«عروسة المولد»... من أساطير الحاكم بأمر الله إلى أميرات ديزني

صانعة البهجة في الثقافة الشعبية المصرية

«عروسة المولد»
«عروسة المولد»
TT

«عروسة المولد»... من أساطير الحاكم بأمر الله إلى أميرات ديزني

«عروسة المولد»
«عروسة المولد»

رغم أنها تعد أبرز مظاهر الاحتفال بالمولد النبوي الكريم الذي تحل ذكراه غدا (السبت)، إلا أن «عروسة المولد» تحولت على مدار قرون طويلة لأحد رموز الثقافة الشعبية المصرية. وتتنوع حاليا المواد التي تُصنع منها تلك العروس ما بين الخشب الزجاج والقماش ومؤخرا البلاستيك والخيوط، إلا أن النسخة القديمة المصنوعة من السكر والحلوى ذات اللون الوردي تظل الأكثر شهرة وخلودا في الذاكرة على مر الأجيال.
وبحسب الباحث الأنثروبولوجي والروائي الدكتور مختار شحاته، فإن «المصريين اعتادوا منذ أيام الفراعنة الاحتفال بمناسباتهم الدينية عبر طقوس مبهجة تتخفف من الدلالة الكهنوتية المباشرة وتحول المناسبة إلى طقس شعبي اجتماعي»، مشيرا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «هناك تباينا بين المؤرخين حول التاريخ الدقيق لنشأة عروسة المولد، إلا أن ثمة إجماع على أنها ظهرت في زمن الدولة الفاطمية (969- 1171 م)، وتحديدا مع قدوم المعز لدين الله الذي جلب معه من المغرب ثقافة خاصة للاحتفاء بالمناسبات الكبرى».
وهناك روايتان تاريخيتان في هذا الإطار، كما يوضح شحاته، «تشير أولاهما إلى خروج خليفة مصر الحاكم بأمر الله بصحبة زوجته في جولة للاحتفال بالمولد النبوي في شوارع البلاد ولما رأى المصريون زوجة الحاكم أعجبوا بها، وأرادوا التعبير عن حبهم لها ولزوجها، فظهرت حلوى المولد النبوي متمثلة في الفارس الذي يمتطي حصانا ويشهر سيفه والعروس التي جاءت على شكل الزوجة بفستانها الأبيض وتاج الياسمين فوق رأسها».
فيما تقول الرواية الأخرى إن «الحاكم منع الزواج على جنوده والمصريين إلا في موسم المولد النبوي، ما روّج أكثر وأكثر لفكرة الحصان والفارس إلى جانب عروسة المولد، فصارت عادة أصيلة للمصريين تفننوا في تزيينها ورسمها وصبها بأنواع مختلفة من الحلوى».
ومع اقتراب ذكرى المولد النبوي، تتحول «عروس المولد» إلى هدية قيّمة يقدمها الخاطب إلى خطيبته والزوج إلى زوجته لا سيما مع تعدد أشكالها وتنوع أسعارها لتناسب جميع المستويات.
وتتنافس كبرى المتاجر على عرض الأشكال الجديدة المبتكرة منها، كما دخلت منافذ البيع الإلكترونية على الخط فنجد بعضها يعرض نماذج من «العروسة» ذات التصميم الخشبي المزود بإضاءة خفيفة بمبلغ 350 جنيه، مع نموذج آخر يتيح وضع صورة فتاة، لكن السعر يرتفع في هذه الحالة إلى 425 جنيهاً.

وتشير مصممة العرائس حنان مصطفى إلى أنها «أول من قدمت عروسة المولد على هيئة شخصيات ديزني المحبوبة مثل سنو وايت وسندريلا»، مؤكدة لـ«الشرق الأوسط» أنها »كانت تستهدف إسعاد الملايين من الأطفال عبر تقديم نموذج جديد يجمع بين الموروث الشعبي والعالمية عبر خامات بسيطة تتمثل في الخيوط والفيبر مستفيدة من الإمكانات الهائلة لفن الكروشيه».
وتوضح مصممة العرائس نانسي سويلم أنها حاولت أن تخطو خطوة أبعد في تصميم نماذج عصرية من عروسة المولد «بالاعتماد على خامة البلاستيك مع ارتداء العروس فستان زفاف وكأنها عروس حقيقية بشرط أن يكون الفستان مستوحى من اتجاهات الموضة» لفساتين العرائس هذا العام»، لافتة إلى أنها لم تكن تتوقع أن تحظى فكرتها بهذا النجاح وهو ما يتضح لها من خلال الإقبال على منتجاتها في ذكرى المولد النبوي كهدايا يفاجئ بها الأزواج والخاطبون زوجاتهم وخطيباتهم.


