تحذيرات صحية من خطر «سيجارة الفيتامينات الإلكترونية»

تحذيرات صحية من خطر «سيجارة الفيتامينات الإلكترونية»
TT

تحذيرات صحية من خطر «سيجارة الفيتامينات الإلكترونية»

تحذيرات صحية من خطر «سيجارة الفيتامينات الإلكترونية»

تُحكم إدارة الغذاء والدواء الأميركي قبضتها على الشركات المنتجة للسجائر الإلكترونية وللنيكوتين الصناعي، إلا أن الباحثين يفيدون بأن استخدام أنواع من السجائر الخالية من النيكوتين في ارتفاع. ولكن هل صحيح أن هذه السجائر آمنة أكثر من التقليدية؟
ومع تشديد إدارة الغذاء والدواء الأميركية لضوابطها ضد صانعي السجائر الإلكترونية في محاولة منها لردع الشباب عن استخدام المنتجات التي تحتوي على النيكوتين، تتجه بعض الشركات إلى ما يُعرف بالسجائر الإلكترونية الصحية wellness vapes، وكذلك يفعل الأشخاص الذين يوسعون دائرة استهلاكهم لمنتجات من مواد لا تستنشقها الرئتان، مثل الكافيين والفيتامينات وغيرها.

سيجارة الفيتامينات
ولكن استهلاك الفيتامينات بواسطة سيجارة إلكترونية قد لا يمنحكم دفعة الطاقة التي تحتاجونها لزيادة إنتاجيتكم، ولن يعود عليكم بالمكاسب الصحية، وهذا ما يدفع إدارة الغذاء والدواء إلى التشكيك في هذه المنتجات من جديد. وتشهد شعبية السيجارة الإلكترونية التي تحتوي على الفيتامينات نمواً لافتا في السنوات الأخيرة، في ظل الحملات التسويقية التي تدعي أنها تعزز التركيز، وتقوي الوظائف المناعية، وتحسن النوم. حصلت هذه السجائر الإلكترونية المعززة بالفيتامينات أخيراً على اسم جديد هو «نافثات المكملات الغذائية» nutritional supplement diffusers، وتعمل بنفس الطريقة التي تعمل بها السجائر الإلكترونية ولكن دون نيكوتين.
وهكذا تعد شركات عدة أبرزها «هيلث فيلدج» و«إنهيل هيلث» زبائنها بتزويدهم بجرعتهم اليومية من فيتامين بي12 وفيتامين سي، والميلاتونين، والدهون الأساسية بنفثات قليلة من هذه السيجارة الصحية. ولكن الترويج للحصول على فوائد ومكاسب صحية بواسطة سيجارة الفيتامينات الإلكترونية يخالف القوانين، حسب إدارة الغذاء والدواء. وعلى عكس بعض الادعاءات، لا تستطيع هذه السجائر الصحية المستجدة محاربة الأورام، ولا تساعد في علاج الربو، ولا في اضطراب قصور الانتباه وفرط الحركة، ولا الخرف.
ومع ذلك، يشهد استخدام منتجات التدخين الإلكتروني الخالية من النيكوتين نمواً ملحوظاً. فقد أشارت دراسة أخيرة لجامعة ستانفورد الأميركية نُشرت في مايو (أيار) الماضي، أن 26 في المائة تقريباً من 6131 مشاركا أميركيا في الدراسة بين 13 و40 عاماً، يستخدمون السجائر الإلكترونية الخالية من النيكوتين. وكشفت الأرقام أيضاً أن 17 في المائة من المشاركين استهلكوا سيجارة إلكترونية خالية من النيكوتين في الأيام الثلاثين الماضية، مقابل 12 في المائة استهلكوا سيجارة واحدة خلال الأسبوع الماضي.
يقول جورج مركادو، طبيب متخصص بأمراض الرئة في مستشفى لانغون التابع لجامعة نيويورك، إن عدد المرضى الذين يطرحون الأسئلة حول سلامة «السجائر الإلكترونية الصحية» في ازدياد، ولكنه يوصي من يسأله بالابتعاد عنها رغم تزايد استهلاكها.
