ضربة من القدس في ذروة التحريض على ضعف السلطة بالضفة

العملية تخلط أوراق الإسرائيليين... ورام الله تختار الصمت

قوات أمن إسرائيلية عند مدخل مخيم شعفاط (أ.ف.ب)
قوات أمن إسرائيلية عند مدخل مخيم شعفاط (أ.ف.ب)
TT

ضربة من القدس في ذروة التحريض على ضعف السلطة بالضفة

قوات أمن إسرائيلية عند مدخل مخيم شعفاط (أ.ف.ب)
قوات أمن إسرائيلية عند مدخل مخيم شعفاط (أ.ف.ب)

في ذروة التحريض الإسرائيلي الرسمي على شمال الضفة الغربية واتهام السلطة الفلسطينية بفقدان السيطرة هناك، خرج منفذ العملية الأخيرة في القدس من قلب المنطقة التي تحرص إسرائيل دوما على القول بأنها العاصمة الموحدة وهي تحت سيطرتها بالكامل، في عملية خلطت الأرواق الإسرائيلية السياسية والأمنية.
المنفذ الذي تعرف عليه الإسرائيليون لاحقا، جاء من القدس يحمل الهوية الإسرائيلية، لم يأت من الضفة ولم يرسله أحد من الفلسطينيين هناك، ليس له ماض أمني ولا ينتمي للفصائل الفلسطينية، باختصار لا توجد جهة فلسطينية يمكن أن تلقي عليها إسرائيل اللوم، وإنما فقط الاستخبارات الإسرائيلية التي حذرت من 80 هجوماً محتملاً في فترة الأعياد، ولم تتوقع أن تأتيها الضربة من مأمن.
وقالت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية «كان» إن الصدمة لدى أجهزة الأمن الإسرائيلية أن منفذ عملية شعفاط لا توجد استخبارات بشأنه من قبل. وكان متورطاً في تجارة الأسلحة، ولم يتوقع أن ينخرط في مثل هذا الهجوم.
وكان فلسطيني من مخيم شعفاط في القدس ترجل من سيارة وتقدم نحو جنود متمركزين على الحاجز العسكري المعروف باسم حاجز شعفاط، وبادر بإطلاق النار من مسافة صفر على الجنود الذين يظهر فيديو كيف تساقطوا وهلعوا، فيما تمكن هو من الانسحاب راجلا في مشهد يظهر جرأة غير عادية، قبل أن يؤكد الجيش الإسرائيلي أن جندية قتلت في الهجوم، فيما أصيب اثنان أحدهما بحالة خطيرة للغاية.

