ضحايا هجمات اليمين المتطرف أكثر بمرتين من ضحايا الإرهاب في أميركا

دراسة: نشاط المجموعات المؤمنة بتفوق البيض يدحض التصورات التقليدية المرتبطة بـ11 سبتمبر

ضحايا هجمات اليمين المتطرف أكثر بمرتين من ضحايا الإرهاب في أميركا
TT

ضحايا هجمات اليمين المتطرف أكثر بمرتين من ضحايا الإرهاب في أميركا

ضحايا هجمات اليمين المتطرف أكثر بمرتين من ضحايا الإرهاب في أميركا

على مدار الأربعة عشر عاما التي أعقبت هجمات 11 سبتمبر، عادة ما كان المتطرفون ينفذون هجمات مميتة أصغر حجما في الولايات المتحدة، وفسروا دوافعهم، من خلال تصريحات عبر شبكة الإنترنت أو وسائل التواصل الاجتماعي. لكن انهيار الآيديولوجيات المتطرفة التي تقف وراء تلك الهجمات قد يكون مفاجئا؛ فمنذ 11 سبتمبر 2001، بلغ عدد من لحقوا حتفهم قتلا على يد المتطرفين الذي يؤمنون بتفوق البيض، والمتعصبين المناهضين للحكومات وغيرهم من المتطرفين، تقريبًا ضعف عدد أولئك الذين قتلهم متطرفون مسلمون، فقد تم قتل 48 شخصا على يد متطرفين من غير المسلمين مقارنة بـ26 شخصا قتلهم أشخاص أعلنوا أنفسهم متشددين بشكل منفرد، وفقا لإحصاء لمركز «نيو أميركا» البحثي في واشنطن.
كما كان قتل 9 أميركيين من أصل أفريقي في كنيسة في تشارلستون (ولاية ساوث كارولينا)، الأسبوع الماضي، على واحد من المتطرفين المؤمنين بتفوق البيض، الذي وجهت لهم تهم بالقتل بمثابة قضية شديدة الوحشية. لكنها فقط الأخيرة ضمن سلسلة من الهجمات المميتة التي ينفذها أشخاص مشبعون بالكراهية العنصرية، والعداء للحكومات ونظريات كتلك التي تتبناها حركة «سيادة المواطن»، التي تنكر شرعية معظم القوانين الوضعية. وأدت الهجمات إلى إزهاق أرواح ضباط شرطة، وأعضاء بأقليات عرقية أو دينية ومدنيين تم قتلهم عشوائيا.
ونفذ المتطرفون من غير المسلمين 19 اعتداء من هذا النوع منذ 11 سبتمبر 2001، وفقا لأحدث إحصاء، أعده ديفيد ستيرمان، وهو منسق برنامج بمركز «نيو أميركا»، وأشرف عليه بيتر بيرغان، الخبير في شؤون مكافحة الإرهاب. وبالمقارنة، فقد نفذ المتشددون المسلمون سبعة هجمات مميتة في المدة الزمنية نفسها.
وإذا كانت هذه الأرقام جديدة بالنسبة لعامة الناس، فإنها معروفة لضباط الشرطة. وطلب استطلاع من المقرر نشر نتائج الأسبوع، 382 من أقسام الشرطة وإدارات مأموري الشرطة في أنحاء البلاد تصنيف أكبر ثلاثة تهديدات من التطرف العنيف في المناطق الواقعة تحت إشرافهم. حدد 74 في المائة العنف المناهض للحكومات، بينما حدد 39 في المائة العنف «المنقول عن تنظيم القاعدة»، وفقا للباحثين، تشارلز كيرزمان من جامعة نورث كارولينا، وديفيد شانزر من جامعة ديوك.
وقال الدكتور كيرزمان، الذي يفترض أن يقوم مركز المثلث حول الإرهاب والأمن الداخلي وكذلك منتدى الأبحاث التنفيذي للشرطة بنشر دراسته: «لقد أبلغتنا هيئات إنفاذ القانون في أنحاء البلاد بأن التهديد المقبل من متطرفين مسلمين أكبر بكثير من ذلك المقبل من المتطرفين اليمينيين».
وقال جون جي هورغان، الذي يدرس الإرهاب بجامعة ماساتشوستس لويل، إن عدم التطابق بين تصورات الجمهور والقضايا الفعلية أصبح باستمرار أكثر وضوحا لدى الباحثين. وأضاف هورغان: «هناك قبول الآن بفكرة أن التهديد المقبل من الإرهاب في الولايات المتحدة قد تم التهويل من شأنه، وهناك اعتقاد بأن التهديد من اليمين والعنف المعادي للحكومات جرى التقليل منهما».