يشير بحث أجرته شركة «غراند فيو ريسرتش» المتخصصة في استشارات الأعمال وأبحاث السوق، إلى أن صناعة الفيتامينات والمكملات الغذائية الآخذة في التوسع تحقق أرباحاً سنوية تُقدر بالمليارات، وأن قيمتها السوقية وصلت إلى 151.9 مليار عام 2021. وتساعد الفيتامينات التي تُباع على شكل مكملات غذائية الناس في علاج القصور في الأغذية الشائعة، إلا أن خبراء عالم الطب يعتبرون مكملات الفيتامينات المتعددة مجرد وسيلة لهدر المال. ومع ذلك، أظهرت دراسة عاينت استخدام المكملات نُشرت في سبتمبر (أيلول) 2019 أن 77 في المائة من الأميركيين يستهلكون الفيتامينات ومكملات أخرى.
وكانت إدارة الغذاء والدواء قد أصدرت في ديسمبر (كانون الأول) الفائت تحذيراً من بعض منتجات السجائر الإلكترونية الصحية، ونبهت من بعض الادعاءات التي تروج لفوائدها الصحية. تقول الإدارة إن بعض المنتجات قد لا تكون نظيفة كما تدعي، وإنه لا توجد طريقة حتى اليوم لتحديد تركيبة ومحتوى المنتج الذي يستخدمه الناس.
ولكن يبدو أن الناس المقبلين على هذه السوق لا يريدون الاستماع للسلطات الصحية. يملك جورج ميشالوبولوس، الرئيس التنفيذي لشركتي «بريث بي 12» و«فيتامين فيب» المصنعتين للسجائر الإلكترونية الصحية واللتين تبيعان سجائر إلكترونية صحية تزود مستهلكها بالفيتامين بي12، براءة اختراع بالتقنية المستخدمة لصناعة السجائر. يدعي ميشالوبولوس أنه «لا يستهلك أنواعاً فموية من الفيتامين بي12، ولهذا السبب عمل على ابتكار هذا المنتج لنفسه أولاً». ويضيف الرئيس التنفيذي أن السجائر الإلكترونية الصحية التي تصنعها شركتاه تستخدم منتجات من النوع الدوائي، ولا تحتوي على مادتي البروبيلين غليكول والدياسيتيل (تشير الدراسات إلى أن الدياسيتيل، مادة كيميائية موجودة في منكهات السجائر الإلكترونية، تسبب عند استنشاقها التهابا في القصيبات المسد، يؤدي بدوره إلى تندب والتهاب في الرئة).
يشدد ميشالوبولوس على أنه لا يستطيع تسويق منتجه كمحسن لمستويات الفيتامين بي12، وعلى أن موقعه يوضح هذا الأمر. وتجدر الإشارة إلى أنه لا يوجد ادعاء واحد من شركتي «بريث بي12» و«فيتامين فيب» حول رفع مستويات الفيتامين بي12 مع بعض الاستثناءات.
أرسلت إدارة الغذاء والدواء تحذيراً لميشالوبولوس في ديسمبر الماضي حول ادعاءات ظهرت مرة على موقع شركته الإلكتروني حول فاعلية المنتج المزمعة. وكانت «فيتامين فيب» واحدة من أربع شركات تلقت رسالة مشابهة من الإدارة هذا الشهر.
ادعت الشركة المذكورة آنفاً في إحدى المرات أن كل سيجارة إلكترونية أو «ناشر» يحتوي على أربعة أضعاف كمية الفيتامين بي12 التي يحصل عليها المستهلك من الحقنة، وأنها أكثر فعالية من حبوب مكمل الفيتامين بي12 المتوفرة في الأسواق. واستشهدت الصفحة السابقة لشركة «فيتامين فيب» مرة أيضاً بدراسات عن استنشاق الفيتامين بي12 نُشرت في الخمسينات والستينات، ولكن الصفحة حُذفت بعدها.