وقال الجيش الإسرائيلي في بيان الأحد إن المجندة التي قُتلت في هجوم إطلاق النار الذي وقع في القدس الشرقية هي الرقيب نوعا لازار (18 عاما) وهي من سكان بات حيفر في شمال إسرائيل، كانت عضوا في كتيبة «إيرز» التابعة للشرطة العسكرية. ولقد تمت ترقية لازار، التي كانت برتبة عريف، إلى رتبة رقيب بعد وفاتها.
أما المركز الطبي هداسا في القدس فأكد أن الحارس المصاب خضع لعملية جراحية طوال الليل من قبل جراحي أعصاب، ولا يزال موصولا بجهاز تنفس صناعي وفي حالة خطيرة.
وتعهد المسؤولون في الحكومة الإسرائيلية بالوصول إلى المنفذ الذي ضرب في وقت حساس عشية احتفال الإسرائيليين بعيد «العرش» مساء الأحد. وقال رئيس الحكومة الإسرائيلية، يائير لبيد، إن قواته ستقبض على منفذ العملية، مضيفا في محاولة لامتصاص غضب الجمهور الإسرائيلي «الإرهاب لن ينتصر علينا، وهناك قوات كبيرة منتشرة في المنطقة وتواصل الليل بالنهار من أجل الحفاظ على المواطنين».
وفورا حاصرت القوات الإسرائيلية مخيم شعفاط واقتحمته بحثا عن منفذ الهجوم قبل أن تندلع مواجهات عنيفة في المكان استخدم فيها الإسرائيليون النار وقنابل الغاز في مواجهة الحجارة والزجاجات الحارقة والمفرقعات.
قبل ذلك بقليل، استفز السكان في مخيم شعفاط الإسرائيليين إلى أقصى حد بعدما أطلقوا مفرقعات في الهواء ابتهاجا بالعملية في صورة التقطتها الشرطة الإسرائيلية ووزعتها على وسائل الإعلام، فيما بدا جزءا من التحريض على المخيم أو لتبرير الهجوم.
لكن كل ذلك لم يقنع اليمين الإسرائيلي الذي استغل الهجوم وهاجم حكومته بشدة. وقال رئيس حزب «شاس» أرييه درعي إن العمليات تنتشر في كل مكان من الضفة إلى القدس في مواجهة حكومة ضعيفة، مضيفا «هذه حكومة ضعيفة لمحاربة العمليات، لا يمكن هزيمة الإرهاب إلا بيد حازمة».
وقال عضو الكنيست إيتمار بن غفير مهاجما وزير الأمن الداخلي عومر بارليف إن سياسة الحكومة الإسرائيلية قذرة.
وأضاف مخاطبا بارليف «أنت و(وزير الدفاع بيني) غانتس، لماذا ألغيتما الإغلاق (في فترة الأعياد) لقد جلبتما هجوماً آخر بفعل سياستكما القذرة».
ورد بارليف بعد أن قال إن قواته ستلقي القبض على المنفذ من مخيم شعفاط حيا أو ميتا، بتهديد شمال الضفة. وقال بارليف إنه «إذا لم تتوقف هذه الأحداث فسنضطر إلى القيام بعملية عسكرية كبيرة في مناطق شمال الضفة الغربية»، مضيفا «الموعد النهائي لم يأتي، نحتاج إلى مواصلة فحص الأمر واتخاذ القرارات». وأضاف أن حكومته لا تريد الوصول إلى عملية عسكرية بالضفة الغربية، لكن لا شك أن الأحداث التي جرت في الأسابيع والأيام الماضية كانت شديدة بحسب وصفه.
طبعا أقر بارليف بأن حادث شعفاط صعب لأن المنفذ جاء من القدس، ووصل ماشيا إلى الحاجز، وأطلق النار ثم انسحب ماشيا كذلك إلى مخيم شعفاط. وقال: «ليست المرة الأولى التي يخرج فيها مسلحون فلسطينيون من شرق القدس لتنفيذ عمليات ضد الشرطة الإسرائيلية، نحن في حالة تأهب قصوى، فترة الأعياد اليهودية حساسة للغاية».
في السياق، ردت فصائل فلسطينية وناشطون على بارليف بتذكير إسرائيل أنها قمعت محتفلين في القدس بعيد المولد النبوي وتنتهك المسجد الأقصى، وأن الذي يمس بالأقصى عليه أن يتوقع كل شيء، سواء من الضفة أو القدس أو غزة أو حتى الداخل. ليست مسألة تخص شمال الضفة فقط.
وحتى ظهر الأحد لم تكن إسرائيل قريبة من المنفذ وانتقدت وسائل إعلام إسرائيلية أنه بعد كل هذه الساعات وآلاف الجنود وقوات خاصة وطائرات مسيرة ومروحيات «يتجول المنفذ في قلب القدس العاصمة بحرية».
من جهتها، باركت «حماس» و«الجهاد» والفصائل الفلسطينية الأخرى العملية التي وصفتها بـ«البطولية»، ودعت إلى تكثيف المقاومة، فيما التزمت السلطة الفلسطينية الصمت، وهو صمت يكاد يكون أقرب إلى شماتة في إسرائيل التي ما توقفت عن اتهام السلطة بالضعف وفقدان السيطرة في شمال الضفة الغربية ما سمح للمسلحين بالتحرك، قبل أن تأتي الضربة من أكثر مكان تفاخر إسرائيل وتصر وتعيد القول مرارا بأنه تحت سيطرتها، وهو القدس.


