إيران تربط وفاة أميني بعملية جراحية خضعت لها في سن الثامنة

صورة مهسا أميني في تظاهرة بسيدني دعماً للمحتجين في إيران (إ.ب.أ)
صورة مهسا أميني في تظاهرة بسيدني دعماً للمحتجين في إيران (إ.ب.أ)
TT

إيران تربط وفاة أميني بعملية جراحية خضعت لها في سن الثامنة

صورة مهسا أميني في تظاهرة بسيدني دعماً للمحتجين في إيران (إ.ب.أ)
صورة مهسا أميني في تظاهرة بسيدني دعماً للمحتجين في إيران (إ.ب.أ)

أعلنت إيران، يوم أمس (الجمعة)، أن الشابة مهسا أميني التي أدت وفاتها بعد توقيفها من جانب شرطة الأخلاق إلى احتجاجات واسعة، قضت نتيجة تداعيات حالة مرضية سابقة وليس بسبب «ضربات» على أعضاء حيوية.
وتوفيت الشابة الكردية أميني (22 عاماً) في 16 سبتمبر (أيلول) في المستشفى حيث كانت ترقد في غيبوبة، وذلك بعد ثلاثة أيام من توقيفها في طهران من جانب شرطة الأخلاق.
وأعقبت وفاتها احتجاجات واسعة في إيران، قتل على هامشها العشرات بينهم عناصر من قوات الأمن. وحمّلت السلطات المسؤولية لـ«مثيري شغب»، وأعلنت توقيف مئات منهم.
ورغم استخدام القوات الأمنية القوة القاتلة، فإن التظاهرات التي تتقدمها نساء استمرت لليلة الـ21 على التوالي.
وأفادت هيئة الطب الشرعي الإيرانية، الجمعة، بأن «وفاة مهسا أميني لم تكن بسبب ضربات على الرأس أو الأعضاء الحيوية للجسد»، بل ترتبط بتداعيات خضوعها «لعملية جراحية لإزالة ورم في الدماغ في سن الثامنة».
وأكد مسؤولون إيرانيون، يتقدمهم الرئيس إبراهيم رئيسي، فتح تحقيق في أسباب وفاة أميني.
ونشرت وسائل إعلام رسمية الجمعة تقرير هيئة الطب الشرعي الذي أكد أنه يستند إلى سجلات المستشفى وصور مقطعية للرأس والرئتين وتشريح.
وأوضح أنه في «13 سبتمبر (أيلول)، فقدت (أميني) الوعي بشكل مفاجئ وسقطت إثر ذلك أرضاً»، وبسبب حالتها الصحية الأساسية افتقرت إلى «القدرة على التعويض والتكيّف مع الوضع».
وأشار الى أنه «في هذه الظروف، عانت من اضطراب في نبض القلب وهبوط في ضغط الدم، وبالتالي تراجع في مستوى الوعي»، تطورت إلى «نقص حاد في الأكسجة وبالتالي تلف دماغي».
وكانت عائلة أميني رفعت شكوى ضد عناصر الشرطة الضالعين في القضية، وقال أحد اقربائها لوكالة الصحافة الفرنيسة، إنها توفيت جراء «ضربة قوية على الرأس».
وقضت فتيات أخريات في الاحتجاجات لكن منظمة العفو الدولية تقول إن إيران ترغم عائلاتهن على الإدلاء باعترافات متلفزة «لكي تعفي نفسها من المسؤولية عن وفاتهن».
https://twitter.com/aawsat_News/status/1571810078889590787
في إطار العقوبات، أعلنت كندا منع عشرة آلاف مسؤول في النظام الايراني من دخول أراضيها.
ودعت الخارجية الفرنسية الجمعة مواطنيها الذين «يزورون إيران إلى مغادرة البلاد في أقرب الآجال نظراً إلى مخاطر الاعتقال التعسفي التي يعرضون أنفسهم لها».
وقالت الخارجية في تحديث لنصائح السفر نشرته على موقعها الإلكتروني، إن «جميع الزوار الفرنسيين، بمن فيهم مزدوجو الجنسية، معرضون لخطر كبير بالاعتقال والاحتجاز التعسفي والمحاكمة غير العادلة».
وأضافت أن «هذا الخطر يتعلق أيضا بالأشخاص الذين يجرون زيارة سياحية بسيطة»، مشيرة إلى أنه «في حال الاعتقال أو الاحتجاز، فإن احترام الحقوق الأساسية وسلامة الأشخاص ليس أمراً مضموناً».
وأكدت والدة نيكا شاه كرامي، البالغة 16 عاماً والتي توفيت بعد أن فقدت في 20 سبتمبر (أيلول)، الخميس، أن ابنتها «قتلت من قبل الدولة» بعدما شاركت في تظاهرة مناهضة للحجاب في طهران، كما اتهمت السلطات بتهديدها للإدلاء باعتراف قسري حول وفاة ابنتها نيكا.
وقالت في شريط فيديو نشرته على الإنترنت إذاعة فاردا وهي محطة تبث بالفارسية ممولة من الولايات المتحدة ومقرها براغ: «رأيت جثة ابنتي بنفسي، يظهر الجزء الخلفي من رأسها أنها تعرضت لضربة شديدة لأن جمجمتها تجوفت. هكذا قُتلت».
منذ ذلك الحين نفت السلطات القضائية الإيرانية تقارير تفيد بأن قوات الأمن قتلت فتاة أخرى تدعي سارينا اسماعيل زاده خلال تجمع في كرج في غرب طهران.
ونقل موقع «ميزان أونلاين» التابع للسلطة القضائية ليل الخميس، ما قال إنها إيضاحات من حسين فاضلي هرينكدي، المدعي العام لمحافظة ألبرز، بشأن ما أوردته «وسائل إعلام معادية» عن «مقتل فتاة من (مدينة) كرج اسمها سارينا اسماعيل زاده على يد قوات الأمن خلال التجمعات».
وأوضح المدعي أنه «وفق التحقيقات الأولية»، فإن الفتاة «أقدمت على الانتحار»، مشيرا إلى أن تقرير الطب الشرعي حدد سبب الوفاة «بالصدمة الناتجة عن إصابات متعددة وكسور ونزيف جراء السقوط من مكان مرتفع».
وقالت منظمة حقوق الإنسان في إيران ومقرها في أوسلو، إن عائلة اسماعيل زاده تعرضت لضغوط كثيفة من عناصر من الحكومة «لإرغامها على تكرار رواية الانتحار الرسمية»، مشيرة إلى أنه حين طلب من العائلة أن تتعرف إلى جثة الفتاة «كان يمكن رؤية عدة جروح على وجهها، والجانب الأيمن من جبينها قد سحق بالكامل بسبب شدة الضربات».