استنشاق رئوي مضر
توجد أربعة أنواع من الفيتامين بي12 في السوق، والأكثر شيوعاً منها هو السيانوكوبالامين، وهو نوعٌ صناعي وقليل التكلفة يتحول إلى ميثيل الكوبالامين داخل الجسم بعد هضمه. يزعم ميشالوبولوس أن «بريث بي12» يستخدم الميثيل كوبالامين، كنوع أفضل وأعلى تكلفة من الفيتامين بي12. ولكن الطبيب مركادو من مستشفى لانغون في جامعة نيويورك لا يصدق هذا الأمر، ويعتبر أن «سلامة تناول الفيتامين بطريقة محددة لا يعني أن امتصاصه بصيغة أخرى سيكون آمناً، خصوصاً أن الرئة ليست من الأعضاء المخولة لامتصاص الأدوية». ويشير مركادو إلى أن الكثير من الفيتامينات والمواد الأخرى محبة للدهن، ولأن الرئتين ليستا مجهزتين كما يجب للتعامل مع الدهون، يمكن لاستخدام هذه المنتجات أن يؤدي إلى حالة تُعرف بالالتهاب الرئوي الشحمي lipoid pneumonia، وهو نوع من الالتهاب الرئوي الصعب العلاج لأنه يسبب فقاعات دهنية في الرئة.
ترجح الدراسات العلمية أن النكهات الموجودة في السجائر الإلكترونية الخالية من النيكوتين تسبب الإجهاد التأكسدي للجسد وتؤذي خلايا الرئتين، فضلاً عن أن العلماء لم يستطيعوا حتى اليوم معرفة ما إذا كانت الفيتامينات المستنشقة قابلة للامتصاص في مجرى الدم.
يقول مركادو إن صناعة المكملات غير خاضعة للضوابط القانونية الكافية، ويشرح أنها لا تواجه مستوى الرقابة نفسه الذي تواجهه الصناعات الدوائية. ويضيف «عندما تكون لدينا صناعة غير منظمة بالقانون، لا نعلم كيف يمكن لجسدنا أن يمتص بعض المواد والفيتامينات».
يتركز حيزٌ كبير من رفض السجائر الإلكترونية على تقنيات التسويق التي تعتمدها الصناعة والتي غالباً ما تجذب غير البالغين، خصوصا أن النكهات التي تقدمها بعض الشركات المصنعة لهذه السجائر تطابق ما قد يجده الشباب في متاجر السكاكر أو عربات بيع الفواكه، كاللبان والمانغو، حتى أن بعض الشركات توفر نكهات تشبه تلك المتوفرة في حبوب الإفطار المخصصة للأطفال.
بعد تزايد عدد المراهقين المقبلين على منتج «جول» (خراطيش معبأة بالنيكوتين وغيرها من النكهات التي يمكن تدخينها)، أوقفت الشركة مبيعاتها لبعض النكهات عام 2018 ثم منعت مبيع خراطيشها بنكهتي النعناع والفواكه نهائياً في 2020، ولكن الخطوة الأخيرة التي اتخذتها إدارة الغذاء والدواء في يوليو (تموز) بمنع «جول» نهائياً، قد تكون دافعاً لازدهار السجائر الإلكترونية الصحية.
هذا الأمر لا يعني أن هذا الازدهار صحيح لأن الأشخاص الذين يعانون من مشاكل في امتصاص الفيتامينات يملكون خيارات صحية أخرى كالحقن. وإذا كنتم تبحثون عن وسيلة لتعزيز طاقتكم، ولكنكم لا تريدون تناول مكملات غذائية، فيمكنكم الحصول على الفيتامين بي12 بالتركيبة السائلة.
وأخيراً، يشير مركادو إلى أن القاعدة الذهبية التي يؤمن بها جميع اختصاصيي الرئة هي أن «الشيء الوحيد الذي يستطيع البشر استنشاقه بأمان هو الهواء».
* «إنك»... خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«جي بي تي» أم «غوغل»: أيهما أكثر فائدة للإبداع؟

«جي بي تي» أم «غوغل»: أيهما أكثر فائدة للإبداع؟
TT

«جي بي تي» أم «غوغل»: أيهما أكثر فائدة للإبداع؟

«جي بي تي» أم «غوغل»: أيهما أكثر فائدة للإبداع؟

ربما تتذكر وقتاً كنت فيه بحاجة إلى إجابة سريعة، لوصفة طبق للطعام، أو مشروع لتحسين بيتك.

من محرك «غوغل» إلى «جي بي تي»

قبل بضع سنوات، كانت غريزة معظم الناس الأولى هي البحث عن المعلومات على محرك «غوغل» للبحث، ومع ذلك، اليوم، مما كتب غاي يون تشونغ (*)، أصبح كثير من الناس أكثر ميلاً إلى استخدام «تشات جي بي تي (ChatGPT)»، أداة الذكاء الاصطناعي والمحادثة من شركة «أوبن إيه آي»، التي تغير الطريقة التي يبحث بها الناس عن المعلومات.

