في يومهم العالمي... معلمو اليمن بين الحرمان من الرواتب والتسريح والقتل

تلاميذ في طابور الصباح أمام منزل حوله معلم يمني إلى مدرسة لنحو 70 تلميذاً في مدينة تعز 18 أكتوبر (رويترز)
تلاميذ في طابور الصباح أمام منزل حوله معلم يمني إلى مدرسة لنحو 70 تلميذاً في مدينة تعز 18 أكتوبر (رويترز)
TT

في يومهم العالمي... معلمو اليمن بين الحرمان من الرواتب والتسريح والقتل

تلاميذ في طابور الصباح أمام منزل حوله معلم يمني إلى مدرسة لنحو 70 تلميذاً في مدينة تعز 18 أكتوبر (رويترز)
تلاميذ في طابور الصباح أمام منزل حوله معلم يمني إلى مدرسة لنحو 70 تلميذاً في مدينة تعز 18 أكتوبر (رويترز)

لجأت أروى الحيدري إلى بيع ذهبها وإنفاق مدخراتها لافتتاح مطعم صغير للوجبات المنزلية في العاصمة صنعاء، إلا أن مشروعها لم يكتب له النجاح، فاضطرت لاحقاً للعمل في تقديم الدروس الخصوصية، قبل أن تعمل في الخدمة المنزلية، بعد أن فقدت راتبها مثل آلاف المعلمين الذين انقطعت رواتبهم أو تم تسريحهم من قبل جماعة الحوثي.
وأروى مدرسة علوم، كانت تعمل في مدرسة حكومية في العاصمة صنعاء منذ عام 2002، وكانت أمورها تسير بشكل طبيعي حتى عام 2016، حين انقطعت المرتبات، فتدهور حالها مثل عشرات الآلاف من المعلمين اليمنيين في مناطق سيطرة جماعة الحوثي.
وتشير أروى إلى أن تقديم الدروس الخصوصية أمر غير مجدٍ إلا لمعلمي بعض المواد الدراسية وفي مراحل دراسية محددة.
وبحسرة، قالت الحيدري لـ«الشرق الأوسط» إن تقديم الدروس الخصوصية أمر معيب بحق المعلم الذي ينبغي عليه تقديم كل جهوده في المدرسة بنزاهة، لكن انقطاع رواتب الموظفين الحكوميين، وفي مقدمتهم المعلمون، منذ ستة أعوام، دفعها وغيرها للبحث عن مصدر دخل، بما في ذلك الدروس الخصوصية، لكن حتى هذا لم يكن أمراً سهلاً.
وتوضح أن العملية التعليمية تراجعت بالمجمل، ولم يعد هنالك تعليم إلا لقلة من الميسورين أو أبناء قيادات الميليشيات الحوثية وأنصارها، الذين يتلقون تعليماً حقيقياً، بسبب ما وصفته بالتدمير المتعمد للتعليم، والرغبة التي تبديها الميليشيات في تسخير التعليم لصالح مشروعها، حتى إنها لجأت إلى تدجين المعلمين بتسريحهم وحرمانهم من أجورهم، أو بتلقينهم دروساً طائفية وإلزامهم بتقديمها في الفصول الدراسية.
واحتفل العالم في 5 أكتوبر (تشرين الأول) بيوم المعلم، إلا في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية، حيث مرّ هذا اليوم دون أي إشارة له. وبحسب مصدر تربوي في العاصمة صنعاء، فإن توجيهات صدرت من حسين الحوثي، شقيق زعيم الميليشيات، والذي عينته القوى الانقلابية وزيراً للتربية والتعليم، قضت بعدم الاحتفال بهذا اليوم وتجنب ذكره تماماً.
ووفقا للمصدر، فإن الميليشيات لا تعترف بهذا اليوم، باعتباره دخيلاً على قيم المجتمع والأمة والدين، وبدعة غربية لا ينبغي التعامل معها.
وتم إقرار يوم المعلم العالمي بهدف التركيز على تقدير المعلمين ولفت الانتباه إلى أهمية مهنة التعليم، وإتاحة الفرصة للنظر في القضايا المتعلقة بالمعلمين والتدريس.