رجل يسير بجوار نافورة تلونت باللون الأحمر ضمن حملة «طهران ملطخة بالدم» في حديقة الطلاب بطهران أمس(أ.ف.ب)

وفي إطار حملة قمع التظاهرات، حجبت إيران الوصول إلى مواقع التواصل الاجتماعي مثل انستغرام وواتساب وأطلقت حملة اعتقالات.
وسعى المتظاهرون إلى إيجاد طرق لتجنب كشفهم حيث تقوم تلميذات بإخفاء وجوههن حين يرددن «الموت للديكتاتور» أو تشويه صور المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، وذلك بحسب مقاطع فيديو تم التحقق من صحتها.
وظهر نوع احتجاج آخر صباح الجمعة حيث بدت نوافير ساحات عامة في طهران أشبه ببرك دماء بعدما صبغ فنان مياهها باللون الأحمر لتُشكّل انعكاساً لحملة القمع.
وأدت أعمال العنف التي اندلعت في كل أنحاء إيران والتي وصفتها السلطات بأنها «أعمال شغب»، إلى سقوط عشرات القتلى معظمهم متظاهرون ولكن أيضا أفراد من قوات الأمن.
وتقول «منظمة حقوق الإنسان في ايران»، إن 92 متظاهراً على الأقل قتلوا حتى الآن.
كما اعتقلت قوات الأمن أنصاراً بارزين للحركة بينهم ناشطون وصحافيون ونجوم بوب.
ورغم هذه الإجراءات، استمرت التظاهرات في بلدات ومدن على مستوى البلاد.
ويمكن سماع مجموعة من الشابات يهتفن «الموت للديكتاتور» في مدينة رشت بشمال البلاد بحسب فيديو نشر على الإنترنت، وتحققت منظمة العفو الدولية من مقتل 52 شخصاً على أيدي قوات الأمن لكنها قالت إنها تعتقد أن «الحصيلة الفعلية أعلى بكثير».


