بعيد ميلاده السبعين... 7 لحظات محورية في حياة بوتين

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ف.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ف.ب)
TT

بعيد ميلاده السبعين... 7 لحظات محورية في حياة بوتين

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ف.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ف.ب)

يصادف غداً (الجمعة) 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2022، عيد ميلاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين السبعين.
وفي ظل تسببه في أزمة وقلق عالميين في الفترة الأخيرة على وجه التحديد، ذكرت شبكة «بي بي سي» البريطانية أن هناك 7 لحظات محورية في حياة بوتين ساهمت في تشكيل عقله وتفكيره بشكل كبير، وهي:
1 - تعلُم الجودو عام 1964:
ولد فلاديمير الصغير في مدينة لينينغراد ولا يزال يعاني من ندوب حصارها الذي استمر 872 يوماً في الحرب العالمية الثانية.
وأثناء تواجده في المدرسة، كان بوتين فتى قوياً وعنيفاً، حيث سبق أن ذكر أعز أصدقائه أنه كان «يمكنه الدخول في قتال مع أي شخص بالمدرسة لأنه لم يكن لديه خوف».
ومع ذلك، احتاج هذا الصبي الصغير نحيل الجسم إلى تعلم فنون قتالية تساعده على العيش في مدينة اجتاحتها عصابات الشوارع. وفي سن الثانية عشرة، تعلم بوتين السامبو، وهو أحد فنون القتال الروسية، ثم الجودو.

وكان بوتين شديد الانضباط والتفوق في الجودو، وعندما بلغ الثامنة عشرة من عمره حصل على الحزام الأسود والمركز الثالث في المسابقة الوطنية للناشئين.
وبالطبع، أثر هذا الأمر على شخصيته القوية التي أصبح العالم ينظر لها الآن على أنها «لا تعرف الخوف»، كما جعل بوتين يشعر وكأنه محاط بالخطر دائماً ويحتاج إلى القتال والدفاع عن نفسه بشكل استباقي.
وسبق أن قال الرئيس الروسي في إحدى المناسبات إنه «عندما يكون الشخص في معركة لا مفر منها، يجب أن يضرب أولاً بشكل استباقي، ويضرب بقوة حتى لا يقوم خصمه بالوقوف على قدميه».
2 - طلب وظيفة في جهاز الاستخبارات السوفياتية «كي جي بي» عام 1968:
في حين تجنب أغلب الناس الذهاب إلى مقر جهاز الاستخبارات السوفياتية في مدينة لينينغراد أو المرور بالقرب منه حتى، خوفاً من الاستجواب أو التعرض للاعتقال لأي سبب، فقد كان الأمر مختلفاً تماماً بالنسبة لبوتين.
فعندما كان في السادسة عشرة من عمره، دخل الرئيس الروسي الحالي مكتب الاستقبال في الـ«كي جي بي» وسأل الضابط الذي يجلس خلف المكتب عن كيفية الانضمام إلى الجهاز.

ورد الضابط، الذي شعر بارتباك شديد من تصرف بوتين، بقوله إنه بحاجة إلى إكمال الخدمة العسكرية أو الحصول على درجة علمية. وعندها سأل الرئيس الروسي عن الدرجة الأفضل التي ينبغي الحصول عليها لينصحه الضابط بالحصول على بكالوريوس في القانون.
وقد فعل بوتين ذلك بالفعل، وبعد تخرجه في جامعة ولاية لينينغراد، انضم إلى جهاز الاستخبارات السوفياتية بالفعل.
ويقول الخبراء إن سعي بوتين للانضمام لـ«كي جي بي» جاء نتيجة لشعوره بأن الجهاز هو «أكبر عصابة في المدينة» يمكنها توفير الأمن والأمان له.
بالإضافة إلى ذلك، فقد وفر العمل في جهاز الاستخبارات السوفياتية فرصة لبوتين لفرض شخيصته القوية القيادية، حيث سبق أن قال بنفسه عن أفلام التجسس التي شاهدها عندما كان مراهقاً: «يمكن لجاسوس واحد أن يقرر مصير آلاف الأشخاص».
3 - محاولة المحتجين الألمان اقتحام مبنى الاستخبارات السوفياتية عام 1989:
كان بوتين يعمل في مقر الاستخبارات السوفياتية السابق في ألمانيا منذ عام 1985.
ولكن في نوفمبر (تشرين الثاني) 1989. بدأ نظام ألمانيا الشرقية في الانهيار بسرعة مذهلة، في فترة سقوط جدار برلين الذي كان يفصل بين شطريها، وهو ما أصبح رمزاً تاريخياً لبدء توحيد ألمانيا الشرقية والغربية.