ومنذ عام 2016، يعمل مئات الآلاف من الموظفين الحكوميين في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية دون رواتب. ووفقاً لتقرير نشرته منظمة اليونيسيف العام الماضي، فإن ثلث العاملين في العملية التعليمية في اليمن، والمقدر عددهم بـ171.6 ألفاً، لم يتقاضوا رواتبهم منذ 4 سنوات على الأقل.
وسبق أن أعلن مسؤولو نقابة المعلمين اليمنيين عن مقتل 1580 معلماً على أيدي ميليشيات الحوثي خلال الفترة من 2015، وحتى 2020، منهم 81 من مديري المدارس والإداريين، و1499 قتيلاً من المعلمين، فيما قضى 14 من القتلى بسبب التعذيب في السجون الحوثية، في محافظات صنعاء والحديدة وحجة وصعدة.
وتعرض 2642 معلماً لإصابات مختلفة بنيران الميليشيات، نتج عن بعضها إعاقات مستديمة، إضافة إلى اختطاف وإخفاء 621 معلماً بشكل قسري.
وبلغ عدد المعلمين الذين تركوا منازلهم ومدارسهم في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية ونزحوا منها إلى المناطق المحررة أو إلى خارج اليمن 20.142 معلماً، بحسب مسؤولي النقابة.
إلا أن غالبية المعلمين يواصلون مزاولة مهنتهم، رغم انقطاع الرواتب والتحديات والظروف الأخرى، على أمل أن يتم تسديد هذه الرواتب لاحقاً، وخوفاً من فقدان وظائفهم أو اتهامهم، من طرف الميليشيات، بالخيانة والعمالة والارتزاق كما هو دأبها.
وفي مطلع أغسطس (آب) الماضي، أقدمت الميلشيات الحوثية على فصل أكثر من 20 ألف معلم، وأحلَّت مكانهم عناصر تابعة لها، كما واصلت إيقاف صرف رواتب المعلمين أسوة بعموم موظفي الدولة الذين أوقفت صرف رواتبهم منذ ست سنوات، رغم أنها تمكنت من تحصيل ما يزيد على 200 مليار ريال من العملة المحلية مؤخراً، بحسب بيانات حكومية.
وتمكنت الميليشيات من الحصول على هذا المبلغ من ضرائب شحنات الوقود الواصلة إلى ميناء الحديدة منذ بداية الهدنة المنتهية في الثاني من الشهر الحالي. وكان أحد شروط الهدنة يقضي بتسديد رواتب موظفي الدولة في مناطق سيطرة الميليشيات من هذه الإيرادات، وهو بند نص عليه اتفاق استوكهولم في ديسمبر (كانون الأول) 2018.
ورغم تأكيد الحكومة مرات عدة أن هذا المبلغ يكفي لتغطية جزء كبير من رواتب الموظفين والمتقاعدين، فإن الميليشيات الحوثية تنصلت من ذلك، وانتهت الهدنة التي استمرت ستة أشهر دون تنفيذ هذا الالتزام، بل إنها عادت لاشتراط أن تقوم الحكومة بدفع هذه الرواتب ورواتب مقاتلي الميليشيات، كشرط لتجديد الهدنة.
ومع انطلاق العام الدراسي الحالي، اعترف عبد الله النعيمي، المعين من قبل الميليشيات وكيلاً لوزارة التربية والتعليم في الحكومة الانقلابية، عن نية الميليشيات تسريح 40 ألف معلم، وعدم توفير الكتاب المدرسي للعام الدراسي الحالي، متحججاً برفض المنظمات الدولية تقديم الدعم، بحسب زعمه.