ويعد إحصاء قضايا الإرهاب مشروعًا مشوبًا على نحو شائع بعدم الموضوعية، إذ يعتمد على تعريفات وأحكام متبدلة؛ ففي حال تم تعريف الإرهاب على أنه آيديولوجيا عنيفة، على سبيل المثال، فهل يعتبر أحد المهاجمين إرهابيا لمجرد أن تحدث بحديث عدواني في الدين أو السياسة أو العرق؟
في تشابل هيل بولاية نورث كارولينا، هناك رجل تم اتهامه بإطلاق النار المميت على 3 جيران مسلمين، وكان الرجل قد نشر انتقادات دينية ساخطة، لكن كان لديه كذلك تاريخ من المشاحنات بسبب قضايا تتعلق بركن السيارات. (مركز نيو أميركا لا يشمل هذا الهجوم في إحصائه).
كذلك، ماذا عن أعمال القتل الجماعي التي لا تكون فيها أي آيديولوجيا واضحة، كالذي وقع بأحد مسارح كولورادو وفي مدرسة ثانوية في كونيتيكيت في 2012؟ تستبعد المعايير التي يستخدمها مركز «نيو أميركا» وغيره من المجموعات البحثية مثل تلك الاعتداءات، والتي تكون كلفتها البشرية أعلى بكثير من الهجمات التي تكون بوضوح مرتبطة بالآيديولوجيات.
إن بعض عمليات القتل على يد غير المسلمين، التي يصنفها معظم الخبراء، على أنها إرهاب، لم تجتذب سوى تغطية إعلامية عابرة، ولم تعلق أبدا بذاكرة الجمهور. ولكن المرء لا يملك إلا أن يتساءل لماذا، وهو يعيد النظر في بعض من هذه الحلقات.
في 2012، دخل نازي جديد اسمه ويد مايكل بيج معبدا للسيخ في ويسكونسن وفتح النار، فقتل 6 أشخاص وأصاب 3 آخرين بجروح بالغة. كان بيج الذي قُتل في مشهد الهجوم، عضوًا بجماعة تؤمن بسيادة البيض اسمها «مطرقة الجلود الشمالية».
وفي قضية أخرى، في يونيو (حزيران) 2014، دخل جيراد وأماندا ميلر، وهما زوجان يحملان آراء متشددة في العداء للحكومة ونازية جديدة، مطعما للبيتزا في لاس فيغاس وأطلقا النار بشكل مميت على اثنين من ضباط الشرطة كانا يتناولان غداءهما. وترك المهاجمان على الجثتين صليبا معقوفا، وراية منقوشا عليها شعار «لا تخط فوقي» وملاحظة تقول: «هذه بداية الثورة». وقاما بعدها بقتل شخصًا ثالثًا في سوبر ماركت «وولمارت».
وكما في حالة المخططات الإرهابية، كان هناك تخريجات واقعية. ففي نوفمبر (تشرين الثاني) 2014، في أوستن، بولاية تكساس، أطلق رجل اسمه لاري ماك أكثر من 100 دفعة من الرصاص على مبانٍ حكومية، ولم يصب هجومه أي شخص بأذى، وقتله ضابط شرطة قبل أن يتمكن من تفجير أسطوانة تحتوي على غاز البروبان كان قد أحضرها إلى مشهد الواقعة.
يشكو بعض مناصري المسلمين من أنه عندما يكون مرتكب إحدى الهجمات من غير المسلمين، فإن المعلقين في وسائل الإعلام سرعان ما يركزون على الاستفسار حول صحته العقلية. وقال عبد القادر أصمل، وهو طبيب متقاعد وناطق باسم الجماعات المسلمة في بوسطن منذ وقت طويل: «مع غير المسلمين، تتقهقر وسائل الإعلام إلى الوراء لتتعرف على الصفات النفسية التي ربما ألقت بهؤلاء إلى الهاوية، وفي حين كان (المعتدون) مسلمين، فإن الافتراض يكون أنهم لا بد أنهم فعلوا ذلك بسبب دينهم».