واندلعت احتجاجات شديدة في ألمانيا، وفي 5 ديسمبر (كانون الأول)، حاصر حشد من أولئك المحتجين مبنى الاستخبارات السوفياتية، قبل أن يتصل بوتين بأقرب قوة من الجيش الأحمر (الجيش السوفياتي)، ليقول له قائد القوة: «لا يمكننا فعل أي شيء من دون أوامر من موسكو. وموسكو صامتة حتى الآن».
وأخذ بوتين على عاتقه مهمة المفاوضات مع الحشد الغاضب ونجح في إنهاء الحصار دون وقوع إصابات.
وقد أثر هذا الموقف في حياة بوتين بشكل كبير، وقرر أن يفعل أي شيء لئلا يتعرض لأي حصار أو خوف من الانهيار المفاجئ للسلطة المركزية في حياته فيما بعد.
4 - صفقة «النفط مقابل الغذاء» عام 1992:
ترك بوتين «كي جي بي» عندما انهار الاتحاد السوفياتي، لكنه سرعان ما حصل على منصب مساعد لرئيس البلدية الإصلاحي الجديد لما يعرف الآن بسانت بطرسبرغ.
وكان الاقتصاد في حالة من السقوط الحر، وكُلف بوتين بإدارة صفقة لمحاولة مساعدة سكان المدينة على تدبر أمورهم، وهذه الصفقة هي عبارة عن مبادلة ما قيمته 100 مليون دولار من النفط والمعادن بالطعام.
من الناحية العملية، لم يتم حل أزمة الطعام بين السكان، وبدلاً من ذلك، ووفقاً لتحقيق أجري فيما بعد، فقد كسب بوتين وأصدقاؤه ورجال العصابات في المدينة أموالاً كثيرة من هذه الصفقة واحتفظوا بها في جيوبهم.
ويقول الخبراء إن هذا الموقف كان بداية سعي بوتين للاستفادة من منصبة لتحقيق مكاسب شخصية.
5 - غزو جورجيا عام 2008:
عندما أصبح بوتين رئيساً لروسيا في عام 2000. كان يأمل في أن يتمكن من بناء علاقة إيجابية مع الغرب بشروطه الخاصة، وأن يكون لبلاده نفوذ ضخم مثل نفوذها خلال حقبة الاتحاد السوفياتي. ولكنه سرعان ما أصيب بخيبة أمل، وشعر بأن الغرب كان يحاول بنشاط عزل روسيا وتحقيرها.
وعندما تحدث الرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي عن فتح الناتو الباب أمام بلاده للانضمام إلى الحلف، شعر بوتين بغضب شديد، غذّاه بعد ذلك محاولة جورجيا لاستعادة السيطرة على منطقة أوسيتيا الجنوبية الانفصالية المدعومة من روسيا، وهي المحاولة التي استخدمتها موسكو فيما بعد ذريعة لعملية عقابية ضد جورجيا.

وفي غضون خمسة أيام، حطمت القوات الروسية الجيش الجورجي وفرضت سلاماً مهيناً على ساكاشفيلي.
وكان الغرب غاضباً جداً من بوتين، لكن في غضون عام، عرض الرئيس الأميركي باراك أوباما «إعادة ضبط العلاقات» مع روسيا، حتى أن موسكو مُنحت حق استضافة كأس العالم لكرة القدم 2018.
وبالنسبة لبوتين، رأى بوتين أن هذا الموقف يدل على أن الغرب الضعيف والمتقلب قد ينفجر ويغضب ويهدد لكنه في النهاية يتراجع عندما يتعلق الأمر بمصالحه.
6 - احتجاجات في موسكو بين عامي 2011 و2013:
أدى الاعتقاد الواسع بأن الانتخابات البرلمانية لعام 2011 قد تم تزويرها إلى اندلاع احتجاجات اشتدت بشكل أكبر عندما أعلن بوتين أنه سيخوض الانتخابات الرئاسية في عام 2012.
وعُرفت هذه الاحتجاجات باسم «احتجاجات بولوتنايا»، في إشارة إلى ساحة بولوتنايا وسط موسكو التي امتلأت بالمحتجين.