كما اعترف النعيمي، في تصريحات لوسائل إعلام الميليشيات، بانتشار الفساد في «صندوق دعم المعلم والتعليم» الذي أنشأته الميليشيات كمبرر للجبايات، حيث فرضت الميليشيات على المدارس الخاصة والشركات والمؤسسات التجارية التبرع لهذا الصندوق، الذي لا تعلن الميليشيات عن مصير إيراداته.
وبمناسبة اليوم العالمي للمعلم، ناشدت نقابة المعلمين اليمنيين رئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي، تلبية مطالب المعلمين القانونية، داعية القيادة السياسية والمجتمع الدولي إلى «إلزام ميليشيا الحوثي والضغط عليها بعدم تسييس التعليم وتحويله إلى تعليم طائفي مقيت».
كما طالبت النقابة في بيان لها بإلزام الميليشيات «التوقف عن ارتكاب الانتهاكات في تحريف المناهج التعليمية، بدس المبادئ الطائفية التي تغرس الأحقاد وتفتت النسيج الاجتماعي، وتخالف القوانين الدولية والمبادئ العامة للأمم المتحدة، والأهداف العامة للتعليم في اليمن».
وأشاد بيان النقابة بالتضحيات التي قدمها التربويون لأجل اليمن واليمنيين، حيث حيّا «التضحيات الجسيمة التي يقدمها منتسبو النقابة في شتى المجالات»، مستنكراً «ما يتعرضون له من إهانات واعتقالات وأحكام قضائية بالإعدام، وسلب حقوقهم، وعدم صرف رواتبهم في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي»، مطالباً المعلمين «بالمزيد من الصبر والتضحية من أجل الوطن».
من جهته، طالب المركز الأميركي للعدالة، في بيان بمناسبة يوم المعلم، بمعالجة أوضاع المعلمين اليمنيين وحماية حق التعليم في البلاد، مشيراً إلى أن حماية حق التعليم في اليمن يسهم بشكل مباشر وجذري في صناعة السلام والاستقرار في البلاد وفي المنطقة.
وذكر المركز، وهو منظمة مقرها نيويورك، «أن أوضاع المعلمين في اليمن تزداد تعقيداً بسبب حالة الحرب القائمة، والأزمة الإنسانية، والظروف المعيشية الصعبة التي نتجت عن الحرب، في حين تتدهور الحالة التعليمية تبعاً لكل ذلك، ويتم إفراغ المؤسسات التعليمية من محتواها ومضمونها».
وأشار إلى أنه يتابع «تطورات حالة التعليم في اليمن، وما يعانيه المعلمون من انقطاع الأجور والمستحقات المالية في مناطق سيطرة جماعة الحوثي، ودفعهم إلى الانقطاع عن أداء مهامهم قسراً، أو إجبارهم على تلقي دورات طائفية بهدف توجيههم لتلقينها للطلاب في المدارس، واستبدال بمن يرفضون منهم معلمين غير مؤهلين تابعين للجماعة».
وتحدث بيان المركز عن تعرض عشرات المعلمين للاعتقال والتعذيب والمحاكمات، وصدور أحكام بالإعدام بحق بعضهم في مناطق سيطرة ميليشيات الحوثي، منبهاً إلى أن «هذه الأوضاع تدفع بالعملية التعليمية في اليمن إلى مزيد من الانهيار، وتجعل ملايين الأطفال عرضة للاستغلال في الأعمال الشاقة والمعاملة المهينة والتجنيد لدى الجماعات المسلحة، والانحراف السلوكي».
وحثّ البيان المجتمع الدولي على «العمل على معالجة هذه الحالة، وحماية حق التعليم في اليمن، وتقديم المساعدات الكافية واللازمة لإنهاء تسرب الأطفال من المدارس، ومعالجة أوضاع المعلمين، وتوفير أجور كافية لهم للتفرغ لممارسة مهامهم بكفاءة وتقدير».