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية إيران تحتجز ناقلة نفط ثانية

إيران تحتجز ناقلة نفط ثانية

احتجز «الحرس الثوري» الإيراني، أمس، ناقلة نقط في مضيق هرمز في ثاني حادث من نوعه في غضون أسبوع، في أحدث فصول التصعيد من عمليات الاحتجاز أو الهجمات على سفن تجارية في مياه الخليج، منذ عام 2019. وقال الأسطول الخامس الأميركي إنَّ زوارق تابعة لـ«الحرس الثوري» اقتادت ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما إلى ميناء بندر عباس بعد احتجازها، في مضيق هرمز فجر أمس، حين كانت متَّجهة من دبي إلى ميناء الفجيرة الإماراتي قبالة خليج عُمان. وفي أول رد فعل إيراني، قالت وكالة «ميزان» للأنباء التابعة للسلطة القضائية إنَّ المدعي العام في طهران أعلن أنَّ «احتجاز ناقلة النفط كان بأمر قضائي عقب شكوى من مدعٍ». وجاءت الو

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

نددت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس التابع للبحرية الأميركية وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم الخارجية الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

قالت منظمات غير حكومية إن فرنسا احتجزت العديد من الإيرانيين في مراكز اعتقال في الأسابيع الأخيرة، معتبرة ذلك إشارة إلى أنّ الحكومة «تصر على رغبتها في ترحيلهم إلى إيران» رغم نفي وزير الداخلية جيرالد دارمانان. وكتبت منظمات العفو الدولية، و«لا سيماد»، و«إيرانيان جاستس كوليكتيف» في بيان الأربعاء: «تواصل الحكومة إبلاغ قرارات الترحيل إلى إيران مهددة حياة هؤلاء الأشخاص وكذلك حياة عائلاتهم». واعتبرت المنظمات أن «فرنسا تصرّ على رغبتها في الترحيل إلى إيران»، حيث تشن السلطات قمعاً دامياً يستهدف حركة الاحتجاج التي اندلعت إثر وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني في سبتمبر (أيلول)، أثناء احتجازها لدى شرط

«الشرق الأوسط» (باريس)

أولمرت يُصارح الإسرائيليين: مجتمعنا يحب الظهور كضحية للكراهية

رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت (يمين) مع رئيس الوزراء الحالي بنيامين في الكنيست 2009 (غيتي)
رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت (يمين) مع رئيس الوزراء الحالي بنيامين في الكنيست 2009 (غيتي)
TT

أولمرت يُصارح الإسرائيليين: مجتمعنا يحب الظهور كضحية للكراهية

رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت (يمين) مع رئيس الوزراء الحالي بنيامين في الكنيست 2009 (غيتي)
رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت (يمين) مع رئيس الوزراء الحالي بنيامين في الكنيست 2009 (غيتي)

في الوقت الذي تهبّ فيه إسرائيل بقضّها وقضيضها ضد ما تعدّه «مذبحة ينفّذها العرب والمسلمون في هولندا ضد اليهود»، وتقف فيه الحكومة مع المعارضة صفاً واحداً وتتهم العالم بـ«العداء للسامية»، أطلق رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، إيهود أولمرت، صرخة مصارحة يدعو فيها إلى الصحوة وقراءة الواقع كما هو.

وقال أولمرت، في صحيفة «هآرتس» العبرية، الأحد، إن ما يحصل هو «أعمال شغب خطيرة» تجب معالجتها بشكل حثيث وقوي، لكنها ناجمة عن الممارسات الوحشية التي نقوم بها في قطاع غزة والضفة الغربية ولبنان، ورأى أن المجتمع الإسرائيلي أحب فكرة الظهور كضحية للكراهية.

وكانت أعمال عنف واشتباكات شهدتها مدينة أمستردام الهولندية في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، شهدت نزع مشجعي فريق «مكابي تل أبيب» الإسرائيلي لأعلام فلسطينية في المدينة والهتاف ضد العرب بشوارعها، وأعقب ذلك قيام مجموعة من شباب هولنديين، أصولهم عربية أو مسلمة، بالاشتباك مع الإسرائيليين وملاحقتهم.