وتم النظر إلى هذه الاحتجاجات على أنها أكبر تعبير عن المعارضة الشعبية في عهد بوتين حتى الآن.
واعتقد الرئيس الروسي أن المسيرات تم إطلاقها وتشجيعها وتوجيهها من قبل واشنطن، وألقى باللوم على وزيرة الخارجية الأميركية آنذاك، هيلاري كلينتون، شخصياً في هذا الأمر.
وشعر بوتين منذ ذلك الوقت على وجه الخصوص أن الغرب يتوعده ويريد إسقاطه بأي شكل، وأنه، في الواقع، يعيش في حالة حرب.
7 - عزلة «كورونا»:
عندما اجتاح فيروس كورونا جميع أنحاء العالم، دخل بوتين في عزلة غير عادية، حيث كان لا يسمح لأي شخص بمقابلته قبل الانعزال لمدة أسبوعين، ثم المرور عبر ممر محاط بالأشعة فوق البنفسجية القاتلة للجراثيم، ثم بوابة تطهير.
في هذا الوقت، تقلص عدد الحلفاء والمستشارين القادرين على مقابلة بوتين شخصياً بشكل كبير.

وتسبب ذلك إلى قلة النقاشات التي كان يجريها بوتين مع المسؤولين والمستشارين، وبالتالي قلة استماعه للآراء البديلة في أزمة أو قضية ما.
ويقول الخبراء إن بوتين اعتاد منذ ذلك الوقت على التفكير بمفرده وأخذ القرارات دون الرجوع لأحد، وهو ما حدث غالباً فيما يخص قراره بغزو أوكرانيا.


مقالات ذات صلة

الكرملين يتهم كييف بمحاولة اغتيال بوتين بمسيرتين

العالم الكرملين يتهم كييف بمحاولة اغتيال بوتين بمسيرتين

الكرملين يتهم كييف بمحاولة اغتيال بوتين بمسيرتين

قال الكرملين الأربعاء إنه أسقط طائرتين مسيّرتين أطلقتهما أوكرانيا، واتّهم كييف بمحاولة قتل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وأوضح الكرملين في بيان: «استهدفت مسيّرتان الكرملين... تم تعطيل الجهازين»، واصفاً العملية بأنها «عمل إرهابي ومحاولة اغتيال رئيس روسيا الاتحادية». وقال الكرملين إن العرض العسكري الكبير الذي يُقام في 9 مايو (أيار) للاحتفال بالنصر على ألمانيا النازية في عام 1945 سيُنظم في موسكو رغم الهجوم بمسيَّرات. ونقلت وكالات الأنباء الروسية عن المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف قوله: «العرض سيقام. لا توجد تغييرات في البرنامج».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
شؤون إقليمية تدشين أول مفاعل نووي لتوليد الكهرباء في جنوب تركيا

تدشين أول مفاعل نووي لتوليد الكهرباء في جنوب تركيا

أكّدت تركيا وروسيا عزمهما على تعزيز التعاون بعد نجاح إطلاق أكبر مشروع في تاريخ العلاقات بين البلدين اليوم (الخميس)، وهو محطة «أككويو» النووية لتوليد الكهرباء التي أنشأتها شركة «روسآتوم» الروسية للطاقة النووية في ولاية مرسين جنوبي تركيا. وأعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، خلال مشاركته إلى جانب نظيره الروسي فلاديمير بوتين، عبر تقنية الفيديو الخميس، في حفل تزويد أول مفاعل للمحطة التركية بالوقود النووي، أن تركيا ستصبح من خلال هذا المشروع واحدة من القوى النووية في العالم.