في عدة مناسبات، منذ تولى الرئيس باراك أوباما منصبه، لاقت جهود الهيئات الحكومية لإجراء بحوث حول التطرف اليميني، مقاومة من الجمهوريين، الذين اشتبهوا بأن يكون ذلك محاولة لتشويه المحافظين. وفي ظل انتقادات من المحافظين، تم حجب تقرير صادر عن وزارة الأمن الداخلي في عام 2009، كان يحذر من ضعف الاقتصاد إلى جانب انتخاب أول رئيس أسود قد يؤديان إلى ردة فعل عنيفة من المتطرفين البيض.
وفي توقيت لاحق، اتهم داريل جونسون، المؤلف الرئيس للتقرير، وزارة الأمن الداخلي بـ«الخوف» غير المبرر من مثل ذلك البحث.
وقال ويليام برانيف، المدير التنفيذي لـ«الائتلاف الوطني لدراسة الإرهاب والاستجابات للإرهاب» في جامعة ميريلاند، إن الخوف المبالغ فيه من العنف يعكس ذكريات 11 سبتمبر، والنزاع الطائفي واسع النطاق في الخارج والشك في تيار من الإسلام يبدو غريبا لكثير من الأميركيين. وقال: «نحن نفهم المتطرفين البيض، لكننا فعلا لا نشعر بأننا نفهم القاعدة التي تبدو معقدة جدًا وأجنبية، بحيث يصعب إدراك كنهها».
وتعود المسألة الإشكالية المتعلقة بالتصورات المنحازة للتهديدات الإرهابية إلى ما لا يقل عن عقدين من الزمن، عندما دمر انفجار شاحنة مفخخة المبنى الفيدرالي في مدينة أوكلاهوما سيتي في أبريل (نيسان) 1995. افترضت بعض التكهنات الأولية لوسائل الإعلام أن متشددين مسلمين يقفون وراء الهجوم. غير أنه سرعان ما وضع القبض على تيموثي ماكفي، وهو متطرف معادٍ للحكومة، نهاية لمثل تلك النظريات. ويظل التفجير الذي قتل 168 شخصا، بينهم 19 طفلا، ثاني أكثر هجوم إرهابي مميت في التاريخ الأميركي، وإن كانت حصيلته تتضاءل أمام الثلاثة آلاف الذين قتلوا في 11 سبتمبر 2001.
وقال الدكتور هورغان الباحث باجمعة ماساتشوستس: «إذا كان هناك درس واحد يبدو أننا نسيناه بعد مرور 20 عاما على (هجوم) أوكلاهوما سيتي، فهو أن التطرف العنيف يأتي في كل الأشكال والأحجام، وهو في كثير من الأحيان يأتي من أبعد الأماكن عن ذهنك».

* خدمة «نيويورك تايمز»



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.


بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.


واشنطن: مادورو غير شرعي

نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)
نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)
TT

واشنطن: مادورو غير شرعي

نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)
نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)

قالت الولايات المتحدة اليوم (الثلاثاء)، إنها ما زالت ترفض اعتبار نيكولاس مادورو الرئيس الشرعي لفنزويلا، وتعترف بسلطة الجمعية الوطنية المُشَكَّلة عام 2015 بعد أن حلت المعارضة «حكومتها المؤقتة».
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس للصحافيين: «نهجنا تجاه نيكولاس مادورو لا يتغير. إنه ليس الرئيس الشرعي لفنزويلا. نعترف بالجمعية الوطنية المُشَكَّلة عام 2015»، وفق ما أفادت به وكالة الصحافة الفرنسية.
ولدى سؤاله عن الأصول الفنزويلية، ولا سيما شركة النفط الفنزويلية في الولايات المتحدة، قال برايس إن «عقوباتنا الشاملة المتعلقة بفنزويلا والقيود ذات الصلة تبقى سارية. أفهم أن أعضاء الجمعية الوطنية يناقشون كيف سيشرفون على هذه الأصول الخارجية».