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


ليبيا: ضحايا «ضمور العضلات» يشكون التجاهل وبطء العلاج

احتجاج سابق لمرضي ضمور العضلات أمام مقر الحكومة بطرابلس (رابطة مرضى ضمور العضلات في ليبيا)
احتجاج سابق لمرضي ضمور العضلات أمام مقر الحكومة بطرابلس (رابطة مرضى ضمور العضلات في ليبيا)
TT

ليبيا: ضحايا «ضمور العضلات» يشكون التجاهل وبطء العلاج

احتجاج سابق لمرضي ضمور العضلات أمام مقر الحكومة بطرابلس (رابطة مرضى ضمور العضلات في ليبيا)
احتجاج سابق لمرضي ضمور العضلات أمام مقر الحكومة بطرابلس (رابطة مرضى ضمور العضلات في ليبيا)

قبل عقدين من الزمان، بدأت فصول معاناة المواطن الليبي محمد الشيخ؛ بسبب إصابته بمرض «ضمور العضلات»، و«عجز الأطباء» عن تشخيص مرض نادر أصاب عضلاته بالتكلس في سنة 2005، حسب قوله.

حالة الليبي محمد، الذي ينتمي إلى مدينة مصراتة (غرب)، والذي يطالب سلطات بلده بالاهتمام بعلاجه، نموذج مصغر لحالة 1600 مريض يشكون «ضعف الإمكانات الطبية، وبطء الإجراءات الحكومية» لحل أزمتهم التي تفاقمت بعد إسقاط النظام السابق في عام 2011.

ويُرجِع متابعون لهذا الملف ولهؤلاء المرضى، تأزم مشكلتهم إلى الانقسام السياسي، الذي أثر على سرعة استجابة الحكومة لعلاجهم في ليبيا أو خارجها على النحو الذي يطالبون به.

لقاء سابق بين وزير الصحة بحكومة الدبيبة رمضان أبو جناح وعدد من المرضى (رابطة مرضى ضمور العضلات في ليبيا)

وللعلم، فإن حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، أعلنت الأسبوع الماضي، إطلاق «برنامج وطني» يضمن علاج هذه الفئة، وشُكِّلت لجنة لهذا الأمر.

رحلة الألم

بدأت رحلة معاناة محمد (34 عاماً)، التي رواها لـ«الشرق الأوسط» مع التشخيص، والبحث عن علاج في دول الجوار، ليكتشف أن «إصابته مزمنة وتحتاج إلى رعاية صحية خاصة، لا توفرها المرافق الصحية في ليبيا»، ونتيجة لذلك استمرّت معاناته معها منذ 2011.

محمد الشيخ من بين 739 حالة إصابة وثَّقتها سجلات «رابطة مرضى ضمور العضلات في ليبيا» من إجمالي 1600 مريض، تقول وزارة الصحة بغرب ليبيا إنها تسلَّمت ملفاتهم من كل مناطق ليبيا في فبراير (شباط) 2024.

وسبق أن عبَّر وزير الصحة بحكومة الدبيبة، رمضان أبو جناح، عن أسفه لتأخر معالجة هؤلاء المرضى، بعد سلسلة مراسلات استعجالية من رئيس ديوان المحاسبة، خالد شكشك، إلى جهات حكومية، ووُجِّهت مجموعة من الانتقادات إلى حكومة «الوحدة» في سبتمبر (أيلول) الماضي، إثر وفاة 3 أطفال مصابين بهذا المرض في بنغازي (شرق) وسبها (جنوب)، والعاصمة طرابلس (غرب).

الليبي محمد الشيخ (رابطة مرضى ضمور العضلات في ليبيا)

ويرى مهتمون بهذا الملف أن قرار الدبيبة القاضي بإعداد «برنامج وطني» لمرضى ضمور العضلات، وتشكيل لجنة بهذا الشأن، يمثلان مجرد جانب من الحلول الطبية والاجتماعية والنفسية لهذه المأساة، وهو ما تمناه محمد أبو غميقة، رئيس «رابطة مرضى ضمور العضلات في ليبيا».