بدلاً من مجرد توفير قوائم بمواقع الويب، يُقدِّم «تشات جي بي تي» إجابات محادثة أكثر مباشرة.

مسألة الإبداع

ولكن هل يمكن لـ«تشات جي بي تي» أن يفعل أكثر من مجرد الإجابة عن الأسئلة المباشرة؟ هل يمكنه بالفعل مساعدة الناس على أن يكونوا أكثر إبداعاً؟

إني أدرس التقنيات الجديدة وتفاعل المستهلكين مع وسائل التواصل الاجتماعي، وقد شرعت أنا وزميلي بيونغ لي في استكشاف هذا السؤال: هل يمكن لـ«تشات جي بي تي» مساعدة الناس حقاً على حل المشكلات بشكل إبداعي، وهل يؤدي هذا بشكل أفضل من محركات البحث التقليدية مثل «غوغل»؟

عبر سلسلة من التجارب في دراسة نُشرت في مجلة «نتشر-السلوك البشري (Nature Human Behaviour)»، وجدنا أن «تشات جي بي تي» يعزز الإبداع، خصوصاً في المهام العملية اليومية.

وإليك ما تعلمناه عن كيفية تغيير هذه التقنية للطريقة التي يحلُّ بها الناس المشكلات، ويتبادلون بها الأفكار ويفكرون بشكل إبداعي.

«جي بي تي» مبدع

«تشات جي بي تي» والمهام الإبداعية. تخيل أنك تبحث عن فكرة هدية إبداعية لابنة أخت في سِنِّ المراهقة. في السابق، ربما كنت تبحث على «غوغل» عن «هدايا إبداعية للمراهقين»، ثم تتصفح المقالات حتى تجد شيئاً يناسبك.

الآن، إذا سألت «تشات جي بي تي»، فإنه يولِّد استجابةً مباشرةً بناءً على تحليله للأنماط عبر الويب. قد يقترح مشروعاً مخصصاً أو تجربةً فريدةً من نوعها، وصياغة الفكرة في الوقت الفعلي.

لاستكشاف ما إذا كان «تشات جي بي تي» يتفوق على «غوغل» في مهام التفكير الإبداعي، أجرينا 5 تجارب، تعامل فيها المشاركون مع مهام إبداعية مختلفة.

توليد الأفكار

على سبيل المثال، قمنا بتعيين المشاركين بشكل عشوائي، إما لاستخدام «تشات جي بي تي» للمساعدة، أو استخدام بحث «غوغل»، أو توليد الأفكار بأنفسهم.

بمجرد جمع الأفكار، قام الحكام الخارجيون، الذين لا يدركون الشروط المخصصة للمشاركين، بتقييم كل فكرة من حيث الإبداع. قمنا بوضع متوسط ل​​درجات الحكام؛ بهدف توفير تصنيف إبداعي عام.

كانت إحدى المهام تتضمَّن تبادل الأفكار حول طرق إعادة استخدام العناصر اليومية، مثل تحويل مضرب تنس قديم وخراطيم الحديقة إلى شيء جديد. وطُلبت مهمة أخرى من المشاركين تصميم طاولة طعام مبتكرة. وكان الهدف هو اختبار ما إذا كان «تشات جي بي تي» يمكن أن يساعد الناس على التوصل إلى حلول أكثر إبداعاً، مقارنة باستخدام محرك بحث على الويب أو مجرد خيالهم.

نتائج لصالح الذكاء التوليدي

وكانت النتائج واضحة: صنف الحكام الأفكار التي تم إنشاؤها بمساعدة «تشات جي بي تي» على أنها أكثر إبداعاً من تلك التي تم إنشاؤها باستخدام عمليات البحث على «غوغل» أو دون أي مساعدة. ومن المثير للاهتمام أن الأفكار التي تم إنشاؤها باستخدام «تشات جي بي تي» - حتى دون أي تعديل بشري - سجَّلت درجات أعلى في الإبداع من تلك التي تم إنشاؤها باستخدام «غوغل».

