عمليات حربية عشية كل انتخابات إسرائيلية

أصوات يمينية ومن داخل الحكومة تطالب بعملية في الضفة

فلسطيني يشارك بعرض لإحياء ذكرى المولد النبوي السبت (د.ب.أ)
فلسطيني يشارك بعرض لإحياء ذكرى المولد النبوي السبت (د.ب.أ)
TT

عمليات حربية عشية كل انتخابات إسرائيلية

فلسطيني يشارك بعرض لإحياء ذكرى المولد النبوي السبت (د.ب.أ)
فلسطيني يشارك بعرض لإحياء ذكرى المولد النبوي السبت (د.ب.أ)

العملية التي نفذها شبان من مخيم شعفاط في معبر عسكري إسرائيلي والتي أسفرت عن مقتل مُقاتلة في الجيش الإسرائيلي وإصابة مقاتلين آخرين، هي «تقليد» في تاريخ الانتخابات الإسرائيلية. والمحاولات التي يبديها اليمين المتطرف المعارض لاستغلال هذه العملية ضد معسكر يائير لبيد الحاكم، واستثمارها لصالح معركته الانتخابية، هي أيضاً تقليد إسرائيلي عريق.
لقد اعتاد الإسرائيليون استغلال الحروب لأغراض سياسية، في مختلف الاتجاهات، وبلغ الأمر درجة تأجيل الانتخابات، أو إطلاق حملة حربية عشية الانتخابات، أو مطالبة المعارضة بشن حرب. في بعض الأحيان، تكون المبادرة بأيدي الحكومة، كما حدث في سنة 1973، حيث تقرر تأجيل الانتخابات 3 أشهر بسبب حرب أكتوبر (تشرين الأول) التي حطمت هيبة الحكومة وأظهرتها ضعيفة، وتم وصفها بأنها «حكومة محدال»؛ أي «الفساد الكبير». وفي سنة 1981 عندما أرسل مناحيم بيغن طائراته المقاتلة لتدمير المفاعل النووي العراقي مثلاً، كان قد وقع على اتفاق السلام مع مصر وبموجبه انسحب من سيناء المصرية وأخلى مستوطنات يهودية بالقوة منها. وعدّه اليمين المتطرف خائناً لمبادئ اليمين. فقرر شن حرب لكي يظهر أنه ما زال يمينياً.
وقبل انتخابات سنة 2001 استغل رئيس المعارضة اليمينية، آرييل شارون، خروقات ضد الفلسطينيين بشكل خبيث للوصول إلى الحكم، فقام بزيارة استفزازية للأقصى في سبتمبر (أيلول) 2000، فأشعل الضفة الغربية ضد الاحتلال وانفجرت الانتفاضة الثانية، وفاز على إيهود باراك وانتخب لرئاسة الحكومة في الانتخابات التي جرت بعد أشهر في مارس (آذار) 2001.
وبادر إيهود أولمرت إلى حرب في سنة 2008، وهي العملية الحربية على غزة التي أطلقوا عليها اسم «الرصاص المصبوب»، عشية الانتخابات العامة للكنيست التي جرت في 10 فبراير (شباط) 2009. وفعل مثله بنيامين نتنياهو في 2012، عندما كان يواجه هبة جماهيرية ضد سياسته الاقتصادية وأزمة السكن وخروج مئات الألوف إلى الشوارع في مظاهرات. وكانت الانتخابات مقررة يوم 22 يناير (كانون الثاني) 2013، فاستبقها نتنياهو بعملية حربية أطلق عليها اسم «عامون عنان». وعاد لتكرار السيناريو نفسه في سنة 2014، عندما شن حرباً أخرى على غزة واستغلها في الانتخابات التي أعقبتها في السنة التالية.
وبما أن الحروب تحتاج إلى حجة للتذرع بها، فقد كانت هناك دائماً حجج؛ إما خطف جنود كما حدث في حرب لبنان الثانية، وإما إطلاق صواريخ باتجاه إسرائيل من غزة، وإما عمليات تفجير فلسطينية داخل إسرائيل توقع إصابات كثيرة، كما حدث في سنة 2002 عند الاجتياح الكبير للمدن الفلسطينية، الذي سمته إسرائيل «عملية حارس الأسوار».
اليوم يرفع اليمين المعارض وبعض القوى في الائتلاف الحكومي مطلب شن عملية حربية (حارس أسوار ثانية)، رداً على عملية مخيم شعفاط وما سبقها من عمليات فلسطينية جريئة خلال الأشهر الأخيرة. وهناك من يدرس هذه الإمكانية بجدية مطلقة، أيضاً في الحكومة، فالمعارضة تعدّ الحكومة عاجزة يقودها رجل ضعيف (لبيد) يبث ضعفه أمام الأعداء، ليس فقط أمام إيران و«حزب الله»؛ بل حتى لدى الفلسطينيين، فيتجرؤون على الجيش الإسرائيلي؛ بحسب تعبير رموز المعارضة التي ترى أنه تجب إعادة نتنياهو «القوي» إلى الحكم حتى يفرض النظام ويلقنهم درساً.
ويتجاهل هؤلاء أن حكومة الائتلاف الحالية، بقيادة نفتالي بنيت ثم لبيد، كانت أشد سوءاً مع الفلسطينيين منذ الانتفاضة الثانية؛ فلأول مرة منذ احتلال 1967، وضعت هذه الحكومة بنداً صريحاً في برنامجها السياسي يقرر عدم خوض أي مفاوضات لتسوية الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، ونفذت أكبر عمليات اقتحام للمسجد الأقصى وأكثر عمليات اجتياح للمدن والمخيمات الفلسطينية، واستخدمت الطائرات المسيرة والمروحية لمطاردة الشبان الفلسطينيين، وقتلت نحو 200، واعتقلت أكثر من 2000، وهدمت بيوتاً، ونفذت مشاريع استيطان، وتركت المستوطنين المتطرفين ينفلتون ضد المواطنين والمزارعين الفلسطينيين بحماية الجنود... وكل هذا لم يفد شيئاً. والصراع الذي خططوا لإخفائه عن الأجندة، انفجر في وجه الاحتلال في كل منطقة محتلة، وثبت مرة أخرى أن حل هذا الصراع لن يأتي بعمليات عسكرية. وإذا استفاد منها طرف سياسي ما؛ فإن فائدته ستكون مؤقتة، وخسائره ستكون كبيرة ومأساوية للشعبين.
الحل يكون سياسياً فقط، ومن لا يدفع نحو تسوية سياسية تنهي الصراع وتجنح بالمنطقة إلى السلام، فإنه يضع في رقبته مسؤولية إراقة كل نقطة دم وكل إصابة وكل معاناة.


