربه، ثم يأتي الفنجال الثالث «السيف»، وهو الأقوى دلالة؛ لأنه بمجرد شربه يعني أن الضيف يقف مع المُضيف في السراء والضراء.


مشارك يقدم القهوة السعودية من المنطقة الشرقية (تصوير: محمد المانع)

تنوع المذاق
وعن تنوع طرق إعداد وتقديم القهوة السعودية في مناطق المملكة، يقول لـ«الشرق الأوسط»، عبد العزيز البريك، رئيس فريق الضيافة السعودية (القهوة السعودية): «تختلف القهوة السعودية في مناطق المملكة الخمس بحسب الإضافات (المطيبات)، وأيضاً وفق درجة تحميص البن»، مبيناً أن كل منطقة تشتهر قهوتها السعودية حسب المطيبات التي تشتهر بها وتذوّق أهل المنطقة لها.
وعن لون القهوة السعودية من الفاتح إلى الغامق في مناطق المملكة، بيّن البريك أن القهوة السعودية في جنوب المملكة تتميز بلونها الأشقر الفاتح، وبالصعود لشمال المملكة يزداد تحميص البن الخولاني أكثر فأكثر، الذي يجعل من لون القهوة السعودية أكثر ميلاناً للسمرة، فيما تتراوح درجة لون التحميص في المناطق الغربية والوسطى بين الذهبي والذهبي الغامق، أما في المنطقة الشرقية فيمزج البن الفاتح والغامق معاً، ليصبح لون القهوة أقل سمرةً من القهوة الجنوبية.


مشارك يقدم القهوة من المنطقة الغربية  (تصوير: محمد المانع)

وبحسب البريك، تتميز القهوة في المنطقة الجنوبية بإضافة النينخة والزنجبيل والشمر والقرفة، فيما تكون قهوة المنطقة الوسطى باهرة بالهيل والزعفران والقرنفل، أما القهوة السعودية في المنطقة الشمالية فتعتمد فقط على إضافة الهيل، في حين تشتهر قهوة المنطقة الغربية بوجود الهيل والزعفران والمستكة التي يفضل البعض إضافتها للقهوة السعودية، والبعض الآخر يفضل تبخير الدلة والفناجيل بها، أما المنطقة الشرقية فتتميز القهوة السعودية فيها بإضافة الهيل والزعفران فقط.

«إتيكيت» تقديم القهوة السعودية
لتقديم القهوة السعودية قواعد وأصول، ورغم اختلاف العادات حسب أعراف وتقاليد كل قبيلة ومنطقة، فإن المتفق عليه كالتالي: بعد أن يجد الضيف مكاناً مناسباً لجلوسه، يقدم المُضيف، ويكون إما صاحب البيت أو ابنه أو أحد المقربين من العائلة، القهوة السعودية له، ولا يقوم بصبها الكبير ما دام هناك الأصغر منه، ويمسك الدلة باليد اليسرى والفناجيل باليمنى (عددها لا يزيد على 4).
وقبل أن تدار القهوة على الضيوف، فعلى المُضيف أن يشرب الفنجال الأول، وهو ما يسمى فنجال «الهيف»، وهي عادة قديمة عُرفت ليطمئن المُضيف ضيوفه بخلوها من أي مواد سامة، ويتأكد من جودتها، وبعد ذلك يتقدم المُضيف لصب القهوة، مع الحرص على ترك مسافة تقدر بثلاث خطوات بينهما، وعند تقديم الفنجال تُترك مسافة خطوتين، ولا بد من انحناء الظهر للأمام ومد اليد وإرخائها إلى الأسفل حتى تصل يد الجالس.
ويتم رفع دلة القهوة قليلاً قبل صب القهوة في الفنجال، مع مراعاة عدم ملء الفنجال بشكل كامل، ويسمى بـ«صب الحشمة»، وأول من تُصب لهم القهوة هم كبار السن، أو الضيوف الذين عادة ما يجلسون في صدر المجلس، ومنهم من يبدأ باليمين إذا كانوا الضيوف من الأصدقاء أو العائلة.
وتُقدم القهوة السعودية مع التمر، والبعض يقدم معها أنواعاً من الحلويات مقطعة بحجم صغير، وذلك لتحقق التوازن في المذاق، لكونها ذات طعم مُرّ، وعند اكتفاء الضيف من القهوة يقوم بهز الفنجال، أو يغطي بيده على الفنجال، إذا كان على الطاولة.

