فيلم «قبل الغروب» يرصد حكايات إنسانية في شمال سيناء

وصل للتصفيات النهائية بالمهرجان المصري الأميركي للسينما

«بيت الكرامة» اختاره المخرج المصري علي مصطفى بطلاً لفيلمه «قبل الغروب»
«بيت الكرامة» اختاره المخرج المصري علي مصطفى بطلاً لفيلمه «قبل الغروب»
TT

فيلم «قبل الغروب» يرصد حكايات إنسانية في شمال سيناء

«بيت الكرامة» اختاره المخرج المصري علي مصطفى بطلاً لفيلمه «قبل الغروب»
«بيت الكرامة» اختاره المخرج المصري علي مصطفى بطلاً لفيلمه «قبل الغروب»

في قرى محافظة شمال سيناء، تلك البقعة المصرية، التي عانت طويلاً من ويلات الإرهاب خلال العقد الأخير، يحاول الفيلم الوثائقي القصير «قبل الغروب»، لمخرجه المصري الشاب علي مصطفى، رصد واقع إنساني عاشه أهالي المحافظة في ظل تلك الظروف.
اختار الفيلم، الذي وصل قبل أيام للتصفيات النهائية في المهرجان المصري الأميركي للسينما والفنون في دورته الثانية، تسليط الضوء تحديداً على «حي الكرامة»، الكائن بشرق مدينة العريش، والذي ظل لسنوات طويلة رهين حظر التجوال في المساء، بسبب الدواعي الأمنية بالمنطقة، وهو ما حرم الحي وسكانه من الكثير من مظاهر الحياة الطبيعية ومتطلباتها ومعظم الخدمات الأساسية.
أمام هذه الظروف؛ بادر مجموعة من شباب الحي بإنشاء بيت ثقافي بسيط بإمكانيات محدودة، تحت اسم «بيت الكرامة»، الذي يقدم أنشطة تعليمية ورياضية وفنية للحي، وهو البيت الذي اختاره المخرج المصري بطلاً لفيلمه.
يقول مصطفى لـ«الشرق الأوسط»: «مع الواقع المُر الذي كان يحياه حي الكرامة بفعل الإرهاب، اختار مجموعة من شباب الحي أن يواجهوا الواقع الصعب المفروض على حيّهم، فاختاروا تأسيس (بيت الكرامة) ليكون أول بيت ثقافي اجتماعي ترفيهي في محافظة شمال سيناء، واستطاعوا من خلاله أن يساعدوا أطفال الحي في مجالات مختلفة تعليمية وترفيهية واجتماعية بتعليمهم الدروس المدرسية واللغات وفنون الرسم والموسيقى، وهو ما اخترت تسليط الضوء عليه، وكيف استفادت أعداد كبيرة من الأطفال من هذه الخدمة المجانية، وكيف يفكر القائمون على المبادرة من الشباب، بما يجعل الفيلم داعماً معنوياً لهم وتشجيعاً لهم على استمرار تجربتهم في ظل ظروفهم الصعبة».
في 8 دقائق، يقدم الفيلم الذي استغرق تصويره نحو 5 أشهر، معايشة في «بيت الكرامة»، عبر جولات بالكاميرا بين قصة البيت ومشاكل الحي، مُركزاً على الجانب الإنساني للأطفال، حيث تتنقل مشاهده بين ذهاب الأطفال إلى البيت لتلقي الدروس وتعلم المهارات، وبين لعبهم لكرة القدم، كما تركز مشاهد أخرى على القائمين على مبادرة البيت، بإجراء مقابلات معهم ومعايشة لهم وقت التدريس، ويلفت صاحب الفيلم إلى نهايته التي تعكس رفع الحظر وفتح الحي العام الماضي، ليأتي مشهد النهاية بطفلة تغني فرِحة في تلقائية الأغنية الشهيرة «يا حبيبتي يا مصر».