مقالات ذات صلة

غانتس يؤيد صفقة مع نتنياهو تمنع حبسه وتضمن تخليه عن الحكم

شؤون إقليمية غانتس يؤيد صفقة مع نتنياهو تمنع حبسه وتضمن تخليه عن الحكم

غانتس يؤيد صفقة مع نتنياهو تمنع حبسه وتضمن تخليه عن الحكم

في اليوم الذي استأنف فيه المتظاهرون احتجاجهم على خطة الحكومة الإسرائيلية لتغيير منظومة الحكم والقضاء، بـ«يوم تشويش الحياة الرتيبة في الدولة»، فاجأ رئيس حزب «المعسكر الرسمي» وأقوى المرشحين لرئاسة الحكومة، بيني غانتس، الإسرائيليين، بإعلانه أنه يؤيد إبرام صفقة ادعاء تنهي محاكمة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بتهم الفساد، من دون الدخول إلى السجن بشرط أن يتخلى عن الحكم. وقال غانتس في تصريحات صحافية خلال المظاهرات، إن نتنياهو يعيش في ضائقة بسبب هذه المحاكمة، ويستخدم كل ما لديه من قوة وحلفاء وأدوات حكم لكي يحارب القضاء ويهدم منظومة الحكم. فإذا نجا من المحاكمة وتم تحييده، سوف تسقط هذه الخطة.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي هدوء في غزة بعد ليلة من القصف المتبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية

هدوء في غزة بعد ليلة من القصف المتبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية

سادَ هدوء حذِر قطاع غزة، صباح اليوم الأربعاء، بعد ليلة من القصف المتبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، على أثر وفاة المعتقل خضر عدنان، أمس، مُضرباً عن الطعام في السجون الإسرائيلية، وفقاً لوكالة «الأنباء الألمانية». وكانت وسائل إعلام فلسطينية قد أفادت، فجر اليوم، بأنه جرى التوصل لاتفاق على وقف إطلاق النار بين فصائل فلسطينية والجانب الإسرائيلي، وأنه دخل حيز التنفيذ. وقالت وكالة «معاً» للأنباء إن وقف إطلاق النار في قطاع غزة «مشروط بالتزام الاحتلال الإسرائيلي بعدم قصف أي مواقع أو أهداف في القطاع».

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية بعد 75 عاماً على قيامها... إسرائيل بين النجاح الاقتصادي والفروقات الاجتماعية الصارخة

بعد 75 عاماً على قيامها... إسرائيل بين النجاح الاقتصادي والفروقات الاجتماعية الصارخة

بعد مرور 75 عاماً على قيامها، أصبح اقتصاد إسرائيل واحداً من أكثر الاقتصادات ازدهاراً في العالم، وحقّقت شركاتها في مجالات مختلفة من بينها التكنولوجيا المتقدمة والزراعة وغيرها، نجاحاً هائلاً، ولكنها أيضاً توجد فيها فروقات اجتماعية صارخة. وتحتلّ إسرائيل التي توصف دائماً بأنها «دولة الشركات الناشئة» المركز الرابع عشر في تصنيف 2022 للبلدان وفقاً لنصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، متقدمةً على الاقتصادات الأوروبية الأربعة الأولى (ألمانيا والمملكة المتحدة وفرنسا وإيطاليا)، وفقاً لأرقام صادرة عن صندوق النقد الدولي. ولكن يقول جيل دارمون، رئيس منظمة «لاتيت» الإسرائيلية غير الربحية التي تسعى لمكافحة ا

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية مكارثي يتعهد دعوة نتنياهو إلى واشنطن في حال استمر تجاهل بايدن له

مكارثي يتعهد دعوة نتنياهو إلى واشنطن في حال استمر تجاهل بايدن له

أعلن رئيس مجلس النواب الأميركي، كيفين مكارثي، في تل أبيب، امتعاضه من تجاهل الرئيس الأميركي، جو بايدن، رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو وامتناعه عن دعوته للقيام بالزيارة التقليدية إلى واشنطن. وهدد قائلاً «إذا لم يدع نتنياهو إلى البيت الأبيض قريباً، فإنني سأدعوه إلى الكونغرس». وقال مكارثي، الذي يمثل الحزب الجمهوري، ويعدّ اليوم أحد أقوى الشخصيات في السياسة الأميركية «لا أعرف التوقيت الدقيق للزيارة، ولكن إذا حدث ذلك فسوف أدعوه للحضور ومقابلتي في مجلس النواب باحترام كبير. فأنا أرى في نتنياهو صديقاً عزيزاً.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية المواجهة في إسرائيل: شارع ضد شارع

المواجهة في إسرائيل: شارع ضد شارع

بدأت المواجهة المفتوحة في إسرائيل، بسبب خطة «التعديلات» القضائية لحكومة بنيامين نتنياهو، تأخذ طابع «شارع ضد شارع» بعد مظاهرة كبيرة نظمها اليمين، الخميس الماضي، دعماً لهذه الخطة، ما دفع المعارضة إلى إظهار عزمها الرد باحتجاجات واسعة النطاق مع برنامج عمل مستقبلي. وجاء في بيان لمعارضي التعديلات القضائية: «ابتداءً من يوم الأحد، مع انتهاء عطلة الكنيست، صوت واحد فقط يفصل إسرائيل عن أن تصبحَ ديكتاتورية قومية متطرفة.