وفنّد أولمرت تلك الأعمال في هولندا، ورأى في مقاله أنها «ليست ظاهرة عنيفة من اللاسامية؛ فقد كانت بالأساس مظهراً من مظاهر كراهية معظم المسلمين لدولة إسرائيل ومواطنيها، بسبب ما حدث ويحدث في المنطقة، وليس استمراراً للاسامية التاريخية التي تكمن مصادرها في التعصب الديني المسيحي». وعدّ أن «هذه الكراهية آخذة في الاتساع، وهي تهدد بعزل إسرائيل بشكل سيهدد مكانتها ونمط حياتها».

اشتباكات بين مشجعي كرة قدم إسرائيليين وشباب هولنديين بالقرب من محطة أمستردام المركزية بهولندا في 8 نوفمبر الحالي (وسائل التواصل - رويترز)

«نظرية العالم ضدنا»

وقال أولمرت إن «محاولة المقارنة بين أعمال الشغب في أمستردام وكارثة المحرقة (النازية) هي في المقام الأول الدليل على فقدان الاتزان النفسي».

وأضاف: «نحن نعيش منذ سنوات غير قليلة في أجواء ترعى فيها حكومة إسرائيل وتشجع على نظرية أن كل العالم ضدنا، وأن الجميع يحاولون القضاء عليها، وأن الإسرائيلي الذي يعارض سياسة الحكومة أو جزءاً من عملياتها العسكرية في السنة الأخيرة يعدّ حسب من يؤيدون الحكومة وبعض أعضائها أنه من (حماس) ويتعاون مع قتلة الإسرائيليين، حتى ربما قام بالتنسيق للهجوم القاتل في أكتوبر (تشرين الأول) في 2023 مع يحيى السنوار (زعيم حركة «حماس» الراحل)».

واستكمل: «من ينتقد خطوات الحكومة خارج الدولة، أو ينتقد الأحداث في ساحات الحرب، فهو بشكل تلقائي عدو الشعب ومؤيد لـ(حماس). في هذا المناخ، قمنا بتحويل الرئيس الأميركي جو بايدن، الصديق الكبير لإسرائيل، الذي هبّ لمساعدتها بشكل لم يفعله أي رئيس أميركي آخر في أي يوم، إلى عدو ومؤيد لـ(حماس). بايدن أرسل جيشه إلى الشرق الأوسط، وأرسل حاملات الطائرات والغواصات. كما أن الطائرات القتالية الأكثر تقدماً شاركت بالفعل في الدفاع عن المدن والمستوطنات من صواريخ إيران. لكن تأخيراً صغيراً في تزويدنا بعدد من القنابل - على ضوء الاستخفاف الفظّ من قبل الحكومة، وبالأساس رئيس الحكومة، بتوصيات الإدارة الأميركية في مواضيع تتعلق بالمسّ الشديد بمئات آلاف الفلسطينيين الذين ليسوا إرهابيين في غزة - كان من شأنه أن يعرض بايدن كعدو».

نتنياهو يلتقي بايدن بالبيت الأبيض في يوليو الماضي (رويترز)

«غضب مما نفعله»

يضيف أولمرت أن الحادث في أمستردام هو «في المقام الأول تعبير عن الغضب المتزايد على ما نفعله، وما نقوله، وكيف نظهر في نظر كثيرين، ليس لهم إرث تاريخي في كراهية اليهود. إن ما يشكل الوعي في أرجاء أوروبا وفي أميركا الشمالية والجنوبية ودول كثيرة في آسيا هو صور الدمار في غزة».

وزاد: «كثيرون تماهوا مع ألمنا بسبب المذبحة الإجرامية التي ارتكبها (جناة حماس) في 7 أكتوبر، لكنهم يبالون أيضاً بالمشاهد المتواصلة التي تبثها وسائل الإعلام في أرجاء العالم عن أكثر من مليون من الفلسطينيين الذين يسيرون وهم يحملون أكياس البلاستيك في أرجاء غزة، مرة من الشمال إلى الجنوب، وأحياناً من الجنوب إلى الشمال، بعد تدمير بيوتهم بالكامل، كثيرون في العالم لا يمكنهم التسليم بتحويل غزة إلى أنقاض».