وكانت إحدى النتائج البارزة هي قدرة «تشات جي بي تي» على توليد أفكار إبداعية تدريجياً: تلك التي تعمل على تحسين أو البناء على ما هو موجود بالفعل. وفي حين أن الأفكار الجذرية حقاً قد لا تزال تشكل تحدياً للذكاء الاصطناعي، فقد تفوَّق «تشات جي بي تي» في اقتراح نهج عملي ومبتكر. على سبيل المثال، في تجربة تصميم الألعاب، توصَّل المشاركون الذين يستخدمون «تشات جي بي تي» إلى تصميمات خيالية، مثل تحويل مروحة متبقية وكيس ورقي إلى مروحة تعمل بطاقة الرياح.

حدود الإبداع في الذكاء الاصطناعي

تكمن قوة «تشات جي بي تي» في قدرته على الجمع بين المفاهيم غير ذات الصلة في استجابة متماسكة.

وعلى عكس «غوغل»، الذي يتطلب من المستخدمين غربلة الروابط وتجميع المعلومات معاً. يقدم «تشات جي بي تي» إجابةً متكاملةً تساعد المستخدمين على التعبير عن الأفكار وصقلها بتنسيق مصقول. وهذا يجعل «تشات جي بي تي» واعداً بوصفه أداةً إبداعيةً، خصوصاً للمهام التي تربط بين الأفكار المتباينة أو تولد مفاهيم جديدة.

من المهم ملاحظة، مع ذلك، أن «تشات جي بي تي» لا يولِّد أفكاراً جديدة حقاً. إنه يتعرَّف على الأنماط اللغوية ويجمعها من بيانات التدريب الخاصة به، وبالتالي يولِّد مخرجات بتسلسلات أكثر احتمالية بناءً على تدريبه. إذا كنت تبحث عن طريقة لتحسين فكرة موجودة أو تكييفها بطريقة جديدة، فيمكن أن يكون «تشات جي بي تي» مورداً مفيداً. ومع ذلك، بالنسبة لشيء مبتكر، لا يزال الإبداع والخيال البشري ضروريَّين.

بالإضافة إلى ذلك، في حين يمكن لـ«تشات جي بي تي» توليد اقتراحات إبداعية، فإنها ليست عملية دائماً أو قابلة للتطوير دون مدخلات الخبراء. تتطلب خطوات مثل الفحص، وفحص الجدوى، والتحقق من الحقائق، والتحقق من السوق خبرة بشرية. ونظراً لأن استجابات «تشات جي بي تي» قد تعكس تحيزات في بيانات التدريب الخاصة بها، فيجب على الأشخاص توخي الحذر في السياقات الحساسة مثل تلك التي تنطوي على العرق أو الجنس.

كما اختبرنا ما إذا كان «تشات جي بي تي» يمكن أن يساعد في المهام التي غالباً ما يُنظر إليها على أنها تتطلب التعاطف، مثل إعادة استخدام العناصر العزيزة على أحد الأحباء. ومن المدهش أن «تشات جي بي تي» عزَّز الإبداع حتى في هذه السيناريوهات، حيث أدى إلى توليد أفكار وجدها المستخدمون ذات صلة، ومدروسة.

وتتحدى هذه النتيجة الاعتقاد بأن الذكاء الاصطناعي لا يمكنه المساعدة على المهام التي تحركها العواطف.

مستقبل الذكاء الاصطناعي والإبداع

مع ازدياد إمكانية الوصول إلى «تشات جي بي تي» وأدوات الذكاء الاصطناعي المماثلة، فإنها تفتح إمكانات جديدة للمهام الإبداعية. سواء في مكان العمل أو في المنزل، يمكن للذكاء الاصطناعي المساعدة في الشحذ الذهني وحل المشكلات وتعزيز المشروعات الإبداعية.

ومع ذلك، يشير بحثنا أيضاً إلى الحاجة إلى الحذر: في حين يمكن لـ«تشات جي بي تي» تعزيز الإبداع البشري، فإنه لا يحلُّ محلَّ القدرة البشرية الفريدة على التفكير الجذري حقاً خارج الإطار المألوف.

يمثل هذا التحول من البحث على «غوغل» إلى سؤال «تشات جي بي تي»، أكثرَ من مجرد طريقة جديدة للوصول إلى المعلومات. إنه يمثل تحولاً في كيفية تعاون الناس مع التكنولوجيا للتفكير والإبداع والابتكار.

* أستاذ مساعد في إدارة الأعمال بجامعة رايس الأميركية - مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا».

اقرأ أيضاً