«درب الفنجال»
وقد أنهت وزارة الثقافة مسابقة «درب الفنجال» بمدينة جدة والرياض، في ختام أعمال مهرجان القهوة الذي أقيم على مدار ثلاثة أيام في كل مدينة، فيما يستعد المتسابقون في مدينة الظهران لخوض الجولات التنافسية في أثناء فعاليات مهرجان القهوة السعودية التي ستقام في الفترة ما بين 13 - 15 أكتوبر (تشرين الأول)، لتحضير القهوة السعودية تحت إشراف وتحكيم لجنة من المختصين في القهوة السعودية.
وتهدف مسابقة «درب الفنجال» إلى تعزيز وترسيخ القيم المجتمعية المرتبطة بالقهوة السعودية وموروثها التي تهدف للتعريف بطرق إعداد القهوة السعودية، وتأهيل الكفاءات المتخصصة في تحضيرها، وتعزيز دور ومهنة خبير القهوة، وذلك بمجموع جوائز يبلغ 100 ألف ريال، بالإضافة إلى دعم لوجيستي للفائز بالمركز الأول.

وتأتي المسابقة ضمن فعاليات مهرجان القهوة السعودية المقام في ثلاث مدن، هي الرياض وجدة والظهران، وسينتقل الفائزون إلى المرحلة النهائية التي ستقام في جازان في منتصف شهر نوفمبر (تشرين الثاني) القادم؛ حيث سيتم اختيار ثلاثة فائزين، يحصل الأول منهم على مبلغ 60 ألف ريال، واعتماد خلطته الخاصة للقهوة السعودية في بعض المقاهي، أما الثاني فسيحصل على مبلغ 30 ألف ريال، والثالث على 10 آلاف ريال.


مقالات ذات صلة

كيف تؤثر القهوة في أمعائك؟

صحتك شرب القهوة يزيد من تنوع ميكروبيوم الأمعاء (إ.ب.أ)

كيف تؤثر القهوة في أمعائك؟

كشفت دراسة جديدة عن أن شرب القهوة يزيد من تنوع ميكروبيوم الأمعاء ويعزز نمو البكتيريا المفيد بها، الأمر الذي يؤثر بالإيجاب في صحتنا ككل.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك القهوة غنية بمضادات الأكسدة (أ.ف.ب)

فوائد تناول البروتين مع القهوة في الصباح

يمكن للقهوة والبروتين تعزيز صحتك بطرق متنوعة، فالقهوة غنية بمضادات الأكسدة ويمكن أن تساعد في مقاومة الإجهاد التأكسدي، الذي يرتبط بالإصابة بالأمراض المزمنة.

صحتك لا يقتصر حب القهوة على تناول فنجان أو اثنين في اليوم... فمنهم مَن يشرب 50 منها (رويترز)

ماذا يحدث لجسمك عند تناول رشفة من الكافيين؟

يرصد التقرير كيف يؤثر الكافيين علينا ويسبب تغيراً بيولوجياً في أجسامنا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد نائب أمير منطقة جازان يدشن المركز وإلى جانبه نائب الرئيس للشؤون العامة في «أرامكو» خالد الزامل (أرامكو)

«أرامكو» تدشّن مركز تطوير البن السعودي في منطقة جازان

دشّنت «أرامكو السعودية» مركز تطوير البن السعودي في جازان ضمن مبادرات المواطنة التي تقدمها لدعم زراعة وإنتاج البن في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (الظهران)
يوميات الشرق لا يقتصر حب القهوة على تناول فنجان أو اثنين في اليوم... فمنهم مَن يشرب 50 منها (رويترز)

ومن البُنِّ ما قتل... مشاهير أدمنوا القهوة فشربوا 50 فنجاناً في اليوم

وصل هَوَس الكاتب هونوري ده بالزاك بالقهوة حدّ تناول 50 فنجاناً منها يومياً، أما بريتني سبيرز فتشربها بالـ«غالونات». ما سر هذا المشروب الذي أدمنه المشاهير؟

كريستين حبيب (بيروت)

رئيس البرلمان العراقي: المنطقة قريبة من «نكبة ثانية»

الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد متحدثاً أمام منتدى السلام في دهوك (شبكة روداو)
الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد متحدثاً أمام منتدى السلام في دهوك (شبكة روداو)
TT

رئيس البرلمان العراقي: المنطقة قريبة من «نكبة ثانية»

الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد متحدثاً أمام منتدى السلام في دهوك (شبكة روداو)
الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد متحدثاً أمام منتدى السلام في دهوك (شبكة روداو)

قدم مسؤولون عراقيون تصورات متشائمة عن مصير الحرب في منطقة الشرق الأوسط، لكنهم أكدوا أن الحكومة في بغداد لا تزال تشدد على دعمها لإحلال الأمن والسلم الدائمين.

وقال رئيس البرلمان، محمود المشهداني، في كلمة خلال «منتدى الجامعة الأميركية» بدهوك (شمال)، الجمعة، إن التحديات التي تواجه العراق بعد السابع من أكتوبر تغيّرت تماماً عما كانت عليه سابقاً.