أولمرت حذّر كذلك من أن «إعادة غزة أو الأحياء السكنية في بيروت (ليس الضاحية وحدها) إلى العصر الحجري كما وعد بعض الزعماء لدينا، ليس بالضبط الشعار الذي يحسّن سمعة دولة إسرائيل، ويعزز مكانتها في العالم... وحتى الآن لم نقل أي شيء عما يفعله الإسرائيليون في الضفة الغربية، حيث انفلات هناك، وقتل وتمييز وتدمير ممتلكات، ونشاطات منهجية، تستهدف سحق حقوق الإنسان لدى كثيرين، وربما (للأسف) لا تجد تغطية كافية لها في وسائل الإعلام في إسرائيل، لكنهم في أوروبا يشاهدون ويسمعون ويفقدون الصبر علينا».

استحواذ مرضي

ويستنتج أولمرت أنه «لا مناص من الاعتراف بأن المجتمع الإسرائيلي أحبّ الظهور كضحية للكراهية، واللاسامية، التي تأخذ تعبيرات عنيفة في أماكن مختلفة في العالم». محذراً من أن «هذه المظاهر، هذه المرة خلافاً لأحداث أخرى في التاريخ الدموي للشعب اليهودي، ترتبط بالتجربة المعاصرة لأعمال العنف والوحشية، وأحياناً القاتلة، التي نحن أنفسنا المسؤولون عنها».

وقال أولمرت: «ما يحدث في هذه الفترة في غزة ليس حرباً وجودية لنا، وليس تعبيراً عن حاجة مبررة للدفاع عن أنفسنا، بل هو استمرار دون أي مبرر لعنف ليس له هدف أو اتجاه واضح، عنف يساهم بشكل حاسم في تقليص احتمالية إنقاذ المخطوفين، كما أنه يتعلق بموت كثير من الجنود في أحداث لا تؤدي إلى أي نتيجة مناسبة. وأيضاً، يجب الاعتراف بنزاهة، أن ذلك يؤدي إلى موت كثير من سكان غزة غير المشاركين في الإرهاب، والادعاء الكاذب بأن جميع سكان غزة هم مؤيدون لـ(حماس)، وبناء على ذلك فقد تم حسم مصيرهم، هو بالضبط ما يثير غضب كثيرين في أرجاء العالم، ويشجع المسلمين الذين يعيشون في أوروبا وأميركا على التظاهر ضدنا، وأحياناً استخدام العنف».

مظاهرة لدعم غزة في ميدان ترافالغار بلندن أكتوبر الماضي (رويترز)

وأضاف: «الاستحواذ المَرَضيّ لدينا كي نشعر بالكراهية ضدنا، يجد التشجيع الحقير من حكومة إسرائيل. وهو يستهدف تبرير مواصلة المعركة العسكرية وتعزيز تضامن الضحايا بين السكان الإسرائيليين وإثبات الادعاء بأنه لا يجوز لنا تقديم أي تنازل قد يؤدي الى إنهاء الحرب وإنقاذ المخطوفين، الذين بقوا على قيد الحياة، وجثث الموتى. في نفس الوقت، لعب دور الضحية يدفعنا إلى التورط بلا حاجة إلى استمرار القتال في لبنان، الذي يجني أيضاً عدداً كبيراً من الضحايا في أوساط مواطني شمال البلاد، وفي أوساط الجنود أيضاً».

ويختتم: «سنواصل أعمال الشغب، والوحشية تجاه الناس الذين يعيشون في مناطق القتال، رغم أنهم ليسوا إرهابيين، إضافة إلى جميع الأثمان التي ندفعها مقابل القتال... وهم سيواصلون التظاهر ضدنا في أرجاء العالم، والتنديد بنا في وسائل الإعلام العالمية، وسيواصلون أيضاً كراهية أفعالنا، وكراهية من يتماهى مع هذه الأفعال». مضيفاً: «انفصال دولة إسرائيل عن العالم سيتواصل، لن يأتوا إلينا، ونحن لن نسافر، وستتم مقاطعتنا في المطارات والموانئ والتصويت ضدنا في الأمم المتحدة. ويمكننا القول برضا وبقدر كبير من الشفقة على الذات: الجميع يكرهوننا!».