ويبيّن مصطفى أن اسم «قبل الغروب» مستوحى من ذلك التوقيت الذي كان يسبق فرض حظر التجوال، وكيف كان يهم سكان الحي بالدخول إليه قبل غروب الشمس، فلا دخول للحي بعد موعد الغروب.
ويوضح مخرج الفيلم أن فيلمه تجاوز أول مرحلة في المهرجان المصري الأميركي للسينما والفنون في دورته الثانية من بين 150 فيلماً مشاركاً من الوطن العربي، ثم كان وصوله للتصفيات النهائية مع 27 فيلماً آخرين، متابعاً: «لا يهمني الفوز، فقد أدى الفيلم مهمته بنقل صوت الحي، فنحن نقدم السينما لكي نعرض مشكلات الناس، ومناقشتها، وأن نكون جزءاً من حلها، وعاملاً مؤثراً في حياة الناس».
بخلاف ذلك؛ يعمل مصطفى على عدة مشروعات فوتوغرافية وقصص مصورة، يحاول من خلالها توثق الهوية البصرية لشمال سيناء، بدأها بمشروع «لماذا يعودون إلى الشمال؟»، الذي يوثق حياة الناس التي عادت لقراها وبيوتها في 2021 بعد الإعلان عن خلوها من الإرهاب: «ذهبت بكاميرتي لأوثق مشاهد أول عودة للأهالي إلى منازلهم المدمرة بسبب الحرب على الإرهاب، حيث يوثق هذا المشروع شكل الحياة التي عاد إليها الأهالي بعد 7 سنوات من الغياب».
المشروع الثاني يحمل اسم «العريش وما رأيت»، وهو مشروع توثيقي يهدف لاكتشاف شكل الحياة اليومية في مدينة العريش، وفيه نتعرف على علاقة أهل العريش بالبحر الذي يعد المتنفس الوحيد لهم، وعلاقة الناس بالسوق القديمة أو «سوق الخميس» الأسبوعية، والذي يرجع تاريخها إلى عام 1914 ميلادياً، حيث عهد السلطان حسين، وكذلك يوثق المشروع لمنطقة «شاليهات السعد» على أطراف المدينة، والتي أزيلت لتوسعة ميناء العريش البحري.
أما المشروع الثالث، فيقول عنه: «(سيناء الهوى والهوية) هو مشروعي الثالث حول عادات شمال سيناء، ومنها احتساء الشاي، وكيف هي عادة قديمة من عادات أهلها الذين يجتمعون ويكون إعداد الشاي على الحطب مشروباً أساسياً لتجمع العائلة ولاستقبال الضيوف، كما أوثق الزراعات التي تشتهر بها شمال سيناء، مثل الزيتون وحصاده السنوي، وكيف أنه جزء من هوية مواطنيها، وكذلك زراعة البطيخ على ماء المطر».
ويكشف مصطفى عن أمنيته في عمل أفلام عديدة وقصص مصورة أخرى عن محافظته شمال سيناء، التي برأيه لم تأخذ حقها فنياً، رغم أنها مكان غني بصرياً، كما أن وجوه أهلها وزيهم وحياتهم مُلهمة للكاميرا.