وأشار المشهداني إلى أن «ما يحدث اليوم في منطقة الشرق الأوسط يمكن أن أسميه باجتهادي السياسي المجال الحيوي للنكبة الثانية».

وأكد المشهداني أن «الصراعات مست الجميع قبل وبعد السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وأن عقود السلام الهش القديم والسلام الجديد تناثرت برؤى (دونالد) ترمب في ولايته الأولى و(جو) بايدن في ولايته، وبانتظار ولاية ترمب الثانية».

ورأى رئيس البرلمان العراقي أن «التحديات في الشرق الأوسط يمكن إيجازها في محددات فشل النظام الدولي العالمي، فهو نظام هلامي».

وقال المشهداني: «أنا متشائم من إدارة أزمات التحديات التي تواجه الشرق الأوسط من حربي غزة ولبنان، إلى حروب سوريا المتعددة، إلى صراع أميركا وإسرائيل مع إيران، إلى البطالة والمناخ وتذبذب أسعار النفط، وصولاً لمنظومة السياسة الشرق أوسطية».

رئيس البرلمان العراقي خلال منتدى السلام في دهوك (إكس)

إبعاد العراق عن الحرب

من جانبه، أكد الرئيس العراقي، عبد اللطيف رشيد، أن العراق سيقوم بدوره من أجل السلام في الشرق الأوسط، معرباً عن دعمه «الكامل» لأي جهود تهدف إلى تحقيق «حل سلمي للقضية الكردية» داخل تركيا.

وفي كلمته في «منتدى دهوك»، قال رشيد إن العراق والمنطقة «يمران بوضع يتطلب من جميع الأطراف مراقبة الوضع بدقة وإيجاد الحلول المناسبة للقضايا والمشكلات وإحلال السلام والأمن الدائمين»، كما حثَّ دول العالم، خصوصاً الكبرى، على بذل «جهود جادة لحل هذه القضايا وإنهاء الحروب».

بدوره، دعا رئيس «الحزب الديمقراطي الكردستاني» مسعود بارزاني إلى «إبعاد العراق عن الحرب»، وقال إن «الأزمات في المنطقة ومشاهد الحرب التي نراها في لبنان وغزة مؤسفة، ونتمنى أن تنتهي هذه المأساة».

وأضاف بارزاني: «كلنا نترقب أن يتغير الوضع بعد اختيار الرئيس الجديد عقب الانتخابات الأميركية، وكل التوقعات تشير إلى أن إدارة الرئيس الجديد ترمب ستكون مختلفة عن سياسة الرئيس بايدن».

رئيس «الحزب الديمقراطي الكردستاني» مسعود بارزاني خلال منتدى السلام في دهوك (إكس)

«إسرائيل لتوسيع الحرب»

أكد فادي الشمري، المستشار السياسي لرئيس الوزراء، رفض بغداد أن تكون «جزءاً من أي أجندة لزعزعة الاستقرار»، وأشار في هذا السياق إلى أن الحكومة الإسرائيلية «تعتمد اتهامات باطلة لتوسيع الحرب».

ونقلت شبكة «روداو» الكردية عن الشمري أن «إسرائيل تحاول في ظل الضغوط الداخليّة والخارجيّة المتزايدة عليها بسبب عدوانها المستمر على غزة ولبنان توسيع رقعة الصراع الإقليمي من خلال الزج بالعراق في دائرة المواجهة».

وقال الشمري: «تحركات إسرائيل ضد العراق محاولة يائسة لتصدير أزماتها الداخليّة وخلق حالة مستمرة من التوتر الإقليمي لتبرير استمرار عدوانها وجرائمها».

وذكر الشمري أن الأجهزة الأمنية العراقية «تعمل على تعزيز الانتشار الأمني، ومنع أي خرق أمني لا ينسجم وتوجهات السياسة الخارجيّة للعراق».

وأفادت الحكومة العراقية، في وقت سابق، بأن الولايات المتحدة، تتحمّل، وفقاً لاتفاقية الإطار الاستراتيجي والاتفاقية الأمنية، مسؤولية «الردع والرد على أي هجمات خارجية تمس الأمن الداخلي العراقي».

وقال الشمري إن «التهديدات الإسرائيلية ليست وليدة اللحظة، وإنها تأتي تكراراً، وهذا واضح من خلال الشكوى التي وجهتها إلى مجلس الأمن».

ووفقاً لتقارير إعلامية، أبلغت واشنطن، بغداد، أن الضربات التي سيشنها الجيش الإسرائيلي ضد العراق «وشيكة» ما لم تتمكن بغداد من منع الفصائل المدعومة من إيران من شن هجمات ضد إسرائيل.