مقالات ذات صلة

الرئاسة الفلسطينية: الاستفزازات الإسرائيلية في الأقصى تهدد بإشعال المنطقة

المشرق العربي الرئاسة الفلسطينية: الاستفزازات الإسرائيلية في الأقصى تهدد بإشعال المنطقة

الرئاسة الفلسطينية: الاستفزازات الإسرائيلية في الأقصى تهدد بإشعال المنطقة

أفادت دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس باقتحام مئات المستوطنين، صباح اليوم (الأحد)، المسجد الأقصى المبارك، من باب المغاربة، بحماية مشددة من الشرطة الإسرائيلية في رابع أيام ما يسمى «عيد الفصح» اليهودي. ووفق وكالة الصحافة الفلسطينية (صفا) اليوم، «نشرت شرطة الاحتلال المئات من عناصرها ووحداتها الخاصة في ساحات الأقصى وعند أبوابه وفي البلدة القديمة، تمهيداً لتأمين اقتحامات المستوطنين». وقالت دائرة الأوقاف إن «500 مستوطن اقتحموا المسجد الأقصى منذ الصباح، على شكل مجموعات متتالية، ونفذوا جولات استفزازية في باحاته، وأدوا طقوساً تلمودية في المنطقة الشرقية منه، بحماية مشددة من شرطة الاحتلال». وأوضحت أن «ش

«الشرق الأوسط» (القدس)
المشرق العربي «صواريخ لبنان» تحوّل مسار جلسة أممية هدفها بحث الاعتداءات الإسرائيلية

«صواريخ لبنان» تحوّل مسار جلسة أممية هدفها بحث الاعتداءات الإسرائيلية

فرضت الهجمات الصاروخية التي أطلقت من قطاع غزة ومن جنوب لبنان في اتجاه إسرائيل نفسها بقوة على وقائع الجلسة الطارئة المغلقة التي عقدها أعضاء مجلس الأمن اليوم (الخميس)، والتي كانت مقررة لمناقشة الاعتداءات الإسرائيلية ضد المصلين في حرم المسجد الأقصى بالقدس، في وقت تصاعدت فيه التحذيرات الأممية من «الخطورة البالغة» للتطورات الراهنة على الاستقرار في المنطقة. وعقد أعضاء مجلس الأمن الجلسة الطارئة هذه بطلب من الإمارات العربية المتحدة والصين استجابة لدعوة من السلطة الفلسطينية والحكومة الأردنية لمناقشة الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة في حرم المسجد الأقصى داخل البلدة القديمة بالقدس.

علي بردى (واشنطن)
العالم باريس تدعو إلى «احترام الوضع القائم التاريخي للأماكن المقدسة في القدس»

باريس تدعو إلى «احترام الوضع القائم التاريخي للأماكن المقدسة في القدس»

دعت فرنسا، اليوم (الخميس)، إلى «احترام الوضع القائم التاريخي للأماكن المقدّسة في القدس»، بعد أعمال العنف التي وقعت في باحة الحرم القدسي. ووفق وكالة الصحافة الفرنسية، قال نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية فرنسوا ديلماس إنّ فرنسا تحضّ أيضاً «على الامتناع عن أي عمل من شأنه أن يزيد العنف».

«الشرق الأوسط» (باريس)
المشرق العربي إصابة فتى فلسطيني برصاص مستوطن إسرائيلي في القدس

إصابة فتى فلسطيني برصاص مستوطن إسرائيلي في القدس

أصيب فتى فلسطيني من البلدة القديمة في القدس الشرقية المحتلة ليل الأربعاء - الخميس برصاصة مستوطن في ذراعه، بحسب الشرطة الإسرائيلية وعائلة الفتى. ووفق ما أفاد به سامر غراب لوكالة «الصحافة الفرنسية»، فقد أصيب نجله خضر (15 عاما) برصاص مستوطن يسكن الحي نفسه في عقبة السرايا بالقدس القديمة. وقالت روان والدة خضر من مستشفى المقاصد لوكالة «الصحافة الفرنسية» إن «الأطباء يعملون على إيقاف النزف في ذراعه». وأكدت جمعية الهلال الأحمر بالقدس أن طواقمها «نقلت فتى (15 عاما) أصيب برصاصة حية في الذراع في البلدة القديمة إلى مستشفى المقاصد».