مهرجان للفيلم الأوروبي في العاصمة طرابلس لكسر حاجز الانقسام

بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي المشارك في مهرجان الفيلم الأوروبي بطرابلس (السفارة الفرنسية)
بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي المشارك في مهرجان الفيلم الأوروبي بطرابلس (السفارة الفرنسية)
TT

مهرجان للفيلم الأوروبي في العاصمة طرابلس لكسر حاجز الانقسام

بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي المشارك في مهرجان الفيلم الأوروبي بطرابلس (السفارة الفرنسية)
بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي المشارك في مهرجان الفيلم الأوروبي بطرابلس (السفارة الفرنسية)

بعيداً عن التكلس السياسي الذي تعانيه ليبيا، انطلق في العاصمة طرابلس مهرجان للفيلم الأوروبي تحت إشراف بعثة الاتحاد الأوروبي إلى البلاد، بالتعاون مع الهيئة العامة للسينما والمسرح والفنون، في خطوة تستهدف توسيع الشراكة الثقافية وكسر حاجز الانقسام، من خلال تجميع الليبيين بالثقافة والفن.

وتشارك في النسخة الأولى من المهرجان، التي انطلق الأحد، 5 سفارات أوروبية عاملة في ليبيا، بأعمال يتم عرضها للجمهور مجاناً لمدة 5 أيام، تنتهي الخميس المقبل. وعبّر سفير بعثة الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا، نيكولا أورلاندو، عن سعادته لافتتاح أول مهرجان سينمائي ليبي - أوروبي في طرابلس، إلى جانب الهيئة العامة للسينما والمسرح والفنون، وسفارات فرنسا وألمانيا وإيطاليا ومالطا وإسبانيا. وعدّ هذا الحدث «علامة فارقة في الشراكة الثقافية بين ليبيا والاتحاد».

ويعرض مساء اليوم (الاثنين) فيلم «راعي البقر من الحجر الجيري» المقدم من سفارة مالطا، بقاعة الهيئة العامة للسينما والمسرح في شارع الزاوية بطرابلس، التي دعت الجمهور للاستمتاع بمشاهدته.

البوستر الترويجي لفيلم «فتاة عادت» الإيطالي (إدارة المرجان)

وبجانب الفيلم المالطي، فإن العروض المفتوحة للجمهور تتضمن، وفق ما أعلنت إدارة المهرجان، ورئيس بعثة الاتحاد، «طفلة عادت» من إيطاليا، و«قصر الحمراء على المحك»، إسباني، ويعرض الثلاثاء، ثم «كليو» (ألمانيا) الذي يعرض للجمهور الأربعاء، على أن يختتم المهرجان بفيلم «عاصفة» الفرنسي.

ولوحظ أن الدول المشاركة في المهرجان حرصت على تروّج الأعمال المشاركة، من هذا المنطلق دعا المركز الثقافي الفرنسي والسفارة الفرنسية في ليبيا الجمهور الليبي لحضور الفيلم الفرنسي الذي أخرجه كريستيان دوغواي، وقالا في رسالة للجمهور الليبي: «نحن في انتظاركم لتشاركونا هذه اللحظة السينمائية الاستثنائية».

جانب من افتتاح مهرجان الفيلم الأوروبي في طرابلس (البعثة الأوروبية إلى ليبيا)

وكان رئيس هيئة السينما والمسرح والفنون، عبد الباسط بوقندة، عدّ مبادرة الاتحاد لإقامة المهرجان «خطوة إيجابية في مسار الشراكة بين ليبيا، متمثلة في هيئة السينما والمسرح والفنون، والاتحاد الأوروبي والدول الخمس المشاركة».

وأضاف بوقندة، في كلمة الافتتاح، الذي بدأ الأحد بعرض الأفلام، أن المناسبة «تفتح آفاقاً واسعة في مجالات السينما كواحدة من أهم أنواع التواصل بين الشعوب ومرآة عاكسة لكثير من القضايا الاجتماعية والإنسانية والثقافية التي تسهم بفاعلية في توعية الناس، وتدفع بهم تجاه الارتقاء والإحساس بالمسؤولية».

بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي (السفارة الفرنسية لدى ليبيا)

وخلال مراسم الافتتاح، عُرض فيلم «شظية» الليبي الذي أنتج في الثمانينات، من تأليف الأديب الليبي المعروف إبراهيم الكوني، ويحكي قصة معاناة الليبيين مع الألغام التي زرعت في صحراء ليبيا خلال الحرب العالمية الثانية، وراح ضحيتها كثير من المواطنين في مدن ومناطق مختلفة من البلاد.

وبجانب العروض السينمائية في ليبيا، تُجمّع الفنون في ليبيا عادةً من فرقت بينهم السياسة، ويحشد المسرح على خشبته ممثلين من أنحاء البلاد، كانت قد باعدت بينهم الآيديولوجيات في زمن ما، يحكون جميعاً أوجاعهم عبر نصوص ولوحات إبداعية، ويفتحون نوافذ جديدة للتلاقي والحوار بعيداً عن النزاع والانقسام السياسي.

وسبق أن تعطلت الحركة الفنية المسرحية في ليبيا، مُتأثرة بالفوضى الأمنية التي شهدتها ليبيا عقب اندلاع ثورة «17 فبراير» التي أسقطت نظام الرئيس الراحل معمر القذافي عام 2011. لكن مع الاستقرار النسبي الذي تشهده ليبيا يظل الرهان على الفن في اختبار الانقسام السياسي، الذي ضرب البلاد، لتوحيد الليبيين.