لكن على نطاق أوسع، لا ترى الرابطة حلاً جذرياً لهذه الأزمة الصحية سوى «إنشاء مستشفى متخصص، ووحدات رعاية بالمستشفيات الكبرى في البلاد»، وفق أبو غميقة لـ«الشرق الأوسط».

وعلاوة على التواصل مع «الوحدة الوطنية»، فإن الرابطة سعت للاتصال بالبرلمان، والحكومة ببنغازي في شرق البلاد، برئاسة أسامة حماد.

وفي هذا السياق، كشف أبو غميقة عن «مراسلات مسجلة موجهة من الرابطة إلى البرلمان في بنغازي»، تقرُّ بأنَّ المرضى «يدفعون فاتورة الانقسام السياسي»، وعدد العراقيل التي يواجهها هذا الملف، من بينها «بطء توفير الأدوية والميزانيات اللازمة لذلك... نحن مرضى ومساعدتنا تنطلق من مبدأ إنساني بحت، ولذلك لا نعتد بالانقسامات السياسية».

مرض نادر

يعد «ضمور العضلات» مرضاً نادراً، قد ينجم عن طفرات وراثية تفقد المريض نسيجه العضلي تدريجياً، لتصبح أقل حجماً وأكثر هشاشة مع الوقت، وتعوق القدرة على الحركة مع مرور الوقت.

وفي عموم ليبيا، تتعدد أنواع الإصابة بالمرض بين «ضمور عضلات شوكي»، و«دوشين» و«بيكر» و«حزام طرفي»، و«وجهي» و«كتفي»، أو «طفرات نادرة»، بحسب الرابطة.

ووفق «رابطة مرضى ضمور العضلات في ليبيا»، قد تضمّ العائلة الواحدة 6 مرضى، ويسكن بعضهم في مناطق نائية، ويشكون غياب المنح الاجتماعية والرواتب التضامنية، التي قد لا تتعدى 650 ديناراً، إن وُجدت، إلى جانب نقص الأدوات المعينة والتعويضية. (الدولار يساوي 4.84 دينار في السوق الرسمية).

احتجاج سابق لمرضى ضمور العضلات أمام مقر الحكومة بطرابلس (رابطة مرضى ضمور العضلات في ليبيا)

وفي محاولة حكومة غرب البلاد لإيجاد حل لهذه المشكلة الصحية، أطلقت الهيئة العامة لصندوق التضامن الاجتماعي، في أغسطس (آب) الماضي، حملة لتوفير جميع المعدات والمستلزمات الخاصة، لكن الرابطة تقول إن «الأجهزة رديئة الجودة، وتهالكت».

ويعاني القطاع الصحي في ليبيا من تدهور كبير، ورغم أن السلطات الحاكمة بشرق ليبيا وغربها تقول إنه آخِذ في التعافي، فإن المطالبات لا تنقطع بعلاج المرضى في الخارج.

وتدرج أمل العلوي، الباحثة والأكاديمية بقسم العلوم السياسية في جامعة طرابلس، هذه المعاناة ضمن «تحديات عديدة تعانيها ليبيا منذ أكثر من عقد وحتى قبل 2011»، مشيرة لـ«الشرق الأوسط» إلى «انعكاس الأوضاع في ليبيا على حياة المواطنين، خصوصاً الفئات الضعيفة، ويعد مرض ضمور العضلات أحد أوجه تلك المعاناة».

وتلقي العلوي باللائمة على «الانقسام السياسي، وتردي الوضع الأمني، والتحديات الاقتصادية التي تشتت الجهود، وتضعف قدرة الحكومة على تقديم الرعاية الصحية اللازمة، مع التكلفة العالية للعلاج، وقلة المراكز والكوادر المتخصصة».

وأمام هذا الوضع، تمسَّك محمد الشيخ بحق المرضى في تنظيم وقفات احتجاجية أمام مقر حكومة الدبيبة والبرلمان، في غرب وشرق ليبيا، وهو ما تراه العلوي «أمراً مقبولاً، خصوصاً أن وعي المرضى بحقوقهم أحد جوانب الحل».