يوميات الشرق محمد بن سلمان وبوتين يبحثان العلاقات

محمد بن سلمان وبوتين يبحثان العلاقات

أجرى الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي اتصالاً هاتفياً بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس. وقدم الرئيس الروسي في بداية الاتصال التهنئة لولي العهد بعيد الفطر المبارك. وجرى خلال الاتصال استعراض العلاقات الثنائية بين السعودية وروسيا وسبل تطويرها في مختلف المجالات.

«الشرق الأوسط» (جدة)
بوتين يقر بـ«صعوبات» في دونباس

بوتين يقر بـ«صعوبات» في دونباس

اعترف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس الخميس، بالصعوبات التي تواجهها قوات بلاده في إقليم دونباس بشرق أوكرانيا، وطالب بوضع تصورات محددة حول آليات تطوير الحكم الذاتي المحلي في المناطق التي ضمتها روسيا الخريف الماضي. وقال بوتين خلال ترؤسه اجتماعاً لمجلس تطوير الحكم الذاتي المحلي الذي استحدث لتولي الإشراف على دمج المناطق الجديدة، إنه على اتصال دائم مع حاكم دونيتسك دينيس بوشيلين. وخاطب بوشيلين قائلاً: «بالطبع، هناك كثير من المشكلات في الكيانات الجديدة للاتحاد الروسي.

العالم تقرير: المعارضة الروسية مشتتة وتعول على هزيمة في أوكرانيا

تقرير: المعارضة الروسية مشتتة وتعول على هزيمة في أوكرانيا

في روسيا وفي المنفى، أُضعفت المنظمات والمواطنون المناهضون للحرب ولبوتين بسبب القمع وانعدام الوحدة بين صفوفهم، وفق تقرير نشرته الأربعاء صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية. حسب التقرير، يعتبر المعارضون الديمقراطيون الروس أن هزيمة الجيش الروسي أمر مسلَّم به. «انتصار أوكرانيا شرط أساسي للتغيير الديمقراطي في روسيا»، تلخص أولغا بروكوبييفا، المتحدثة باسم جمعية الحريات الروسية، خلال اجتماع نظمه المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري) مع العديد من ممثلي المعارضة الديمقراطية الروسية، وجميعهم في المنفى بأوروبا. يقول المعارضون الروس إنه دون انتصار عسكري أوكراني، لن يكون هناك شيء ممكن، ولا سيما تمرد السكان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

يشكّل تحديث العقيدة النووية لروسيا الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً، تحذيراً للغرب، وفتحاً ﻟ«نافذة استراتيجية» قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب البيت الأبيض، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

«إن تحديث العقيدة النووية الروسية يستبعد احتمال تعرّض الجيش الروسي للهزيمة في ساحة المعركة»، بيان صادر عن رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريتشكين، لا يمكن أن يكون بياناً عادياً، حسب «لوفيغارو». فمن الواضح، حسب هذا التصريح الموجه إلى الغربيين، أنه من غير المجدي محاولة هزيمة الجيش الروسي على الأرض، لأن الخيار النووي واقعي. هذه هي الرسالة الرئيسة التي بعث بها فلاديمير بوتين، الثلاثاء، عندما وقّع مرسوم تحديث العقيدة النووية الروسية المعتمد في عام 2020.

ويدرك الاستراتيجيون الجيوسياسيون الحقيقة الآتية جيداً: الردع هو مسألة غموض (فيما يتعلّق باندلاع حريق نووي) ومسألة تواصل. «وفي موسكو، يمكننا أن نرى بوضوح الذعر العالمي الذي يحدث في كل مرة يتم فيها نطق كلمة نووي. ولا يتردد فلاديمير بوتين في ذكر ذلك بانتظام، وفي كل مرة بالنتيجة المتوقعة»، حسب الصحيفة. ومرة أخرى يوم الثلاثاء، وبعد توقيع المرسوم الرئاسي، انتشرت موجة الصدمة من قمة مجموعة العشرين في كييف إلى بكين؛ حيث حثّت الحكومة الصينية التي كانت دائماً شديدة الحساسية تجاه مبادرات جيرانها في ما يتصل بالمسائل النووية، على «الهدوء» وضبط النفس. فالتأثير الخارق الذي تسعى روسيا إلى تحقيقه لا يرتبط بالجوهر، إذ إن العقيدة النووية الروسية الجديدة ليست ثورية مقارنة بالمبدأ السابق، بقدر ارتباطها بالتوقيت الذي اختارته موسكو لهذا الإعلان.