مقالات ذات صلة

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

العالم العربي غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

وصف المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الخميس) اللقاء الذي جمعه برئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي في عدن بـ«المثمر والجوهري»، وذلك بعد نقاشات أجراها في صنعاء مع الحوثيين في سياق الجهود المعززة للتوصل إلى تسوية يمنية تطوي صفحة الصراع. تصريحات المبعوث الأممي جاءت في وقت أكدت فيه الحكومة اليمنية جاهزيتها للتعاون مع الأمم المتحدة والصليب الأحمر لما وصفته بـ«بتصفير السجون» وإغلاق ملف الأسرى والمحتجزين مع الجماعة الحوثية. وأوضح المبعوث في بيان أنه أطلع العليمي على آخر المستجدات وسير المناقشات الجارية التي تهدف لبناء الثقة وخفض وطأة معاناة اليمنيين؛ تسهيلاً لاستئناف العملية السياسية

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

في خطوة أحادية أفرجت الجماعة الحوثية (الأحد) عن القائد العسكري اليمني المشمول بقرار مجلس الأمن 2216 فيصل رجب بعد ثماني سنوات من اعتقاله مع وزير الدفاع الأسبق محمود الصبيحي شمال مدينة عدن، التي كان الحوثيون يحاولون احتلالها. وفي حين رحب المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ بالخطوة الحوثية الأحادية، قابلتها الحكومة اليمنية بالارتياب، متهمة الجماعة الانقلابية بمحاولة تحسين صورتها، ومحاولة الإيقاع بين الأطراف المناهضة للجماعة. ومع زعم الجماعة أن الإفراج عن اللواء فيصل رجب جاء مكرمة من زعيمها عبد الملك الحوثي، دعا المبعوث الأممي في تغريدة على «تويتر» جميع الأطراف للبناء على التقدم الذي تم إنجازه

علي ربيع (عدن)
العالم العربي أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

في مسكن متواضع في منطقة البساتين شرقي عدن العاصمة المؤقتة لليمن، تعيش الشابة الإثيوبية بيزا ووالدتها.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

فوجئ محمود ناجي حين ذهب لأحد متاجر الصرافة لتسلّم حوالة مالية برد الموظف بأن عليه تسلّمها بالريال اليمني؛ لأنهم لا يملكون سيولة نقدية بالعملة الأجنبية. لم يستوعب ما حصل إلا عندما طاف عبثاً على أربعة متاجر.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

يجزم خالد محسن صالح والبهجة تتسرب من صوته بأن هذا العام سيكون أفضل موسم زراعي، لأن البلاد وفقا للمزارع اليمني لم تشهد مثل هذه الأمطار الغزيرة والمتواصلة منذ سنين طويلة. لكن وعلى خلاف ذلك، فإنه مع دخول موسم هطول الأمطار على مختلف المحافظات في الفصل الثاني تزداد المخاطر التي تواجه النازحين في المخيمات وبخاصة في محافظتي مأرب وحجة وتعز؛ حيث تسببت الأمطار التي هطلت خلال الفصل الأول في مقتل 14 شخصا وإصابة 30 آخرين، كما تضرر ألف مسكن، وفقا لتقرير أصدرته جمعية الهلال الأحمر اليمني. ويقول صالح، وهو أحد سكان محافظة إب، لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد بسبب الحرب فإن الهطول ال

محمد ناصر (عدن)

رئيس هيئة الاستعلامات المصرية: نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

رئيس هيئة الاستعلامات المصرية: نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

قال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، ضياء رشوان، اليوم الخميس، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

وأضاف رشوان في تصريحات لقناة تلفزيون «القاهرة الإخبارية» أن نتنياهو يعمل وفق اعتبارات انتخابية لصياغة تحالف جديد.

وتابع أن نتنياهو يسعى لإشعال المنطقة، ويحاول جذب انتباه ترمب إلى قضايا أخرى، بعيداً عن القطاع، لكنه أشار إلى أن الشواهد كلها تدل على أن الإدارة الأميركية حسمت أمرها بشأن المرحلة الثانية من اتفاق غزة.

وحذر رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية من أن نتنياهو يريد أن تؤدي قوة حفظ الاستقرار في غزة أدواراً لا تتعلق بها.

وفي وقت سابق اليوم، نقل موقع «واي نت» الإخباري الإسرائيلي عن مصدر عسكري قوله إن نتنياهو سيُطلع ترمب على معلومات استخباراتية عن خطر الصواريخ الباليستية الإيرانية خلال اجتماعهما المرتقب قبل نهاية العام الحالي.

وأكد المصدر الإسرائيلي أن بلاده قد تضطر لمواجهة إيران إذا لم تتوصل أميركا لاتفاق يكبح جماح برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية.


الصوماليون يصوتون في أول انتخابات محلية بنظام الصوت الواحد منذ 1969

حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
TT

الصوماليون يصوتون في أول انتخابات محلية بنظام الصوت الواحد منذ 1969

حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)

أدلى الناخبون في الصومال، الخميس، بأصواتهم في انتخابات محلية مثيرة للجدل، تُعدّ الأولى التي تُجرى بنظام الصوت الواحد منذ عام 1969. ويقول محللون إن هذه الانتخابات تُمثل خروجاً عن نظام مفاوضات تقاسم السلطة القائم على أساس قبلي.