«الشرق الأوسط» (رام الله)

أميركا تطلب من تركيا الضغط على «حماس» للقبول بوقف النار في غزة

فيدان وبلينكن في تصريحات للصحافيين عقب انتهاء مباحثاتهما في أنقرة (الخارجية التركية)
فيدان وبلينكن في تصريحات للصحافيين عقب انتهاء مباحثاتهما في أنقرة (الخارجية التركية)
TT

أميركا تطلب من تركيا الضغط على «حماس» للقبول بوقف النار في غزة

فيدان وبلينكن في تصريحات للصحافيين عقب انتهاء مباحثاتهما في أنقرة (الخارجية التركية)
فيدان وبلينكن في تصريحات للصحافيين عقب انتهاء مباحثاتهما في أنقرة (الخارجية التركية)

طالبت الولايات المتحدة تركيا باستخدام نفوذها لجعل حركة «حماس» الفلسطينية تقبل مقترحاً لوقف إطلاق النار في غزة. وأكد البلدان اتفاقهما بشأن ضرورة العمل على تحقيق وقف إطلاق النار في أسرع وقت ممكن.

وقال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، خلال مؤتمر صحافي مشترك قصير مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن، عقب ختام مباحثاتهما في أنقرة (الجمعة): «اتفقنا على تحقيق وقف إطلاق النار بغزة في أسرع وقت ممكن»، لافتاً إلى الجهود التي تبذلها تركيا والولايات المتحدة والشركاء الآخرون في المنطقة من أجل وقف إطلاق النار.

وأضاف فيدان أن «إسرائيل تواصل قتل المدنيين في غزة، وتعمل على استمرار دوامة العنف في المنطقة، وقد اتفقنا على أن تعمل تركيا وأميركا جنباً إلى جنب مع الشركاء الآخرين للحد من العنف».

وتابع أن العنف المستمر في غزة، أسفر عن سقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين. وأعربت كل من تركيا وأميركا عن قلقهما إزاء الوضع.

جانب من مباحثات فيدان وبلينكن في أنقرة الجمعة (الخارجية التركية)

بدوره، قال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، إنه رأى خلال الفترة الأخيرة «مؤشرات مشجّعة» على التقدّم نحو وقف لإطلاق النار في قطاع غزة.

وأضاف: «ناقشنا الوضع في غزة، والفرصة التي أراها للتوصّل إلى وقف لإطلاق النار. وما رأيناه خلال الأسبوعين الماضيين هو مزيد من المؤشرات المشجّعة».

وطالب بلينكن تركيا باستخدام نفوذها كي ترد حركة «حماس» بالإيجاب على مقترح لوقف إطلاق النار، مضيفاً: «تحدثنا عن ضرورة أن ترد (حماس) بالإيجاب على اتفاق ممكن لوقف إطلاق النار؛ للمساهمة في إنهاء هذا الوضع، ونُقدِّر جداً الدور الذي تستطيع تركيا أن تلعبه من خلال استخدام صوتها لدى (حماس) في محاولة لإنجاز ذلك».

وكان بلينكن وصل إلى أنقرة، مساء الخميس، والتقى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، في مطار إسنبوغا بالعاصمة التركية، قبل أن يجري مباحثات مع نظيره هاكان فيدان استغرقت أكثر من ساعة بمقر وزارة الخارجية التركية، حيث ركّزت مباحثاته بشكل أساسي على الوضع في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، والوضع في المنطقة وبشكل خاص التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة.

جانب من لقاء إردوغان وبلينكن بمطار إسنبوغا في أنقرة مساء الخميس (الرئاسة التركية)

وجاءت زيارة بلينكن لتركيا بعدما زار الأردن، الخميس، لإجراء مباحثات تتعلق بسوريا والوضع في غزة أيضاً.

وتبدي أميركا قلقاً من أن تؤدي التطورات الجديدة إلى مخاطر على أمن إسرائيل، وأن تجد جماعات إرهابية فرصة في التغيير الحادث بسوريا من أجل تهديد إسرائيل، التي سارعت إلى التوغل في الأراضي السورية (في الجولان المحتل) في انتهاك لاتفاقية فض الاشتباك الموقّعة عام 1974، وهو ما أدانته تركيا، في الوقت الذي عدّت فيه أميركا أن من حق إسرائيل اتخاذ الإجراءات اللازمة لتأمين نفسها ضد التهديدات المحتملة من سوريا.