صورة نشرتها وزارة الدفاع الروسية في الأول من مارس 2024 اختبار إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات تابع لقوات الردع النووي في البلاد (أ.ف.ب)

العقيدة النووية الروسية

في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي حين شنّت قوات كييف في أغسطس (آب) توغلاً غير مسبوق في منطقة كورسك في الأراضي الروسية، رد فلاديمير بوتين بتحديد أنه يمكن استخدام الأسلحة النووية ضد دولة غير نووية تتلقى دعماً من دولة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة. لكن في نسخة 2020 من الميثاق النووي الروسي، احتفظت موسكو بإمكانية استخدام الأسلحة الذرية أولاً، لا سيما في حالة «العدوان الذي تم تنفيذه ضد روسيا بأسلحة تقليدية ذات طبيعة تهدّد وجود الدولة ذاته».

وجاء التعديل الثاني في العقيدة النووية الروسية، الثلاثاء الماضي، عندما سمحت واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ بعيدة المدى: رئيس الكرملين يضع ختمه على العقيدة النووية الجديدة التي تنص على أن روسيا ستكون الآن قادرة على استخدام الأسلحة النووية «إذا تلقت معلومات موثوقة عن بدء هجوم جوي واسع النطاق عبر الحدود، عن طريق الطيران الاستراتيجي والتكتيكي وصواريخ كروز والطائرات من دون طيار والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت». وحسب المتخصصة في قضايا الردع في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)، هيلواز فايت، فإن هذا يعني توسيع شروط استخدام السلاح النووي الروسي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال اجتماع على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 28 يونيو 2019 (رويترز)

انتظار عودة ترمب

لفترة طويلة، لاحظ صقور الاستراتيجية الجيوستراتيجية الروسية أن الردع الروسي تلاشى. وبالنسبة إليهم، فقد حان الوقت لموسكو لإعادة تأكيد خطوطها الحمراء من خلال «إعادة ترسيخ الخوف» من الأسلحة النووية، على حد تعبير سيرغي كاراجانوف، الخبير الذي يحظى باهتمام فلاديمير بوتين. ةمن هذا المنظار أيضاً، يرى هؤلاء المختصون اندلاع الحرب في أوكرانيا، في 24 فبراير (شباط) 2022، متحدثين عن «عدوان» من الغرب لم تكن الترسانة النووية الروسية قادرة على ردعه. بالنسبة إلى هؤلاء المتعصبين النوويين، ينبغي عدم حظر التصعيد، بل على العكس تماماً. ومن الناحية الرسمية، فإن العقيدة الروسية ليست واضحة في هذا الصدد. لا تزال نسخة 2020 من العقيدة النووية الروسية تستحضر «تصعيداً لخفض التصعيد» غامضاً، بما في ذلك استخدام الوسائل غير النووية.

وحسب قناة «رايبار» المقربة من الجيش الروسي على «تلغرام»، فإنه كان من الضروري إجراء تحديث لهذه العقيدة؛ لأن «التحذيرات الروسية الأخيرة لم تُؤخذ على محمل الجد».

ومن خلال محاولته إعادة ترسيخ الغموض في الردع، فإن فلاديمير بوتين سيسعى بالتالي إلى تثبيط الجهود الغربية لدعم أوكرانيا. وفي ظل حملة عسكرية مكلفة للغاية على الأرض، يرغب رئيس «الكرملين» في الاستفادة من الفترة الاستراتيجية الفاصلة بين نهاية إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ووصول الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، الذي يتوقع منه بوتين مبادرات سلام محتملة لإنهاء الحرب.

يسعى بوتين، وفق الباحثة في مؤسسة «كارنيغي»، تاتيانا ستانوفايا، لوضع الغرب أمام خيارين جذريين: «إذا كنت تريد حرباً نووية، فستحصل عليها»، أو «دعونا ننهي هذه الحرب بشروط روسيا».