وقد نظمت الحكومة الاتحادية في البلاد التصويت لاختيار أعضاء المجالس المحلية، في أنحاء المناطق الـ16 في مقديشو، ولكنه قوبل برفض من جانب أحزاب المعارضة التي وصفت الانتخابات بالمعيبة والمنحازة.

يذكر أن الصومال انتخب لعقود أعضاء المجالس المحلية والبرلمانيين من خلال المفاوضات القائمة على أساس قبلي، وبعد ذلك يختار المنتخبون الرئيس.

يُشار إلى أنه منذ عام 2016 تعهّدت الإدارات المتعاقبة بإعادة تطبيق نظام الصوت الواحد، غير أن انعدام الأمن والخلافات الداخلية بين الحكومة والمعارضة حالا دون تنفيذ هذا النظام.

أعضاء «العدالة والتضامن» في شوارع مقديشو قبيل الانتخابات المحلية وسط انتشار أمني واسع (إ.ب.أ)

وجدير بالذكر أنه لن يتم انتخاب عمدة مقديشو، الذي يشغل أيضاً منصب حاكم إقليم بانادير المركزي، إذ لا يزال شاغل هذا المنصب يُعيَّن، في ظل عدم التوصل إلى حل للوضع الدستوري للعاصمة، وهو أمر يتطلب توافقاً وطنياً. غير أن هذا الاحتمال يبدو بعيداً في ظل تفاقم الخلافات السياسية بين الرئيس حسن شيخ محمود وقادة ولايتي جوبالاند وبونتلاند بشأن الإصلاحات الدستورية.

ووفق مفوضية الانتخابات، هناك في المنطقة الوسطى أكثر من 900 ناخب مسجل في 523 مركز اقتراع.

ويواجه الصومال تحديات أمنية، حيث كثيراً ما تنفذ جماعة «الشباب» المرتبطة بتنظيم «القاعدة» هجمات دموية في العاصمة، وجرى تشديد إجراءات الأمن قبيل الانتخابات المحلية.

وذكر محللون أن تصويت مقديشو يمثل أقوى محاولة ملموسة حتى الآن لتغيير نظام مشاركة السلطة المعتمد على القبائل والقائم منذ أمد طويل في الصومال.

وقال محمد حسين جاس، المدير المؤسس لمعهد «راد» لأبحاث السلام: «لقد أظهرت مقديشو أن الانتخابات المحلية ممكنة من الناحية التقنية».


اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)

توالت اجتماعات الوسطاء لدفع اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، المتعثر حالياً، واستضافت القاهرة وأنقرة اجتماعين بشأن تنفيذ بنود الاتفاق، بعد لقاء موسع في مدينة ميامي الأميركية قبل نحو أسبوع بحثاً عن تحقيق اختراق جديد.

تلك الاجتماعات الجديدة في مصر وتركيا، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أنها بمثابة مساعٍ لتفكيك عقبات الاتفاق المتعثر، وشددوا على أن إسرائيل قد لا تمانع للذهاب للمرحلة الثانية تحت ضغوط أميركية؛ لكنها ستعطل مسار التنفيذ بمفاوضات تتلوها مفاوضات بشأن الانسحابات وما شابه.

وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في بيان: «بتوجيه من رئيس الوزراء، غادر منسق شؤون الأسرى والمفقودين، العميد غال هيرش، على رأس وفد ضم مسؤولين من الجيش وجهاز الأمن العام (الشاباك)، والموساد إلى القاهرة».

والتقى الوفد الإسرائيلي مسؤولين كباراً وممثلي الدول الوسيطة، وركزت الاجتماعات على الجهود وتفاصيل عمليات استعادة جثة الرقيب أول ران غوئيلي.

وسلمت الفصائل الفلسطينية منذ بدء المرحلة الأولى لوقف إطلاق النار في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، 20 أسيراً إسرائيلياً أحياء ورفات 27 آخرين، فيما تبقى رفات ران غوئيلي الذي تواصل «حماس» البحث عن رفاته، وتقول إن الأمر سيستغرق وقتاً نظراً للدمار الهائل في غزة، فيما ترهن إسرائيل بدء التفاوض لتدشين المرحلة الثانية من الاتفاق بتسلمها تلك الجثة.