«الشرق الأوسط» (القدس)
المشرق العربي ليلة ساخنة بالأقصى جلبت مواجهات في الضفة وصواريخ من غزة

ليلة ساخنة بالأقصى جلبت مواجهات في الضفة وصواريخ من غزة

تدخلت الولايات المتحدة الأميركية ومصر والأردن والأمم المتحدة، لاحتواء التصعيد الكبير، الذي بدأ، فجر الأربعاء، بمواجهات واسعة في المسجد الأقصى، بعدما اقتحمت الشرطة الإسرائيلية باحته، مستخدمة الرصاص والغاز والهراوات، واعتدت بالضرب المبرح على المعتكفين واعتقلتهم، قبل أن تندلع مواجهات واشتباكات أخرى في مناطق بالقدس والضفة الغربية، ثم يدخل قطاع غزة على الخط عبر صواريخ، ردّت عليها إسرائيل لاحقاً. وقال مصدر مطّلع، لـ«الشرق الأوسط»، إن الأميركيين تدخلوا فوراً بشكل غير معهود عادة، واتصلوا بمكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ومسؤولين فلسطينيين، وكانوا على تنسيق مع أطراف أخرى. ووفق المصادر، طل

كفاح زبون (رام الله)

ميقاتي: هناك تثبيت أكيد لوقف إطلاق النار بين لبنان و«حزب الله»

رئيس الحكومة نجيب ميقاتي (رئاسة الحكومة)
رئيس الحكومة نجيب ميقاتي (رئاسة الحكومة)
TT

ميقاتي: هناك تثبيت أكيد لوقف إطلاق النار بين لبنان و«حزب الله»

رئيس الحكومة نجيب ميقاتي (رئاسة الحكومة)
رئيس الحكومة نجيب ميقاتي (رئاسة الحكومة)

أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي حدوث «تثبيت أكيد» لوقف إطلاق النار في لبنان خلال اليومين الماضيين، وعبّر عن أمله أن يتحول إلى استقرار دائم، وفق ما أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» (الأربعاء).

وقال ميقاتي إن لبنان رصد أكثر من 60 خرقاً إسرائيلياً لاتفاق وقف إطلاق النار خلال أسبوع، وعبّر عن تخوفه من عودة الخروقات ما «يعيد لبنان إلى أجواء القلق».

وأوضح أن الحكومة اللبنانية ستعمل على دعم العائدين إلى منازلهم، موجهاً الشكر إلى الدول الصديقة على دعمها المعنوي والإغاثي.

يُشار إلى أن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أكد أن وقف إطلاق النار في لبنان متماسك، وقال: «نستخدم آلية للتصدي لأي انتهاكات يُعلَن عنها».

وقال بلينكن: «أعتقد بشكل أساسي أن كلا الطرفين، أي إسرائيل و(حزب الله)، من خلال الحكومة اللبنانية، أرادا وما زالا يريدان وقف إطلاق النار».

وكان اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان قد دخل حيز التنفيذ، ودخلت الهدنة حيز التنفيذ في 27 نوفمبر (تشرين الثاني)، ووضعت حداً لحرب مفتوحة استمرت أكثر من شهرين بين «حزب الله» وإسرائيل، خلّفت نحو 4000 قتيل في لبنان، ودمرت أقساماً كبيرة من معاقل الحزب المدعوم من إيران. لكن سُجلت عدة انتهاكات لوقف إطلاق النار منذ بدء سريانه.

وتتولى لجنة تترأسها الولايات المتحدة، وتضم فرنسا وقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة وإسرائيل ولبنان، مسؤولية الحفاظ على التواصل بين الأطراف المختلفة، وضمان تحديد الانتهاكات، ومعالجتها من أجل تجنب أي تصعيد.