وبالتزامن، أعلنت حركة «حماس»، في بيان، أن وفداً قيادياً منها برئاسة رئيس الحركة في قطاع غزة خليل الحية، قد التقى في أنقرة مع وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، في لقاء بحث «مجريات تطبيق اتفاق إنهاء الحرب على غزة والتطورات السياسية والميدانية».

وحذر الوفد من «استمرار الاستهدافات والخروقات الإسرائيلية المتكررة في قطاع غزة»، معتبراً أنها تهدف إلى «عرقلة الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق وتقويض التفاهمات القائمة».

وجاء اللقاءان بعد اجتماع قبل نحو أسبوعٍ، جمع وسطاء اتفاق وقف إطلاق النار في مدينة ميامي الأميركية، وأفاد بيان مشترك عقب الاجتماع بأنه جارٍ مناقشة سبل تنفيذ الاتفاق.

ويرى الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور سعيد عكاشة، أن اجتماعي القاهرة وأنقرة يأتيان في توقيت مهم بهدف دفع تنفيذ الاتفاق وإنهاء العقبات بشكل حقيقي، والوصول لتفاهمات تدفع واشنطن لزيادة الضغط على إسرائيل للدخول للمرحلة الثانية المعطلة، مشيراً إلى أن مسألة الرفات الأخير تبدو أشبه بلعبة لتحقيق مكاسب من «حماس» وإسرائيل.

فالحركة تبدو، كما يتردد، تعلم مكانها ولا تريد تسليمها في ضوء أن تدخل المرحلة الثانية تحت ضغط الوسطاء والوقت وفي يدها ورقة تتحرك بها نظرياً، وإسرائيل تستفيد من ذلك بالاستمرار في المرحلة الأولى دون تنفيذ أي التزامات جديدة مرتبطة بالانسحابات، وفق عكاشة.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور عبد المهدي مطاوع، أن هذه الاجتماعات تبحث كيفية سد الفجوات، خاصة أن الجثة تمثل عقبة حقيقية، مشيراً إلى أن لقاء «حماس» في تركيا يهدف لبحث ترتيبات نزع السلاح ودخول القوات الدولية، خاصة أن أنقرة تأمل أن يكون لها دور، وتعزز نفسها وعلاقاتها مع واشنطن.

صورة عامة للمنازل المدمرة في مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

ولا تزال إسرائيل تطرح مواقف تعرقل الاتفاق، وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، إن بلاده «لن تغادر غزة أبداً»، وإنها ستقيم شريطاً أمنياً داخل قطاع غزة لحماية المستوطنات، مشدداً على أنه يجب على «حماس» أن تتخلى عن السلاح، وإلا «فستقوم إسرائيل بهذه المهمة بنفسها»، وفق موقع «واي نت» العبري، الخميس.

فيما سعى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مساء الثلاثاء، إلى تحميل حركة «حماس» المسؤولية عن إصابة ضابط بالجيش الإسرائيلي في ‌انفجار عبوة ناسفة ‍في رفح، وانتهاك اتفاق ‌وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن الحركة الفلسطينية أكدت أن الانفجار وقع في منطقة تسيطر عليها إسرائيل بالكامل، ورجحت أن يكون الحادث ناجماً عن «مخلفات الحرب».

وجاء اتهام نتنياهو لـ«حماس» قبل أيام من لقائه المرتقب مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الولايات المتحدة. ونقلت تقارير عبرية أن نتنياهو يريد إقناع ترمب بتثبيت «الخط الأصفر» حدوداً دائمة بين مناطق سيطرة إسرائيل و«حماس»؛ ما يعني احتلال إسرائيل لـ58 في المائة من مساحة القطاع.

ويتوقع عكاشة أن تعلن إسرائيل بعد لقاء ترمب أنها لا تمانع من دخول المرحلة الثانية، ولكن هذا سيظل كلاماً نظرياً، وعملياً ستطيل المفاوضات بجدولها وتنفيذ بنودها، ويبقي الضغط الأميركي هو الفيصل في ذلك.

ووفقاً لمطاوع، فإن إسرائيل ستواصل العراقيل وسط إدراك من ترمب أنه لن يحل كل المشاكل العالقة مرة واحدة، وأن هذه الاجتماعات المتواصلة تفكك العقبات، وسيراهن على بدء المرحلة الثانية في يناير (كانون الثاني) المقبل، تأكيداً لعدم انهيار الاتفاق.